أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
1 مارس 2021 12:25 م
-
مركز بريطانيا لأبحاث الاقتصاد والأعمال: توقعات بتجاوز الاقتصاد الصيني الولايات المتحدة في 2028

مركز بريطانيا لأبحاث الاقتصاد والأعمال: توقعات بتجاوز الاقتصاد الصيني الولايات المتحدة في 2028

اعداد ـ فاطيمة طيبي

حل الدولار مكان الجنيه الإسترليني كعملة احتياط رائدة في العالم في بداية القرن الماضي، ومنذ ربطت اتفاقية "بريتون وودز" في عام 1944 العملات العالمية بالورقة الخضراء، أصبحت هي العملة السائدة. عندما انفتحت الصين وأصبحت مندمجة مع الأنظمة التجارية والمالية العالمية، وقعت في "فخ الدولار"، حيث اضطرت إلى تحويل المدخرات الوطنية الزائدة إلى سندات خزانة أمريكية آمنة وقابلة للتحويل دوليا، بحسب تقرير لصحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست".

على مر السنين، تمتعت الولايات المتحدة بنفوذ الدولار الهائل المتمثل في طباعة النقود بشكل غير محدود تقريبا، أو ما يعرف بسياسة "التيسير الكمي" بلغة البنك المركزي. وكما قال جون كونالي وزير الخزانة في عهد الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون: "الدولار هو عملتنا، لكنه مشكلتك أنت".

أشار آرفيند سوبرامانيان، الزميل في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، في عام 2011 إلى أن العالم يعيش في ظل الهيمنة الاقتصادية للصين، حيث تتحرك المزيد من العملات الوطنية جنبا إلى جنب مع اليوان بدلا من الدولار. ومع ذلك، يتم استخدام الدولار بشكل متزايد كسلاح لفرض عقوبات اقتصادية على الصين وغيرها. ومع ذلك، نظرا لتضاؤل المدخرات المحلية في أمريكا والعجز الهائل في الحساب الجاري، حذر ستيفن روتش من أن "الامتياز الباهظ" للدولار على وشك الانتهاء.

ـ  العملة الر قمية الوطنية:

الآن تسعى الصين إلى عملة رقمية وطنية، وعلى عكس العملات الرقمية التقليدية التي تستغل في عمليات المضاربة، فإن اليوان الرقمي سيكون العملة السيادية للصين المدعومة بالكامل من الدولة. إنه تطور طبيعي حيث أصبحت الصين إلى حد بعيد رائدة عالمية في أنظمة الدفع الرقمية. وبفضل أحدث تقنيات "بلوكشين"، لا تتطلب العملة الرقمية الصينية حسابا مصرفيا، وهذا له إمكانات هائلة لتخفيف حدة الفقر ورفع المعاناة عن الفقراء الذين ليس لديهم حسابات مصرفية في جميع أنحاء العالم. ,نظرا لأن السلطات المصرفية الصينية تتمتع بالسيطرة الكاملة، ستساعد العملة الرقمية في مكافحة المعاملات المالية غير المشروعة، وستسهل البيانات المالية صياغة وتنفيذ السياسات النقدية.

ومع الأخذ في الاعتبار أن معاملاتها فورية وعابرة للحدود، ستكون العملة الرقمية جذابة لتسوية معاملات التجارة الدولية مع الصين، بما في ذلك المشاريع في طريق الحرير الرقمي لمبادرة الحزام والطريق. علاوة على ذلك، لا تعتمد العملة الرقمية على النظام المصرفي العالمي للاتصالات المالية بين البنوك "سويفت" الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة، وبالتالي فهي محصنة ضد العقوبات الأمريكية القائمة على الدولار.

وفقا لتقرير شركة الخدمات الاستشارية العالمية "ماكينزي" الصادر في شهر يوليو 2019، أصبحت الصين أكثر اكتفاء ذاتيا في حين أن بقية العالم، وخاصة آسيا والبلدان الغنية بالموارد في جميع أنحاء العالم، أصبحت أكثر اعتمادا على الصين في قطع الغيار والمكونات والمواد والتجارة والاستثمار. وليس من السهل تغيير ترابط سلسلة التوريد هذه، على الرغم من الجهود المبذولة للفصل، وفي حين أن أمريكا وحلفائها الغربيين ليسوا على وشك الاستعداد للعملة الرقمية الصينية في أي وقت قريب، فمن المرجح أن تتبناها المزيد من البلدان في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.

وذلك لاغتنام الفرص المتاحة لأنظمة الدفع الرقمية في الصين، والتي ستصبح أسهل وأكثر أمانا من خلال العملة الرقمية السيادية، ومن المرجح أن يتسارع هذا الاتجاه مع بدء الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، التي تضم ثلث سكان العالم وثلث الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

استحوذ العالم النامي على 49% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2010 ومن المتوقع أن يصل إلى 60% بحلول عام 2030. وبالتالي، فإن التكامل العالمي المتزايد للصين يبشر بالخير للقبول الواسع النطاق لعملتها الرقمية السيادية، الأمر الذي من شأنه أن يسرع تدويل اليوان.

ستساعد العملة السيادية الرقمية أيضا على دفع نمو اقتصاد الصين، وتسريع الاستهلاك المحلي والتجارة والاستثمار الدوليين. طموح الصين، يتزامن مع دعوة الرئيس المنتخب للولايات المتحدة، جو بايدن، إلى بناء تحالف مع الدول ذات التفكير المماثل لمواجهة الصين، في دعوة مشابهة لتلك التي أطلقها ويزر الخارجية مايك بومبيو في وقت سابق من هذا العام.

وأضاف بايدن خلال خطاب استعرض فيه الخطوط العريضة لسياساته، الثامن والعشرين من شهر ديسمبر 2020  "في الوقت الذي نتنافس فيه مع بكين لمحاسبة حكومة الصين على الانتهاكات التجارية والتكنولوجيا وحقوق الإنسان والجبهات الأخرى، سيكون موقفنا أقوى بكثير عندما نبني تحالفا" .

ـ بومبيو مواجهة الصين بالقوة الاقتصادية والعسكرية:

في الصيف الماضي، كشف وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، عن عزم الولايات المتحدة تشكيل تحالف جديد مع دول أخرى لمواجهة الصين بالقوة الاقتصادية والعسكرية المشتركة.

قال بومبيو في كلمة له بمكتبة نيكسون في شهر يوليو 2020 : "لا يمكننا مواجهة هذا التحدي وحدنا. ربما حان الوقت لمجموعة جديدة من الدول ذات التفكير المماثل، تحالف جديد للديمقراطيات". فيما قال قالت فرقة العمل الصينية التابعة لمجلس النواب الأمريكي، في سبتمبر ، إنه يتعين على الحكومة الأمريكية والكونجرس الالتزام بسياسة طويلة الأمد من الحزبين لإنهاء سيطرة الحزب الشيوعي على الصين.

وجاء في التقرير: "يجب على الإدارة أن تعلن بوضوح وعلانية عن نيتها لكسر الحزب الشيوعي الصيني. يجب ألا يكون هدف أمريكا هو التعايش إلى أجل غير مسمى مع دولة شيوعية معادية، بل يجب أن يكون هدفها إنهاء احتكار الحزب للسلطة". على أي حال، الواقع يقول إنه مع تفشي جائحة "كوفيد 19"، كان الوباء تحت السيطرة في الصين مقارنة بالدول الأخرى، لذا استمر انتعاش الاقصاد بما في ذلك الصادرات والاستثمار والاستهلاك المحلي. كما تُظهر نجاحات التسوق الإلكتروني في "يوم العزاب" في الصين، أن المدفوعات الرقمية ستستمر في تغيير قطاعات البيع بالتجزئة محليا وفي جميع أنحاء العالم.

ـ تراجع:

في أكتوبر 2020 ، فقد الدولار مكانته الأولى باعتباره عملة الدفع الأكثر استخداما في العالم، متراجعا لصالح اليورو للمرة الأولى منذ عام 2013، وذلك بفضل تآكل القيمة الملموسة للدولار، وظهور المزيد من الأصول المقومة باليورو اليوان أكثر جاذبية، والنفور من العقوبات الأمريكية.

مع تدهور الأوضاع الجيوسياسية، من المرجح أن تقوم الصين بتحويل المزيد من مدخراتها إلى أصول أخرى غير دولارية، بما في ذلك السندات الخاصة بها وبعض مشاريع الحزام والطريق. وبفضل أدائهم المختلف إلى حد كبير خلال الوباء، من المتوقع أن يتجاوز الاقتصاد الصيني الولايات المتحدة بحلول عام 2028، وفقا لمركز بريطانيا لأبحاث الاقتصاد والأعمال.

كل هذه التطورات لن تخلع الدولار بأي حال من الأحوال دفعة واحدة. ومع ذلك، فإن العملة السيادية الرقمية في الصين مهيأة الآن للتخفيف من "فخ الدولار"، وتسريع تدويل اليوان وتوفير طريق للهروب من العقوبات القائمة على الدولار.

ـ تراجع الدولار عن مكانته كأكثر العملات استخداما في المدفوعات العالمية:

أصبحت العملة الأوروبية الموحدة، اليورو، الأداة الأكثر استخداما للمدفوعات العالمية خلال شهر أكتوبر2020، متفوقة على الدولار الأمريكي للمرة الأولى منذ  شهر فبراير  2013.

أظهرت بيانات جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، التي تعالج رسائل الدفع العابرة الحدود لأكثر من 11 ألف مؤسسة مالية في 200 دولة، أن اليورو جاء أولا يليه الدولار ثم الجنيه الإسترليني والين الياباني، وتجاوز الدولار الكندي اليوان الصيني ليحتل المركز الخامس. جددت الاضطرابات التجارية والركود الناجم عن الوباء والتنافر السياسي الضغوط التي تسببت في تقليص حصة المدفوعات الدولية بالدولار، والذي انخفض بنسبة 11% من ذروته في مارس  2020 ، ومن المتوقع استمرار انخفاضه وفقا لوكالة "بلومبيرغ". وأوضحت "سويفت" أنها اليورو شكل 37.82% من التحويلات النقدية في اكتوبر 2020 ، بارتفاع 6 نقاط مئوية عن نهاية العام الماضي، فيما تراجع الدولار بنسبة 4.6% ليشكل 37.64% من التحويلات، وشكلت العملات البريطانية واليابانية والكندية معا 12.25% من المعاملات.

ومع ذلك، قال بنك التسويات الدولية في تقرير صدر في يوليو2020  إن الدولار لا يزال العملة الرئيسية للتمويل، حيث تم تصنيف حوالي نصف جميع القروض عبر الحدود وسندات الدين الدولية بالدولار الأمريكي. وأضاف البنك أن نحو 85% من جميع معاملات الصرف الأجنبي تحدث مقابل الدولار، وأنه يمثل 61% من احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية، مشيرا إلى أن نحو نصف التجارة الدولية تتم بالعملة الأمريكية.

 ـ توقعات بانهيار الدولار جزئيا خلال 2021:

من المرجح أن يبدأ الدولار في الانخفاض بما يصل إلى 20% خلال عام 2021 إذا تم توزيع لقاحات "كوفيد- 19" على نطاق واسع والمساعدة في إحياء التجارة العالمية والنمو الاقتصادي، وفقا لمصرف "سيتي جروب" الأمريكي.

وقال المحللون الاستراتيجيون لدى "سيتي" وهو أحد أكبر البنوك الاستثمارية في الولايات المتحدة، في تقرير صدر قي السادس عشر من شهر نوفمبر 2020 ، إنهم يعتقدون أن توزيع اللقاحات سيحدد جميع مؤشرات السوق الهابطة، مما يسمح للدولار باتباع مسارات مشابهة لتلك التي مر بها من أوائل إلى منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما بدأت العملة في التراجع لعدة سنوات.

وفقا لوكالة "بلومبيرغ"، تراجع الدولار بنسبة 11% منذ بلغ ذروته في مارس2020 ، وتعرض لضغوط إضافية   بعد أنباء تفيد بأن لقاح "كوفيد- 19" التابع لشركة "مودرنا" كان فعالا بشكل كبير في التجارب السريرية، مما أثر على الطلب عليه كأحد الملاذات الآمنة لاستثمار وادخار المال.

افترض الاستراتيجيون  منذ شهور أن الانتخابات الأمريكية وتطوير اللقاحات وسياسة الاحتياطي الفيدرالي يمكن أن توجه ضربة قوية للعملة. لم تكن الانتخابات في نهاية المطاف الحافز لهبوط كبير، لكن "سيتي جروب" يقول إن الخلفية الاقتصادية الكلية الواسعة ستكون المحرك الأكبر للدولار في المستقبل.

 


أخبار مرتبطة
 
منذ 14 ساعةانسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ ينذر بتحول زلزالي في السياسة المناخية21 يناير 2025 2:43 مبعد ساعات من تنصيبه.. ترامب يوقع سلسلة من الأوامر التنفيذية والتوجيهات21 يناير 2025 12:37 متعديلات وتحديثات جديدة لتعزيز وتفعيل دور صناديق التقاعد20 يناير 2025 1:05 مدافوس 2025.. التعاون من أجل العصر الذكي" في ظل عالم مجزأ وجمود اقتصادي شامل19 يناير 2025 3:12 ممفاجآت بيتكوين في 2025.. تقلبات وتغيرات العملة المشفرة تقودها لصعود غير متوقع15 يناير 2025 3:57 مفترة حكم جو بايدن على الميزان الداخلي والدولي12 يناير 2025 3:07 متمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة قرار واقعي يعكس رؤية المركزي8 يناير 2025 3:45 مبصمة "إيلون ماسك" في عهد ترامب بين الرفض والقبول الدولي6 يناير 2025 3:33 موزير المالية ولقاءات حوارية حول برنامج الطروحات الحكومية والإعفاءات الضريبية والديون وزيادة الأجور5 يناير 2025 1:15 مالحصاد السنوي حول تطورات الشراكات مع بنوك التنمية والشركاء الثنائيين خلال 2024

التعليقات