دراسات


كتب فاطيمة طيبى
14 يناير 2025 2:06 م
-
صادرات الخام من الليثيوم،الكوبلت والجرافيت يجعل من افريقيا عرضة لتقلبات الأسواق العالمية

صادرات الخام من الليثيوم،الكوبلت والجرافيت يجعل من افريقيا عرضة لتقلبات الأسواق العالمية

اعداد ـ فاطيمة طيبي

تباطؤ حاد في النمو الاقتصادي في أفريقيا،  نتيجة الصدمات الاقتصادية العالمية المتتالية فارتفاع معدلات التضخم، واسعار السلع الاساسية  وتفاقم أزمة الديون، كلها عوامل أسهمت في تراجع النشاط الاقتصادي في القارة. وعلى الرغم من توقعات ببعض التعافي في المستقبل القريب، فإن وتيرة النمو لا تزال بطيئة، مما يعيق جهود القضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة.

أظهرت بعض الدول الأفريقية مرونة اقتصادية ملحوظة. فبينما واجهت القارة بشكل عام تباطؤا في النمو، حققت دول مثل كينيا وكوت ديفوار وجمهورية الكونجو الديمقراطية معدلات نمو مرتفعة في عام 2022. مع  توقعات قبلية في أن يزيد معدل النمو الاقتصادي للقارة الأفريقية إلى 5.1% في العام  الماضي  2024  و 5.2%  في العام الحالي  2025.

 في حين حققت البلدان غير الغنية بالموارد الطبيعية نموا بنسبة 4.2% في عام  2023  تصل إلى 5.1% في عام 2024 و5.3%  في عام 2025. ويمكن أن يعزى الأداء الأقوى لهذه البلدان إلى التحسن الذي حققته بسبب انخفاض فواتير الواردات والتوسع في الخدمات.

ـ الاعتماد على صادرات المواد الخام :

تعتمد اقتصادات العديد من الدول الأفريقية بشكل كبير على صادرات المواد الخام؛ مما يجعلها عرضة لتقلبات الأسواق العالمية. ومع ذلك، فإن هذه الموارد الطبيعية تمثل أيضا فرصة كبيرة لتحقيق النمو الاقتصادي. تسعى رؤيتا أفريقيا 2063 والتعدين الأفريقية 2050 إلى الاستفادة من هذه الموارد بطريقة مستدامة، من خلال تطوير الصناعات التحويلية محليا وزيادة القيمة المضافة للصادرات. هذا النهج سيساعد على تقليل الاعتماد على صادرات المواد الخام ، وتعزيز مرونة الاقتصاديات الأفريقية.

ومع استمرار التحول في مجال الطاقة، أصبحت الاستفادة من احتياطيات المعادن الاستراتيجية وتأمين سلاسل التوريد الخاصة بها أمرا بالغ الأهمية.

وتكشف الإحصائية التالية التي أجراها "فيجوال كابيتالست" بتعاون مع Appian Capital Advisory ، عن البلدان المهيمنة على سلاسل توريد المعادن الاستراتيجية، من حيث نسبة ما تمتلكه من الاحتياطيات من هذه المعادن.

استعان الموقع في صياغة الإحصائية أيضا، ببيانات من هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية ووكالة الطاقة الدولية، وشملت في الاساس أربعة معادن استراتيجية حيوية هي الليثيوم والكوبالت والجرافيت الطبيعي وما يعرف بعناصر الأرض النادرة.

ـ الليثيوم اساس الصناعات :

الليثيوم من المعادن الحيوية التي يعتمد عليها بشكل أساسي في العديد من الصناعات أبرزها صناعة البطاريات.

وتقول الإحصائية، إن دولة تشيلي تأتي في صدارة الدول المهيمنة على سلاسل توريد الليثيوم لامتلاكها ما نسبته 34% من احتياطي الليثيوم في العالم.

ـ المركز الثاني : تاتي أستراليا التي تمتلك 22% من الاحتياطي العالمي لليثيوم .

ـ ثالثا:  الأرجنتين في المركز الثالث التي تمتلك 13% من الاحتياطي العالمي لليثيوم.

ـ الكوبالت اهم المعادن الحيوية :

الكوبالت من المعادن الحيوية التي يعتمد عليها بشكل أساسي في العديد من الصناعات أبرزها، صناعة المغانط المستعملة في أجهزة الراديو والتلفزيون، كما تستخدم بعض سبائكه في صناعة أدوات القطع والثقب وفي التوربينات الغازية والمحركات النفاثة وغيرها من المعدات التي تتعرض لحرارة عالية .

ـ المركز الاول : تقول الإحصائية، إن جمهورية الكونجو الديمقراطية تأتي في صدارة الدول المهيمنة على سلاسل توريد الكوبالت لامتلاكها ما نسبته 57% من احتياطي الكوبالت في العالم.

ـ المركز الثاني :من بعدها في الترتيب أستراليا التي تمتلك 16% من الاحتياطي العالمي للكوبالت .

ـ المركز الثالث :  تاتي إندونيسيا في المركز الثالث والتي تمتلك 5% من الاحتياطي العالمي من الكوبالت.

ـ الجرافيت اساس تعدين الصناعات :

الجرافيت من المعادن الحيوية التي يعتمد عليها بشكل أساسي في العديد من الصناعات أبرزها، إنتاج المبادلات الحرارية وخزانات التفاعل والمكثفات وأبراج الاحتراق وأبراج الامتصاص والمبردات والسخانات والمرشحات ومعدات المضخات.

ـ المركز الاول : وتشير الإحصائية إلى أن الصين تأتي في صدارة الدول المهيمنة على سلاسل توريد الجرافيت لامتلاكها ما نسبته 28% من احتياطي الجرافيت في العالم.

ـ المركز الثاني : من بعد الصين في الترتيب تاتي  البرازيل التي تمتلك 26% من الاحتياطي العالمي للجرافيت 

ـ المركز ال ثالث : تاتي موزامبيق في الثالثة عالميا  والتي تمتلك 9% من الاحتياطي العالمي للجرافيت.

ـ عناصر الأرض النادرة :

العناصر الأرضية النادرة بحسب تعريف الاتحاد الدولي للكيمياء البحتة والتطبيقية هي مجموعة من سبعة عشر عنصر كيميائي في الجدول الدوري، وتشمل السكانديوم، الإتريوم، واللانثانيدات.

وتقول الإحصائية، إن الصين تأتي في صدارة الدول المهيمنة على سلاسل توريد عناصر الأرض النادرة المماثلة لامتلاكها ما نسبته 38% من احتياطي عناصر الأرض النادرة في العالم. من بعدها في الترتيب تأتي فيتنام التي تمتلك 19% من الاحتياطي العالمي لعناصر الأرض النادرة، ثم برازيل في المركز الثالث التي تمتلك 18% من الاحتياطي العالمي لعناصر الأرض النادرة. ..

ـ فرص وإمكانات النمو المستقبلي لقطاع المعادن الأفريقية:

يمكن القول الآن إن قارة أفريقيا تمتلك ميزة تنافسية بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي،

بالإضافة إلى احتياطياتها الغنية من المعادن الضرورية للصناعات النظيفة التي تشهد إقبالا كبيرًا عالميا. كما أن لديها قوة عاملة شابة وقابلة للتكيف مع الصناعات المتطورة تقنيا؛ مما

يعزز من قدرتها على المنافسة في سوق تجارة المعادن. ومع ذلك، يتعين على القارة التغلب على التحديات التي تحول دون تطويرها لتصبح منتجة أو مصنعة في هذا المجال.

وعليه يمكن القول، يمثل تعزيز سلاسل التوريد في أفريقيا المحرك الرئيسي لتنمية القارة، فمن خلال توفير بيئة جاذبة للصناعات المتقدمة، تسهم سلاسل التوريد في خلق فرص عمل وتحسين الأجور، وتنويع الاقتصادات الأفريقية، وزيادة قدرتها على الصمود أمام الصدمات الخارجية.

جانب آخر مشرق يبعث على التفاؤل بمستقبل استكشاف المعادن الأفريقية وتجارتها وهو الوفاء بالأهداف المناخية، حيث يتطلب الاهتمام بخارطة الطريق التي وضعتها وكالة الطاقة الدولية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050. من الضروري تسريع وتيرة التغيير لتحقيق هذا الهدف؛ مما يعني زيادة كبيرة في الطلب على المعادن خلال العقد القادم. وفقا  للسيناريو الطموح الذي تسعى إليه وكالة الطاقة الدولية، من المتوقع أن يرتفع استهلاك الليثيوم والكوبالت أكثر من 6 أضعاف لتلبية احتياجات البطاريات واستخدامات الطاقة النظيفة الأخرى، وهو ما توفره بكثرة دول القارة الأفريقية. كما سيؤدي ذلك إلى زيادة استخدام النحاس بمقدار الضعف واستهلاك النيكل بمقدار أربعة أضعاف.

لتحقيق نمو مستدام لقطاع المعادن في أفريقيا، يتطلب الأمر نهجا متكاملا يشمل:

ـ تعزيز الحوكمة الرشيدة .

ـ  تطوير البنية التحتية .

ـ  تعميق التعاون الدولي.

 فمن خلال هذه الجهود المشتركة، يمكن للقارة أن تستفيد بشكل أفضل من ثرواتها المعدنية وتحقق تنمية اقتصادية شاملة.

ـ حرب باردة من نوع آخر:

وأبرزت صحيفة فاينانشال تايمز، في تقريرها المشار إليه، مستوطنة "Uis" في جمهورية ناميبيا (غرب القارة السمراء)، والتي تُعد "نقطة ساخنة" وغير متوقعة لما وصفته الصحيفة بـ "الحرب الباردة المعدنية" حول مستقبل السيارات الكهربائية. ووصفت هذا المكان بأنه "قريباً سيكون موقع هذا المنجم جزءا من سباق عالمي لليثيوم".

المنجم الواقع على بعد أقل من 300 كم من ميناء "والفيس باي" الإقليمي الرئيسي، يعتقد -طبقا لرئيس التنفيذي لشركة "أندرادا للتعدين" أنتوني فيلجوين، بأنه سيكون "ذات أهمية عالمية" ليس فقط بالنسبة لليثيوم ولكن معادن أخرى مهمة في انتقال الطاقة، مثل القصدير والتنتالوم.

وتنتظر تلك المنشأة منافسة قوية، لا سيما بعدما بدأ أول مصنع مملوك للصين في أفريقيا الإنتاج التجريبي من منجم "أركاديا"، في زيمبابو  التي تعد الدولة التالية في أنظار المستثمرين الصينيين بعد ناميبيا في هذا السياق .

اشترت المنجم شركة "Huayou Cobalt" الصينية، في2021، بقيمة 422 مليون دولار، ويعد جزءا من "موجة مليارات الدولارات الأخيرة التي أنفقتها الصين على صفقات الليثيوم، في بلد يخشى العديد من المستثمرين الغربيين العمل فيه".

ـ الصين في المقدمة عندما يتعلق الأمر بتحويل المعدن إلى مواد خام للبطاريات :

كما قدرت وكالة الطاقة الدولية حصة بكين من طاقة التكرير العالمية بنسبة 58 %.إلى أن يتم تشغيل منشآت مماثلة في أوروبا أو الولايات المتحدة أو إفريقيا نفسها، ستكون الصين العميل الرئيسي لليثيوم في إفريقيا. كما استثمرت الشركات الصينية في إمدادات الليثيوم في إفريقيا وأميركا اللاتينية حتى عندما كانت أسعار الليثيوم منخفضة.

وفي مواجهة هيمنة الصين على سلسلة توريد الليثيوم، يطرح المسؤولون الغربيون عرضهم الاستثماري للدول الأفريقية كبديل أكثر مسؤولية اجتماعيا، بحسب ما ورد بتحقيق الصحيفة البريطانية.

كما تزايد المخاوف الأميركية والغربية من تنامي النفوذ الصيني في القارة، حيث أن هذا النفوذ ربما يكون دافعا إلى مزيد من الانتقادات الغربية لبكين، والتي تشير إلى منح الصين الأولوية لمصالحها على حساب الشعوب الأفريقية  بسبب الآثار الاجتماعية وكذلك البيئية لعمليات التعدين. بينما تشير التقديرات إلى ارتفاع الإنتاج القاري في أفريقيا بحلول العام 2030 إلى 497 ألف طن متري من الليثيوم، فإنه يتوع اشتداد حدة المنافسة الدولية بالقارة .

 



التعليقات