أبحاث
كتب فاطيمة طيبى 5 أغسطس 2025 2:30 م - التعليقات تحديات أمام تسريع مشروعات الهيدروجين الأخضر ونقل الكهرباء وبيع المنتج النهائي اعداد ـ فاطيمة طيبي تزايد الاهتمام العالمي بمشروعات الهيدروجين الأخضر في السنوات القليلة الماضية، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة عالميا، والتداعيات المتزايدة لظاهرة الاحتباس الحراري، سواء على مستوى العالم أو في منطقة البحر المتوسط. أكد العديد من الخبراء على الفرص الواعدة التي تمتلكها مصر في هذا القطاع، لما له من دور محوري في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتنويع مصادر الطاقة، والحد من الانبعاثات الكربونية. وأرجع الخبراء ذلك إلى الموقع الجغرافي الإستراتيجي لمصر، بالإضافة إلى ما تمتلكه من موارد طبيعية غنية، خاصة في مجال الطاقة الشمسية، ما يعزز من فرصها لتصبح مركزا إقليميا وعالميا لإنتاج الهيدروجين الأخضر. كما ينظر إلى مصر كحلقة وصل مهمة لتصدير هذا الوقود النظيف إلى القارة الأوروبية، التي تأثرت بشكل كبير بأزمة الطاقة في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية. ومع ذلك، تواجه هذه المشروعات تحديين رئيسيين، لخصهما الخبراء في كيفية نقل الكهرباء إلى مصانع إنتاج الهيدروجين الأخضر، ومن سيتحمل تكلفة هذا النقل، أما التحدي الثاني فيكمن في تحديد الجهة أو الجهات التي ستتولى شراء المنتج النهائي من هذه المصانع. وفي هذا السياق، أكد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المهندس حسن الخطيب، أن مشروعات الهيدروجين الأخضر تعد جزءا أساسيا من إستراتيجية مصر للتحول نحو الطاقة النظيفة. وأشار الوزير في تصريحات صحفية سابقة إلى التزام الدولة بدعم هذه المشروعات الرائدة التي تضع البلاد في مقدمة الدول المنتجة للطاقة المستدامة، لافتا إلى أن الحكومة تعمل حاليا على تهيئة بيئة استثمارية مواتية لجذب المزيد من الاستثمارات الدولية إلى هذا القطاع الواعد. ـ مؤتمر أواخر أكتوبر لوضع خطط عملية لتسريع إنتاج الهيدروجين الأخضر والشبكة القائمة لا تستطيع استيعاب الأحمال الإضافية للمصانع : قال المهندس علاء كمال، المدير العام لشركة INP مصر، وهي شركة ألمانية مصرية متخصصة في التصميمات الهندسية والخدمات، إن التحديين الرئيسيين اللذين يعرقلان تسريع وتيرة تنفيذ مشروعات الهيدروجين الأخضر الطموحة في مصر يتمثلان في نقل الكهرباء اللازمة للإنتاج، وإيجاد مشترين للمنتج النهائي. أضاف كمال، أن الشبكة الكهربائية القومية الحالية لا تستطيع استيعاب الأحمال الإضافية الضخمة لمصانع إنتاج الهيدروجين . واعتماد مصانع الهيدروجين الأخضر بشكل كبير على كميات هائلة من الكهرباء، الأمر الذي يعني أن ربط هذه المصانع بشبكة الكهرباء القائمة قد يؤدي إلى انهيار الشبكات. وقال إن الحل البديل هو إنشاء شبكات منفصلة أو ممرات خضراء (Green Corridors) لنقل الكهرباء لمصانع الهيدروجين، لكن هذه الشبكات تتطلب استثمارات ضخمة تقدر بمليارات الدولارات (عشرات أو مئات المليارات)، بالإضافة إلى وقت طويل لإنشائها. كما أنه لم يبدأ أي مصنع فعليا في الإنتاج بعد، باستثناء تقدم في مشروع واحد تابع لشركة "سكاتك النرويجية" في العين السخنة. ووقع صندوق مصر السيادي وشركة سكاتك النرويجية وشركة فيرتيجلوب لإنتاج الأمونيا وأوراسكوم كونستراكشون، اتفاقية في أبريل 2022 لإنشاء وتشغيل مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بالعين السخنة، بطاقة إنتاجية قدرها 100 ميجاوات. ونشرت وسائل إعلام خلال شهر مايو الماضي 2025 ، أن شركة سكاتك النرويجية أجلت المشروع إلى النصف الثاني من العام الجاري، مضيفة أن موعد الانتهاء من المشروع سيكون بعد عام 2027. التحدي الآخر الذي أوضحه كمال يتمثل في تحديد من سيشتري الهيدروجين الأخضر المنتج، وكيف سيتم نقله، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي، وهو سوق مستهدفة رئيسية، يفضل الهيدروجين الأخضر كما هو، وليس الأمونيا الخضراء أو الميثانول. واعتبر أن هذا الأمر يفرض تحديا لوجستيا كبيرا، حيث إن نقل الهيدروجين الأخضر كما هو يتطلب بنية تحتية خاصة به ومكلفة. أوضح أنه لنقل الهيدروجين إلى أوروبا، يلزم مد خطوط أنابيب بحرية بين إفريقيا وأوروبا، مشيرا إلى أن هذا المشروع مكلف للغاية خصوصا وأن عمق البحر الأبيض المتوسط في المنطقة المصرية يتجاوز 1000 متر. لذا يمكن النظر في مسارات بديلة عبر تونس، ولكن هذا يتطلب قرارات سياسية ولوجستية معقدة. أضاف أنه من المقرر تنظيم مؤتمر حول مشروعات الهيدروجين الأخضر أواخر شهر أكتوبر المقبل 2025 بحضور مسؤولين من أفريقيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي ومصر، ما سيكون فرصة حاسمة لمناقشة هذه التحديات السابق ذكرها، ووضع خطط عملية لتسريع الإنتاج في السوق المحلية. وأشار إلى أنه بالإضافة إلى جانب التصدير للأسواق العالمية، سيتم الحديث عن إمكانيات فتح أسواق محلية للهيدروجين الأخضر في مصر لاستعماله في الصناعات المحلية أو تصديره لإفريقيا، ما قد يخفف الضغط على الاعتماد الكلي على الأسواق الخارجية ويقلل من مخاطر التسويق. كان كمال قد صرح سابقا بأن مجموعة INP مصر، تستهدف تنفيذ مشروع بقطاع الهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بالتعاون مع أحد المستثمرين الصينيين، باستثمارات تتراوح بين 60 إلى 80 مليون دولار. وأضاف أن شركته تستهدف من المشروع تصنيع المحللات الكهربائية، ومعدات الهيدروجين الأخضر في السوق المحلية، لافتا إلى أنها أعدت جميع الدراسات، والتصميمات اللازمة للمشروع، فضلا عن تحديد الموقع، مشيرا إلى أنها جاهزة للبدء، لكن كل شيء متوقف حاليا على إيجاد مشتر للهيدروجين المتوقع إنتاجه. ـ خطوات جادة نحو إنتاج الهيدروجين الأخضر بإستراتيجية وطنية وقانون محفز للاستثمار: قال الدكتور سمير القرعيش، النائب السابق لرئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للغازات الطبيعية إيجاس لتحول الطاقة والاستدامة، إن التحدي الأبرز الذي يواجه مشروعات الهيدروجين الأخضر عالميا حالة عدم اليقين بشأن الطلب على المنتج النهائي، ما ينعكس على سرعة تنفيذ هذه المشروعات. وأوضح أن جذب المستثمرين إلى هذا القطاع يعتمد بشكل كبيرعلى وجود عقود شراء مضمونة للمنتج النهائي، ما يوفر ضمانا للعائد على الاستثمار. وأن من أبرز العقبات كذلك ارتفاع تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر مقارنة بالهيدروجين الرمادي أو الأزرق، مشيرا إلى أهمية تحديد من سيتحمل الفرق في التكلفة. وأكد أن مصر بدأت بالفعل في اتخاذ خطوات جادة نحو إنتاج الهيدروجين الأخضر، من بينها إعداد استراتيجية وطنية شاملة، إلى جانب إصدار قانون يتضمن حوافز استثمارية، تشمل إعفاءات من ضريبة القيمة المضافة، بهدف تشجيع المستثمرين. كما أشار إلى أن الكهرباء في مصر تولد من مصادر متنوعة، يأتي معظمها من البترول والغاز، إلى جانب مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح، بالإضافة إلى الطاقة الكهرومائية في أسوان. وأوضح أنه في الوقت الحالي، تنقل الكهرباء عبر الشبكات القومية القائمة، لكن في حالة إنتاج الهيدروجين الأخضر، فمن الضروري إنشاء شبكة مخصصة لنقل الكهرباء المنتجة من مصادر الطاقة المتجددة، إلى جانب شهادة للتأكيد أنه ناتج من تحليل الكهرباء الناتجة من طاقات متجددة. ولفت إلى أن الطلب العالمي المستقبلي على الهيدروجين سيواجه تقلبات كبيرة وعدم يقين حتى عام 2050، سواء من حيث التطورات التكنولوجية أو إجمالي حجم الطلب والقطاعات التي ستستهلك هذا الوقود النظيف . وفي هذا السياق، كانت شبكة بي إن سي (BNC) الإماراتية، المتخصصة في قطاع البناء، نشرت تقريرا خلال فعاليات مؤتمر "إيجيبس 2025" الذي عقد في منتصف فبراير الماضي 2025 ، ذكرت فيه أن القيمة الإجمالية لمشروعات الهيدروجين المستهدفة في شمال إفريقيا ومنطقة شرق البحر المتوسط تقدر بنحو 190 مليار دولار، رغم أن جزءا كبيرا من هذه المشروعات لا يزال في مراحله الأولية. وأوضح التقرير أن هذه المشروعات تتوزع بين 112.71 مليار دولار مخصصة لمصر، التي تصدرت قائمة دول شمال إفريقيا، تلتها المغرب باستثمارات مقدرة بنحو 50.51 مليار دولار، ثم تونس بـ 12.70 مليار دولار، ثم الأردن الذي يتوقع أن يستقطب استثمارات بقيمة 11.73 مليار دولار في هذا القطاع. واتصالا بذلك، حدد الاستشاري والخبير الرئيس في أنظمة تحكم سكادا بالشركة القابضة لكهرباء مصر التابعة لوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة - في دراسة نشرتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا unescwa - 3 عقبات رئيسة تواجه التوسع في إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر. ـ العقبة الأولى ارتفاع ثمن تكنولوجيا الهيدروجين الأخضر وعدم توافرها . ـ العقبة الثانية الحاجة إلى مصدر هائل للكهرباء . ـ العقبة الثالثة النقل والتخزين . ـ الهيدروجين الأخضر قادر على تلبية 25 إلى 30% من استهلاك الطاقة في مصر والاعتماد على الوقود الأحفوري يحول العالم لما يشبه "شعلة دخانية" : قال الدكتور مجدي علام، مستشار برنامج المناخ العالمي، وأمين اتحاد خبراء البيئة العرب، إن شركات العالم بدأت فعليا في الابتعاد عن الوقود الأحفوري مثل الفحم والبنزين، والتوجه نحو الطاقة الشمسية والرياح للحد من انبعاثات أكاسيد الكربون . وأضاف أن استعمال الهيدروجين الأخضر يمكن أن يسهم في توفير ما بين 25% إلى 30% من إجمالي استهلاك الطاقة بمصر، محذرا من أن الاستمرار في الاعتماد على الوقود الأحفوري سيحول العالم إلى ما يشبه "شعلة دخانية"، وهو ما يجعل من الضروري الاتجاه نحو الاقتصاد الأخضر، والطاقة الجديدة والمتجددة، لتوفير مصادر نظيفة دون الإضرار بالمناخ . ووفقا لتقرير حديث صادرعن منظمة الدول العربية المصدرة للبترول "أوابك" في مايو الماضي 2025 ، تصدرت مصر قائمة الدول العربية من حيث عدد المشروعات التي تم الاتفاق عليها لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بإجمالي 38 مشروعا. وتتركز غالبية هذه المشروعات داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، حيث أبرمت الهيئة العامة للمنطقة نحو 30 مذكرة تفاهم في هذا الإطار. وبالإضافة إلى ذلك، تم تفعيل نحو 14 مذكرة تفاهم من إجمالي ما تم توقيعه، وأسفرت هذه الخطوة عن توقيع 11 اتفاقية إطارية، ويقدر حجم الإنتاج السنوي المتوقع من هذه المشروعات، في حال اكتمال مراحل تنفيذها بالكامل، بنحو 18 مليون طن سنويا. كان جوناس موبيرغ، الرئيس التنفيذي لمنظمة الهيدروجين الأخضر العالمية، قد قال في تصريحات سابقة إن مصر تمتلك إمكانات هائلة لإنتاج هذا الوقود الصديق للبيئة، مشيرا إلى أن أحد أبرز التحديات التي تواجه هذا القطاع يتمثل في تحديد الجهة التي ستتحمل تكلفة إنشاء خطوط نقل الكهرباء إلى مصانع الإنتاج، مؤكدا ضرورة أن تكون هذه التكاليف موزعة بشكل عادل بين الحكومة وكبار المطورين. وأضاف أن التحدي الكبير الآخر يكمن في إيجاد عملاء لهذا الوقود، موضحا أن هناك حاجة حقيقية لاستخدامه في مجالات مثل تشغيل السفن وصناعة الأسمدة، إلا أن تكلفة إنتاجه لا تزال مرتفعة مقارنة بالبدائل التي تعتمد على نفايات الوقود الأحفوري. واعتبر أن هذا التحدي ليس مقتصرا على مصر فحسب، بل يشمل معظم دول العالم، ما يستدعي تعزيز التعاون مع أوروبا وغيرها من المناطق لتقليص الفجوة السعرية بين الهيدروجين الأخضر وبدائله الأحفورية. وأشار موبيرغ إلى أنه من المقرر عقد ندوة في شهر سبتمبر المقبل 2025 ، بهدف مناقشة آليات التمويل المبتكر لمشروعات الهيدروجين الأخضر، والدور الذي يمكن أن تلعبه بنوك التنمية والبنوك التجارية معا في دعم هذه المشروعات. كما ستتطرق الندوة إلى الحلول المالية التي يمكن أن تكون مفيدة من حيث إتاحة التمويل. وردا على الانتقادات المتعلقة بارتفاع تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر، أوضح أن هذه التكلفة لا تقتصر على مصر فقط، بل تعد تحديا عالميا مقارنة بالوقود الأحفوري. ـ دراسة تتوقع وصول إنتاج الوقود النظيف إلى 75 مليون طن سنويا : 10.3 % نموا عالميا سنويا ما بين 2025 و2028 قدرت دراسة منشورة على موقع ( ريسيرش أند ماركيتس) قيمة سوق الهيدروجين الأخضر بنحو 1.67 مليار دولار أمريكي في عام 2023، مع توقعات بارتفاعها إلى 3.94 مليارات دولار بحلول عام 2026، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 15.22% . كما رجحت دراسة أخرى منشورة على منصة Stars Insights، أن تنمو سوق إنتاج الهيدروجين عالميا بمعدل نمو سنوي مركب قدره 10.3% خلال الفترة من عام 2025 وحتى عام 2028، وذلك على الرغم من التحديات المتعلقة بارتفاع تكلفة الإنتاج، وقيود البنية التحتية، وكفاءة الطاقة. وتوقعت الدراسة وصول حجم إنتاج هذا الوقود النظيف على مستوى العالم إلى 75 مليون طن سنويا من الهيدروجين النقي، بالإضافة إلى 45 مليون طن سنويا من الهيدروجين الممزوج ضمن الغازات المختلطة. ووفقا لشركة الاستشارات الأمريكية ماكينزي، من المتوقع أن يرتفع الطلب على الهيدروجين النظيف إلى ما بين 125 و585 مليون طن سنويا بحلول عام 2050.
|
|||||||||||||||