تحليلات
كتب فاطيمة طيبى 18 يونيو 2025 1:31 م - التعليقات خبراء: الهند قد تصبح بديلا استراتيجيا للصين نحو سباق المعادن الأرضية النادرة اعداد ـ فاطيمة طيبي
يقول الخبراء ، واجه العالم مؤخرا نقصا في العناصر الأرضية النادرة في ظل القيود الصينية، وقد تأثرت شركات تصنيع السيارات في الهند والولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا. واستجابة لذلك، يقيم المسؤولون الهنود كيفية الاستفادة من شركة "الهند للعناصر الأرضية النادرة" (IREL)، وهي شركة مملوكة للحكومة، لزيادة إنتاج العناصر الأرضية النادرة، وفقا لمصادر لشبكة "سي إن بي سي". ويأتي هذا التقرير بعد أيام قليلة من وصف وزير التجارة والصناعة الهندي، بيوش جويال، توقف الصين عن صادرات العناصر الأرضية النادرة بأنه "جرس إنذار" للعالم وفرصة للهند لتوفير بديل. وأيّد جيفري بيات، المدير الإداري الأول للمعادن الحيوية في شركة ماكلارتي أسوشيتس، ومساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق لموارد الطاقة من عام 2022 إلى عام 2025، تصريحات وزير التجارة الهندي. وقال لشبكة CNBC: "هذا بمثابة جرس إنذار وفرصة لنا لتعميق التعاون الأمريكي الهندي في قضية بالغة الأهمية للتنافسية الاقتصادية المستقبلية". ـ هيمنة الصين وخطط لتخفيف القيود : وأعلنت بكين مؤخرا عن خطط لتخفيف القيود، وصرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن أي اتفاق تجاري مع الصين سيتضمن قرارا بشأن المعادن الأرضية النادرة. إلا أن سيطرة الصين على صادرات المعادن الأرضية النادرة لم تكن سياسة جديدة، إذ فرضت قيود تدريجية على المبيعات الدولية خلال العامين الماضيين. وقد سلط النقص الأخير الضوء على هيمنة الصين على المعادن الأرضية النادرة، فهي تنتج حوالي 60% من إمدادات العالم، وتعالج ما يقرب من 90% منها، بما في ذلك المواد المستوردة من دول أخرى. وهذا يمنح بكين نفوذًا كبيرا على إمدادات المعادن الأساسية لمختلف التقنيات الحديثة، بما في ذلك الروبوتات، والطاقة النظيفة، والبطاريات، والمعدات العسكرية. ـ إمكانات الهند: ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن المعادن الأرضية النادرة يمكن إتاحتها من بلدان أخرى، فبينما تمتلك الصين أكبر رواسب من المعادن الأرضية النادرة، إذ تبلغ 44 مليون طن، تمتلك الهند أيضا كمية كبيرة تبلغ 6.9 مليون طن، وفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.وهذا يجعلها ثالث أكبر احتياطي عالمي بعد البرازيل، وفقا لسجلات الهيئة. وتمتلك الهند أيضا ما يقرب من 35% من رواسب المعادن الشاطئية والرملية في العالم، وهي مصادر مهمة للمعادن الأرضية النادرة المهمة، وفقا لتقرير حديث صادر عن شركة إرنست ويونغ (EY). ونظرا لهذه الاحتياطيات الكبيرة، فإن الهند "مستعدة للعب دور رئيسي في بناء سلسلة توريد عالمية أكثر تنوعا للمعادن الأرضية النادرة"، وفقا لتصريحات جريسلين باسكاران، مديرة برنامج أمن المعادن الحيوية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، لشبكة CNBC. ومع ذلك، لاستخدام احتياطيات المعادن الأرضية النادرة، تحتاج الدول إلى القدرة على استخراج المواد الخام واستخراجها، بالإضافة إلى القدرة والتكنولوجيا اللازمتين لمعالجتها وتكريرها للاستخدام النهائي، وهو ما يمنح الافضلية للصين حتى الآن. وقال أبيجيت كولكارني، الشريك في شركة EY Parthenon ، إن الهند تفتقر حتى الآن إلى تقنيات متقدمة في الفصل والتكرير، خاصةً بالمقارنة مع الصين والولايات المتحدة واليابان، مشيرا إلى أن الهند تساهم حتى الآن بأقل من 1% من إنتاج العناصر الأرضية النادرة العالمي. وأضاف أن من التحديات الأخرى التي تواجهها الهند نقص الخبرة الفنية المتخصصة في تعدين ومعالجة العناصر الأرضية النادرة، بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية في مناطق التعدين الهندية. وكجزء من الجهود الرامية إلى تغيير ذلك، أطلقت الهند "المهمة الوطنية للمعادن النادرة" في عام 2025. وتهدف المبادرة إلى تطوير إطار فعال لتحقيق الاعتماد على الذات في مجال المعادن الأرضية النادرة في مواجهة القيود التي تفرضها الصين والتهديدات الأخرى التي تتعرض لها سلسلة التوريد المتركزة جغرافيا. ـ صادرات الصين من المعادن النادرة تقفز 23% رغم القيود: قفزت الصادرات الصينية من المعادن النادرة في مايو 23% على أساس شهري مسجلة أعلى مستوى لها في عام، على الرغم من قيود بكين على تصدير بعضها. وأدت قيود التصدير التي فرضتها الصين في أبريل على عدة أنواع من المعادن النادرة إلى اضطرابات في بعض قطاعات تصنيع السيارات عالميا. وناقش الرئيس الأمريكي ونظيره الصيني القيود إلى جانب قضايا أخرى في اتصال هاتفي الأسبوع االاول من يوليو 2025 . وارتفعت صادرات المعادن النادرة بجميع أنواعها من أكبر منتج في العالم 23% في مايو مقارنة بأبريل ، لتصل إلى 5864.60 طن، وهو أعلى معدل شهري خلال عام كامل. لا تشمل القيود جميع أنواع منتجات المعادن النادرة التي تصدرها الصين. ولا تتضمن البيانات الصادرة في 9 يوليو 2025 تفاصيل بشأنها، لذا فإن الصورة الكاملة لتأثير القيود لن تتضح إلا في بيانات أكثر تفصيلا من المقرر نشرها في 20 يونيو. ـ محادثات لندن : وقد تم توقع أن تتصدر المعادن الأرضية النادرة جدول أعمال محادثات عقدت في لندن في 9 يوليو الحالي، ضمن مساعٍ مشتركة من قبل الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصادين في العالم، لاحتواء التوترات المتصاعدة بينهما. وتتمحور المباحثات حول القيود التي تفرضها بكين على تصدير بعض المعادن والمغناطيسات النادرة، وهي مواد أساسية في صناعات التكنولوجيا المتقدمة والقطاع الدفاعي . ورغم صدور بيانات جمركية ، إلا أنها لم تقدم صورة شاملة عن تأثير هذه القيود، التي تطال فقط الصادرات العالمية لسبعة من العناصر النادرة. وتعود هذه الخطوة الصينية إلى 4 أبريل ، كرد فعل على الرسوم العقابية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على السلع الصينية. وتعد الصين المنتج الرئيسي عالميا للمعادن الأرضية النادرة، حيث توفر نحو 70% من المعروض العالمي. ومن المنتظر أن تصدر بيانات صادرات المشتقات المعدنية لشهر مايو في 18 يونيو ، فيما تنشر تفاصيل وجهات التصدير في 20 من الشهر نفسه. ـ بوادر مرونة صينية بعد اتفاق جزئي : أظهرت الصين إشارات على تخفيف القيود المفروضة في شهرمايو 2025 ، وذلك عقب إعلان في 12 مايو يفيد بتوصل الطرفين إلى اتفاق أولي بشأن خفض الرسوم الجمركية وتسهيل حركة التجارة. ورغم هذا التقدم، اتهمت الولايات المتحدة الصين بالمماطلة في تنفيذ الاتفاقات، في حين تشير بعض التفسيرات إلى أن التأخيرات قد تكون نتيجة لإجراءات الموافقة المعقدة داخل النظام الإداري الصيني، خصوصا في ما يتعلق بإصدار التراخيص. من جانبهم، أعرب مسؤولون أوروبيون ومصنعو سيارات عن مخاوف من تعطل سلاسل الإمداد بسبب تشديد الإجراءات الصينية. وفي خطوة اعتبرت تمهيدا لتيسير أجواء المحادثات، أعلنت الحكومة الصينية 7 يونيو منح تراخيص تصدير محدودة لبعض أنواع المعادن الأرضية النادرة، دون الكشف عن الدول أو القطاعات المستفيدة. ـ هبوط حاد في صادرات المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة: أظهرت بيانات الجمارك لشهر أبريل تراجع صادرات الصين من المعادن الأرضية النادرة ومشتقاتها إلى الولايات المتحدة بنسبة 37% مقارنة بشهر مارس ، لتسجل نحو 1.700 طن. أما صادرات مغناطيسات المعادن النادرة، فقد شهدت انخفاضا أكثر حدة بنسبة 58%، لتبلغ 246 طنا فقط. وعلى المستوى العالمي، تراجعت صادرات هذه المغناطيسات بنسبة 51%، لتصل إلى نحو 2.600 طن. ـ الصين تلمح بتسريع تصاريح المعادن النادرة لأوروبا : قالت وزارة التجارة الصينية في السابع من شهر يونيو الحالي 2025 إن بكين على استعداد لتسريع عملية الفحص والموافقة على صادرات المعادن الأرضية النادرة إلى شركات الاتحاد الأوروبي. وأضافت وزارة التجارة الصينية في بيانها ، أنها ستصدر حكمها بشأن تحقيقها التجاري في واردات البراندي من التكتل بحلول الخامس من يوليو. ووفقا لبيان على الموقع الإلكتروني لوزارة التجارة الصينية، دخلت مشاورات الالتزام بالأسعار بين الصين والاتحاد الأوروبي بشأن السيارات الكهربائية صينية الصنع المصدرة إلى التكتل مرحلة نهائية ولكن لا تزال هناك حاجة إلى بذل جهود من الجانبين. ضح البيان أنه جرى مناقشة هذه القضايا بين وزير التجارة الصيني وانغ ون تاو ومفوض التجارة بالاتحاد الأوروبي ماروش شفتشوفيتش في باريس في 10يونيو 2025. وتمثل هذه التعليقات تقدما في قضايا أدت لتوتر علاقة الصين بالاتحاد الأوروبي على مدار العام 2024. وأدى قرار الصين في أبريل نيسان تعليق صادرات مجموعة واسعة من المعادن الأرضية النادرة والمغناطيسات ذات الصلة إلى قلب سلاسل التوريد الأساسية لشركات صناعة السيارات وشركات قطاع الطيران والفضاء وأشباه الموصلات والمقاولين العسكريين في أنحاء العالم. وقالت الوزارة إن الصين تولي أهمية كبيرة لمخاوف الاتحاد الأوروبي وإنها "على استعداد لفتح قناة خضراء للطلبات التي تستوفي الشروط لتسريع عملية الموافقة". وذكر البيان أن وزير التجارة وانغ عبر خلال الاجتماع "عن أمله في أن يلاقينا الاتحاد الأوروبي في منتصف الطريق ويتخذ تدابير فعالة لتسهيل وحماية وتعزيز التجارة المتوافقة في المنتجات عالية التقنية إلى الصين". وأدت تدابير مكافحة الإغراق الصينية التي طبقت رسوما تصل إلى 39 % على واردات البراندي من أوروبا، مع تحمل الكونياك الفرنسي العبء الأكبر، إلى توتر العلاقات بين باريس وبكين أيضا. وفرضت رسوم البراندي بعد أيام من اتخاذ الاتحاد الأوروبي إجراءات ضد واردات السيارات الكهربائية صينية الصنع لحماية صناعته المحلية، مما دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى اتهام بكين "بالانتقام المحض". ـ مشروع الاتحاد الاوروبي لاستغلال معادنه النادرة : كشفت أوروبا في 25 مارس 2025 عن 47 مشروعا لاستغلال معادنها النادرة والاستراتيجية كالليثيوم الأساسي لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية، بهدف تقليل اعتمادها على الصين وحماية صناعتها. وحذر نائب رئيسة المفوضية الأوروبية المسؤول عن الاستراتيجية الصناعية ستيفان سيجورنيه في مؤتمر صحفي في بروكسل من أن "الليثيوم الصيني لا يمكن أن يصبح الغاز الروسي في المستقبل". وفقا لوكالة "فرانس برس"، كشف عن 47 مشروعا ذات أولوية لاستخراج معادن نادرة واستراتيجية على الأراضي الأوروبية ومعالجتها وإعادة تدويرها. وستستفيد هذه المشاريع التي تشمل افتتاح مناجم ليثيوم ونحاس ونيكل وتنجستن في الاتحاد الأوروبي، من إجراءات ترخيص مبسطة ودعم مالي أوروبي. واعترف المسؤول الفرنسي بأن "هناك شعور بحاجة ملحة لم تكن موجودة قبل ثلاثة أو أربعة أشهر"، معربا عن الرغبة في التحرك بسرعة في سياق التوترات الجيوسياسية المتزايدة منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وستنفذ المشاريع التي كشف عنها، في 13 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي. وتقع 8 من هذه المشاريع في فرنسا، بينها مشروعان لاستخراج الليثيوم في ألييه (مجموعة إيمريس) وألزاس (مجموعة إيراميه ) وأكد سيجورنيه أنه "خلال فترة طويلة، كانت المواد الخام تمثل نقطة ضعف في سياستنا الصناعية". وأضاف "بسبب تعقيداتها وكلفتها العالية وطول مدة إنتاجها، فضلت أوروبا شراء معظم المواد الخام التي تحتاج إليها بشكل شبه حصري، من خارج حدودها"، لافتا إلى أن تلك الأيام قد ولّت. وأقر الاتحاد الأوروبي تشريعا في 2024 لحماية إمداداته بهدف تقليل الاعتماد على الصين في المواد المستخدمة خصوصا في تصنيع البطاريات وطواحين الهواء والذخائر. وقال "لا يمكن خفض الكربون من دون غاليوم لبناء ألواح شمسية، ومن دون نحاس لنقل الكهرباء. ولا توجد صناعة دفاعية من دون معادن نادرة تستخدم في صنع راداراتنا، وأجهزة سونار، وأنظمتنا للاستهداف التي نعتمد فيها بنسبة 100% على مواد صينية". ولا توجد صناعة على الإطلاق من دون نحاس وألومنيوم ومنغنيز يعزز بنية الفولاذ". وتنقسم الخطة الأوروبية إلى أجزاء عدة: استخراج المزيد من المواد الخام في أوروبا (ولكن أيضا تحويلها وإعادة تدويرها)، وتنويع الموردين الأجانب، وتطوير الشراء المشترك لتقليل التكاليف وبناء مخزونات استراتيجية. ـ مناجم جديدة" : لكن الأولوية بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي تتمثل في استغلال موارده الخاصة مع احترام معايير بيئية صارمة، في حين يعترض ناشطون بيئيون على هذه المشاريع. وقال سيجورنيه "دعونا نكون واضحين: نحن ملزمون بفتح مناجم جديدة في أوروبا"، مؤكدا أن القارة العجوز يمكن أن تصبح مثلا "مكتفية ذاتيا بشكل كامل من الليثيوم" خلال خمس سنوات. وستستفيد المشاريع المصنفة استراتيجية من تصاريح سريعة. ويجب ألا تتجاوز مدة منح التصاريح 27 شهرا لمشاريع الاستخراج و15 شهرا لمشاريع المعالجة والتدوير. ووعد سيجورنيه بتوفير ما يصل إلى ملياري يورو من التمويل في شكل قروض وضمانات ومنح. وفي المجموع، تلقت المفوضية الأوروبية 170 طلبا لمشاريع، يقع 49 منها خارج الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك في جرينلاند وأوكرانيا. وسيكون بوسع المشاريع الواقعة خارج الاتحاد أيضا المطالبة بوضع المشروع الاستراتيجي الأوروبي. وستعلن المشاريع المختارة في دول خارج الاتحاد "في الأسابيع المقبلة". ويضع القانون الأوروبي قائمة تضم 17 مادة خام استراتيجية مثل الكوبالت والنيكل والألمنيوم محددا أهدافا كمية لها. ولكل منها، يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يكون قادرا على تلبية ما لا يقل عن 10% من حاجات الاستخراج، و40% من حاجات المعالجة، و25% من حاجات إعادة التدوير داخل أراضيه بحلول العام 2030. ولا ينبغي أن يعتمد الاتحاد الأوروبي على دولة أخرى واحدة لتلبية أكثر من 65% من حاجاته من أي من هذه المواد.
|
||||||||||