أبحاث
كتب فاطيمة طيبى 10 أغسطس 2025 3:38 م - التعليقات توطين الصناعات الكيماوية يواجه تحديات التمويل والتكنولوجيا في مصر اعداد ـ فاطيمة طيبي أكد رؤساء شركات أن توطين الصناعات الكيماوية في مصر يجب أن يسبقه إدراك واقعي لحجم التحديات، خاصة في ظل محدودية الموارد الطبيعية الأساسية التي تبنى عليها تلك الصناعات، وفي مقدمتها البترول والغاز. وأشاروا إلى أنه لا يمكن بناء صناعة وطنية دون وجود إستراتيجية تمويلية متكاملة تضعها الدولة، وتوفر من خلالها مصادر تمويل مستدامة، بالإضافة إلى امتلاك فائض من المواد الخام. ويرى أحد رؤساء الشركات أن مصر ليست مؤهلة حاليا للصناعات الثقيلة القائمة على البترول، كما هو الحال في السعودية أو الجزائر أو قطر، موضحا أن الأنسب لها هو التركيز على الصناعات التحويلية والخفيفة التي تضيف قيمة عالية دون الاعتماد على مواد خام مكلفة أو نادرة. فيما يرى آخر أنه بالرغم من تطور البنية التحتية خلال السنوات الأخيرة، فإن هذه الصناعة لا تزال تحتاج إلى تقنيات متقدمة، واستثمارات ضخمة، إلى جانب توافر الكوادر البشرية المؤهلة لتشغيل هذه المصانع المتطورة. وشدد أحد المتحدثين على ضرورة إعادة النظر في كيفية استغلال الثروات التعدينية والبترولية، مع التأكيد على أهمية وقف تصدير الغاز الطبيعي الخام، والعمل بدلا من ذلك على تعظيم القيمة المضافة من خلال التصنيع المحلي. وأوضح أن صناعة البتروكيماويات تمثل فرصة ذهبية لتحقيق عوائد اقتصادية كبرى، نظرا لكون معظم المواد الأولية تدخل في مكونات صناعية متعددة، ما يفرض ضرورة توفير صناعات مغذية تدعم هذا القطاع. ـ القطاع الخاص يعمل وفق قدراته ولا يمكنه التوسع دون رؤية واضحة وتمويل مستقر: والصناعة بحاجة إلى تفكير خارج الصندوق وثورة على البيروقراطية ... قال الدكتور حسام عرفات ، أستاذ البترول والتعدين بكلية الهندسة ـ جامعة القاهرة، ورئيس شعبة المواد البترولية باتحاد الغرف التجارية سابقا، إن قطاع البتروكيماويات في مصر يواجه تحديات جسيمة، في مقدمتها التمسك بالمفاهيم التقليدية المرتبطة بهذه الصناعة، والتي وصفها بأنها من الصناعات "الحرجة جدا"، وتتطلب نهجا غير تقليدي وتفكيرا خارج الصندوق لتطويرها. أضاف عرفات أن صناعة البتروكيماويات تتأثر بشكل مباشر بالمتغيرات الجيوسياسية العالمية، مشيرا إلى أن التحولات الجارية في مناطق مثل إيران وإسرائيل وروسيا وأوكرانيا تلقي بظلالها على مستقبل هذه الصناعة في مصر. ونبه إلى أن أحد أبرز التحديات يتمثل في غياب المرونة الإدارية، حيث لا يزال القطاع يعاني من البيروقراطية التقليدية التي تعرقل عملية التطوير.شدد على ضرورة إعادة النظر في كيفية استغلال الثروات التعدينية والبترولية، مع التأكيد على أهمية وقف تصدير الغاز الطبيعي الخام، والعمل بدلا من ذلك على تعظيم القيمة المضافة من خلال التصنيع المحلي. وأوضح عرفات أن صناعة البتروكيماويات تمثل فرصة ذهبية لتحقيق عوائد اقتصادية كبرى، نظرا لكون معظم المواد الأولية تدخل في مكونات صناعية متعددة، ما يفرض ضرورة توفير صناعات مغذية تدعم هذا القطاع الحيوي. كما لفت إلى أن مصر تعاني حاليا من التوجه نحو استيراد الغاز الطبيعي، بعد أن كانت من الدول المصدرة له، متسائلا: "كيف نستورد الغاز وننشئ مجتمعات صناعية في الوقت ذاته؟" مؤكدا أن هناك سوء إدارة في استغلال الموارد المتاحة، ويجب العمل على تحسين كفاءة استخدامها. وأشار عرفات إلى أن القطاع الخاص غير قادر في الوقت الراهن على قيادة صناعة البتروكيماويات في ظل غياب المواد الخام اللازمة، داعيا إلى ضرورة توفير هذه المواد أولا، ثم العمل على توطين الصناعة. وأكد الحاجة إلى "ثورة إدارية" شاملة لدفع عجلة الإنتاج. وشدد على ضرورة منح الحكومة امتيازات خاصة لتشجيع إقامة مصانع متخصصة في البتروكيماويات، موضحا أن التغلب على البيروقراطية يعد خطوة محورية نحو تحقيق هذا الهدف. ـ بناء صناعة وطنية دون امتلاك فائض بترولي.. مغامرة : والصناعات التحويلية والخفيفة أنسب من البترولية الثقيلة ... يرى المهندس هاني قسيس ، العضو المنتدب لشركة مصر للصناعة والتجارة "مينترا"، أن أي صناعة لا يمكن أن تنمو أو تحقق أهدافها في التصدير أو تقليل الاستيراد، ما لم تتوافر لها إستراتيجية تمويلية متكاملة تضعها الدولة، وتوفر من خلالها مصادر تمويل مستدامة. أضاف قسيس أن غياب هذه الإستراتيجية يعوق أي توجه حقيقي نحو توطين الصناعة أو بناء قاعدة صناعية قوية. مشيرا إلى أن الحديث عن توطين الصناعات الكيماوية في مصر يجب أن يسبقه إدراك واقعي لحجم التحديات، خاصة في ظل محدودية الموارد الطبيعية الأساسية التي تبنى عليها تلك الصناعات، وفي مقدمتها البترول والغاز.كما انه لا يمكن بناء صناعة بتروكيماوية وطنية في بلد لا يمتلك فائضا من البترول ، معتبرا ذلك "مغامرة غير محسوبة" . وأكد أن مصر ليست مؤهلة حاليا للصناعات الثقيلة القائمة على البترول، كما هو الحال في السعودية أو الجزائر أو قطر، موضحا أن الأفضل هو التركيز على الصناعات التحويلية والخفيفة التي تضيف قيمة مضافة عالية دون الاعتماد على مواد خام مكلفة أو نادرة. ولفت قسيس إلى أن هناك صناعات تعتمد على المنتجات البترولية، لكنها لا تتطلب وجود البترول الخام نفسه، مثل الصناعات البلاستيكية، أو الكهربائية، أو المنتجات المنزلية والهندسية، وهي مجالات يمكن لمصر أن تتفوق فيها إذا ما تم الاستثمار فيها بالشكل المناسب. ويرى أنه من الأفضل استيراد الحبيبات البلاستيكية الجاهزة وتصنيع منتجات نهائية منها، مثل الثلاجات، أو لعب الأطفال، أو الشنط، أو الأقمشة الصناعية، بدلا من الدخول في مغامرة تصنيع الخامة نفسها، والتي تتطلب استثمارات عملاقة لا تتناسب مع وضعنا الاقتصادي. وعن قدرة القطاع الخاص على قيادة هذه النهضة الصناعية، قال قسيس إن القطاع الخاص لديه الرغبة، لكن إمكانياته محدودة، خاصة في ظل ضعف البورصة وغياب أدوات التمويل المرنة. وأشار إلى أن شركات القطاع الخاص تتحرك على قدر طاقتها، ولا يمكنها التوسع دون وجود رؤية واضحة من الدولة وتمويل مستقر. وشدد على أن الدور الأساسي في هذه المرحلة يجب أن يكون للدولة، سواء من خلال التمويل أو السياسات أو حتى الشراكة في بعض المشروعات الكبرى، موضحا أن الصناعات الكبرى لا يستطيع القطاع الخاص قيادتها بمفرده، سواء في الدول الكبرى اقتصاديا مثل الصين، أو غيرها من الدول. وأكد أن الدولة هي من تضع الرؤية وتدير عجلة التمويل، بينما يتحرك القطاع الخاص في إطار هذه المنظومة. وفيما يتعلق بالشراكة مع المستثمر الأجنبي، أوضح قسيس أنه ليس ضد الاستثمار الأجنبي من حيث المبدأ، لكنه يفضل دائما أن تكون الصناعة وطنية بالأساس، وتبنى على استثمارات مصرية.أضاف أنه لا يمانع دخول شريك أجنبي، لكنه لا يعتبره أولوية في هذه المرحلة، مؤكدا أن الأفضل هو بناء الصناعة بإمكاناتنا الذاتية، مع إمكانية اللجوء إلى الشراكة الأجنبية لاحقا، خاصة في حال الحاجة إلى تكنولوجيا متقدمة. وفيما يخص خطط التوسع داخل شركة مينترا ، أشار قسيس إلى أن أي توسعات مستقبلية ستكون مرهونة بقدرة الشركة على التمويل الذاتي أو على إيجاد تمويل خارجي مناسب. وقال: "نحن لا ننتظر دعما مباشرا من الدولة، لكننا بحاجة إلى بيئة اقتصادية تساعدنا على النمو. هذه البيئة تشمل استقرار السياسات، وتوفير التمويل، وضمان وجود طلب محلي وتصديري" . وشدد على أن الشركات المصرية تعمل وفق إمكانياتها، وتتحرك بناء على احتياجات السوق، وليس وفق رغباتها الخاصة. وتابع قائلا: "لا يمكننا الإنتاج بما يفوق طلب السوق، كما أن التوسع لن يكون خيارا مطروحا ما لم تكن هناك مؤشرات واضحة تؤكد جدوى الاستثمار" .وحذر قسيس من الحماس غير المحسوب نحو بعض الصناعات لمجرد أن دولا أخرى تنجح فيها، مشيرا إلى أن مصر ليست مؤهلة للدخول في بعض الصناعات الثقيلة أو التي تعتمد على موارد غير متاحة محليا. ونوه إلى أن مصر لا تمتلك القدرة على منافسة دول مثل السعودية في مجال صناعة البتروكيماويات، حيث تتمتع الأخيرة بمزايا قوية مثل وفرة النفط، والقدرات التمويلية، وضخامة الإنتاج، في حين تواجه مصر تحديات تتعلق بنقص الغاز وصعوبة تمويل المشروعات. ودعا قسيس إلى التركيز على الصناعات التي تمتلك فيها مصر ميزة تنافسية، مثل إعادة تدوير الورق والكرتون، والصناعات البلاستيكية، والتعبئة والتغليف، والصناعات الغذائية والتحويل الزراعي. وقال إن مصر تمتلك نموذجا ناجحا في صناعة الورق والكرتون، يتمثل في وجود نحو ألف مصنع معني بإعادة تدوير الكرتون المستهلك، وهو ما يعد نموذجا فعالا للاقتصاد الدائري، ويسهم في توفير آلاف فرص العمل. ومصر قادرة على خلق قيمة مضافة كبيرة من خلال بعض الصناعات الغذائية والتحويلية، مثل صناعة الطماطم المجففة، أو عصائر الفواكه، أو الخضروات المجمدة، التي يمكن حفظها وتصديرها بسهولة، وتحقق عائدا اقتصاديًا أعلى بكثير من تصدير المواد الخام. ـ القطاع الخاص مستعد للمشاركة بشرط توفير بيئة محفزة وتيسيرات تنظيمية : قال خالد أبو المكارم، رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية، ورئيس مجلس إدارة شركة مكارم تكس، إن القطاع الصناعي يتابع باهتمام كبير الدعم السياسي المتزايد لتوطين الصناعات الإستراتيجية، مؤكدا أن هذا التوجه يمثل فرصة حقيقية أمام القطاع الخاص للتوسع محليا وتعزيز دوره في الاقتصاد الوطني . أوضح أن القطاع الخاص لديه القدرة على المساهمة الفعالة في تنفيذ إستراتيجية التوطين الصناعي، مشيرا إلى أن ذلك يتطلب تهيئة بيئة جاذبة تشمل حوافز تمويلية، وتيسيرات تنظيمية، وتوفير بنية تحتية مناسبة. وأضاف أن البنية التحتية في مصر شهدت تطورا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، إلا أن بعض الصناعات الثقيلة مثل البتروكيماويات والتعدين لا تزال تحتاج إلى تقنيات متقدمة، واستثمارات ضخمة، إلى جانب توافر الكوادر البشرية المؤهلة لتشغيل هذه المصانع المتطورة. ورغم توافر الكفاءات المصرية، إلا أن هناك فجوة واضحة في مجالات التدريب والمهارات الفنية الدقيقة المطلوبة لتشغيل المصانع التكنولوجية الحديثة، وهو ما يستوجب التعاون بين الدولة والقطاع الخاص في تنفيذ برامج تدريب متخصصة" . وحول قدرة القطاع المصرفي على دعم مشروعات التوطين الصناعي، أوضح أبو المكارم أن التمويل ما زال يمثل تحديا رئيسيا، مشيرا إلى أهمية إيجاد أدوات تمويل مبتكرة ومرنة، تراعي طبيعة هذه المشروعات التي تتطلب استثمارات طويلة الأجل. وأكد أن شركته تدرس بالفعل الدخول في شراكات دولية ومحلية خلال الفترة المقبلة، من أجل تعظيم الاستفادة من الخبرات والتقنيات العالمية، وضمان سرعة التنفيذ والكفاءة التشغيلية.
ونوه إلى أن السوق المحلية للبتروكيماويات واعدة، وتملك فرصا كبيرة للنمو، لافتا إلى أن التوسع في الإنتاج المحلي لن يضر بالصادرات، بل يعزز القيمة المضافة ويزيد من فرص التصدير للمنتجات النهائية بدلا من المواد الخام . وفيما يخص رؤية الدولة في قطاع التعدين، أشاد أبو المكارم بالجهود المبذولة حاليا لاستغلال الثروات الطبيعية، معتبرا أن هناك فرصا واعدة لا تزال بحاجة إلى استكشاف وتنقيب مدروس، خاصة في مناطق مثل الصحراء الشرقية وسيناء. وأعرب عن أمله في أن تشهد الفترة المقبلة تحسينا في الإطار التشريعي المرتبط بأنشطة التعدين، من خلال تبسيط إجراءات التراخيص، وتحفيز المستثمرين عبر منح مزايا واضحة تشجع على ضخ رؤوس أموال جديدة في هذا القطاع الحيوي.
ونبه أبو المكارم إلي أهمية تكامل الجهود بين الدولة والقطاع الخاص، ودعم كل المبادرات التي من شأنها تحويل مصر إلى مركز صناعي إقليمي في الصناعات الإستراتيجية. وفرص واعدة للتعدين بالصحراء الشرقية وسيناء تحتاج إلى استكشاف منظم
|
|||||||||||||||