تحليلات


كتب فاطيمة طيبى
24 أغسطس 2025 5:28 م
-
الحر القاتل يتحول إلى خطر مهني كارثي يهدد 2.4 مليار عامل بالعالم

الحر القاتل يتحول إلى خطر مهني كارثي  يهدد 2.4 مليار عامل بالعالم

 اعداد ـ فاطيمة طيبي

أكدت الأمم المتحدة   أن تأثير ارتفاع درجات الحرارة العالمية يزداد شدة على صحة العمال وإنتاجيتهم، داعية إلى اتخاذ إجراءات فورية لمواجهة مخاطر الإجهاد الحراري.

وأصدرت منظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، وهما وكالتان تابعتان للأمم المتحدة، تقريرا مشتركا الجمعة أكدتا فيه أن "هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة التأثير المتزايد للإجهاد الحراري على العمال في جميع أنحاء العالم".

ويحدث الإجهاد الحراري الناجم بشكل خاص عن التعرض الطويل للحرارة، عندما يعجز الجسم عن تبريد نفسه ما قد يؤدي إلى أعراض تتراوح بين الدوار والصداع، وصولا إلى فشل الأعضاء والوفاة.

وفقا لوكالة "فرانس برس" تستند توصياتهما إلى بيانات من منظمة العمل الدولية تشير إلى أن أكثر من 2.4 . مليار عامل حول العالم يتعرضون لدرجات حرارة مفرطة، أي ما يعادل 71% من القوى العاملة العالمية . ويسجل سنويا نتيجة لذلك أكثر من 22.85  مليون حادث عمل، إلى جانب نحو 19 ألف حالة وفاة.

وأشارت المنظمتان إلى أن وتيرة موجات الحرارة وشدتها ارتفعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ما زاد من المخاطر على الأشخاص سواء كانوا يعملون في الخارج أو في أماكن مغلقة.

وأشار التقرير إلى أن ضربات الشمس والجفاف واضطرابات الكلى والمشاكل العصبية تُعد من أبرز التأثيرات الصحية الناتجة عن التعرض للحرارة مع التأكيد على أن عمال الزراعة والبناء والصيد البحري هم الأكثر عرضة لهذه المخاطر.

ـ الإجهاد الحراري :

وقالت نائبة الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية كو باريت إن "الإجهاد الحراري في أماكن العمل بات يشكل تحديا مجتمعيا عالميا، ولم يعد مقتصرا على البلدان القريبة من خط الاستواء" وأضافت "حماية هؤلاء العمال لم تعد مجرد ضرورة صحية، بل أصبحت أيضا حاجة اقتصادية ملحة "  .

وفقا للوكالتين الأمميتين، تنخفض إنتاجية العمال بنسبة تتراوح بين 2 و3% مقابل كل درجة حرارة إضافية تزيد عن 20 درجة مئوية.

من جهته، قال رئيس قسم السلامة والصحة المهنية في منظمة العمل الدولية خواكيم بينتادو نونيس "من دون إجراءات جريئة ومنسقة سيصبح الإجهاد الحراري أحد أبرز المخاطر المهنية في عصرنا، مسببا خسائر فادحة في الأرواح والإنتاجية ". وتابع خلال مؤتمر صحافي "الاستثمار في استراتيجيات فعالة للوقاية والحماية يمكن أن يوفر على العالم مليارات الدولارات سنويا ".

 ـ التكيف أو الموت :

ويوصي التقرير بإعطاء الأولوية للعمال متوسطي الأعمار والأكبر سنا، وكذلك لأولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة أو ضعف في اللياقة البدنية، لأنهم الأكثر عرضة للإجهاد الحراري. وينصح أيضا بضرورة تعاون العمال والنقابات وخبراء الصحة والسلطات المحلية لوضع تدابير مناسبة.

وأشار مسؤول البيئة وتغير المناخ في منظمة الصحة العالمية روديجر كريتش، إلى أن آخر تقرير وتوصيات عن الإجهاد الحراري في العمل كانت في العام 1969، "وهي فترة كان العالم فيها مختلفا جدا من حيث التغير المناخي . وأضاف  ما تغير هو شدة موجات الحر ، مشيرا إلى أن السنوات العشر الماضية كانت أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق.

وأكد مدير الخدمات في منظمة الصحة العالمية يوهان ستاندر "علينا أن نواجه موجات الحر الشديدة باعتبارها واقعا في المستقبل. إنها حقيقة بالنسبة للكثيرين: إما التكيّف أو الفناء”.

ـ رئيس مركز تغير المناخ في مصر يكشف أسباب موجة الحر وتأثيرها على الزراعة :

شهدت معظم محافظات مصر مؤخرا موجات حر شديدة أثارت تساؤلات حول أسباب هذا الارتفاع الحاد وتأثيره على القطاع الزراعي، عصب الأمن الغذائي القومي.

 كشف الدكتور محمد علي فهيم، رئيس مركز معلومات تغير المناخ، أسباب هذه الظواهر الجوية المتطرفة، وملامح التغيرات المناخية في مصر، وخطط المركز للتكيف مع تداعياتها، فضلا عن توصياته للمزارعين لمواجهة موجات الحر والبرد المتزايدة.

و أسباب ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق :

تشهد مصر في الأيام الأخيرة موجة حر غير مسبوقة، وصفت بأنها نتيجة مباشرة لما يعرف بـ"الكتل الهوائية الحارة دون انكسار"، وهي ظاهرة ترتبط بامتداد منخفضات جوية شبه استوائية قادمة من شبه الجزيرة العربية وشمال أفريقيا، بالتزامن مع ركود الرياح وضعف التهوية الجوية.  وهذه الظروف، إلى جانب تغيرات في نمط التيارات النفاثة في طبقات الجو العليا، أدت إلى حجز الكتل الحارة فوق الأراضي المصرية لفترات أطول من المعتاد.

وبحسب بيانات الرصد والتحليل الصادرة عن مركز معلومات تغير المناخ، فإن موجة الحر الأخيرة، التي تجاوزت خلالها درجات الحرارة حاجز الـ44 درجة مئوية في بعض المناطق، جاءت نتيجة تداخل عدة أنظمة جوية غير معتادة في هذا الوقت من العام، من أبرزها:

 ـ  امتداد المنخفض الهندي الموسمي المصحوب بكتل هوائية جافة شديدة السخونة.

 ـ ضعف ملحوظ في التيارات العلوية التي كانت تسهم في التبريد الطبيعي للأجواء.

 ـ تفاقم تأثير ظاهرة التذبذب الحراري (Thermal Oscillation) على نحو حاد ليلا ونهارا، ما تسبب في إجهاد حراري شديد للنباتات. كما رصد المركز خلال العقدين الماضيين مجموعة من الملامح المقلقة لتغير المناخ في مصر، من أبرزها:

ـ ارتفع المتوسط السنوي لدرجات الحرارة في مصر بنحو 0.4 ـ 0.6 درجة مئوية، ليصل خلال السنوات الخمس الأخيرة إلى 0.7 ـ 1.2 درجة فوق المعدلات الطبيعية، مع تزايد موجات الحر الشديدة والظواهر المناخية القصوى مثل السيول والعواصف الرملية والصقيع.

كما شهدت البلاد اختلالا في التوزيع المطري أثر على محاصيل حساسة كالزيتون والمانجو، وتغيرا في توقيتات المواسم الزراعية أضر بمحاصيل استراتيجية كالقمح والذرة والطماطم والبطيخ، إضافة إلى اتساع الفجوات الحرارية اليومية مما انعكس سلبا على العقد والإزهار.

ـ كيف يتعامل مركز معلومات تغير المناخ مع التحديات المناخية المتزايدة؟ وهل هناك خطط أو استراتيجيات محددة للتكيّف مع هذه التغيرات؟ :

يعتمد مركز معلومات تغير المناخ منهجية "الاستباق والتكيف" في مواجهة التغيرات المناخية، بهدف تقليل الخسائر وتعزيز القدرة على التكيف في القطاع الزراعي. يشمل هذا النهج تشغيل نظام وطني للإنذار المبكر الزراعي والمناخي يغطي جميع محافظات مصر، ما يتيح رصد الظواهر الجوية المتطرفة قبل وقوعها وإبلاغ المزارعين في الوقت المناسب.

كما يعمل المركز على إعداد سيناريوهات مناخية طويلة الأجل وتقديرات دقيقة للمخاطر المناخية على القطاعات الزراعية المختلفة، إلى جانب تطوير حزم توصيات مبكرة أسبوعية وشهرية للمزارعين، بناءً على بيانات الرصد المناخي المحلي، لمساعدتهم على اتخاذ قرارات زراعية أكثر فاعلية.

كما تتمتع مصر بتنسيق مباشر ومستمر مع عدد من الجهات الدولية المعنية بقضايا المناخ والزراعة، من بينها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC).

وأسهمت هذه الشراكات في دعم الجهود الوطنية لمواجهة تحديات التغير المناخي، وذلك من خلال تطوير خريطة المخاطر المناخية للمحاصيل على مستوى الجمهورية، بما يتيح تحديد المناطق الأكثر عرضة للتأثر واتخاذ التدابير الوقائية المناسبة. كما شملت أوجه التعاون تدريب الكوادر الفنية على أحدث التقنيات والأساليب العلمية في مجال التكيف مع التغيرات المناخية، مما يعزز قدرة القطاع الزراعي على الصمود أمام الظواهر الجوية المتطرفة.

 ـ أبرز التوصيات :

أصدر مركز معلومات تغير المناخ مجموعة من التوصيات العاجلة لمواجهة موجات الحر غير المعتادة، بهدف الحد من الخسائر وتقليل التأثيرات السلبية على المحاصيل.  وشملت هذه التوصيات تعديل مواعيد وأساليب الري، بحيث يتم الري في ساعات الفجر وقبل الغروب أو التحول إلى الري الليلي، لتقليل معدلات التبخر والحفاظ على الرطوبة حول النباتات.  كما أوصى المركز بتأخير مواعيد الزراعة لبعض المحاصيل الصيفية الحساسة مثل البطيخ والذرة، وتقليل التسميد الأزوتي مؤقتا خلال فترات الحرارة الشديدة.

وأكدت التوصيات على أهمية استخدام مستخلصات طبيعية مضادة للإجهاد الحراري، وتوفير التظليل المؤقت للنباتات الصغيرة أو داخل الصوب والمحميات، للحد من الضرر الناتج عن الإشعاع الشمسي المباشر.

وتتم متابعة التزام المزارعين بتنفيذ هذه الإرشادات عبر فرق الإرشاد المناخي والمناوبات الميدانية، إلى جانب شبكة من الباحثين الميدانيين، وتطبيقات للتواصل المباشر مع الجمعيات الزراعية، فضلًا عن حملات تفتيشية وتقييمات إنتاجية موسمية. ويتم رفع تقارير أسبوعية لتقييم أثر هذه الإجراءات على المحاصيل وجودتها.

 


أخبار مرتبطة
 
3 سبتمبر 2025 4:24 مالأمن المائي المستدام.. قضية وجودية على طاولة حلول "تريندز"3 سبتمبر 2025 12:37 مالبنك المركزي يرفع أرصدته من الذهب بقيمة 4.3 مليار دولار في عام1 سبتمبر 2025 4:51 مالتعاون الاقتصادي في شنغهاي.. الصين وشركاؤها يرسخون أسس النمو المستدام31 أغسطس 2025 1:20 م"تيانجبن": استقبال الرئيس الصيني لرئيس الوزراء وتاكيد دعمه لاستمرارعمل الشركات الصينية بالسوق المصرية27 أغسطس 2025 4:16 ممستثمرون عقاريون: تأثيرات سلبية لقرارات سحب الأراضي والرسوم الإضافية26 أغسطس 2025 1:12 مهاني جنينة: عوامل داخلية وخارجية ترجح خفضا جريئا في سعر الفائدة25 أغسطس 2025 12:39 ممراهنة البنوك الكبرى على خفض حتمي للفائدة الأميركية في سبتمبر13 أغسطس 2025 4:14 ممستثمرون عقاريون: تحويل وحدة تنظيم السوق لكيان مستقل على غرار جهاز تنظيم الاتصالات12 أغسطس 2025 4:19 مأسعار الأسمنت.. بين الحفاظ على ربحية الشركات ومطالب خفض التكاليف11 أغسطس 2025 3:05 ممنتجون: لضمان نجاح البورصة السلعية يتطلب وجود ارصدة كافية وشفافية للآليات

التعليقات