أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
22 يناير 2025 3:29 م
-
انسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ ينذر بتحول زلزالي في السياسة المناخية

انسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ  ينذر بتحول زلزالي في السياسة المناخية

   

 اعداد ـ فاطيمة طيبي

قال فوبكه هوكسترا مفوض الاتحاد الأوروبي المعني بتغير المناخ، في العشرين من شهر يناير الحالي ، إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بانسحاب الولايات المتحدة مرة أخرى من اتفاقية باريس للمناخ أمر مؤسف. وأضاف هوكسترا عبر منصة إكس "إنه تطور مؤسف حقا أن ينسحب من اتفاقية باريس أكبر اقتصاد في العالم، وأحد أقرب حلفائنا في مكافحة تغير المناخ".

جاء ذلك بعد ان قرر دونالد ترامب سحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس، وهو موقف يهدم جهود الرئيس السابق جو بايدن لمكافحة تغير المناخ وغيرها من المشاكل البيئية الملحة. ووقع ترامب على أمر تنفيذي بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ خلال حدث مع أنصاره في "كابيتول وان أرينا" في واشنطن، وانتقد الاتفاق ووصفه بأنه "غير عادل" و"منحاز"، مما أثار تصفيقا حارا من الحشد، وتعهد بتوقيع أوامر تنفيذية إضافية لإلغاء العديد من سياسات بايدن البيئية. وقد لقي هذا الإجراء ترحيبا من صناع الوقود الأحفوري لكنه أثار مخاوف بين حلفاء الولايات المتحدة بشأن مستقبل مبادرات المناخ العالمية.

ـ حالة طوارئ للطاقة :

وتحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى تاريخيا في انبعاث الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، ويهدد خروجها من اتفاقية باريس بعرقلة جهود خفض الانبعاثات خلال فترة حرجة مدتها أربع سنوات.

وفي عام 2015، تعهدت الدول بالحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت) فوق مستويات ما قبل الصناعة، وهي عتبة حاسمة لتجنب التأثيرات المناخية الأكثر كارثية، لكن العلماء أكدوا مؤخرا أن عام 2024 هو أول عام يتجاوز هذه العتبة، وكان العام الأكثر سخونة على الإطلاق.

ومن المتوقع أن يعلن ترامب في أوامر تنفيذية إضافية "حالة طوارئ وطنية للطاقة" ضمن تبعيات الانسحاب من اتفاقية باريس، على الرغم من أن تفاصيل هذه الخطوة لا تزال غير واضحة.

وبحسب واشنطن بوست، من المتوقع أيضا أن ينهي ترامب قرار إدارة بايدن بوقف الموافقة على منشآت جديدة لتصدير الغاز الطبيعي المسال، ووقف التأجير لمشاريع الرياح البحرية الجديدة في المياه الفيدرالية. ووفق الصحيفة الأمريكية، زعم ترامب زورا خلال خطابه في Capital One Arena أن "طواحين الهواء الكبيرة القبيحة" تدمر قيم الممتلكات وتقتل الطيور. في حين أن توربينات الرياح يمكن أن تقتل الطيور، تشير الأبحاث إلى أن القطط المنزلية تسبب بنسبة أكبر وفيات للطيور في الولايات المتحدة كل عام.

في خطاب تنصيبه الثاني، أعلن ترامب بوضوح عودة الحفر والتنقيب، مضيفا أن الولايات المتحدة لديها "أكبر كمية من النفط والغاز من أي دولة على وجه الأرض، وسنستخدمها". ومن الشائع أن يوقع الرؤساء أوامر تنفيذية في يومهم الأول تعكس بعض قرارات أسلافهم، لكن التباين بين إرث بايدن المناخي وأجندة ترامب في مجال الطاقة واضح بشكل خاص، مما ينذر بتحول زلزالي في السياسة المناخية عبر الحكومة الفيدرالية في المستقبل.

ـ  اتفاقية باريس.. وسبب انسحاب امريكا منها  مرة أخرى:

وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إجراءات في اليوم الأول من ولايته الثانية لسحب الولايات المتحدة من اتفاق باريس. اتفاق باريس هو معاهدة دولية ملزمة قانونيًا بشأن تغير المناخ، اتفقت فيها حوالي 200 دولة على العمل معًا للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض.

ـ ما هو اتفاق باريس.؟ :

في 12 ديسمبر عام 2015، اجتمعت أكثر من 190 دولة في قمة مناخية للأمم المتحدة في باريس ووافقت على ما أصبح يعرف بـ"اتفاق باريس"، أو اتفاقية باريس للمناخ، للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى أقل من 2 درجة مئوية، ويفضل أن يكون إلى 1.5 درجة، ودخل حيز التنفيذ في 4 نوفمبر 2016.

لكن منذ ذلك الحين، تسارع تغير المناخ وبدأ الكوكب في الاحترار بمعدل لم يتوقعه حتى العلماء، وزادت الأدلة في السنوات الأخيرة على أن قدرة الطبيعة والبشر على التكيف مع ارتفاع درجة الحرارة العالمية ستنخفض بشكل كبير إذا شهد الكوكب ارتفاعا مستداما يتجاوز 1.5 درجة.

ـ دول لم تنضم إلى الاتفاقية :

إيران وليبيا كلاهما ضمن منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) التي تضم 14 عضوا، بالإضافة إلى اليمن لم يصادقوا على الاتفاق. وعلى الجانب الأخر، إريتريا أحدث دولة توقع على الاتفاق، في 8 فبراير 2023، وانضمت تركيا والعراق في أواخر 2021، بينما وقعت جنوب السودان، أحدث دولة في العالم، في 23 فبراير2021. وسبقتها أنغولا في 12 أغسطس 2020، وقيرغيزستان في 18 فبراير، ولبنان في 5 فبراير 2021.

ـ هدف المناخ الأمريكي :

قدمت إدارة بايدن هدفا جديدا وطموحا نيابة عن الولايات المتحدة في ديسمبر 2024، تضمن أن البلاد ستخفض تلوث المناخ بنسبة تصل إلى 66% مقارنة بمستويات 2005 بحلول 2035. وكان الرئيس السابق جو بايدن يعلم في ذلك الوقت أن ترامب كان ينوي إخراج الولايات المتحدة من اتفاق باريس مرة أخرى، لذا كان الهدف إعلانا رمزيا عن المسار الذي كان يمكن أن تسلكه البلاد لو انتخب الأمريكيون رئيسا صديقا للمناخ.

ـ تاريخ أمريكا مع اتفاق باريس :

كان ممثلو الولايات المتحدة من القادة في مفاوضات اتفاق باريس، حيث تم اعتماده خلال إدارة أوباما في 2015. وأعلن ترامب نيته سحب الولايات المتحدة من اتفاق باريس عام 2017، على الرغم من أنه لم يتم التحرك إلا في 4 نوفمبر 2020، وهو اليوم الذي تلا الانتخابات الرئاسية التي فاز بها بايدن في النهاية.

وفي اليوم الأول من ولايته، أعلن بايدن نيته إعادة الانضمام إلى اتفاق باريس. وعلى النقيض، في اليوم الأول من ولاية ترامب الثانية في يناير 2025، أمر ترامب بالانسحاب من اتفاق باريس مرة أخرى، وسط سعيه لزيادة إنتاج الولايات المتحدة من الوقود الأحفوري.

ـ هل يمكن للولايات المتحدة العودة مرة اخرى :

توصي وثيقة "مشروع 2025" من مؤسسة   Heritage  ، بأنه يجب على ترامب الخروج بالكامل من المعاهدة الشاملة للأمم المتحدة التي تحكم الاتفاق، وهو قرار سيهز المفاوضات الدولية بشأن المناخ وسيجعل من الصعب على إدارة مستقبلية إعادة الانضمام.

نرحب بالمشاركة البناءة من أي دولة وجميع الدول"، قال سكرتير الأمم المتحدة التنفيذي لتغير المناخ، هذا ما قاله سيمون ستيل، في بيان عام . ومع ذلك، أكد ستيل، ازدهار الطاقة النظيفة الذي يحدث حول العالم، وبلغت قيمته 2 تريليون دولار العام الماضي 2024  ويزداد، وحذر من أن الدول التي لا تتبناه ستتخلف عن الركب. وأضاف: " تجاهل ذلك يرسل فقط كل تلك الثروة الهائلة إلى اقتصادات المنافسين، بينما تستمر الكوارث المناخية مثل الجفاف، والحرائق، والعواصف العاتية في التفاقم، ما يدمر الممتلكات والأعمال، ويؤثر على إنتاج الغذاء على مستوى البلاد، ويدفع التضخم في الأسعار على مستوى الاقتصاد " .

ولم يخف ترامب أجندته المتعلقة بالطاقة في أول يوم له في منصبه، حيث كان يتباهى كثيرا بخططه بعد فوزه في نوفمبر.. وقال ترامب في ديسمبر 2024 : "سأوقع أوامر اليوم الأول لإنهاء جميع القيود التي فرضها بايدن على إنتاج الطاقة، وإنهاء تفويضه للسيارات الكهربائية، وإلغاء حظر تصدير الغاز الطبيعي، وإعادة فتح محمية الحياة البرية الوطنية في القطب الشمالي في ألاسكا ، وإعلان حالة الطوارئ الوطنية للطاقة".

واقترح حاكم ولاية داكوتا الشمالية السابق دوج بورجوم، الذي اختاره ترامب لمنصب وزير الداخلية و"قيصر الطاقة"، خلال جلسة تأكيده  أن الإدارة القادمة قد تفكر في إعلان حالة الطوارئ في مجال الطاقة بسبب الطلب المتزايد على الكهرباء. وقال بورجوم للجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس الشيوخ، "هذا جزء من أزمة أكبر تواجهها أمتنا فيما يتعلق بالكهرباء".

ـ قرارالخروج من اتفاقية باريس :

ومن بين التحركات المناخية الأولية التي اتخذها ترامب، كان قرار الخروج من اتفاقية باريس هو الأكثر أهمية على المستوى الدولي، مما عزز الشعور بأن الولايات المتحدة شريك غير موثوق به في الجهود العالمية للحد من الانبعاثات. وكان هذا الشعور ينمو حتى قبل انتخاب ترامب، حيث وسعت الولايات المتحدة إنتاجها من النفط والغاز حتى بعد الانضمام إلى دول أخرى في التعهد بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.

وقال لي شو، مدير برنامج المناخ الصيني في معهد سياسة جمعية آسيا: "لقد عدنا إلى الدول التي تقوم بأعمال تخدم مصالحها الضيقة القصيرة الأجل، وهذا من شأنه أن يرشد حكم جميع العواصم السياسية الأخرى في العالم بأن روح العمل المناخي العالمي ليست حيث ينبغي أن تكون".

على الرغم من أن ترامب أعلن عن إجراء مماثل في عام 2017، في بداية ولايته الأولى، كانت الظروف مختلفة آنذاك، فقد نصت إحدى القواعد على أنه لا يمكن للأطراف الانسحاب من الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2016، إلا بعد مرور ثلاث سنوات عليه.

ولأن عملية الانسحاب تستغرق عاما، ظلت الولايات المتحدة من الناحية الفنية عضوا في الاتفاق حتى الرابع من نوفمبر 2020 ـ بعد يوم واحد من منح الناخبين الرئاسة لبايدن. هذه المرة، ستكون الولايات المتحدة قادرة على الخروج من الاتفاق بسرعة أكبر، وستأتي هذه الخطوة في وقت محفوف بالمخاطر بالنسبة لجهود المناخ العالمية.

وتكتسب الأحزاب اليمينية، وخاصة في أوروبا، زخما من خلال الدفع ضد السياسات الخضراء. وتفشل الدول الغنية كثيرا في تمويل المشاريع المتعلقة بالمناخ في الدول الأكثر فقرا، مما يؤدي إلى تضخيم الشعور بالظلم بين الشمال العالمي والجنوب العالمي، وترك بعض البلدان تشعر بالقلق إزاء جدوى المفاوضات العالمية في المستقبل.

وقالت ليندا كالشر، مستشارة المناخ السابقة للأمم المتحدة ومؤسسة ستراتيجيك بيرسبيكتيفس، وهي مجموعة سياسة مناخية مقرها بروكسل: "قد تستخدم العديد من البلدان خروج الولايات المتحدة، كذريعة لعدم القيام بالكثير". وفي الوقت نفسه، ترى العديد من البلدان هذا الخروج فرصة سانحة لصالح لازدهار صناعاتها بالطاقة النظيفة. ويتوقع صناع السياسات والخبراء أن الصين قد تكون المستفيد الأكبر، وبالفعل، تتجاوز حصة الصين في تصنيع الألواح الشمسية العالمية 80% .

وتشهد السيارات الكهربائية المصنوعة في الصين ارتفاعا كبيرا في المنافسة ضد تلك التي تنتجها شركات صناعة السيارات الأمريكية والأوروبية. وقد يعزز انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس تصور بكين باعتبارها القوة العظمى القادرة على مساعدة العالم في التعامل مع مخاطر المناخ. وعندما انسحب ترامب من اتفاق باريس لأول مرة، أعلنت مجموعة تسمى "أمريكا كلها في الداخل" أن عشرات الولايات والمدن والشركات لا تزال ملتزمة بالاتفاقية. وتعهدت جينا مكارثي، قيصر المناخ السابق في البيت الأبيض في عهد بايدن والرئيسة المشاركة لمجموعة "أمريكا كلها في الداخل"، في بيان بمواصلة هذه المعركة.

وقالت: "إن ولاياتنا ومدننا وشركاتنا ومؤسساتنا المحلية مستعدة لتحمل عصا القيادة المناخية الأمريكية وبذل قصارى جهدها، على الرغم من الرضا الفيدرالي، لمواصلة التحول إلى اقتصاد الطاقة النظيفة".

                                                                                               

 


أخبار مرتبطة
 
21 يناير 2025 2:43 مبعد ساعات من تنصيبه.. ترامب يوقع سلسلة من الأوامر التنفيذية والتوجيهات21 يناير 2025 12:37 متعديلات وتحديثات جديدة لتعزيز وتفعيل دور صناديق التقاعد20 يناير 2025 1:05 مدافوس 2025.. التعاون من أجل العصر الذكي" في ظل عالم مجزأ وجمود اقتصادي شامل19 يناير 2025 3:12 ممفاجآت بيتكوين في 2025.. تقلبات وتغيرات العملة المشفرة تقودها لصعود غير متوقع15 يناير 2025 3:57 مفترة حكم جو بايدن على الميزان الداخلي والدولي12 يناير 2025 3:07 متمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة قرار واقعي يعكس رؤية المركزي8 يناير 2025 3:45 مبصمة "إيلون ماسك" في عهد ترامب بين الرفض والقبول الدولي6 يناير 2025 3:33 موزير المالية ولقاءات حوارية حول برنامج الطروحات الحكومية والإعفاءات الضريبية والديون وزيادة الأجور5 يناير 2025 1:15 مالحصاد السنوي حول تطورات الشراكات مع بنوك التنمية والشركاء الثنائيين خلال 202431 ديسمبر 2024 3:10 مبفضل سعر الصرف المرن والمبادرات المحفزة ارتفع معدل تحويلات المصريين في الخارج

التعليقات