تحليلات
كتب فاطيمة طيبى 12 أغسطس 2025 4:19 م - التعليقات أسعار الأسمنت.. بين الحفاظ على ربحية الشركات ومطالب خفض التكاليف اعداد ـ فاطيمة طيبي يعتبر الأسمنت سلعة إستراتيجية يعتمد عليها قطاع البناء والتشييد بصورة أساسية، وأي تغير في أسعاره يؤثر بشكل مباشر على تكاليف المشروعات. ومؤخرا شهد سعر الأسمنت ارتفاعات متتالية وصلت إلى 4400 جنيه قبل أن ينخفض إلى 3900 و4200 جنيه حاليا، بعد أن كان يتراوح بين 2000 و2500 جنيه للطن. ورغم قرار وزارة الصناعة بتعليق خفض الإنتاج للمصانع وإعادة تشغيل خطوط الإنتاج بكامل طاقتها، إلا أن الأسعار لم تنخفض بالشكل الملحوظ حتى الآن، ما دعا البعض للمطالبة بسرعة تشغيل الخطوط حتى نشهد انخفاضا تدريجيا في الأسعار خلال 3 إلى 4 أشهر. ويرى البعض أن زيادات أسعار الأسمنت كانت منطقية في ظل التضخم وارتفاع تكلفة الوقود والنقل والعمالة، بينما يطالب آخرون بمعاملة السوق المحلية بنفس معاملة التصدير الذي يصل سعر الطن فيه إلى 50 دولارا، أي نحو 2500 جنيه. على الجانب الآخر، يؤكد المقاولون أن ارتفاع الأسمنت يؤثر على تكاليف المشروعات، وعند احتساب فروق الأسعار مع الدولة، وبالتالي يجب تدخل الحكومة لحل هذه المشكلة وضبط السوق. ـ زيادات الأسعار منطقية نتيجة التضخم وغلاء الوقود والخامات : ـ حركة طلب غير متوقعة كانت السبب الرئيسي للاضطراب النسبي بالسوق ... قال أحمد شيرين، رئيس شعبة الأسمنت بغرفة صناعة مواد البناء باتحاد الصناعات المصرية، إن الأسمنت سلعة إستراتيجية والتغيرات السعرية فيها تتم بناء على العرض والطلب بشكل واضح وملحوظ. أضاف شيرين أن ارتفاع أسعار الأسمنت مرتبط بعدد من العوامل، تبدأ من محاجر الأسمنت التي يتم شراء الخام منها بتكلفة مرتفعة، ثم الوقود وارتفاع أسعار الطاقة، فضلا عن تكاليف النقل . وأوضح رئيس شعبة الأسمنت بغرفة صناعة مواد البناء باتحاد الصناعات المصرية، أن العنصر الأهم هو مدى توافر المنتج في السوق المحلية من عدمه، وطالما أن الأسمنت متوفر ولا توجد تأخيرات في وصوله للعملاء، فإن ذلك يعني أن الكميات المعروضة منه تساوي أو تزيد على المطلوبة. ولفت إلى أن الاضطراب النسبي الذي شهدته السوق المحلية خلال مارس وأبريل ومايو جاء بسبب حركة طلب غير متوقعة في هذه الفترة من السنة، والتي تعد مواسم منخفضة في استهلاك الأسمنت، بالإضافة إلى الطلب غير الطبيعي على الأسمنت السائب غير المعبأ من المشروعات الكبرى التي يتم تنفيذها، ويشكل عادة 25% من إجمالي السوق، لكن ما حدث من زيادة مفاجئة في الطلب، أدى إلى وصول النسبة إلى 35% وارتفاع سعره عن المعبأ رغم أن المعتاد هو ارتفاع المعبأ بسبب تكلفة التعبئة. وأشار إلى أن هذا الطلب أدى إلى الضغط على أساطيل النقل وتأخيرات في وصول المنتج إلى العملاء، لكن تم تدارك الأمر وحل المشكلة سريعا. كما ان تحديد سعر الأسمنت مسألة معقدة، ولا نستطيع تحديده بسهولة، لأن هناك أنواعا عديدة للأسمنت يتم إنتاجها من شركات متعددة، وكل شركة لها سياستها التسويقية الخاصة بها، وكل نوع يندرج تحته أنواع أخرى بمواصفات مختلفة، وكل مواصفة بها تفاوت في السعر من الممكن أن يصل إلى 400 و500 جنيه، كما أن تكلفة النقل وبعد المسافة تعتبر عاملا مؤثرا في تحديد السعر، لأن نقل الأسمنت من حلوان إلى القليوبية يختلف عن المنوفية وهكذا . وأوضح رئيس شعبة الأسمنت بغرفة صناعة مواد البناء باتحاد الصناعات المصرية، أن وصول الأسمنت إلى 3800 جنيه مقارنة بـ 2500 جنيه منذ عام تقريبا، تعتبر زيادة منطقية جدا، إذا أخذنا في الاعتبار مستويات التضخم المرتفعة، وتأثير ارتفاع الوقود على السعر بنسبة لا تقل عن 15%، والتي يتبعها زيادة في تكلفة النقل والعمالة وغيرها من العناصر الأخرى. ـ تصدير الطن بـ50 دولارا حفاظًا على التواجد والمنافسة خارجيا : وفيما يتعلق بتصدير الأسمنت بـ50 دولارا للطن أي 2500 جنيه، قال شيرين إن سعر أي سلعة يتم تصديرها عادة ما يكون أقل من السعر المحلي، مراعاة للتسعير في الدولة التي يتم التصدير إليها، وحرصا على التواجد في هذه الدولة والمنافسة مع الدول الأخرى، فإذا كان الأسمنت يباع في الولايات المتحدة مثلا بـ 50 دولارا وتقوم البرازيل أو الجزائر أو غيرها من الدول بتصدير الأسمنت إليها بهذا السعر، فلا يصح أن تقوم مصر بتصدير الطن بأكثر من 50 دولارا، حتى تحافظ على تواجدها في سوق التصدير وتنافس الدول الأخرى. وذكر أن مصر تستطيع إنتاج 80 مليون طن أسمنت سنويا، تستهلك 50 مليونا منها، أي إن الفائض يصل إلى 30 مليون طن، وقد تم الاتفاق مع الجهات الحكومية على أن تكون الأولوية لتلبية احتياجات السوق المحلية ثم التصدير، ولذلك فإن تصدير الشركات للطن بـ 50 دولارا يكون من الفائض بعد تلبية احتياجات السوق المحلية. واختتم بالتأكيد على أنه لا يمكن حصر التأثيرات السلبية على القطاع العقاري والمقاولات في ارتفاع أسعار الأسمنت فقط، لأن هناك عوامل أخرى تؤثر على هذه القطاعات، منها ارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء الأخرى وأجور العمالة وغيرها. ـ رئيس شعبة مواد البناء: محاولة الشركات تعظيم أرباحها وراء عدم تراجع أسعار الأسمنت : ـ 3900 جنيه أقل سعر في السوق.. وننتظر انخفاضا تدريجيا خلال 4 أشهر... قال أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية، إن أقل سعر لطن الأسمنت الخاص بالخرسانة المسلحة في مصر حاليا 3900 جنيه، ويصل إلى 4300 جنيه. أضاف الزيني أن السبب الرئيسي لعدم تراجع أسعار الأسمنت رغم قرار تعليق خفض الإنتاج هو محاولة الشركات تعظيم أرباحها، كما أن خطوط الإنتاج المتوقفة لم تعمل بكامل طاقتها حتى الآن، مشيرا إلى أن الأسعار ستنخفض ولكن تدريجيا خلال 3 إلى 4 أشهر. ـ السعر المناسب يتراوح بين 3200 إلى 3500 جنيه بإضافة الضرائب والنقل: أوضح رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية، أن الشركات تقوم بتصدير الأسمنت بقيمة 50 دولارا للطن أي 2500 جنيه، ولذلك نطالبهم بمعاملة السوق المحلية بنفس السعر مع زيادة ضريبة القيمة المضافة، أي يصل إلى المستهلك في النهاية بقيمة تتراوح بين 3200 و3500 جنيه، بعد إضافة تكاليف النقل أيضا. كما ان تصدير الشركات للطن بـ 50 دولارا يعني أن هذا السعر يحقق لها ربحية جيدة، وبالتالي تكلفة إنتاج الطن بالتأكيد تقل عن 2500 جنيه، ولذلك فإن السعر المناسب للبيع محليا لا يزيد على 3500 جنيه بعد إضافة التكاليف الأخرى، وبما يحقق هوامش ربحية للشركات في الوقت نفسه. وأكد رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية، أن المتضرر الأكبر من ارتفاع أسعار الأسمنت المستهلك الفرد الذي يقوم بالبناء على أرضه أو يرفع عدد أدوار منزله، لكن المطورين العقاريين أو شركات المقاولات تقوم بترحيل الزيادة إلى المشتري أو العميل. وفيما يتعلق بإمكانية وضع ضوابط تسعير للأسمنت، قال الزيني إنه لا يمكن القيام بذلك، وفرض الضوابط على الشركات، لأن السوق المصرية حرة وتعتمد على العرض والطلب، خاصة وأن ذلك يضر بالاستثمارات الأجنبية الموجودة حاليا والمستهدف جذبها خلال الفترة المقبلة. ـ نعاني فجوة في أسعار الأسمنت بين المصنع والمستهلك.. ونحتاج مراقبة الدولة للسوق: ـ تأثير على التكاليف واحتساب فروق الأسعار في العقود الحكومية ... وقال المهندس محمد لقمة، رئيس مجلس إدارة شركة ديتيلز للمقاولات والإنشاءات، إن شركات الأسمنت عادة عندما تريد رفع الأسعار منذ سنوات طويلة وليس الآن، تقوم بتعطيش السوق لمعرفة إلى أي مدى ستصل قدرة المستهلكين على الشراء. أضاف لقمة أنه مؤخرا تم تعطيش السوق حتى وصل السعر إلى 4400 جنيه للطن، ثم بدأ في الانخفاض حتى أصبح يتراوح بين 3900 و4200 جنيه. أوضح رئيس شركة ديتيلز للمقاولات والإنشاءات، أن سعر الطن في المصنع يصل إلى 2900 و3000 جنيه، بعدما كان 2000 جنيه قبل تعطيش السوق، لكن المشكلة تكمن في سعر البيع النهائي للعملاء والذي يصل إلى أكثر من 4000 جنيه كما ان السوق تقبل السعر عند 3000 جنيه، لكن حتى الآن هناك فجوة بين سعر البيع في المصانع وسعر البيع للمستهلك. وأشار إلى أن التجار يبحثون عن تحقيق أعلى هامش ربح في ظل انخفاض كميات الإنتاج من الشركات، فمن كان يبيع 1000 طن شهريا أصبح يبيع 500 فقط، ويبحث عن تحقيق هامش ربح مرتفع من هذه الكميات، ما يؤدي إلى زيادة السعر النهائي للأسمنت على المستهلك. وذكر لقمة، أن التأثير الأبرز على قطاع المقاولات من ارتفاع أسعار الأسمنت يتمثل في أن الدولة تتعامل بالسعر الرسمي في المصنع للأسمنت وليس السعر النهائي للمستهلك، وبالتالي عند تسديد فروق الأسعار للمقاولين لا يتم احتساب هذا الفارق الذي يصل إلى 800 جنيه في الطن، ما يزيد الأعباء المالية على المقاولين. ايضا أن نسبة مساهمة الأسمنت في أي منشأة تتراوح بين 4 إلى 5%، أي إن تكلفة الأسمنت في عقد قيمته مليون جنيه مثلًا تصل إلى 50 ألف جنيه، والتأثير يتحدد وفقًا لحجم وقيمة كل عقد.
وطالب رئيس مجلس إدارة شركة ديتيلز للمقاولات والإنشاءات، يأن يكون متوسط سعر الأسمنت في السوق المحلية مقاربا لمتوسط سعر التصدير. ولفت إلى أن بعض الدول المجاورة لمصر تقوم بتصدير طن الأسمنت بنحو 43 إلى 45 دولارا، وفي مصر يتم التصدير بـ 50 دولارا للطن. وأكد أن ارتفاع أسعار الأسمنت يؤثر على تكاليف المشروعات، فإذا كانت شركة أجرت دراسة جدوى لمشروع على أساس سعر الطن 2500 جنيه ثم اشترت الطن بـ 4000 جنيه، فإن تكلفة بند واحد فقط زادت بنسبة 70% تقريبا. واختتم قوله: "لا نحتاج إلى ضوابط لتسعير الأسمنت ولكننا نحتاج إلى تدخل الدولة في ضبط ومراقبة الأسواق، وخاصة جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، ووزارتي الصناعة والتجارة، وأن تكون مراقبا محايدا للفصل بين الأطراف في حالة نزاع " .
|
|||||||||||||||