دراسات
كتب فاطيمة طيبى 11 ديسمبر 2022 3:05 م - التعليقات العالم وأزمة التضخم المتسارع .. إلى اين؟ اعداد ـ فاطيمة طيبي تشير مؤشرات البيانات الرئيسة إلى أن التضخم العالمي المتفشي هذا العام بلغ ذروته، وأنه من المفترض أن تتباطأ وتيرة نمو الأسعار الرئيسة في الأشهر المقبلة. وبدأت أسعار المصانع ومعدلات الشحن وأسعار السلع وتوقعات التضخم بالانحسار عن مستوياتها القياسية الأخيرة. وتتم مراقبة سلسلة البيانات هذه على نطاق واسع من قبل الاقتصاديين وصانعي السياسات لأنها توفر مؤشرا مبكرا إلى الاتجاهات التي ستشكل حساب التضخم الرئيس. كما توقعت مجموعة "يو.بي.إس جروب إيه جي" المصرفية الاستثمارية السويسرية، أن التضخم العالمي سيصل إلى ذروته في الربع الأول من 2023. ثم سيتراجع وسط انخفاض النمو الاقتصادي ـ التضخم العالمي عند 12.1%: وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة "يو بي إس جروب إيه جي"، رالف هامرز، في مقابلة مع صحيفة "لو تمب" السويسرية الناطقة بالفرنسية، "سيكون 2023، عاما انتقاليا، بنمو أقل وسينخفض التضخم، مع تقدم العام"، طبقا لما ذكرته وكالة "بلومبرج" للأنباء في العاشر من شهر ديسمبر الحالي وتابع هامرز أن "مجموعة (يو.بي.إس)، مازالت تتوقع المزيد من الارتفاعات في أسعار الفائدة، ثم انخفاضات في بعض الدول، نظرا لأننا سنضطر إلى دعم النمو". ويعني مستويات التضخم المنخفضة نسبيا في سويسرا أن الدولة الواقعة في جبال الألب ستتفادى ركودا، طبقا لما ذكره الرئيس التنفيذي للمجموعة، الذي تولى المنصب في عام 2020. ووفق ما جاء به الباحثون في مجال الاقتصاد، تشير الأرقام إلى أن ضغوط الأسعار على سلاسل التوريد العالمية تتراجع، مما يجعل من المرجح أن ينخفض التضخم الرئيس عن المعدلات المرتفعة تاريخيا التي ضربت التمويل الأسري ونشاط الأعمال في الأشهر الأخيرة. وستكون هذه أنباء سارة للبنوك المركزية التي كانت ترفع أسعار الفائدة بسرعة في جهد منسق لترويض التضخم، مما يهدد بإغراق الاقتصادات الرئيسة في الركود. وقال مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في "موديز أناليتيك"، لـ"فايننشال تايمز" إنه "من المرجح أن يكون التضخم في ذروته". وأشار إلى أن تخفيف ضغوط الأسعار واختناقات تسليم العرض "ينذر بالاعتدال القادم في أسعار المستهلك". وكان معدل التضخم العالمي بلغ مستوى قياسيا بنسبة 12.1% في أكتوبرتشرين الأول الماضي وفق تقديرات وكالة "موديز". وقال زاندي إن هذا سيكون "علامة عالية" لأسعار المستهلك. ـ ارتفاع موجة الغلاء عالميا : فيما لا يزال تضخم أسعار الغذاء المحلية مرتفعا في مختلف أنحاء العالم. وتظهر المعلومات الخاصة بالفترة بين يوليو وأكتوبر 2022 ارتفاع معدلات التضخم في جميع البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تقريبا؛ إذ سجل 83.3% من البلدان منخفضة الدخل، و93% من الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، و93% من الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل ارتفاعا في مستويات تضخم تجاوز 5%، ويعاني الكثير منها من تضخم مكون من خانتين. وارتفعت نسبة البلدان المرتفعة الدخل التي شهدت ارتفاع تضخم أسعار المواد الغذائية إلى 85.5% وتشير تقديرات نشرة آفاق الغذاء الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة في 11 نوفمبر إلى أن فاتورة الواردات الغذائية العالمية سترتفع إلى 1.94 تريليون دولار في عام 2022، وهو أعلى مما كان متوقعا من قبل. ويمثل هذا رقما قياسيا، وزيادة بنسبة 10% عن المستوى القياسي لعام 2021. وقد تسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية في أزمة عالمية تدفع ملايين آخرين إلى الفقر المدقع، مما يفاقم من أزمة الجوع وسوء التغذية. ووفقا لتقرير للبنك الدولي، تسببت جائحة فيروس كورونا في انتكاسة كبيرة في جهود الحد من الفقر في العالم. والآن، أدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة بسبب الصدمات المناخية والصراع إلى توقف الانتعاش. وسيرتفع على الأرجح عدد من يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد ويحتاجون إلى مساعدة عاجلة إلى 222 مليون شخص في 53 بلدا وإقليما، وذلك وفقا لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي. ووفقا لوثيقة صادرة عن صندوق النقد الدولي، هناك حاجة إلى إنفاق ما يتراوح بين 5 و7 مليارات دولار أخرى لمساعدة الأسر الأكثر احتياجا في 48 بلدا هي الأكثر تضررا من ارتفاع أسعار واردات المواد الغذائية والأسمدة. وثمة حاجة إلى مبلغ إضافي قدره 50 مليار دولار للقضاء على انعدام الأمن الغذائي الحاد. ـ تباطؤ المعدلات في 2023: وكان تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، في مطلع ديسمبر الجاري، قال إن أحدث المؤشرات الرئيسية الصادرة في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو وأستراليا كشفت عن ضعف معدلات التضخم في الأسبوع الأخير من نوفمبر 2022، في إشارة حديثة تدل على أن التضخم العالمي قد يكون بلغ ذروته بالفعل. ومؤخرا، هدأت حدة مشكلات سلاسل التوريد المعقدة والناجمة عن وباء كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا، بسبب تراجع تكاليف المواد الغذائية والوقود، ومن العوامل التي تؤثر أيضا على الاقتصادات العالمية، رفع البنوك المركزية على مستوى العالم لأسعار الفائدة لمستويات تاريخية استجابة لتصاعد وتيرة التضخم المترسخ الذي استمر لفترة أطول مما كان متوقعا. وفي الوقت الحالي، تقدر وكالة بلومبرج إيكونوميكس تجاوز معدل التضخم في كافة أنحاء العالم مستوى 9.8% على أساس سنوي خلال الربع الثالث من العام، على أن يتراجع إلى 9.5 % في الربع الأخير حتى يصل أخيرا إلى 5.3 % بنهاية عام 2023. إلا أنه وعلى الرغم من ذلك، لا تزال هناك مخاطر كبيرة على صعيد سلاسل التوريد التي لم تتم معالجتها بعد، بالإضافة إلى تعرض أسعار السلع الأساسية لمخاطر عودة ارتفاعها مرة أخرى بمجرد إعادة فتح النشاط الاقتصادي في الصين بالكامل، كما قد يستمر ارتفاع تكاليف المعيشة في دفع الأجور للارتفاع. ـ ضبابية النتائج أكبر من المتوقع: في منتصف نوفمبر 2022، دق صندوق النقد الدولي الأحد ناقوس الخطر، موضحا أن الاقتصاد العالمي سيعرف كآبة أكبر من المتوقع، خاصة في أوروبا. وأرجع الصندوق الدولي هذه التوقعات القاتمة إلى تشديد السياسة النقدية الناجم عن استمرار التضخم المرتفع والواسع النطاق، إلى جانب ضعف زخم النمو في الصين واستمرار الخلل في الإمدادات وانعدام الأمن الغذائي الناتج عن الهجوم الروسي على أوكرانيا. وكان صندوق النقد الدولي قد خفض في أكتوبر الماضي 2022 توقعاته للنمو العالمي لعام 2023 من توقع سابق بلغ 2.9 % إلى 2.7 % وأفاد الصندوق بأن أحدث المؤشرات تؤكد أن التوقعات أكثر كآبة ولا سيما في أوروبا. مضيفا أن المؤشرات الحديثة لمديري المشتريات التي تقيس نشاط التصنيع والخدمات توضح ضعف معظم الاقتصادات العالمية الكبرى، مع توقع تقلص النشاط الاقتصادي وسط التضخم المرتفع. هذا، ويتوقع أن يلحق تفاقم أزمة الطاقة في أوروبا ضررا بالغا في النمو وسيرفع التضخم، الذي إن تواصل ارتفاعه فقد يؤدي إلى زيادات أكبر في سياسة أسعار الفائدة وزيادة تشديد الأوضاع المالية العالمية. وأوضح صندوق النقد الدولي أن هذا بدوره يشكل "مخاطر متزايدة لأزمة الديون السيادية للاقتصادات الضعيفة". كما أضاف أيضا أن تعدد الظواهر المناخية الخطيرة ستضر بالنمو في جميع أنحاء العالم.
|
|||||||||||||||