أوروبا نجت من مأزق الغاز الروسي.. لتدخل في أخطر أزماتها بالمعادن

اعداد ـ فاطيمة طيبي
بعد أن تجاوزت أوروبا صدمة انقطاع الغاز الروسي خلال العامين الماضيين، تجد القارة نفسها في قلب أزمة جديدة أخطر بكثير، وفق تقرير لصحيفة فايننشال تايمز. إنها أزمة معادن حيوية لا يمكن لأي اقتصاد حديث الاستغناء عنها: الجيرمانيوم، الغاليوم، والأنتيمون.
هذه المعادن الصغيرة حجما، الكبيرة تأثيرا، تشكل الركيزة الأساسية للدفاع، وصناعة الرقائق، والطاقة النظيفة، والذكاء الاصطناعي. ورغم أهميتها، تكشف الأرقام عن فجوة خطرة؛ الطلب الأوروبي على الجيرمانيوم وحده سيقفز 30% خلال عشر سنوات، الإنتاج المحلي شبه معدوم فيما تعتمد أوروبا بالكامل على الواردات، وتهيمن الصين على سلاسل التكرير العالمية بشكل شبه مطلق.
ـ مصاهر تغلق… وصناعات تهدد :
ولم تشيد أوروبا أي مصهر جديد للمعادن منذ التسعينات، فيما أُغلق ثلث المصاهر القائمة خلال عقد واحد بسبب تكاليف الطاقة المرتفعة، وهامش الربحية المتدني، وهروب الاستثمارات. لكن الخطر هنا يتجاوز الخسائر المالية.
وتعتبر المصاهر أصول استراتيجية، ومن دونها تتوقف عجلة صناعات السيارات، والطائرات، والبناء، والبنية التحتية، وحتى الرقائق والذكاء الاصطناعي.
ـ الحل موجود.. لكنه مكلف:
تقديرات تحديث البنية الصناعية للمصاهر الأوروبية تتراوح بين 75 و150 مليار يورو. رقم ضخم بلا شك، لكنه - ةبحسب خبراء- يمكن تعويضه خلال أسبوع أو أسبوعين فقط من إنتاج قطاعات السيارات والدفاع والبناء في أوروبا.
وتقترح مراكز الأبحاث الأوروبية حلولا مباشرة تشمل دعما حكوميا مباشرا، وتوفير كهرباء أرخص، وخفض رسوم الربط، وبناء مخزونات استراتيجية، وتوقيع عقود شراء طويلة الأجل، وتطوير خطط حماية مماثلة لما قامت به أميركا وأستراليا.
كما حررت خطة REPowerEU أسواق الطاقة الأوروبية من قبضة روسيا، تحتاج القارة اليوم إلى خطة مماثلة : RESourceEU، لتحرير معادنها من قبضة الصين وإعادة بناء القدرات الصناعية المهددة.
ويبقى السؤال الأهم: هل تتحرك أوروبا قبل فوات الأوان.. وتستعيد سيادتها المعدنية؟ .