تقارير
كتب فاطيمة طيبى 16 يونيو 2019 4:54 م - التعليقات صندوق النقد .. تقلص الناتج الاقتصادي العالمي 0.5 % في 2020، بسبب الرسوم الجمركية
اعداد : فاطيمة طيبي كتبت المديرة العامة للصندوق الدولي كريستين لاجارد في مدونة إلكترونية نشرت قبل انعقاد الاجتماع المالي لمجموعة العشرين أن "الأولوية المطلقة هي لتسوية التوترات التجارية مع تسريع عملية تحديث النظام التجاري الدولي بحسب "الفرنسية". هذا كما حذر صندوق النقد الدولي من أن الاقتصاد العالمي لا يزال أمام "منعطف دقيق" بسبب تصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة وشركائها ورأت لاجارد أن "كل شيء يدل على أن الولايات المتحدة والصين والاقتصاد العالمي هي الخاسر جراء التوترات التجارية الحالية". وحذر الصندوق من أن الرسوم الجمركية الأمريكية الصينية الحالية، وتلك التي يهدد الطرفان بفرضها قد تقلص الناتج الاقتصادي العالمي 0.5 % في 2020، بسبب تراجع ثقة الشركات وقلق الأسواق التجارية. وقالت لاجارد في مدونة ومذكرة إحاطة لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين إن فرض رسوم على كامل التجارة بين البلدين، كما يهدد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، سيؤدي إلى تبخر نحو 455 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي، في خسارة تتجاوز حجم اقتصاد جنوب إفريقيا عضو المجموعة. وأشارت لاجارد إلى أن "تلك جروح ذاتية يجب تجنبها.. كيف؟ بإزالة الحواجز التجارية الموضوعة في الآونة الأخيرة وتفادي مزيد من الحواجز بأي شكل كانت". وخفض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني لعام 2019 إلى 6.2 %، بفعل اشتداد الضبابية التي تكتنف الخلافات التجارية، قائلا إنه إذا تصاعدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين فسيكفل ذلك مزيدا من التيسير في السياسة النقدية.وتعد هذه النسب أقل بواقع 10 نقاط مئوية عن التقديرات السابقة التي أطلقها الصندوق، وجاء خفض التوقعات بعد شهرين فقط من رفع صندوق النقد تقديراته للنمو الصيني إلى 6.3 % من 6.2 %، وهو ما يبرز الضغط المتوقع على ثاني أكبر اقتصاد في العالم جراء زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على سلع صينية بمليارات الدولارات. وأوضح ديفيد ليبتون نائب المديرة العامة لصندوق النقد الدولي في بيان أنه "من المتوقع أن ينخفض النمو إلى 6.2 و6 % خلال عامي 2019 و2020 على الترتيب".كما أضاف ليبتون: "ما زالت الضبابية الشديدة تكتنف آفاق الأمد القريب، في ضوء احتمال تصاعد التوترات التجارية بشكل أكبر". ويشهد الاقتصاد الصيني تباطؤا محليا، إضافة إلى تصاعد التوترات مع أمريكا، التي فرضت رسوما على صادرات صينية، وتسعى لمنع شركات صينية مثل هواوي للاتصالات من العمل في الأسواق الأمريكية. وأوضح الصندوق أنه على الرغم من أن الصين أجرت إصلاحات، إلا أنه يتعين عليها السماح للقوى السوقية بالقيام بدور أكثر حزما، إضافة إلى تسريع انفتاحها على بقية العالم. إلى ذلك، تعتزم الولايات المتحدة اتخاذ "إجراءات غير مسبوقة" لضمان إمداداتها من المعادن الاستراتيجية والنادرة الضرورية لقطاع التكنولوجيا والجيش. والصين من أكبر الجهات المزودة لتلك المواد المهمة، وفيما تصاعد النزاع التجاري مع واشنطن، لوحت بكين بالتهديد بوقف صادراتها من المعادن النادرة كرد على الرسوم الجمركية الأمريكية. وقال ويلبور روس وزير التجارة الأمريكي في بيان إن تقريرا جديدا يحدد 35 صنفا من المعادن بوصفها "حساسة للاقتصاد والأمن القومي" للولايات المتحدة، بينها اليورانيوم والتيتانيوم ومعادن نادرة ضرورية لصناعة الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر والطائرات وأنظمة تحديد المواقع (جي بي إس) وغيرها. وأضاف روس: "هذه المعادن المهمة كثيرا ما يتم إغفالها، لكن الحياة العصرية تكون مستحيلة بدونها. من خلال التوصيات المفصلة في هذا التقرير، ستتخذ الحكومة الفيدرالية إجراءات غير مسبوقة لضمان عدم انقطاع الولايات المتحدة من هذه المعادن المهمة". من جهتها، ناقشت اللجنة الوطنية الصينية للتنمية والإصلاح فرض "ضوابط تصدير محتملة" على المعادن النادرة خلال ندوة لخبراء الصناعة. وأفادت هذه اللجنة المكلفة بوضع المخططات الاقتصادية في تقرير: "بحسب مقترحات خبراء.. يتعين علينا تقوية ضوابط التصدير ووضع آلية متابعة ومراجعة لعملية تصدير المعادن النادرة برمتها". كما ذكرت اللجنة أن الإجراءات تهدف إلى خفض عمليات التنقيب غير المرخصة وتهريب المواد الضرورية ولمساعدة صناعة المعادن النادرة في الصين على رفع قيمتها. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد صعد موقفه تجاه الصين في مسعى للضغط عليها لتغير ممارسات تجارية يعترض عليها، لكن التصعيد الأخير تسبب في انهيار محادثات، خصوصا بسبب إجراءات أمريكية ضد عملاق الاتصالات الصيني "هواوي". ويحض التقرير على اتخاذ إجراءات لتحسين الإمدادات "من خلال الاستثمار والتجارة مع حلفاء أمريكا" مع تحسينات تسمح بالتنقيب في الولايات المتحدة ومنها على أراض فيدرالية. هذا ويشير التقرير أيضا إلى خطة لتطوير جمع البيانات لتعزيز عمليات التنقيب المحلية عن المعادن. من جهة أخرى، أظهر مسح خاص بنمو نشاط الخدمات في الصين بأبطأ وتيرة خلال ثلاثة أشهر في مايو ، متأثرا بتباطؤ ملحوظ في مبيعات التصدير، حيث ضغط تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين على القطاع الذي تعول بكين عليه في دعم اقتصادها المتباطئ. هذا ونجد انه في شهر فبراير الماضي عندما ألقت كريستين لاجارد، مدير عام صندوق النقد الدولي كلمتها أمام غرفة التجارة الأمريكية في العاصمة واشنطن أوائل الشهر الجاري، حرصت على رسم صورة دقيقة للمشهد الاقتصادي العالمي، وتجلى هذا الحرص في استخدامها تعبيرات دقيقة لرصد ما وصفته بتفاصيل الخريطة الجوية للاقتصاد الدولي. ربما أبرز ما جاء في خريطة لاجارد الجوية أن الاقتصاد العالمي يشهد حالة من "عدم الاستقرار" وأنه يمر بـ"لحظة فارقة"، بطبيعة الحال أسست مديرة صندوق النقد لخريطتها بناء على الأرقام الخاصة بتوقعات النمو العالمي لعامي 2019 و2020. وفي يناير الماضي كانت التوقعات أن ينمو الاقتصاد االعالمي بنحو 3.5 %، ومنذ ذلك الحين فقد النمو مزيدا من الزخم، وبات تباطؤه حقيقة واقعية نتيجة التوترات التجارية، وبروز نتائج تشديد الأوضاع المالية في النصف الثاني من عام 2018. ويرى الدكتور بول بريان أستاذ الاقتصاد العالمي في جامعة لندن أن تراجع معدلات نمو الاقتصادات المتقدمة من 2.3 في المائة العام الماضي إلى 2 في المائة هذا العام إلى 1.7 العام المقبل يمثل أهم مصادر الخطر على آفاق الاقتصاد العالمي. وقال لـ"الاقتصادية" "إذا تمكنت البلدان المتقدمة من تسوية نزاعاتها وتجنب رفع التعريفة الجمركية فإن المزاج العام للأسواق قد يتحسن، وهذا قد يوفر دعما متبادلا بين تيسير الأوضاع المالية ومستوى الثقة السائد في الأسواق، ومن ثم يمكن أن يعزز مستوى النمو لاحقا ويرفعه إلى معدل أعلى من المتوقع". وأفاد "إذا كان الجزء الأكبر من المختصين يعدون التوترات والنزاعات التجارية تمثل المصدر الأساس للمخاطر التي يمكن أن تصيب الاقتصاد العالمي، فإن جون مور الباحث الاقتصادي في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يعتقد أن تلك التوترات تجاوزت عنق الزجاجة نسبيا، وأن العام الجاري قد يشهد نزع فتيل كثير من الأزمات الراهنة". وأشار إلى أنه منذ الأشهر الأخيرة في عام 2018 نشهد تراخيا نسبيا في حالة التشنج الناجم عن النزاع التجاري العالمي، فقد وقعت اتفاقية تجارة حرة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك بدلا من اتفاقية نافتا، وتم التغلب على بعض عقبات الخلاف التجاري بين واشنطن وبكين، وإلّم نصل بعد إلى حل كامل للخلاف، ما يعني بقاء وضع عدم اليقين التجاري هذا العام، لكن بدرجة أقل من القلق عن العام الماضي". ويضيف "إذا فشل الطرفان الصيني والأمريكي في التوصل إلى حل خلال الربع الثاني من هذا العام، فسنشهد تفشيا للروح الانتقامية التي ستنعكس سلبا على الاستثمار، وستؤدي إلى تباطؤ الإنتاج، وتراجع معدلات الربح، والنتيجة الحتمية ضعف النمو". وأوضح أن تلك الرؤية لمسار الاقتصاد العالمي ترتبط في جزء كبير منها بالأوضاع غير الإيجابية للاقتصادات الأوروبية، ففي منطقة اليورو تراجعت التوقعات بشأن الاقتصاد الألماني، نتيجة تراجع الاستهلاك الخاص، وتقلص الطلب الخارجي وتحديدا من الصين، وانخفاض معدل النمو الصناعي، إضافة إلى مشهد مشابه في إيطاليا خاصة مع ارتفاع تكاليف الإقراض، ولا سيما إذا أخذنا الأوضاع الاقتصادية في المملكة المتحدة في الحسبان، فإن الصورة قد تبدو أكثر تشاؤما في ظل عدم اليقين السائد بخصوص خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. بدوره يقول البروفيسور جون بوبي أستاذ الاستراتيجيات الدولية "حالة التموج الراهن في الاقتصاد الدولي، تعكس حراكا اقتصاديا يفتح المجال لبروز قوى اقتصادية من الأسواق الناشئة، في الوقت الذي تتآكل فيه بعض المراكز الاقتصادية التاريخية". وأضاف "على الرغم من أن مجموعة اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية ستشهد انخفاضا طفيفا في النمو، سيبلغ 4.5 % هذا العام مقابل 4.6 % العام الماضي، إلا أنه سيعاود التحسن في عام 2020 ليبلغ 4.9 %، كما سنلاحظ أن تلك المعدلات حتى في حدها الأدنى تفوق المعدلات المحققة في البلدان المتقدمة، وحتى مع تباطؤ اقتصادات الأسواق الآسيوية الصاعدة فإن معدل النمو فيها سيصل إلى 6.3 % هذا العام و6.4 % العام المقبل، أي أكثر من ضعف المعدلات المحققة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية". وأكد أن تلك المعدلات تعكس التحرك في مراكز صنع القرار الاقتصادي على الأمد الطويل، وتدفع وجهة النظر إلى بروز تيار من المختصين الغربيين الداعي إلى مزيد من التعاون متعدد الأطراف لمعالجة مظاهر الاستياء في المنظومة الاقتصادية الدولية.
|
|||||||||||||||