تحليلات
كتب فاطيمة طيبى 7 أكتوبر 2024 1:28 م - التعليقات آفاق قوية للعلاقات التجارية والاقتصادية بين روسيا والصين في ضوء معادلات جيوسياسية معقدة اعداد ـ فاطيمة طيبي تزدهر الروابط الاقتصادية بين الجانبين لكنها تواجه ضغوطا من العقوبات الغربية التي أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الروسي، لكن الصين كانت الداعم الأكبر للهروب من العقوبات الأمريكية المفخخة. لقد بلغ حجم التجارة الثنائية بين البلدين، وفقا لصحيفة فايننشال تايمز 240 مليار دولارخلال العام الماضي 2023، بزيادة قدرها 26 % مقارنةً بـ2022، بحسب الجمارك الصينية، حيث تقوم الصين باستيراد البضائع، بدءا من السيارات والآلات الصناعية إلى الهواتف الذكية ومصادر الطاقة والنفط الروسي. من هذا المنطلق، أصبحت الآن، خاصة بعد ما كشفته زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للصين، في الاسبوع الثالث من شهر مايو 2024 ، عن آفاق قوية للعلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين في ضوء معادلات جيوسياسية معقدة حيث يتم تبادل شراء السلع وتزويدها بسلع اخرى ، بما في ذلك الصادرات الحربية. ـ إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية العالمية باستخدام التجارة : ويقول محللون إن العلاقات الاقتصادية المزدهرة هي واحدة من أوضح العلامات على رغبة الصين في إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية العالمية في اتجاهها باستخدام التجارة وفي مواجهة الولايات المتحدة. وتؤكد الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، أنها الشريك التجاري الأكبر لـ120 دولة، وتتعامل مع معظم الدول بغض النظر عن سياساتها الخارجية أو الداخلية. وهذا يمنحها دورا متزايدا كعامل تمكين اقتصادي لمجموعة كبيرة من البلدان، بما في ذلك تلك المعادية للغرب الذي تقوده الولايات المتحدة، مثل روسيا ، بيلاروسيا ، إيران ، كوريا الشمالية وفنزويلا. ـ تعزيز التعاون مع بكين في مجالي الطاقة والتجارة : كما انه وخلال الزيارة، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في السابع عشر من شهر مايو 2024 رغبة موسكو في تعزيز تعاونها مع بكين في مجالي الطاقة والتجارة، وذلك في تصريحات من مدينة هاربين بشمال شرق الصين، في اليوم الثاني من زيارته للدولة الآسيوية، فقد وصل بوتين إلى بكين في زيارة دولة تستمر يومين، هي الأولى له إلى الخارج منذ فوزه بولاية جديدة في مارس 2024، والثانية إلى ثاني قوة اقتصادية في العالم منذ أكتوبر 2023. وتمنح هذه الزيارة زخما قويا للبلدين الكبيرين، حيث شهدت العلاقات الاقتصادية بين الصين وروسيا نموا منذ عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم وفرضت عليها العقوبات الغربية الأولى. ولكن مع اندلاع شرارة الحرب الروسية الأوكرانية في عام 2022، تسارعت وتيرة العقوبات الغربية وباتت أكثر حدة. لكن دولا أخرى كانت تدعم أيضا الاقتصاد الروسي، فقد اشترت الهند النفط الروسي، وقدمت كازاخستان وبيلاروسيا وتركيا مراكز للواردات الموازية لروسيا. لكن الصين كانت الأكثر أهمية، ليس فقط حتى وقت قريب في زيادة الصادرات إلى جارتها، ولكن أيضا في شراء النفط الروسي. وتفوقت روسيا العام الماضي 2023 على المملكة العربية السعودية لتصبح أكبر مورد للنفط للصين. ـ ارتفاع في قيمة التبادل التجاري : في عام 2023، كانت 60 % من واردات روسيا من السلع ذات التقنية العالية ذات الاستخدام المزدوج، على النحو المحدد في اللوائح التجارية للاتحاد الأوروبي، جاءت من الصين، وفقا لتحليل صحيفة فايننشال تايمز لبيانات التجارة الروسية. وتشكل معدات الاتصالات، بما في ذلك الهواتف الذكية، الحصة الأكبر من هذا التدفق البالغ 26 مليار دولار بقيمة 3.9 مليار دولار، وتأتي أجهزة الكمبيوتر في المركز الثاني بقيمة 2.3 مليار دولار. كما اشترت روسيا معالجات دقيقة بقيمة ملياري دولار ومعدات مختبرية بقيمة 1.7 مليار دولار. في المقابل، تقريبا كل التكنولوجيا المستوردة المستخدمة في الأسلحة الروسية هي من أصل غربي، مع 4 % فقط تنتجها الشركات الصينية. إن روسيا استفادت من إجراءات الامتثال المتساهلة التي تطبقها الشركات الغربية لشحن المكونات المصنعة في الغرب عبر الصين أو الحصول عليها من الشركات الغربية التابعة والمشاريع المشتركة في البلاد. ـ افتتاح معرض تجاري روسي صيني في هاربين : يبدو أن التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات ثانوية على البنوك والشركات الصينية التي تساعد المجهود الحربي الروسي قد أعاقت تدفق البضائع منذ أن استهدفت إدارة بايدن التجارة أواخر العام الماضي 2023. فقد انخفضت صادرات الصين إلى روسيا بنحو 16 % مقارنة بالعام السابق في مارس 2023، و13.5 % في أبريل 2024. وتعتقد الصين أن علاقاتها مع الولايات المتحدة سوف تتدهور سواء حصل بايدن على ولاية ثانية أو حصل ترامب عليها. حيث يقول ألكسندر جابويف، مدير مركز كارنيجي روسيا أوراسيا في برلين لـ"وكالة الأنباء الفرنسية": "إنهم لا يستطيعون السيطرة على ذلك، ولكن يمكنهم التحكم في مدى سرعة تدهورها". كما إنهم يحاولون دعم روسيا بأكبر قدر ممكن من الحرص، مع إبقاء أحجام الإمدادات منخفضة في محاولة لإظهار تراجع التجارة للأمريكيين . ورغم ذلك تظل تمثّل الصين شريان حياة أساسيا لروسيا في المجال الاقتصادي، في ظل العقوبات الغربية المفروضة على موسكو . وتأتي زيارة بوتين لـ"هاربين" الصينية في إطار السعي لتعزيز العلاقات التجارية الثنائية. فالمدينة التي يقطنها عشرة ملايين نسمة، تقع على بعد بضع مئات من الكيلومترات من الحدود الروسية وتعد محورية في التبادلات بين الجانبين. وتشكل روسيا موردا أساسيا للصين في مجال الطاقة، خصوصا بعد العقوبات الغربية على موسكو التي قلصت بشكل حاد صادراتها من النفط والغاز. وقال بوتين في افتتاح معرض تجاري روسي صيني في هاربين في السابع عشر من شهر مايو 2024 ، إن "روسيا مستعدة وقادرة على أن تغذي من دون انقطاع الاقتصاد الصيني والشركات والمدن بطاقة مقبولة الكلفة ونظيفة بيئيا ، كما انه بينما يقف العالم على مشارف الثورة التكنولوجية المقبلة، نحن مصممون على تعزيز التعاون الثنائي في مجال التقنية المتقدمة والابتكار على الدوام . " وأكد في وقت لاحق 18 من مايو 2024 أن الشراكة بين موسكو وبكين ليست موجهة ضد أحد، لافتا إلى أن البلدين "عنصران مهمان في الحضارة المعاصرة كما انه لدينا وجهة نظرنا الخاصة حول كيفية تطوير أنفسنا .
|
|||||||||||||||