تحليلات


كتب فاطيمة طيبى
17 أغسطس 2022 2:33 م
-
بوتن : البحث لإيجاد عملة للاحتياطي الدولي على أساس سلة عملات دولنا

بوتن : البحث لإيجاد عملة للاحتياطي الدولي على أساس سلة عملات دولنا

اعداد ـ فاطيمة طيبي 

احتل الدولار الأمريكي مكانة مسيطرة على صعيد الاقتصاد العالمي، وأصبح عملة الاحتياط النقدي لأغلب الدول، حتى تلك التي لا ترتبط بعلاقات ودية مع واشنطن باعتباره عملة التجارة الدولية الأولى.حدث ذلك منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وإقرار اتفاقيات بيرتون وودز المؤسسة لكل من صندوق النقد والبنك الدوليين.

 يبدو أن هذه المكانة بدأت تهتز في ظل اتجاه عديد من الدول المهمة اقتصاديا، وخاصة روسيا والصين إلى البحث عن عملات بديلة سواء لاستخدامها في المبادلات التجارية أو تكوين احتياطيات النقد الأجنبي لديها.

ـ الهجوم على الدولار:  

في يونيو من العام الماضي 2021، قال الرئيس الروسي خلال اجتماع لتجمع دول "بريكس"، الذي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، "يجري بحث إيجاد عملة للاحتياطي الدولي على أساس سلة عملات دولنا".

وأطلقت روسيا والصين محاولة أخرى لتطوير "عملة احتياطي عالمية"، بمعنى أن الدولتين بدأتا الهجوم على الدولار، بحسب المؤرخ والمحلل الاستراتيجي الأمريكي جوردون جي تشانج في تحليل نشره موقع معهد جيتستون الأمريكي للأبحاث.

وفي مقال نشره موقع "زيرو هيدج" المعني بالموضوعات المالية، والذي يسمح للكتاب بنشر مقالاتهم بأسماء مستعارة، قال كاتب أطلق على نفسه اسم تيلر بوردين: "إن تحديا عالميا منسقا للدولار الأمريكي، سيكون أهم خبر في العالم منذ عقود، المدهش أننا لا نرى أحدا مهتما بإمكانية حدوث أكبر تحول في مجال الاقتصاد الكلي العالمي خلال نصف قرن".

ويقول جوردون جي تشانج، أحد كبار زملاء معهد جيتستون البارزين وعضو المجلس الاستشاري له، "إن هناك دولة وحيدة هي التي تستطيع القضاء على الدولار وليست من دول بريكس، إنها الولايات المتحدة، فالرئيس الأمريكي جو بايدن هو أكبر حليف لروسيا والصين في محاولة القضاء على الدولار".

وبحسب تعبيره، فإن عملات دول بريكس ضعيفة، فرغم القوة المفاجئة التي أظهرها الروبل الروسي أخيرا، فهو يبدو في حالة تدهور لا يمكن التراجع عنه على المدى الطويل. أما جنوب إفريقيا فإنها تمضي عكس التيار، والبرازيل تواجه احتمال فوز مرشح اليسار في انتخاباتها الرئاسية المقبلة، وبالتالي لا يمكن التعويل عليها كثيرا. أما الهند   قوة اقتصادية بالتأكيد، لكنها تبحث عن تعزيز ثرواتها وغير مستعدة للقيادة المالية أو الاقتصادية على الصعيد الدولي.

معنى ذلك أن نجاح فكرة إيجاد عملة للاحتياطي النقدي لدول "بريكس" يتوقف على اليوان الصيني. ويشعر كثيرون بالتفاؤل بشأن مستقبل العملة الصينية المعروفة باسم "العملة الحمراء" في مواجهة الدولار "العملة الخضراء". على سبيل المثال، يتحدث ديفيد جولدمان عن "الجنوب العالمي" الذي تشكله الصين حاليا، ويقول: إن استخدام اليوان سيتزايد في العالم.

ـ ارتفاع في استعمال العملة الحمراء:

رصدت بكين زيادة في استخدام عملتها في شهر  مايو  الماضي 2022 ، عندما شكلت نحو 2.15 % من إجمالي المدفوعات العالمية، بحسب بيانات نظام تسوية المدفوعات العالمي المعروف باسم "سويفت"، ما جعل اليوان خامس أنشط العملات في العالم.

وكانت حصة اليوان من المدفوعات العالمية في أبريل  الماضي 2022 بـ  0.01 فقط، ومع ذلك فإن الحصة في مايو الماضي كانت أقل منها في أبريل الماضي عندما بلغت 3.2 %، ليكون رابع أنشط عملة في العالم في ذلك الشهر.

وهناك سبب يمنع تحول اليوان إلى عملة دولية بسرعة، وهو عدم سماح الصين بالتحويل الحر لليوان إلى العملات الأخرى. وفشل قادة الصين باستمرار في جعل عملتهم عملة حرة.

 قبل الأزمة المالية الآسيوية 1997 تعهدت الصين بتحرير العملة المحلية بنهاية القرن الـ20. وفي يناير 2022  تعهد يي جانج، الذي كان يشغل منصب الإدارة العامة للصرف الأجنبي بتحرير تحويل اليوان إلى العملات الأخرى في الحسابات الرأسمالية خلال خمسة أعوام. ومرت الأعوام الخمسة ولم تحرر العملة الصينية التي مازالت خاضعة لسيطرة الدولة بدرجة كبيرة.

ويقول جوردون جي تشانج: إن الصين تحت حكم الحزب الشيوعي لا تستطيع السماح بحرية تحويل اليوان الصيني، فالنموذج الاقتصادي للصين يعتمد على توافر النقد الرخيص للمؤسسات والبنوك العامة، والذي يعني خفض البنك المركزي الصيني لأسعار الفائدة على الودائع بشدة. وأضاف "إذا كان في قدرة المودعين تحويل مدخراتهم من اليوان إلى أي عملة أجنبية أخرى، فستجد البنوك الصينية صعوبة في الاحتفاظ بالودائع دون زيادة أسعار الفائدة".

وبحسب التحليل، يسعى أصحاب السيولة النقدية في الصين في اللحظة الراهنة إلى إخراج أموالهم من النظام المصرفي الصيني، الذي يواجه أزمة طاحنة نتيجة عجز عديد من شركات التطوير العقاري الكبرى عن سداد ديونها، ما يمكن أن يهدد بانهيار مالي للصين ككل.

ـ سياسات الإنفاق الجنونية تضعف الدولار:

وإذا كان الصينيون والروس يسعون إلى ضرب هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي منذ عقود، فإن هناك فرصة حقيقية للنجاح في الوقت الحالي رغم كل شيء.

ويرى جي تشانج أن سياسات الرئيس الأمريكي جو بايدن الحالية تهدد ثقة العالم في الدولار كعملة احتياطي، والتي يجب أن تكون مستقرة وتعتمد على اقتصاد قوي وكبير، مع حرية تحويلها إلى أي عملة أخرى وضرورة استخدامها على نطاق عالمي واسع.

ويضيف جي تشانج أن سياسات الإنفاق الجنونية للرئيس بايدن ستؤدي فيما بعد إلى إضعاف الدولار، وبالتالي يفقد جاذبيته كمخزن للقيمة. ويتم تمويل الإنفاق الحكومي من خلال الاستدانة، ليصل إجمالي الدين العام الأمريكي إلى 30.64 تريليون دولار. فلا أحد يريد الاحتفاظ بثروته في صورة عملة تتراجع قيمتها باستمرار.

علاوة على ذلك، يدفع بايدن الاقتصاد الأمريكي نحو دائرة الركود، مع سياساته التي ستؤدي إلى استمرار التدهور. في الوقت نفسه يبدو بايدن كما لو كان يحاول قتل الدولار، بسياسات تهدد مكانة الدولار كعملة احتياطي عالمية، وهي المكانة التي تمثل "مصلحة أمريكية أساسية".

أخيرا لا يجب أن يراهن الأمريكيون كثيرا على استمرار عملتهم كعملة احتياطي عالمية، جراء عدم وجود بديل قادر على منافستها. فالصين وروسيا تحاولان باستمرار إيجاد هذا البديل، ولذلك فهما تضغطان بشدة من أجل تطوير "عملة بريكس" كعملة احتياطي تعتمد على العملات المحلية لدول التجمع.

 

 


أخبار مرتبطة
 
منذ 11 ساعةنحو التكافؤ في السلطة.. دورالمرأة على طاولة نقاشات دافوس 202521 يناير 2025 11:30 صالمالية: نسعى لرفع كفاءة إدارة المالية العامة للتوسع في الإنفاق على الصحة والتعليم20 يناير 2025 2:04 موعود ترامب.. خطة حاسمة لإعادة تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي19 يناير 2025 4:01 ممنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية تختار مصر لإطلاق النسخة العربية من إرشاداتها للسلوك المسئول للشركات15 يناير 2025 2:37 مشرق أوسط جديد يحمل بصمات لارث ثقيل من إدارة الرئيس جو بايدن14 يناير 2025 3:31 مخالد عبد الغفار يوجه بتأسيس لجنة استشارية عليا للتنمية البشرية12 يناير 2025 12:37 متمكين المرأة اقتصاديا من خلال توفير الخدمات المالية وغير المالية للمشروعات وبرامج التدريب8 يناير 2025 3:06 ممصر: سيناريوهات استيراد الغاز المسال في الربع الأول من 20256 يناير 2025 12:40 معودة أعمال تنمية حقل غاز"ظهر" يناير 2025 مع طرح مناطق للتعدين5 يناير 2025 2:56 مارتفاع أسعار الخامات والأدوات والأجور.. أبرز تحديات صناعة الأثاث

التعليقات