أبحاث
كتب فاطيمة طيبى 19 أكتوبر 2025 3:53 م - التعليقات الشركات الفرنسية في مواجهة شبح الشلل الاقتصادي والثمن يدفعه الجميع اعداد ـ فاطيمة طيبي بينما تتخبط الحكومة الفرنسية الجديدة في متاهة المفاوضات مع المعارضة حول ميزانية الدولة، تتصاعد مخاوف كبرى الشركات من أن تتحول إلى الضحية الأولى للحسابات السياسية والمالية. فبعد أن ساهمت في سد عجز الميزانية من خلال "مساهمة استثنائية" في 2024 ، تجد هذه الشركات نفسها اليوم في قلب عاصفة تهدد بمزيد من الضرائب، إلغاء الامتيازات، وتقليص الحوافز التي اعتادت الاعتماد عليها. فهل نحن أمام مواجهة حتمية بين عالم الأعمال والدولة؟. ـ تهديدات بانتفاضة أرباب العمل : وقالت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية إنه "في خضم الإضرابات المتصاعدة بقطاع النقل والمفاوضات العسيرة في قصر رئاسة الوزراء "ماتينيون"، لم يتردد قادة الأعمال في رفع الصوت، موضحة أن رئيس منظمة أرباب العمل (Medef) باتريك مارتن حذر صراحة: "إذا ارتفعت الضرائب، فستكون هناك تعبئة كبرى لأرباب العمل". أما فيليب دورنانو، رئيس مجموعة "سيسلي" ورئيس اتحاد شركات الصناعات المتوسطة (Meti)، فقد عبر عن قلقه من تآكل المكاسب التنافسية التي حققتها فرنسا في عهد هولاند وماكرون، مؤكدا أن ارتفاع تكاليف الإنتاج والضرائب يعيد البلاد خطوات إلى الوراء مقارنة بجيرانها الأوروبيين، وفقا للصحيفة الفرنسية. ـ حكومة جديدة وضباب مالي كثيف : وأشارت "لوفيجارو" إلى انه منذ سقوط حكومة بايرو، التي كانت تطمئن رجال الأعمال إلى أن "المساهمة الاستثنائية" (8 مليارات يورو في 2025) لن تتكرر، تغير المشهد جذريا. وأوضحت أن وصول سيربستيان لوكورنو إلى رئاسة الحكومة زاد المخاوف، خاصة أن المعارضة الاشتراكية، التي تمثل الأمل الأكبر لتجنب حجب الثقة، تشترط "تنازلات رمزية" تثقل كاهل الشركات . في هذا السياق، يلوح في الأفق خطر "شلل اقتصادي" قد يتفاقم مع اقتراب التصويت على ميزانية غير محسومة المصير. وكانت وزارة المالية الفرنسية (بيرسي) قد أعدت قائمة إجراءات جاهزة أهمها؛ إلغاء أو تقليص الامتيازات الضريبية الممنوحة للشركات، ورفع الحد الأدنى لضريبة القيمة المضافة للمستقلين إلى 37500 يورو (44186.9 دولار)، مع استثناء لقطاع البناء، واقتطاع جديد من ميزة الاستثمار في الشركات الناشئة والمتوسطة (PME)، وضريبة على المزايا الاجتماعية التي يقدمها أرباب العمل (كالقسائم الغذائية والشيكات السياحية)، بعائد يقدر بمليار يورو (1.2 مليار دولار) . لكن هذه ليست سوى البداية الحزب الاشتراكي يقترح إجراءات أشد وطأة، منها: إعادة النظر في الائتمان الضريبي للبحث العلمي (CIR) البالغ 7.7 مليارات يورو سنويا (9.1 مليار دولار)، وتقليص امتيازات "اتفاقية دوتريل" الخاصة بنقل الشركات العائلية، وإصلاح الحوافز المرتبطة بخدمات الأفراد. ـ فواتير ثقيلة للمناقشة : وفي مشروع موز للميزانية، يطرح الحزب الاشتراكي رزمة جديدة من الضرائب، أبرزها: ـ ـ ضريبة زوكمان (15 مليار يورو أو ما يعادل 17.7 مليار دولار) ـ إصلاح ضريبة الأرباح وتوزيعات الأسهم (4 مليارات يورو أو ما يعادل 4.7 مليار دولار) . ـ وإعادة هيكلة الإعفاءات الاجتماعية (3 مليارات يورو أو ما يعادل 3.5 مليار دولار) . مجتمعة، قد تفرض هذه الإجراءات على الشركات فاتورة تتجاوز 20 مليار يورو (23.6 مليار دولار)، في وقت تعاني فيه من تباطؤ عالمي وتداعيات الحروب التجارية والركود الصيني. ـ سيناريوهات صعبة أمام الحكومة : لوكورنو تخلى بالفعل عن بعض مقترحات حكومة بايرو، مثل إلغاء يومين عطلة رسمية (كان يفترض أن يوفر 4 مليارات يورو). لكن من دون إجراءات بديلة قوية، تبقى المعادلة المالية غير متوازنة. ومع ضغط الأسواق من جهة، ومطالب المعارضة من جهة أخرى، يبدو أن الحكومة عالقة بين مطرقة الاشتراكيين وسندان الدائنين. فرنسا تقف على مفترق طرق اقتصادي حساس: أي تنازلات للمعارضة قد تتحول إلى عبء إضافي على الشركات، بينما أي محاولة لتخفيف الضغط عن عالم الأعمال قد تعرض الحكومة لمخاطر سياسية ومؤسساتية. في النهاية، قد يكون الثمن "شللا اقتصاديا" يدفعه الجميع: الحكومة، رجال الأعمال، والعمال على حد سواء .. ـ ميزانية فرنسا تترقب المصادقة في ظل حكومة هشة : الحكومة الفرنسية الجديدة برئاسة سيبستيان لوكورنوعرضت في 14 من اكتوبر مشروع الميزانية للعام 2026 مع خفض إجراءات التقشف لتصحيح أوضاع المالية العامة من أجل كسب ود برلمان مناهض لها قد يعمل على إسقاطها. الحكومة مشروع ميزانية الدولة وميزانية الضمان الاجتماعي التي تشمل الضمان الصحي والمعاشات التقاعدية خصوصا. و يرفع المشروعان إلى البرلمان في حال إقرارهما خلال الاجتماع الأول لمجلس الوزراء في حكومة لوكورنو الثانية وسيعرضان بصفة معجلة للسماح باعتمادهما بحلول 31 ديسمبر. وبدأ العد العكسي في عملية إقرار الميزانية التي تأثرت كثيرا بانعدام الاستقرار السياسي. إذ ينبغي إتاحة 70 يوما للجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ في المجموع للنظر في مشروع الميزانية و50 يوما للنظر في مشروع تمويل الضمان الاجتماعي. وأجرت السلطة التنفيذية حتى اللحظة الأخيرة مداولات في محاولة لتأمين غالبية برلمانية وتجنب حجب الثقة الذي قد يؤدي إلى انتخابات تشريعية مبكرة. لكن بسبب ضيق الوقت، سيكون مشروع الميزانية مطابقا لذلك الذي سبق للوكورنو أن أرسله إلى المجلس الأعلى للمالية العامة في الثاني من أكتوبر 2025 قبل استقالته، ومن ثم إعادة تكليفه رئاسة الوزراء. والمشروع هذا مستوحى أيضا من نسخة كان قد طرحها سلفه في رئاسة الحكومة فرنسوا بايرو. ـ تقاعد يهدد ميزانية فرنسا : وفي بادرة حسن نية، قال لوكورنو إنه سيترك للبرلمان حرية تعديل المشروعين، متخليا عن المادة 49.3 في الدستور التي تسمح بتمريرهما من دون تصويت. وأبدى ليونة أكبر أيضا بشأن هدفه المتعلق بخفض العجز في الميزانية العامة، فاسحا في المجال أمام تسويات محتملة. وبات الآن يطمح إلى خفض العجز إلى ما دون نسبة 5% من إجمالي الناتج المحلي في 2026 بدلا من 4.7% كما هو وارد في مشروع الميزانية، فيما العجز المتوقع في 2025 يصل إلى 5.4% . لكن النواب يترقبون خصوصا خطابه حول برنامج حكومته أمام الجمعية الوطنية لاسيما حول إصلاح نظام التقاعد. وينوي حزب فرنسا الأبية اليساري الراديكالي والتجمع الوطني اليميني المتطرف طرح الثقة بالحكومة اعتبارا من الأسبوع الثاني من اكتوبر . وقد أفضت الانتخابات المبكرة في يونيو 2024 إلى جمعية وطنية مشرذمة ومنقسمة إلى ثلاث كتل هي اليسار واليمين الوسط واليمين المتطرف. وبالتالي، فإن مصير الحكومة رهن بالحزب الاشتراكي في مسألة التقاعد هذه. ويطالب الحزب الاشتراكي لكي لا يحجب الثقة عن الحكومة، بتعليق هذا الإصلاح الرئيسي في ولاية الرئيس الفرنسي إيمانوبل ماكرون الثانية الذي أقر بإعجاز في 2023 رفع سن التقاعد القانونية إلى 64 عاما، رغم تظاهرات استمرت لأشهر. وقال زعيم الحزب الاشتراكي أوليفيه فور إن هذا التعليق يجب أن يكون "فوريا" و"كاملا". وأكد الرئيس الفرنسي الاشتراكي السابق والنائب فرنسوا هولاند ضرورة "حصول مساهمة من الثروات الكبرى بأشكال مختلفة" وتأكيد التخلي عن المادة 49.3. إلا ان تعليق إصلاح النظام التقاعدي الذي قد يكلف ما لا يقل عن ثلاثة مليارات يورو في 2027، وفق السلطة التنفيذية، ينقسم حوله المعسكر الرئاسي وينفر منه اليمين وأصحاب العمل. وفي مؤشر إلى أهمية هذه المسألة لحسن سير الديموقراطية الفرنسية، دعا الفرنسي فيليب أجيون الذي فاز الاثنين بجائزة نوبل للاقتصاد إلى "وقف" إصلاح النظام التقاعدي حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2027. وفي حال لم يقر البرلمان الميزانية في المهلة المحددة، يمكن أن تدخل الميزانية حيز التنفيذ بموجب مرسوم. ويمكن كذلك إقرار قانون خاص يسمح للدولة بالاستمرار بجباية الضرائب فيما يجمد الانفاق. ـ تشكيل حكومة إنقاذ في فرنسا هل ينجح رهان "لوكورنو" : أعلن رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو، 12 من اكتوبر ، تشكيلة حكومية تضم تكنوقراط وشخصيات من المجتمع المدني وسياسيين، في محاولة لتجنيب البلاد مزيدا من التأزم السياسي. وفي ما يبدو أنه مسعى لإبعاد شبح تقديم مذكرة فورية لحجب الثقة، قال لوكورنو إن الحكومة الجديدة مهمتها منح البلاد "موازنة قبل نهاية العام". وتقع على عاتق رولان ليسكور المنتمي إلى معسكر ماكرون إعداد مشروع موازنة للعام 2026 قادرة على نيل ثقة البرلمان، في حين بلغ الدين العام للدولة 3300 مليار يورو، أي أكثر من 115 % من الناتج المحلي الإجمالي. وتمر البلاد بفترة طويلة من انعدام الاستقرار السياسي منذ حل الرئيس إيمانويل ماكرون الجمعية الوطنية في يونيو 2024، ما أسفر عن برلمان من دون غالبية ومشرذم بين ثلاث كتل هي اليسار واليمين والوسط واليمين المتطرف مع تعاقب أربعة رؤساء وزراء لقيادة الحكومة. وفي الحكومة الجديدة التي "شكلت لكي تحظى فرنسا بموازنة قبل نهاية العام"، أسند لوكورنو حقيبة الداخلية إلى قائد شرطة باريس لوران نونيز، خلفا لزعيم حزب الجمهوريين برونو روتايو، وحقيبة العمل إلى الرئيس السابق لشركة السكك الحديد "اس ان سي في" جان- بيار فاراندو. وأعيد إسناد حقيبة الخارجية إلى جان ـ نويل بارو فيما ذهبت حقيبة الدفاع إلى وزيرة العمل في الحكومة المستقيلة كاترين فوتران. وشدد لوكورنو في منشور على منصة إكس على أن الأهم "مصلحة البلاد"، شاكرا الوزراء المشاركين في هذه الحكومة بكامل حريتهم بعيدا من المصالح الشخصية والحزبية. ومن بين الوجوه الحكومية الجديدة مونيك باربو، موفدة ماكرون الخاصة إلى مؤتمر "قمة الكوكب الواحد" التي أسندت إليها حقيبة التحول البيئي، فيما أسندت حقيبة التربية الوطنية إلى إدوار جوفريه، خلفا لإليزابيت بورن. ومصير الفريق الحكومي الذي سيقوده لوكورنو سيكون مهددا جدا. فباستثناء الحزب الاشتراكي، دعت كل القوى اليسارية من الآن إلى عدم منح حكومة لوكورنو الثانية الثقة، فضلا عن التجمع الوطني اليميني المتطرف واتحاد اليمين من أجل الجمهورية بزعامة إريك كوتي. أما المجموعة الاشتراكية في الجمعية الوطنية التي تضم 69 نائبا فتهدد أيضا بذلك بسبب استيائها جراء مداولات غير مثمرة بشأن مطالبها منذ أربعة أسابيع. وكان لوكورنو استقال بعد 14 ساعة على تشكيل حكومته "لعدم توافر الظروف" لاستمرارها. وقد أعاد ماكرون تكليفه . وأكد لوكورنو أنه سيقدم على الخطوة نفسها في "حال لم تعد الظروف متوافرة". ـ مستقبل هش : ويجري ماكرون الإثنين زيارة إلى مصر لحضور "قمة شرم الشيخ للسلام" في غزة، وبالتالي سيعرض النص صباح 14 اكتوبر في مجلس الوزراء. وتتمثل المشكلة الكبرى في أن فرنسا لا تزال من دون ميزانية للعام 2026 فيما الوقت يداهم. فعلى البرلمان بحسب الدستور أن يحظى بما لا يقل عن 70 يوما للنظر في مشروع الميزانية قبل 31 ديسمبر. باستثناء الحزب الاشتراكي، دعت كل التشكيلات اليسارية إلى تقديم مذكرة لحجب الثقة فورا، وهو ما دعا إليه أيضا التجمع الوطني اليميني وحلفاؤه. وحدها المجموعة الاشتراكية التي تمتلك 69 مقعدا ستكون قادرة على إنقاذ حكومة لوكورنو الثانية. إلا أنها وضعت شروطا عالية السقف مطالبة بتنازلات مهمة من بينها التعليق الفوري لإصلاح النظام التقاعدي. أما حزب الجمهوريين، فأكد للحكومة المقبلة "دعمه مشروعا بمشروع" في البرلمان الأمر الذي يعني أنه لن يحجب الثقة عنها. هذا الإصلاح الرئيسي في ولاية إيمانويل ماكرون الثانية الذي مرر في العام 2023 لرفع سن التقاعد القانونية إلى 64 عاما، رغم تظاهرات استمرت لأشهر، يتعرض لحملة قوية من جانب اليسار. وقال أوليفيه فور الأمين العام للحزب الاشتراكي في صحيفة "لا تريبون ديمانش"، إن تعليق الإصلاح "لن ينهي النقاش حول الميزانية ومستقبل فرنسا لكنه سيكون ضمانة حسن نية من جانب الحكومة وإرادة على فتح مرحلة جديدة". وأكد رئيس الوزراء من جهته "ما من صفقة مخفية (..) فإما تحجب الثقة ويتم حل البرلمان وإما لا". وتظهر استطلاعات الرأي أن التجمع الوطني اليميني سيكون المستفيد الأول من احتمال حل الجمعية الوطنية مجددا من جانب ماكرون الذي لم يستبعد هذا الاحتمال. ـ ضغوط اضطرابات الحكومة على النمو والاستثمار في فرنسا: تواجه فرنسا منذ صيف 2024 واحدة من أكثر مراحلها السياسية اضطرابا، مع توالي استقالات الحكومات وتبدل رؤساء الوزراء في فترات قصيرة، ما ألقى بظلاله الثقيلة على الثقة الاقتصادية والنشاط الاستثماري. ومع استقالة حكومة فرنسوا بايرو وتكليف وزير الدفاع السابق سيباستيان لوكورنو ثم استقالته وإعادة تكليفه مجددا، يجد الاقتصاد الفرنسي نفسه أمام اختبار صعب، بينما ينتظر من لوكورنو تقديم مشروع قانون الميزانية في ظل ضغوط مالية متصاعدة وأسواق متوترة. ـ ضغوط مالية وأسواق متوترة : وبحسب محافظ بنك فرنسا، فرنسوا فيليروي دي جالو، فإن عدم الاستقرار السياسي يكلف فرنسا حوالي 0.2 نقطة مئوية من النمو الاقتصادي، نتيجة تراجع ثقة المستهلكين وتأجيل الاستهلاك والاستثمار، بحسب محطة "فرانس إنفو" الفرنسية. وفي سوق السندات، ارتفعت الفوارق بين العائد على السندات الفرنسية والسندات الألمانية (OAT vs Bund) إلى مستويات غير مسبوقة، مما يعكس زيادة في مخاطر الاقتراض الفرنسي. المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (TPE / PME) تعلن انخفاض الاستثمار: في استطلاع محلي، أفاد 42% من هذه المؤسسات بأنها خفضت استثماراتها في وقت تواجه فيه مشكلات السيولة وتأخر اتخاذ القرارات. ـ تجميد قرارات وتحفظات في التوظيف : من جانبه، قال بونو درينيجني، رئيس شركة ManpowerGroup فرع فرنسا، إن عدم الاستقرار المؤسسي هو في حقيقته "عدم يقين اقتصادي": لقد أدت حالة الترقب إلى تجميد التوظيف وتأجيل الخطط الاستثمارية، بحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية. وتقول بعض المؤسسات إن القرار بالتوظيف أو تمويل المشاريع الكبرى قد وضع على "الرف المؤقت" إلى حين تحقق رؤية واضحة للحكومة القادمة. ـ ملف الإصلاحات العالقة: ومن القضايا الحساسة التي تتعرض للشلل السياسي، إصلاح التقاعد، كما أن تأجيل أو تعديل سن التقاعد يطرح تحديات كبيرة للشركات التي كان لديها خطط انتقال ومعدات للتعاقب الإداري. كما أن أي تغيير في السياسة الضريبية أو فرض ضرائب على الأغنياء ينتظر بتوجس من القطاع الخاص الذي يخشى أن تكون هذه السياسات "إصلاحات ظرفية سياسية" وليست مبادئ مستدامة. ـ ميزانية 2026 على المحك: مع إعادة تعيين لوكورنو، يمنح فرصة ثانية لمواجهة التحديات: إذ ينبغي أن يقدم مشروع الميزانية إلى البرلمان في مهلة قانونية لضمان المصادقة قبل نهاية العام. لكنه يواجه ضغطًا مزدوجا: الرغبة في استقرار مالي (خفض العجز) من جهة، والمطالب الشعبية والاجتماعية من جهة أخرى. وإذا فشل في كسب دعم برلماني واسع، قد يضطر إلى اللجوء إلى أدوات دستورية استثنائية للحفاظ على استمرارية الإنفاق. من جانبه، قال الباحث الفرنسي في مدرسة باريس للاقتصاد لوكاس شانسل "عندما تسود الشكوك حول قرارات الحكومة، فإن الظل الطويل لهذا الشك يطال النمو والاستثمار والابتكار". مضيفا ان الاقتصاد لا يعمل بالكلام أو النوايا، بل بالثقة والتوقعات المستقرة"، معربا عن قلقه من أن عدم الاستقرار المؤسسي في فرنسا قد يؤدي إلى كساد سياسي واقتصادي مزدوج. ـ الكلفة في النمو والفرص الضائعة: وأشار شانسل إلى أن النمو في فرنسا كان موضع توقعات متواضعة حتى قبل الأزمات السياسية، موضحا أنه مع انتقال الأموال إلى الادخار بدلا من الاستهلاك، وتأجيل المشاريع الكبرى، من الممكن أن يتراجع النمو السنوي فعليا بمقدار 0.3 إلى 0.5 نقطة مئوية إضافية إذا استمر الشلل المؤسسي. مضيفا ان الفرص التي تفقد في أشهر الانقطاع السياسي قد لا تعوض؛ المستثمر المحلي قد يوجه رأس ماله إلى دول أكثر استقرارا". ـ تأثير على السياسات الاجتماعية والاقتصادية: وقال شانسل إن المؤسسات التي تعتمد على الأفق الزمني الطويل مثل التعليم، والطاقة المتجددة، والبنية التحتية، تشعر بأكثر تأثر من غيرها، لأن انعدام الاستقرار يبطئ تنفيذ السياسات. وأوضح أن فرنسا تواجه ضغوط الشيخوخة وتركيبة اجتماعية تتطلب إصلاحات هيكلية. الشلل السياسي يجعل أي تغير اجتماعي ذا تكلفة عالية ومغامرة للكثير من الحكومات. ونوه شانسل إلى ضرورة استعادة الثقة بين الفرنسيين والحكومة، موضحا أنه "لو استمرت الحلول المؤقتة والإدارة بالبالونات الهيكلية، سينخفض الإيمان بأن المؤسسات الفرنسية يمكنها تحقيق الاستقرار. حينها لا تتضرر الشركات فحسب، بل يصاب رأس المال الاجتماعي كما رأينا في تجارب أوروبا الجنوبية بعد الأزمة المالية .
|
||||||||||