دراسات


كتب فاطيمة طيبى
24 ديسمبر 2024 1:42 م
-
800 مليار جنيه تتدفق للبنوك منذ التعويم وتوقعات لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي بانخفاض التضخم 2025

800 مليار جنيه تتدفق للبنوك منذ التعويم وتوقعات لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي بانخفاض التضخم 2025

اعداد ـ فاطيمة طيبي

ارتفع إجمالي أرصدة الودائع غير الحكومية بالعملة المحلية لدى البنوك المصرية بنحو 13.2% بما يعادل 854 مليار جنيه خلال أول 8 أشهر بعد تعويم سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي في مارس الماضي 2024 ، وفقا لبيانات حديثة صادرة عن البنك المركزي المصري .

وأظهرت البيانات وصول المدخرات غير الحكومية إلى 7.307 تريليون جنيه بنهاية أكتوبر الماضي، مقابل 6.452 تريليون جنيه بنهاية مارس 2024 .

وحسب مصرفيون  ان الزيادة في أرصدة المدخرات غير الحكومية بالبنوك منذ مارس 2024 إلى نمو المدخرات بالشهادات مرتفعة العائد التي طرحتها البنوك، بمعدلات فائدة تراوحت بين 23.5% إلى 30%. وأكدت المصادر ارتفاع الإقبال من جانب العملاء على شراء الشهادات المرتفعة العائد السنوية منذ تعويم مارس 2024  بهدف الحفاظ على قيمة مدخراتهم بعد انخفاض سعر صرف الجنيه بنحو 40% .

واستحوذت الودائع لأجل وشهادات الادخار بالعملة المحلية على نحو 70% من الزيادة في الودائع، بنحو 5.7 تريليون جنيه من إجمالي المدخرات غير حكومية مقابل 5.10 تريليون جنيه بنهاية مارس الماضي، بحسب بيانات البنك المركزي، بزيادة بلغت 589.25 مليار جنيه.

وتوقعت المصادر استمرار ارتفاع العائد على الأوعية الادخارية حتى فبراير المقبل من العام الحالي 2024 ، وذلك بناء على مؤشرات التضخم المتوقعة وتأثير إجراءات رفع الدعم على بعض السلع والخدمات.

ولم تحسم البنوك الحكومية المصدرة للشهادات مرتفعة العائد مصيرها، بعد انتهاء آجال استحقاقها مع بداية يناير المقبل 2025 ، في ظل توقعات بعض المصادر المصرفية باستمرار هذه الشهادات مع خفض العائد عليها بمعدلات تتراوح بين 1% ـ 2% .

ـ الودائع تحت الطلب:

وبلغ إجمالي أرصدة الودائع تحت الطلب بالعملة المحلية 1.614 تريليون جنيه بنهاية أكتوبر 2024، مقابل 1.348 تريليون جنيه بنهاية مارس 2024، بزيادة 266 مليار جنيه.

في حين بلغت حصة قطاع الأعمال العام من تلك الودائع 107.4 مليار جنيه، والقطاع الخاص 907.2 مليارا، والقطاع العائلي 600 مليار جنيه، بحسب بيانات البنك المركزي.

وقرر البنك المركزي ، مارس 2024، رفع سعر الفائدة بواقع 600 نقطة أساس دفعة واحدة، في اجتماع استثنائي للجنة السياسة النقدية، ليصل عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة لأعلى معدل له تاريخيا، عند 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب. كما رفع سعر الائتمان والخصم بالنسبة ذاتها ليصل إلى 27.75%، وهي أعلى زيادة في تاريخ قرارات رفع أسعار الفائدة. وتعهد البنك المركزي بالإبقاء على سعر الفائدة عند تلك المستويات حتى يتقارب التضخم مع مساره المنشود، وبرر حينها قراره المفاجئ برغبته في حصار التضخم ووصوله إلى المعدل المستهدف ، و"تقييد الأوضاع النقدية على نحو يتسق مع المسار المستهدف لخفض التضخم".

وتوقعت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي ، أن ينخفض معدل التضخم اعتبارا من الربع الأول من عام 2025 مع تحقق التأثير التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس.

ـ بنوك حكومية مصرية تواجه استحقاقات تريليونية في يناير 2025 :

يشهد شهر يناير 2025 بدء استحقاقات آجال شهادات الادخار ذات العائد المرتفع البالغ 23.5% و27%، والتي أصدرتها بداية العام الجاري البنوك المصرية الحكومية  الأهلي المصري  و مصر ، وهو ما يفرض عليها سداد التزامات ضخمة تجاه المودعين في الشهادات. وقدر أربعة مصرفيين أن تتراوح حصيلة الاكتتابات في الشهادات مرتفعة العائد بأكبر بنكين حكوميين منذ بداية العام الحالي بين تريليون و1.5 تريليون جنيه، متمثلة في أصل الشهادات والفائدة عليها، مع الأخذ في الاعتبار استمرار إتاحة الوعاء الادخاري للعملاء.

وأكدت مصادر مصرفية أن البنوك أمام خيارين بشأن شهادات الادخار ذات الفائدة المرتفعة، وهي :

1 ـ إما الاستمرار في طرحها للعملاء مع التحوط تجاه تكلفتها لتجنب الخسائر حتى يبدأ "المركزي" سياسة التيسير النقدي.

2 ـ أو خفض الفائدة عليها تدريجيا بدءا من يناير 2025، استباقا لقرارات "المركزي" بشأن إعادة تسعير الفائدة الربع الأول.

 ـ استقرار المدخرات في الشهادات :

وقال رئيس قسم البحوث في شركة أسطول لتداول الأوراق المالية محمد عبد الحكيم، إن الفترة بين بداية موعد استحقاق شهادات الادخار المرتفعة واجتماع لجنة السياسة النقدية لا تتجاوز شهر تقريبا، وهو ما يعزز احتمالية استمرار طرح الشهادات ترقبا لقرار تسعير "المركزي" للفائدة. مضيفا أنه في حالة استباق البنوك العامة لقرار "المركزي" بشأن الفائدة، سيكون خفض فائدة الشهادات محدود، وغير مؤثر على مستويات استقرار أرصدة شهادات الادخار. نسبة كبيرة من المدخرات في الشهادات ستستمر في البنوك، حتى مع خفض الفائدة عليها، نظرا لأن الحصة الأكبر من الحصيلة لمستثمري العائد الثابت، ونسبة منخفضة من المستثمرين جذبتهم الفائدة المرتفعة ، وفقا لعبد الحكيم.

وتبلغ إجمالي قيمة شهادات الادخار والودائع لأجل 5.6 تريليون جنيه، والتي تمثل 78.5% من إجمالي المدخرات بالعملات المحلية بالبنوك المصرية حتى سبتمبر الماضي، بحسب بيانات البنك المركزي .

ومن جانبه توقع المدير التنفيذي لأسواق الدخل والنقد الثابت في شركة الأهلي لإدارة الاستثمارات المالية محمود نجلة، أن تستمر البنوك العامة في إصدار الشهادات مرتفعة العائد مع اتخاذ خطوة تجاه الخفض بمعدلات محدودة مع بداية العام 2025. وذكر أن السيولة المتوقع خروجها من البنوك حال خفض فائدة الشهادات هامشية، ويمكن للسوق استيعابها، لا سيما مع التراجع التلقائي المرتقب في معدلات التضخم بناء على تأثيرات سنة الأساس. قرار البنوك الحكومية بشأن إعادة تسعير الشهادات مرتفعة العائد، مرتبط بشكل كبير بقراءة التضخم لشهري ديسمبر ويناير المقبلين"، وفقا لنجلة.

وفي يناير 2024، أعلن بنكا مصر والأهلي عن إصدار شهادات ادخار جديدة بعائد مرتفع يصل إلى 27% سنويا، وذلك بعد انتهاء فترة شهادات الادخار التي كانت تمنح عائدا بنسبة 25% والتي طُرحت في يناير 2023.

وتزامنا مع قرار تحرير سعر الصرف في مارس 2024 طرح البنكان شهادة ادخار جديدة بعائد متناقص على مدار 3 سنوات، إذ يحصل المستثمر في السنة الأولى على عائد قدره 30%، بينما ينخفض العائد إلى 25% في السنة الثانية، ويصل إلى 20% في السنة الثالثة، مع صرف العائد سنويا .

وجمع البنكان الحكوميان نحو 700 مليار جنيه، عبر شهادات الادخار ذات العائد الكبير البالغ 27% و23.5%، وذلك بعد أول شهرين من طرح الشهادات، وتستحق قيمتها الشهادات في شهري مارس و أبريل 2025.

ـ خفض محتمل لفائدة بعض الأوعية الادخارية :

واستبعد مسؤول خزانة بأحد البنوك وقف إصدار شهادات الادخار ذات الفائدة المرتفعة مع بداية يناير 2025، أي مع بداية استحقاقات الإصدارات القديمة، ولكنه توقع خفضا بنحو 2% على الشهادة ذات الفائدة 27 % و23.5% لأجل عام. وأكد على أن خفض الفائدة لا يؤثر على السيولة في البنوك، خاصة مع تراجع التضخم المحتمل واستمرار جاذبية فائدة الشهادات، مقارنة ببعض قنوات التوظيف الأخرى.

وأشار إلى أن الهدف الأساسي من إصدار هذه الشهادات كان دعم قيمة الجنيه والتصدي لعمليات "الدولرة"، والتي توقفت بالفعل بعد إجراءات المركزي بتحرير سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية. في حين أكد مسؤول ائتمان على أهمية تحول جزء من المدخرات البنكية لاستثمارات يعاد تدويرها وينتج عنها عوائد أكبر، بالتزامن مع تراجع معدلات التضخم الفترة المقبلة.

وتكلف أسعار الفائدة الحالية خزينة الدولة ما يقرب من 1.83 تريليون جنيه، حيث إن كل زيادة 1% تكلف خزانة الدولة ما يقارب 70 مليار جنيه، بحسب تقديرات وزارة المالية.

ـ متى يخفض المركزي فائدة الجنيه؟

وتوقع عبد الحكيم بدء البنك المركزي لسياسة التيسير النقدي مع نهاية الربع الأول من العام 2025، وذلك بعد التأكد من انحسار معدلات التضخم بشكل كبير، يستوعب أي زيادات محتملة في الأسعار. وأشار إلى أن الارتفاع في معدلات التضخم الربع الأخير من العام 2024 مؤقت، نتيجة لإجراءات رفع أسعار الطاقة سواء الكهرباء والغاز والمواد البترولية.

كما رجح محمود نجلة بدء المركزي خفض فائدة الجنيه في فبراير 2025 أو نهاية مارس على أقصى تقدير، نظرا لاستمرار ارتفاع معدلات التضخم في الوقت الحالي. وأشار بيان لجنة السياسات النقدية في البنك المركزي المصري الأخير إلى أن قرارات السياسات النقدية قائمة على التوقعات المستقبلية، مع التركيز على التوقعات الحالية.

  ـ  الُراهان على حسابات التوفير في جذب المدخرات والتحكم بالتكلفة :

 طرحت بنوك مصرية  مع نهاية شهر نوفمبر 2024  بعض منتجات الادخار قصيرة ومتغيرة الآجال وأعادت هيكلة بعض المنتجات للحفاظ على قاعدة المدخرات لديها، وجذب المزيد منها، في ظل توقعات اقتراب خفض الفائدة . ومن أبرز منتجات الادخار التي حرصت البنوك على إتاحتها بأعلى عائد سنوي حسابات التوفير وشهادات الادخار متغيرة الفائدة .

وقالت مصادر مصرفية : " إن البنوك المصرية تراهن على حسابات التوفير في الاحتفاظ بشريحة واسعة من العملاء بعد خفض الفائدة، وخاصة على الشهادات مرتفعة العائد. وأكدت المصادر أن حسابات التوفير تحقق ميزة مشتركة للعميل والبنك معا، حيث إنها تتيح للعميل مرونة في عمليات السحب والإيداع، وتسهل على البنك التحكم في تكلفة الأموال وفقا لمتغيرات تسعير السوق.

وأظهر مسح  على البنوك التي تتيح أعلى عائد على حسابات التوفير لتتراوح بين 21.5 و27% سنويا، وفقا لكل شريحة ادخارية وبدوريات صرف متنوعة. ومن أبرز البنوك التي تتيح أعلى فائدة على حسابات التوفير، العربي الأفريقي الدولي، والمصرف المتحد، الأهلي قطر الوطني ومصرف أبو ظبي الإسلامي، والكويت الوطني وبنك القاهرة.

1 ـ المصرف المتحد :

ووفقا للمسح، يتصدر المصرف المتحد البنوك الأعلى عائدا على حسابات التوفير"الصفوة" بعائد متوافق مع الشريعة الإسلامية يصل لـ30% سنويا، وفقا لرصيد الحساب، ودورية صرف العائد،ويشترط البنك رصيد حساب 500 ألف جنيه بحد أدنى لفتح الحساب.

2 ـ بنك   QNB :

يتيح البنك حساب توفير بلس بفائدة بين 5% و23.5%وفقا لرصيد الحساب. ويتراوح الحد الأدنى للاستفادة بفائدة الحساب بين 20 ألفا و20 مليون جنيه .

3 ـ مصرف أبوظبي الإسلامي :

يمنح المصرف عائدا متوقعا على حساب التوفير يصل إلى 25%، وفقا لرصيد الحساب، ودورية صرف العائد. ويشترط البنك رصيدا بحد أدنى 250 ألف جنيه لفتح الحساب واحتساب العائد أيضا.

4 ـ بنك الكويت الوطني ـ مصر :

يصل العائد على حساب توفير بنك الكويت الوطني إلى 25% حسب شريحة المبلغ، ويشترط البنك 5 آلاف جنيه لفتح الحساب و 250 ألف جنيه لاحتساب العائد.

  ـ خفض تكلفة الأموال :

قال مسؤول بأحد البنوك إن إدارات الخصوم والأصول بكافة البنوك بدأت اجتماعات منذ بداية الأسبوع الماضي لدراسة إعادة تسعير العائد على منتجاتها الادخارية أو الإبقاء عليها لفترة أطول. مشيرا إلى أن التكلفة ومعدلات السيولة ومستويات التوظيف أهم الآليات التي تضعها البنوك في الاعتبار عند تسعير الفائدة.  حسابات التوفير والشهادات متغيرة العائد من أكثر المنتجات التي تفضل البنوك الاعتماد عليها في جذب السيولة، خاصة في فترات ترقب خفض الفائدة" .

وتوقع تقرير صادر عن "فيتش سوليوشنز" لجوء البنك المركزي المصري إلى خفض أسعار الفائدة بنحو 12% على مدار عام 2025 بشكل تراكمي، بجانب تراجع التضخم إلى أقل من 20%.

وقال الرئيس المشارك بإدارة البحوث بشركة العربي الأفريقي الدولي للأوراق المالية، هاني عامر، إن البنوك تستهدف جذب حصة كبيرة من السيولة في شكل أرصدة بالحسابات الجارية أو التوفير، نظرا لسهولة التحكم في تكلفة هذه الأموال، خاصة في فترات تقلبات سعر الفائدة. مشيرا إلى أن ترقب تراجع معدلات التضخم، وعدم تحديد وقت محدد حتى الآن لخفض الفائدة، يدفع البنوك للاستمرار في الاحتفاظ بالفائدة المرتفعة على حسابات التوفير لجذب المدخرات دون الحاجة للتقييد بآجال طويلة ذات تكلفة مرتفعة.

ولجأت منذ أسابيع قليلة عدد من البنوك الخاصة أبرزها التجاري الدولي وإتش إس بي سي وبنك   QNB   لخفض فائدة شهادات الادخار بمعدلات تراوحت بين 1.5% و2%.

 

 



التعليقات