تحليلات
كتب فاطيمة طيبى 7 أكتوبر 2024 1:53 م - التعليقات "فاينانشال تايمز": 2.48 مليار يورو استثمارات ألمانية مباشرة بالصين بالأشهر الثلاثة الأولى 2024 اعداد ـ فاطيمة طيبي تظهر الأرقام التي قدمها البنك المركزي الألماني لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية أن الاستثمارات الألمانية المباشرة في الصين بلغت 2.48 مليار يورو في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024، وارتفعت إلى 4.8 مليار يورو في الربع الثاني من نفس السنة . وبذلك يصل الإجمالي في النصف الأول من عام 2024 إلى 7.3 مليار يورو، مقارنة بـ 6.5 مليار يورو للعام 2023 بأكمله. كما ارتفعت الاستثمارات الألمانية المباشرة في الصين بشكل حاد في 2024 ، في إشارة إلى أن الشركات في أكبر اقتصاد في أوروبا تتجاهل المناشدات من حكومتها لتنويع استثماراتها في أسواق أخرى أقل خطورة من الناحية الجيوسياسية . تأتي هذه الاستثمارات التي تقودها شركات صناعة السيارات الألمانية الكبرى في معظمها، على الرغم من تحذيرات حكومة أولاف شولتس بشأن المخاطر الجيوسياسية المتزايدة المرتبطة بالسوق الصينية. ـ تقليص المخاطر : دعت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الشركات في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي إلى "تقليص المخاطر" من أكبر اقتصاد في آسيا. ما استدعى الى كثيرون في أوروبا بالشعور بالقلق من أن قادة الأعمال في ألمانيا لم يتعلموا الدروس المستفادة من الحرب في أوكرانيا، التي كشفت عن تشابكها الخطير مع روسيا واعتمادها المفرط على الغاز الروسي. كما تتمثل المخاوف في أن تصعيد التوترات الجيوسياسية في مضيق تايوان قد يكون كارثيا بالنسبة لعديد من الشركات الألمانية التي تربطها علاقات واسعة النطاق والعمقة مع الصين . كما قد يؤدي ذلك ايضا إلى حرمان ألمانيا من عديد من المدخلات والمواد الخام الأساسية اللازمة لإنتاج كل شيء من المواد الكيميائية إلى الخلايا الشمسية والبطاريات للسيارات الكهربائية. ويزداد اعتماد ألمانيا على الواردات الصينية بشكل خاص في حالة المعادن النادرة مثل الإسكنديوم والإتريوم. ـ إعادة الاستثمار: وبحسب الصحيفة البريطانية، يقول الخبراء إن أغلب أموال الاستثمار هي أرباح أعيد استثمارها في الصين؛ فقد أظهرت الأبحاث التي أجراها معهد الأبحاث الاقتصادية في كولونيا أن: 1 ـ أكثر من نصف الأرباح التي بلغت 19 مليار يورو والتي حققتها الشركات الألمانية في الصين في 2023 أعيد استثمارها هناك. 2 ـ الارتفاع في الاستثمار المباشر الألماني يعكس استراتيجية جديدة "في الصين، من أجل الصين" تنتهجها شركات مثل فولكس فاجن بهدف تحويل المزيد من الإنتاج إلى واحدة من أكبر أسواقها. ونقل التقرير عن الخبير في شؤون الصين في اتحاد الصناعات الألمانية (جماعة الضغط التجارية الرئيسية في ألمانيا)، فريدولين ستراك، قوله: " شهدت الشركات الكثير من الاختناقات التي تشكلت أثناء الوباء وحصار قناة السويس.. إنهم عازمون على تقليل جميع المخاطر في سلاسل التوريد الخاصة بهم من خلال إعادة تنظيمها على أساس إقليمي، من خلال التوطين. وهذا يحدث كثيرا في الصين، على وجه الخصوص". الا ان الخبير في التجارة الألمانية الصينية في معهد كولونيا للأبحاث الاقتصادية، يورجن ماتيس، حذر من أن هذه الاستراتيجية قد تؤدي في نهاية المطاف إلى الإضرار بالاقتصاد المحلي الألماني. وقال إن هذه الخطوة تشكل ضمانة ضد المخاطر الجيوسياسية المحتملة، مثل التصعيد في مضيق تايوان، لكنها تضر بالاقتصاد الألماني وسوق العمل الألمانية. اذ سنقلل من صادراتنا إلى الصين، وسنقوم بتصنيع المزيد منها في الصين بواسطة عمال صينيين". ـ قاعدة كبيرة في التعاملات الخارجية: السوق الصينية تعتبر ذات قاعدة كبيرة في التعاملات الخارجية، فهي مصدر جذب لكبرى الشركات الأوروبية، وخاصة الألمانية، والتي تهدف للاستثمار في الصين وتحقيق عوائد مالية كبيرة. كما ان الأوساط الرسمية الأوروبية بشكل عام، والألمانية بشكل خاص، تحذر الشركات من الاستثمار في الصين، انطلاقا من اعتقادها بأن الصناعات الصينية ذات طبيعة عسكرية وبالتالي تكون المصالح الأوروبية في خطر كبير. مع ذلك، فإن مثل هذا السوق لا يمكن التفريط فيها من قبل الشركات، وهذا واضح جدا من خلال الزيادة الكبيرة في حجم الاستثمارات للشركات الألمانية في الصين، حيث وصلت نسبة زيادة الاستثمار إلى ما يزيد عن الـ 10 % في النصف الأول من عام 2024 ، وهذا بطبيعة الحال يشكل نسبة عالية وانفتاحا كبيرا لهذه الشركات في الأسواق الصينية ـ الاستراتيجية الألمانية نحو الصين : تأتي الأرقام الأخيرة بعد عام واحد فقط من اعتماد حكومة شولتس لأول استراتيجية ألمانية على الإطلاق تجاه الصين، الخطة التي استندت إلى الحاجة إلى أن يقوم أكبر اقتصاد في أوروبا "بتقليص المخاطر" في علاقاته مع الصين. ورغم إصراره على معارضته لفكرة "فصل" ألمانيا عن الصين وقطع العلاقات تماما، حذر شولتس الشركات من "عدم وضع كل بيضها في سلة واحدة". ودعت الاستراتيجية الشركات الألمانية إلى تنويع سلاسل التوريد وأسواق التصدير بعيدا عن الصين وبالتالي الحد من تعرض البلاد للصدمات الخارجية. ولكن حتى الآن لم تظهر سوى أدلة قليلة على أن الشركات وخاصة شركات صناعة السيارات الكبرى تستجيب لتحذيرات الحكومة. ـ استمرار الاستثمارات الصينية الى نهاية 2024 : وقالت المحللة في مجموعة روديوم للأبحاث ومقرها الولايات المتحدة، دانييل جو، إن "الزخم القوي" للاستثمار الألماني في الصين سيستمر الى نهاية 2024 وفق تقرير فاينانشال تايمز. واستشهدت بعدد من الإعلانات الضخمة في الأشهر الأخيرة، مثل خطة فولكس فاجن لاستثمار 2.5 مليار يورو في توسيع مركز الإنتاج والابتكار في مدينة هيفاي بمقاطعة آنهوي، وخطط بي إم دبليو لاستثمار 2.5 مليار يورو في قاعدة إنتاجها في شنيانغ. كما انه وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، شكلت الاستثمارات الألمانية باستمرار أكثر من 50 % من استثمارات الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة في الصين، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى مساهمات من شركات صناعة السيارات الألمانية". ويعبر بعض قادة الأعمال في القطاع الخاص عن قلقهم إزاء انخراط صناعة السيارات الألمانية بشكل أعمق في الصين. وتعرضت شركة فولكس فاجن على وجه الخصوص لانتقادات شديدة بسبب عملياتها في شينجيانغ، حيث تتهم السلطات الصينية بالقمع على نطاق واسع للسكان الأويجور. ـ التبادل التجاري : حجم التبادل التجاري بين الصين و المانيا ، رغم نهم الاستثمارات المباشرة، يتمثل في : 1 ـ الصين، التي كانت منذ العام 2015 الشريك التجاري الأكبر والأهم لألمانيا، فقدت هذا الوضع أخيرا حسب ما تسير اليه التطورات في التبادلات في الفترة الاخيرة . 2 ـ التبادلات التجارية بين البلدين تشهد انخفاضا منذ بداية عام 2024 ، مما جعل الولايات المتحدة الأميركية تتفوق على الصين لتصبح الشريك التجاري الأول لألمانيا لأول مرة منذ 8 سنوات. ـ يعزى هذا الانخفاض في التبادلات التجارية إلى عدة عوامل؛ من أبرزها : 1 ـ الانكماش الاقتصادي الذي شهدته ألمانيا مؤخرا، إضافة إلى تراجع الطلب الصيني على المنتجات الألمانية بعد أزمة قطاع الإعمار والبناء في الصين . 2 ـ حجم التجارة بين الولايات المتحدة وأكبر اقتصاد أوروبي بلغ نحو 127 مليار يورو خلال النصف الأول من عام2024 . فيما بلغ حجم التجارة مع الصين في الفترة نفسها 122مليار يورو وفقا لبيانات أولية لمكتب الإحصاء الألماني . هذا وتستفيد الشركات الغربية - بما فيها الألمانية- من انخفاض تكلفة الإنتاج في الصين، حيث تظل المنتجات الصينية أقل تكلفة مقارنة بالسلع القادمة من دول أخرى.. كما أن النمو الاقتصادي المرتفع في الصين يستدعي استيراد المزيد من المنتجات من الغرب، بما في ذلك ألمانيا، على الرغم من أن الصين لم تعد الشريك التجاري الأول لألمانيا.
|
|||||||||||||||