تحليلات


كتب فاطيمة طيبى
23 مارس 2025 12:33 م
-
منظمة التعاون الاقتصادي: الحكومات والشركات بحاجة إلى ضمان مع ارتفاع تكاليف الاقراض

منظمة التعاون الاقتصادي: الحكومات والشركات بحاجة إلى ضمان مع ارتفاع تكاليف الاقراض

اعداد ـ فاطيمة طيبي  

أعلنت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) أن إجمالي السندات الحكومية وسندات الشركات المتداولة عالميا تجاوز 100 تريليون دولار في 2024 ، حيث أدى ارتفاع تكاليف الفائدة إلى فرض خيارات صعبة على المقترضين، ما دفعهم إلى ضرورة إعطاء الأولوية للاستثمارات المنتجة. 

وأوضحت المنظمة في تقريرها السنوي عن الديون العالمية أن تكاليف الفائدة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت من أدنى مستوياتها إلى أعلى مستوياتها خلال العقدين الماضيين بين عامي 2021 و2024. كما أن إنفاق الحكومات على مدفوعات الفائدة بلغ 3.3% من الناتج المحلي الإجمالي في الدول الأعضاء بالمنظمة، وهو أكثر مما تنفقه هذه الدول على الدفاع، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز " 

ـ تكاليف الفائدة عرضة للارتفاع أكثر :

ورغم بدء البنوك المركزية في خفض أسعار الفائدة، لا تزال تكاليف الاقتراض مرتفعة مقارنة بمستويات ما قبل زيادات الفائدة في 2022، حيث يتم استبدال الديون منخفضة الفائدة بديون أعلى تكلفة، مما يعني أن تكاليف الفائدة عرضة للارتفاع أكثر. 

يأتي هذا في وقت تواجه فيه الحكومات نفقات ضخمة، مثل مشروعات البنية التحتية في ألمانيا وزيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي، بالإضافة إلى تكاليف التحول الأخضر والشيخوخة السكانية التي تثقل كاهل الاقتصادات الكبرى. وحذرت المنظمة من أن هذا المزيج من ارتفاع التكاليف والديون المتزايدة قد يحد من قدرة الدول على الاقتراض في المستقبل، في وقت أصبحت فيه الاحتياجات الاستثمارية أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.

وأشارت إلى أن التحدي الأكبر يكمن في أن ما يقرب من نصف ديون الحكومات في الدول المتقدمة والأسواق الناشئة، إضافة إلى ثلث ديون الشركات، ستستحق بحلول عام 2027، مما يزيد من ضغوط إعادة التمويل.

واضاف التقرير بأن الدول منخفضة الدخل وعالية المخاطر تواجه أكبر تحديات إعادة التمويل، حيث يستحق أكثر من نصف ديونها خلال السنوات الثلاث المقبلة، وأكثر من 20% منها خلال عام 2025.

وحذر رئيس أسواق رأس المال والمؤسسات المالية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، سردار جيليك، من أن الحكومات والشركات بحاجة إلى ضمان أن يكون الاقتراض موجها نحو دعم النمو والإنتاجية، مؤكدا أنه إذا استخدم الدين في استثمارات منتجة، فلن تكون هناك مخاوف كبيرة، لكن إذا كان الدين مكلفا دون تعزيز القدرة الإنتاجية، فقد تواجه الأسواق أوقاتا صعبة.

ـ مخاطر تمويل الاقتصادات الناشئة:

أوصت المنظمة الأسواق الناشئة التي تعتمد على الاقتراض بالعملات الأجنبية بضرورة تطوير أسواق رأس المال المحلية، خاصة أن تكاليف الاقتراض عبر السندات المقومة بالدولار ارتفعت من حوالي 4% في 2020 إلى أكثر من 6% في 2024، وتجاوزت 8% للدول المصنفة عالية المخاطر. وأوضحت أن ضعف معدلات الادخار وضيق الأسواق المالية المحلية يجعل من الصعب على هذه الدول الاعتماد على التمويل الداخلي، مما يزيد من اعتمادها على الديون الخارجية.

ـ تحديات تمويل التحول الأخضر:

وصفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تمويل التحول نحو صافي انبعاثات صفرية بأنه تحد هائل، مشيرة إلى أن الأسواق الناشئة خارج الصين ستواجه فجوة تمويلية تبلغ 10 تريليونات دولار بحلول عام 2050 لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ.

وفي حال تم تمويل هذه المشاريع عبر الديون الحكومية، فقد يؤدي ذلك إلى رفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 25 نقطة مئوية في الاقتصادات المتقدمة و41 نقطة في الصين مطلع 2050، أما إذا تم الاعتماد على التمويل الخاص، فسيتعين على شركات الطاقة في الأسواق الناشئة مضاعفة ديونها أربع مرات بحلول 2035.

ـ التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على أسواق الدين:

كشف التقرير أن البنوك المركزية التي قلصت حيازاتها من السندات تم تعويضها عبر دخول مستثمرين أجانب وأفراد، حيث أصبح المستثمرون الأجانب يمتلكون 34% من ديون حكومات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بينما ارتفعت حصة الأفراد إلى 11%، مقارنة بـ 29% و5% على التوالي في 2021.

 لكن المنظمة حذرت من أن هذه الديناميكيات قد لا تستمر، إذ قد تؤدي التوترات الجيوسياسية وعدم اليقين في الأسواق العالمية إلى تغييرات مفاجئة في شهية المستثمرين، مما قد يعطل تدفقات رؤوس الأموال ويزيد من التقلبات المالية.

ـ  زيادة الدين العالمي بمقدار7 تريليونات دولار في 2024 :

أظهر تقرير لمعهد التمويل الدولي، في 25 من شهر فبراير الماضي ، أن نسبة الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت في 2024  للمرة الأولى منذ عام 2020، حيث سجل إجمالي الدين العالمي مستوى قياسيا جديدا بلغ 318 تريليون دولار بنهاية العام، وسط تباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي.

وجاءت الزيادة في الدين العالمي بمقدار7 تريليونات دولار، وهو ارتفاع يقل عن نصف الزيادة المسجلة في عام 2023، حين أدت توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى موجة من الاقتراض. ومع ذلك، حذر معهد التمويل الدولي من أن مراقبي السندات قد يعاقبون الحكومات إذا استمر العجز المالي في التزايد. وقال المعهد: "التدقيق المتزايد في الأوضاع المالية، لا سيما في البلدان التي تشهد استقطابا سياسيا حادا، كان سمة بارزة خلال السنوات القليلة الماضية."

في المملكة المتحدة، ساهمت ردود فعل الأسواق تجاه السياسات المالية في إنهاء الولاية القصيرة لرئيسة الوزراء ليز تروس عام 2022، كما أدت ضغوط مالية مماثلة في فرنسا إلى الإطاحة برئيس الوزراء ميشيل بارنييه في 2024. ووصلت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهو مؤشر على القدرة على سداد الديون، إلى 328%، بزيادة 1.5 نقطة مئوية. كما ارتفع الدين الحكومي إلى 95 تريليون دولار، في ظل تباطؤ التضخم والنمو الاقتصادي. وأشار المعهد إلى أنه يتوقع تباطؤ نمو الديون خلال عام 2024، بسبب حالة عدم اليقين غير المسبوقة في السياسة الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى استمرار ارتفاع تكاليف الاقتراض.

ـ توقعات بزيادة الدين الحكومي :

ورغم ارتفاع تكاليف الاقتراض، حذر المعهد من أن الدين الحكومي قد يشهد زيادة بنحو 5 تريليونات دولار هذا العام، مدفوعا بـ: "المطالبات المتزايدة بالتحفيز المالي وزيادة الإنفاق العسكري في أوروبا".

وقال مدير أبحاث الاستدامة في معهد التمويل الدولي إمرى تيفتيك: "من المرجح أن نشهد مزيدا من التقلبات في أسواق الديون السيادية، لا سيما في البلدان التي تعاني من استقطاب سياسي حاد."

ـ تحدي تجديد الديون في الأسواق الناشئة:

ساهمت الأسواق الناشئة، بقيادة الصين والهند والسعودية وتركيا، في حوالي 65% من نمو الدين العالمي خلال 2024. وقد يؤدي هذا الاقتراض المرتفع، إلى جانب ديون قياسية تبلغ 8.2 تريليون دولار تحتاج الأسواق الناشئة إلى إعادة تمويلها خلال 2024، 10% منها مقومة بعملات أجنبية، إلى إرهاق قدرات البلدان في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية المقبلة.

وجاء في التقرير:"تصاعد التوترات التجارية، وقرار إدارة ترامب تجميد المساعدات الخارجية الأميركية، بما في ذلك تقليص تمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، قد يؤدي إلى تفاقم تحديات السيولة، ويحد من القدرة على إعادة تمويل الديون والوصول إلى الأسواق الأجنبية." وأضاف التقرير: "هذا يؤكد الحاجة المتزايدة لتعبئة الإيرادات المحلية لتعزيز القدرة على مواجهة الصدمات الخارجية."

ـ ضرورة دعم بنوك التنمية:

وأشار تيفتيك إلى أن التقلبات الشديدة في الأسواق تبرز الحاجة إلى زيادة قدرات بنوك التنمية المتعددة الأطراف على تعبئة رأس مال القطاع الخاص لدعم الاقتصادات الناشئة. وتواجه عدة دول نامية، مثل كينيا ورومانيا، صعوبات في تعزيز الإيرادات المحلية، حيث تتسبب الاحتجاجات الشعبية ضد الضرائب في كينيا، والانتخابات المقبلة في رومانيا، في تعقيد جهود الإصلاح المالي.

 

 

 

 


أخبار مرتبطة
 
16 أبريل 2025 5:04 م"جولدمان ساكس": الذهب يستهدف 4000 دولار مع تصاعد المخاطر9 أبريل 2025 1:49 مرسوم ترامب تفتح أبواب المكاسب أمام دولتين عربيتين رغم استمرار خطر الركود الاقتصادي8 أبريل 2025 3:13 ممصر وفرنسا توقعان اتفاقية تعاون لبناء وتشغيل محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر7 أبريل 2025 4:17 مرسوم مشددة تعني تحولا جذريا للنظام الاقتصادي العالمي وليس مجرد نزاع تجاري عابر6 أبريل 2025 2:09 متسهيل وصول المرأة للتمويل وتذليل المعوقات التشريعية والإجرائية على مستوى ممارسة الأعمال26 مارس 2025 2:39 مأسباب تبطئ وتيرة تراجع التضخم في مصر خلال النصف الثاني من 202526 مارس 2025 12:19 مبضائع امريكية بقيمة 1.5 تريليون دولار مهددة بسبب غرامات سفن الحاويات الصينية25 مارس 2025 1:26 مبريطانيا على طريق التقشف.. خفض التكاليف ادارة الحكومية الى 15%24 مارس 2025 11:38 ص40 فرصة استثمارية بمجال البيئة.. وتطوير 26 حزمة استثمارية لتقديم الخدمات بالمحميات الطبيعية18 مارس 2025 2:24 ممصر والهند تتفقان على زيادة التبادل التجاري إلى 12 مليار دولار في 5 سنوات

التعليقات