أبحاث
كتب فاطيمة طيبى 17 سبتمبر 2025 4:47 م - التعليقات امكانية تخلى العالم عن الدولار.. والاحتياطي الفيدرالي بين مأزق التضخم وهروب المستثمرين للتحوط اعداد ـ فاطيمة طيبي وفق ما جاءت به صحيفة "فاينانشال تايمز" يتسابق المستثمرون الأجانب في الأصول الأميركية على التحوط من تعرضهم للدولار، في إشارة إلى ارتفاع القلق بشأن تأثير أجندة الرئيس دونالد ترمب على العملة العالمية الاولى . وللمرة الأولى منذ 4 سنوات، تجاوزت قيمة الاستثمارات المتحوطة في السندات والأسهم الأميركية قيمة الاستثمارات غير المتحوطة، وفقا لتحليل أجراه "دويتشه بنك"، عقب تحول حاد بدأ بعد انتخاب ترمب في نوفمبر الماضي 2024 . ـ الاستثمارات المتحوطة استراتيجية حما ية : والاستثمارات المتحوطة استراتيجية تهدف إلى حماية محفظة استثمارية من المخاطر المحتملة، وخصوصا تقلبات سعر صرف العملات الأجنبية. او بعبارة أخرى، هي طريقة للمستثمرين للاستفادة من أداء أصل معين (مثل الأسهم أو السندات) دون التعرض لمخاطر تغير قيمة العملة التي يتم تداول هذا الأصل من خلالها . وقال جورج سارافيلوس، المحلل الاستراتيجي في "دويتشه بنك": «قد يكون الأجانب قد عادوا لشراء الأصول الأميركية، ولكنهم لا يريدون التعرض للدولار الذي يأتي معها"، مضيفا أن هؤلاء المستثمرين يزيلون تعرضهم للدولار بوتيرة غير مسبوقة . هذا السلوك يفسر المفارقة الظاهرة في الأسواق الأميركية، منذ التراجع الحاد الذي أثارته إعلانات ترمب بفرض تعريفات جمركية في أبريل اذن كيف عادت أسهم "وول ستريت" بقوة دون أن يؤدي ذلك إلى تعاف في الدولار؟ . ـ زيادة التحوط تغذي ضعف الدولار: وفقا لتحليل "دويتشه بنك"، فإن نحو 80 % من الأموال التي تدفقت على صناديق المؤشرات المتداولة للأسهم الأميركية ذات الموطن الأجنبي، والتي تبلغ نحو 7 مليارات دولار خلال الأشهر الثلاثة الماضية، كانت على أساس متحوط. هذه النسبة كانت نحو 20 % فقط في بداية العام. هذا التحوط يعني أن المستثمرين يتعرضون فقط لتغير سعر الأصل، وليس لأي حركة بين الدولار وعملتهم المحلية، على الرغم من أنهم يدفعون ثمنا لهذا الامتياز. ويقول المحللون إن زيادة نشاط التحوط ساهمت في تراجع الدولار هذا العام بأكثر من 10% مقابل سلة من العملات الرئيسية، بما في ذلك اليورو والجنيه الإسترليني. وقد دفع هذا الانخفاض اليورو لتجاوز 1.18 دولار الثلاثاء السادس عشر من سيتمبر الحالي، مسجلا أعلى مستوى له في 4 سنوات. ويقول مديرو الصناديق، إن العملاء حريصون على الاحتفاظ بتعرضهم للأسهم الأميركية وسط "طفرة الذكاء الاصطناعي"، ولكنهم أقل استعدادا لتحمل مخاطر الدولار. ـ لحظة تحوط ضد الدولار : وأظهر مسح أجراه "بنك أوف أميركا" لمديري الصناديق العالميين في سبتمبر أن 38% من المستثمرين يتطلعون إلى زيادة مراكز التحوط ضد ضعف الدولار، مقارنة بـ2 % فقط يبحثون عن التحوط ضد قوته. وقالت ميرا تشاندان، الرئيسة المشاركة لاستراتيجية العملات العالمية في "جيه بي مورجان": "إنها ليست لحظة (بيع أميركا)... إنها لحظة (تحوط ضد الدولار)". وأضافت أن البيانات الاقتصادية الضعيفة التي قد تدفع الدولار إلى ما دون نطاق تداوله الأخير، قد تثير موجة جديدة من التحوط، وأن تدفقات التحوط ستزيد من حدة تراجع الدولار . وعلى الرغم من أن مستثمري السندات عادة ما يحاولون تحوط مخاطر العملات لتجنب تقلبات كبيرة في عوائد استثمارات يفترض أنها منخفضة المخاطر، فإن هذا الأمر كان أقل شيوعا بين مستثمري الأسهم. لكن هذه العلاقة تغيرت هذا العام مع تراجع الدولار، بسبب المخاوف بشأن الاقتصاد الأميركي وسياسات ترمب. فبينما ارتفع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" للأسهم الأميركية بنسبة 12 % بالدولار هذا العام، فإنه انخفض بنسبة 2 % باليورو. وقال تشارلز- هنري مونشاو، كبير مسؤولي الاستثمار في بنك "إس واي زد غروب" السويسري الخاص، إنه تحول إلى وضع متحوط بالكامل مقابل الدولار في أسهم أميركا في مارس من هذا العام. وأوضح أن هذا كان "قرارا جيوسياسيا "؛ مشيرا إلى تصريحات ترمب المناهضة للدولار القوي، وأضاف: "الأمور مختلفة هذا العام. هذا العام أنت بحاجة إلى التحوط". ـ تأثير أسعار الفائدة الأمريكية على التضخم والقروض: تعتبر أسعار الفائدة الأمريكية الأداة الأبرز في إدارة الاقتصاد ومواجهة التضخم، فرغم أن العلاقة بين الفائدة والتضخم قد تبدو معقدة، إلا أنها تقوم في الأساس على مبدأ عكسي، فكلما ارتفعت الفائدة تراجع التضخم، والعكس صحيح. ويرى الخبراء إن التضخم يعني استمرار ارتفاع الأسعار بشكل يضعف القوة الشرائية للأفراد ويؤثر على استقرار الاقتصاد، وعندما يقرر الفيدرالي الأمريكي رفع أسعار الفائدة، فإن تكلفة الاقتراض على الأفراد والشركات تصبح أعلى. كما أن هذا ينعكس في انخفاض طلب المستهلكين على القروض العقارية والاستهلاكية، وكذلك إحجام الشركات عن التوسع عبر تمويلات مرتفعة التكلفة، ومع تراجع الطلب الكلي في السوق، يبدأ التضخم في التباطؤ تدريجيا حتى يقترب من المستويات المستهدفة . ايضا أن رفع الفائدة يدفع البنوك التجارية إلى زيادة تكلفة القروض، سواء على الرهون العقارية أو قروض السيارات أو بطاقات الائتمان، لذلك يميل المستهلكون إلى تقليص إنفاقهم، بينما تعيد الشركات النظر في قرارات الاستثمار. هذا الانكماش النسبي في الطلب يقلل من الضغوط السعرية، وفي الوقت ذاته، فإن ارتفاع الفائدة يجذب الاستثمارات الأجنبية نحو السندات الأمريكية، ما يقوي الدولار ويجعل الواردات أرخص بالنسبة للمستهلكين، وبالتالي يساهم في تخفيف التضخم المستورد. ـ التضخم و الانفاق مشكلة الاحتياطي الفيدرالي الصعبة: ظل مقياس التضخم المفضل لدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي ثابتا في الغالب الشهر الماضي على الرغم من الرسوم الجمركية واسعة النطاق التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، لكن مقياس التضخم الأساسي ارتفع. استقر مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي في أمريكا في يوليو ، وهو مقياس رئيسي للتضخم يستخدمه الاحتياطي الفيدرالي لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة، وفقا لبيانات جديدة صادرة عن وزارة التجارة. ارتفعت الأسعار في جميع أنحاء الولايات المتحدة بمعدل سنوي قدره 2.6% الشهر يوليو2025 ، وهو نفس معدل يونيو ، ومتماشيا مع توقعات الاقتصاديين. وفقا لـ"cbsnews"، ارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني فئات الغذاء والطاقة الأكثر تقلبا، بنسبة 2.9% مقارنة بالعام الماضي 2024 ، بزيادة طفيفة عن معدل يونيو البالغ 2.8%، وهو أعلى مستوى له منذ فبراير، وفقا للتقرير. كما توضح هذه الأرقام سبب حذر العديد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي من خفض سعر الفائدة القياسي. ففي حين أن التضخم أقل بكثير من ذروته البالغة 7% تقريبا التي بلغها قبل ثلاث سنوات، فإنه لا يزال أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2% . في الوقت نفسه، أظهر التقرير أن إنفاق المستهلكين ارتفع بنسبة 0.5% من يونيو إلى يوليو ، وهي أكبر زيادة منذ مارس ، مما يشير إلى أن الأمريكيين لا يتراجعون عن مشترياتهم، على الرغم من حالة عدم اليقين الاقتصادي الوشيكة. كما قفز الإنفاق بشكل حاد على السلع المعمرة مثل السيارات والأجهزة والأثاث، والتي يتم استيراد الكثير منها. قال هاري تشامبرز، الخبير الاقتصادي المساعد في كابيتال إيكونوميكس، في مذكرة بحثية إن ارتفاع مؤشر التضخم الأساسي يعزى إلى ارتفاع الخدمات الأساسية، التي ارتفعت بنسبة 0.3% على أساس شهري. وأشار إلى أن ذلك يشير إلى أن الرسوم الجمركية "لها تأثير ضئيل على أسعار السلع" . وأظهر التقرير ارتفاع الدخل بنسبة 0.4% على أساس شهري، مدعوما بارتفاع كبير في الأجور والرواتب. وقال صامويل تومبس، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في بانثيون ماكرو إيكونوميكس، في تقرير: "ما زلنا نتوقع أن يبلغ تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي ذروته عند 3.3% مع مطلع العام، قبل أن يتراجع إلى حوالي 2.5% بحلول نهاية عام 2026" . وألمح رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في خطابه في جاكسون هول في وقت سابق من هذا الشهر إلى أن صانعي السياسات من المرجح أن يخفضوا سعر الفائدة قصير الأجل لأول مرة في ديسمبر 2024. لكن من المتوقع أن يتوخى صانعو السياسات الحذر، في حين أكد باول أن أي تخفيضات مستقبلية في أسعار الفائدة ستعتمد على مسار التضخم . صرحت إيلين زينتنر، كبيرة الاستراتيجيين الاقتصاديين في مورجان ستانلي لإدارة الثروات، في رسالة بريد إلكتروني الجمعة التاسع والسرين من شهر اغسطس الماضي : "سيبقي مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) المتوافق مع التوقعات اليوم التركيز على سوق العمل". وأضافت: "في الوقت الحالي، لا تزال الاحتمالات ترجح خفضا في سبتمبر ". عندما يخفض الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة المرجعي، فإنه غالبا وإن لم يكن دائما يخفض تكاليف الاقتراض لأشياء مثل الرهن العقاري وقروض السيارات والاقتراض التجاري. من ناحية أخرى، قد يؤدي ذلك إلى تضخم إذا نما الاقتصاد بسرعة كبيرة. ومنذ أوائل هذا العام، دأب الرئيس الأمريك دونالد ترامب على الضغط على باول والاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، واصفا إياه بأنه "متأخر جدا" و"أحمق"، ومجادلا بأنه "لا يوجد تضخم". وسعى ايضا إلى إقالة ليزا كوك، عضوة مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي، في محاولة لفرض سيطرة أكبر على البنك المركزي. ـ اجتماع الفيدرالي.. الغير مسبوق في التاريخ الأمريكي : من المقرر أن يختتم مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي الأربعاء 17 من سبتمبر 2025 اجتماعهم اليوم بإعلان قرار الفائدة المرتقب، في حدث وصف بأنه نسخة غير مسبوقة في تاريخ اجتماعات المركزي الأمريكي. ويشهد الاجتماع لأول مرة وجود اثنين من أعضاء مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي لم يتأكد وجودهما إلا قبل ساعات فقط من الانعقاد، فقد أدى الأول اليمين الدستورية كمحافظ قبل أقل من ساعة من بدء الاجتماع، فيما حضرت الثانية فقط لأن محكمة الاستئناف قضت لصالحها في اللحظة الأخيرة، لذا، فالأمر غير معتاد. والمحافظان هما ستيفن ميران المرشح من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والذي أدى قسمه قبل ساعات معدودة من اجتماع مجلس إدارة البنك، وليزا كوك التي تحاول إدارة ترامب طردها من منصبها وتتمسك به ليزا بحكم محكمة. وتمت الموافقة على تولي ستيفن ميران منصبه ، أما ليزا كوك، فقد أمضت الأيام القليلة الماضية في الدفاع عن حقها في المشاركة بعد مقاضاة الرئيس ترامب لمحاولته عزلها. وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، للثنائي حق التصويت على أسعار الفائدة ا الأربعاء 17 سبتمبر ، وسيفعل ميران ذلك على الرغم من غيابه عن جميع جلسات الإحاطة السابقة للاجتماع. وقد اضطرت كوك إلى الموازنة بين تحضيراتها ومتابعتها لدعواها القضائية، حيث حققت انتصارا جديدا، حيث أوقفت محكمة الاستئناف الفيدرالية قرار محكمة أدنى درجة بمنع ترامب من عزلها. وتعكس ديناميكيات الاجتماع الذي انطلق في 16 سبتمبر ويختتم 17 من سبتمبر الظروف غير العادية التي أحاطت بالبنك المركزي، حيث سعى الرئيس ترامب إلى انتزاع المزيد من السيطرة على المؤسسة في وقت يتخذ فيه صانعو السياسات قرارات صعبة للغاية بشأن أسعار الفائدة. ـ توقعات نتائج اجتماع الفيدرالي : من المتوقع أن يخفض المسؤولون أسعار الفائدة لأول مرة منذ 9 أشهر، سعيا لدعم سوق العمل على الرغم من مؤشرات تصاعد الضغوط التضخمية. ومن المرجح أن يقرر صانعو السياسات خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية (25 نقطة أساس)، مما سيخفضها إلى نطاق جديد يتراوح بين 4% و4.25% . لكن من المرجح أن تضيف حملة الضغط التي يشنها البيت الأبيض مزيدا من الغموض إلى النقاش حول سرعة انخفاض أسعار الفائدة بعد ذلك. وأحد الأمور المجهولة الرئيسية هو مدى حماس ميران، الذي ينظر إليه على أنه منسجم مع الرئيس بشأن الاقتصاد، للضغط من أجل التخفيضات الحادة في أسعار الفائدة التي طالب بها ترامب مرارا. وبصفته رئيسا لمجلس المستشارين الاقتصاديين بإدارة ترامب، كرر ميران مرارا وتكرارا العديد من آراء الرئيس، بما في ذلك أنّ الرسوم الجمركية ليست تضخمية. وخلال جلسة تأكيد تعيينه، قال ميران إنه يدعم قدرة البنك المركزي على اتخاذ قرارات سياسية بمعزل عن التأثير السياسي، وأكد أنه سيسترشد "بتحليله للاقتصاد الكلي وما هو الأفضل لرعايته على المدى الطويل " . ـ مخاوف من دور "ميران": وبحسب نيويورك تايمز، فإن قرار ميران بأخذ إجازة مؤقتة فقط بدلا من الاستقالة من منصبه في البيت الأبيض أثناء خدمته في الاحتياطي الفيدرالي أثار مخاوف من أنه سيكون مدينا للرئيس ترامب، الذي من المفترض نظريا أن يظل رئيسه. ويتخذ قرارات أسعار الفائدة في الاحتياطي الفيدرالي من قبل جميع أعضاء مجلس المحافظين السبعة، بالإضافة إلى مجموعة متناوبة من خمسة رؤساء من بنوك الاحتياطي الإقليمية، مما يحد من تأثير صانع سياسة منفرد. لكن ستتاح لميران فرصة التأثير على نقاش الاحتياطي الفيدرالي حول أسعار الفائدة منذ البداية. ومن المرجح أن يعارض تصويت البنك المركزي مفضلا خفض أسعار الفائدة بشكل أكبر مما يستعد المسؤولون حاليا لدعمه. وقد تنضم إليه ميشيل دبليو بومان، التي رقاها ترامب لمنصب نائب رئيس مجلس الإدارة لشؤون الإشراف هذا العام. وفي يوليو ، سبق لها أن عارضت قرار الاحتياطي الفيدرالي بالإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة، مفضلةً خفضها بمقدار ربع نقطة مئوية.
|
||||||||||