أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
30 أكتوبر 2024 11:36 ص
-
الركود الاقتصادي قلق دائم يهدد العالم

الركود الاقتصادي قلق دائم  يهدد العالم

اعداد ـ فاطيمة طيبي

سيطرت حالة من القلق على الأسواق العالمية، في ظل مخاوف حقيقية من أن أكبر اقتصاد في العالم يتجه نحو الركود  كما اكتست الأسواق العالمية باللون الأحمر جماعيا،  في الاسبوع الاول من شهر اغسطس 2024  بعدما أظهرت أرقام طلبات البطالة الرسمية في الولايات المتحدة، عددا مفاجئا من العاطلين عن العمل، بجانب بيانات منفصلة أظهرت ضعف قطاع التصنيع، ما زاد المخاوف بشأن الاقتصاد الأمريكي. كما نجد ان هناك مجموعة من الاخبار شكلت حالة من القلق على الاسواق العالمية في ظل مخاوف حقيقية من أن أكبر اقتصاد في العالم يتجه نحو الركود  .

 هذه المخاوف للاقتصاد الامريكي  تمثلت في ...

ـ  اكثر الأسواق العالمية غلب عليها  اللون الأحمر جماعيا .

ـ  ارقام كبيرة لطلبات البطالة  لعدد غير متوق من العاطلين عن العمل .

ـ  بيانات مختلفة اثبتت ضعف قطاع التصنيع .

هذه الأخبار مجتمعة  أدت إلى انهيار الأسواق المالية العالمية، بدءا من يوم الثالث والعشرين من شهر اغسطس 2024 ، وسط مخاوف من أن الاقتصاد الأميركي قد يكون على وشك هبوط حاد، بعد أسابيع من الارتفاع الكبير في أسعار الأسهم في الولايات المتحدة واليابان والعديد من الدول والأسواق العالمية .

كما زادت المخاوف ايضا  بفعل التوقعات المتزايدة بأن مجلس الاحتياطي الاتحادي قد يضطر لتبني سياسة تيسير نقدي حادة، ما تسبب في موجات بيعية عالمية، وسط تخلي المستثمرين عن الأصول ذات المخاطر، بسبب القلق من الركود، والاعتقاد بأن خفض أسعار الفائدة بشكل سريع سيكون ضروريا لإنقاذ النمو.

ويخشى خبراء الاقتصاد، أن يكون الاقتصاد الأمريكي أضعف مما يتوقع محافظو البنوك المركزية في الاحتياطي الفيدرالي، ما قد يجبر الفيدرالي على خفض كبير في تكاليف الاقتراض في اجتماعه بشهر  سبتمبر 2024 ، أو حتى اتخاذ إجراءات طارئة قبل ذلك، لتحفيز الطلب.

وأشار ستيفن براون، نائب كبير خبراء الاقتصاد في أمريكا الشمالية لدى كابيتال إيكونوميكس، إلى أن "التباطؤ الحاد في الرواتب في شهر يوليو 2024  ، والارتفاع الكبير في معدل البطالة، يجعل خفض أسعار الفائدة في سبتمبر 2024  من نفس السنة  أمرا لا مفر منه، وسيزيد من التكهنات بأن الفيدرالي قد يبدأ دورة تخفيف السياسة النقدية بخفض 50 نقطة أساس أو أكثر .

ـ تفسير الركود الاقتصادي:

الركود الاقتصادي حالة تحدث عندما ينخفض النشاط الاقتصادي بشكل ملحوظ ومطرد على مدى فترة زمنية طويلة، عادة تستمر لربعين متتاليين أو أكثر، ويتميز بانخفاض الناتج المحلي الإجمالي  (GDP)، وزيادة معدلات البطالة، وانخفاض الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار التجاري، وتراجع أرباح الشركات.

ـ تاثير الركود الاقتصادي على سوق العمل :

يمكن أن يصاحب الركود الاقتصادي انخفاضا في أسعار الأسهم والعقارات، وتدهور في ثقة المستهلكين والشركات، وتكون له آثار سلبية كبيرة على الاقتصاد والمجتمع، حيث يمكن أن يؤدي إلى فقدان الوظائف،  تقليص الدخل، زيادة الفقر، وتدهور الخدمات العامة، ما يتطلب تدخلات حكومية وإصلاحات هيكلية للتعافي.

ويمكن أن يصبح الانحدار في الناتج الاقتصادي والعمالة الناتج عن الركود مستداما ذاتيا، فقد يؤدي انخفاض الطلب الاستهلاكي إلى قيام الشركات بتسريح الموظفين، ما يؤثر سلبا على القدرة الشرائية للمستهلكين ويضعف الطلب الاستهلاكي بشكل أكبر .

خلال فترة الركود في الولايات المتحدة الممتدة من 1937 إلى 1938، انخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 10%، في حين ارتفعت البطالة إلى 20%

ـ مؤشرات الركود الاقتصادي :

يحدث الركود نتيجة لعوامل متعددة، منها:

1ـ صدمات العرض والطلب، مثل .

ـ  الأزمات النفطية .

ـ الكوارث الطبيعية .

ـ السياسات النقدية التي تقيد الائتمان

ـ   السياسات المالية التي تزيد من الضرائب أو تخفض الإنفاق الحكومي .

2 ـ   الأزمات المالية .. مثل:

ـ انهيار سوق الأسهم

ـ  أو فشل البنوك الكبرى .

3 ـ التغيرات في الأسواق العالمية، مثل :

ـ  انخفاض الطلب على الصادرات.

مؤشرات الركود الاقتصادي تشمل مجموعة من العوامل الاقتصادية التي تشير إلى تدهور في النشاط الاقتصادي، أبرزها ..

1 ـ انخفاض الناتج المحلي الإجمالي، حيث يعد انخفاض نمو أو تراجع الناتج المحلي الإجمالي لأكثر من ربعين متتاليين علامة واضحة على الركود.

2 ـ زيادة معدلات البطالة هي مؤشر آخر مهم، حيث يعكس ارتفاع عدد العاطلين عن العمل ضعف الاقتصاد .

3 ـ  بجانب تراجع مستوى إنفاق المستهلكين على السلع والخدمات .

4 ـ  وانخفاض الاستثمار التجاري في المشاريع الجديدة والمعدات والبنية التحتية.

5 ـ كما يشير انخفاض الإنتاج الصناعي إلى ضعف النشاط الاقتصادي في القطاعات الصناعية المختلفة .

6 ـ كما يظهر من خلال انخفاض الطلب الاستهلاكي .

7 ـ  تراجع أرباح الشركات .

8 ـ  انخفاض أسعار الأسهم ..

 ويمثل ارتفاع معدلات إفلاس الشركات دليلا على الركود، حيث يزيد عدد الشركات التي تعلن إفلاسها نتيجة عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية، ويعكس تراجع ثقة المستهلكين والشركات توقعات سلبية تجاه المستقبل الاقتصادي.

9 ـ انخفاض الصادرات مؤشرا آخرا، حيث يؤدي تراجع الطلب العالمي على المنتجات الوطنية إلى انخفاض في الصادرات .

10 ـ  تدهور سوق العقارات، من خلال انخفاض أسعار العقارات وتراجع نشاط البناء والتطوير.

ـ أسباب الركود الاقتصادي في أمريكا :

منذ فبراير 2022، بدأ الفيدرالي الأمريكي رفع الفائدة، للسيطرة على التضخم المتصاعد، انطلاقا من (صفر - 0.25%) لتبلغ 5.25 و5.5%، وهي الأعلى منذ عام 2001.

ويقول الخبراء  إن بيانات التوظيف في الولايات المتحدة جاءت سلبية جدا، وبدأت الأسواق تتوقع دخول السوق الأمريكة لمرحلة ركود، في ظل خسارة الشركات، حيث حقق عدد كبير منها نتائج اعمال سيئة، متوقعا مشاهدة المزيد من الضغوط، حيث أصبح "الكاش" هو المسيطر.

وهنا نلاحظ أن الملياردير الأمريكي وارن بافيت، باع من شهرين جزء من أسهمه في شركة "بي واي دي"، مرجعا ذلك إلى تخوفه من الأسواق المالية، ومنذ أسبوعين  ايضا بدأ ببيع أسهم في "بنك أوف أمريكا"، رغم انه سهم مهم جدا، كما باع يوم  الثالث والعشرين من شهر اغسطس  نصف أسهمه في شركة أبل، وأصبح معه أكثر من 277 مليار دولار سيولة، وهي أكبر من أي قيمة يمتلكها شخص في العالم.

وتسببت السياسة النقدية المتشددة من قبل الفيدرالي في ضعف سوق العمل، حيث أظهرت وزارة العمل الأمريكية، أن الوظائف غير الزراعية بلغت 114 ألف وظيفة في يوليو 2024 ، وهو ما يقل عن التقديرات التي كانت تتوقع 175 ألف وظيفة، مع تعديل الأرقام السابقة نزولا من 206 آلاف إلى 179 ألف وظيفة.

وارتفع معدل البطالة في الولايات المتحدة من 4.1% إلى 4.3%، وانخفض متوسط الأجر بالساعة من 0.3% إلى 0.2%، وفي الوقت نفسه، تقلصت الأنشطة في قطاع التصنيع بوتيرة أسرع وفقا لمؤشر مديري المشتريات التصنيعي الذي بلغ 46.8 في يوليو 2024 .

ومع ذلك، يستبعد بعض من الخبراء الاقتصاديين ، دخول الولايات المتحدة في حالة ركود، موضحين أنه لكي نقول أنه يوجد ركود يجب أن يكون هناك انكماش في المنو الاقتصادي لستة أشهر متتالية، إلا أن النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة يرتفع ووصل إلى 2.8%، وهو ما يعتبر تباطؤ في النمو .

وتتعرض الأسهم العالمية لخسائر كبيرة، وسط مخاوف من أن الفيدرالي يتأخر كثيرا في تقديم الدعم اللازم للاقتصاد المتباطئ، وأن أسهم الذكاء الاصطناعي قد ارتفعت إلى مستويات لا تبررها إمكانات أرباحها.

وصرح راجات أجراوال، استراتيجي الأسهم في سوسيتيه جنرال إس إيه: "نشهد عملية تصفية نموذجية للمخاطر في الأسواق الناشئة حاليا ، وتتركز بشكل أكبر في الأسواق التي تهيمن عليها التكنولوجيا مثل تايوان وكوريا . حيث انه تبدأ عمليات تصفية المخاطر من القطاع الأكثر ازدحاما ثم تتوسع، لذلك ما يجب مراقبته هو مدى استمرارية عمليات البيع بعد هذا التصحيح الحاد".

ـ كيفية التعامل مع الركود الاقتصادي:

  الركود الاقتصادي يدفع الحكومات لتبني سياسات مالية واقتصادية متيسرة، إلا أن العملية تستغرق وقتا طويلا قد يصل إلى عدة سنوات، حتى يعود النشاط الاقتصادي لطبيعته.

كما أنه ومن المتوتوقع ان  يبدأ الفيدرالي مسار التيسير النقدي اعتبارا من اجتماعه المقبل، لتجنب دخول الاقتصاد الأمريكي في "نفق مظلم"، لأن المؤشرات الاقتصادية الحالية كانت متوقعة من قبل الفيدرالي، ما يقسر أن التشديد النقدي يؤثر على سوق العمل والنشاط الاقتصادي .

 

 


أخبار مرتبطة
 
منذ 8 ساعاتانسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ ينذر بتحول زلزالي في السياسة المناخية21 يناير 2025 2:43 مبعد ساعات من تنصيبه.. ترامب يوقع سلسلة من الأوامر التنفيذية والتوجيهات21 يناير 2025 12:37 متعديلات وتحديثات جديدة لتعزيز وتفعيل دور صناديق التقاعد20 يناير 2025 1:05 مدافوس 2025.. التعاون من أجل العصر الذكي" في ظل عالم مجزأ وجمود اقتصادي شامل19 يناير 2025 3:12 ممفاجآت بيتكوين في 2025.. تقلبات وتغيرات العملة المشفرة تقودها لصعود غير متوقع15 يناير 2025 3:57 مفترة حكم جو بايدن على الميزان الداخلي والدولي12 يناير 2025 3:07 متمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة قرار واقعي يعكس رؤية المركزي8 يناير 2025 3:45 مبصمة "إيلون ماسك" في عهد ترامب بين الرفض والقبول الدولي6 يناير 2025 3:33 موزير المالية ولقاءات حوارية حول برنامج الطروحات الحكومية والإعفاءات الضريبية والديون وزيادة الأجور5 يناير 2025 1:15 مالحصاد السنوي حول تطورات الشراكات مع بنوك التنمية والشركاء الثنائيين خلال 2024

التعليقات