أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
11 أبريل 2022 12:51 م
-
غذاء العالم نحو المصير المجهول و تداعيات حرب أوكرانيا تنذر بشبح الجوع

غذاء العالم نحو المصير المجهول و تداعيات حرب أوكرانيا تنذر بشبح الجوع

 

اعداد ـ فاطيمة طيبي             

تعرقل الحرب في أوكرانيا أعمال زراعة محاصيل العام المقبل من الحبوب وبخاصة القمح، بينما تتكدس الحبوب بسبب صعوبات النقل جراء غلق الموانئ بالبحر الأسود، وهو ما يفاقم أزمة الإمدادات العالمية ويرفع أسعار الغذاء.

ـ صعوبة زراعة المحاصيل:  

وأوكرانيا حاليا كانت تستعد لزراعة المحاصيل الربيعية؛ مثل الشعير والذرة وبنجر السكر وعباد الشمس وفول الصويا، وفق وزير الزراعة الأوكراني رومان ليشتشينكو.

وحسب تقارير غربية، لجأ تجار الحبوب إلى القطارات لنقل سلعتهم بعد إغلاق روسيا للموانئ الأوكرانية، لكن السكك الحديدية واجهت صعوبات الحرب، وفق شركة الاستشارات الزراعية الأوكرانية. أما تعطل زراعة المحاصيل فأرجعته الشركة، إلى مخاطر الألغام الأرضية التي زرعها الروس فضلا عن قلة الوقود والسماد. وتوقع الوزير الأوكراني انخفاض مساحة تلك المحاصيل لأكثر من النصف هذا العام، أي بمقدار 7 ملايين هكتار مقابل 15 مليون هكتار كانت متوقعة قبل الحرب. 

وقال، لاحد الوكالات  إن "الخطة المعدلة تبلغ حاليا 7 ملايين هكتار، سيكون هناك قدر أقل من الذرة، ولدينا مخزون كبير منها، لكن كيفية تصديرها مسألة صعبة للغاية". وأوكرانيا منتج ومصدر زراعي عالمي رئيسي، وقد تؤدي الحرب إلى انخفاض حاد في محصول 2022 والصادرات في موسم 2023 المقبل. كما ان إغلاق الموانئ الأوكرانية تسبب في زيادة أسعار المحاصيل عالميا إلى أعلى الشهر الماضي، وأجج المخاوف بشأن الأمن الغذائي بالشرق الأوسط وإفريقيا، اللذين يضمان بعض أكبر مستهلكي الصادرات الأوكرانية.

يقول المحلل الاقتصادي، ديفيد لابوردي: "إننا قد نستطيع تغطية النقص الناتج الآن، لكن لن يكون بإمكان أي بلد تغطية ضياع الحصاد المقبل إن لم تتوقف الحرب". 

 ـ  تعطل زراعة القمح: 

وسيعطل القتال  ايضا موسم زراعة القمح، الذي يوشك أن يبدأ في أوكرانيا، حسب تقرير لـ"بي بي سي" البريطانية. وتضيف أنه  ليس من الواضح إذا سيكون هناك عدد كاف من المزارعين لحرث الأرض، حيث يحمل الناس في البلاد السلاح، أو ما إذا كانوا سيتمكنون من الوصول إلى الآلات والمنتجات الأساسية الأخرى التي تصل عادة عبر موانئ البحر الأسود . 

ووفق تقارير غربية، فإن الأوكرانيين زرعوا ما مجموعه 6.5 مليون هكتار من القمح الشتوي لحصاد عام 2022، لكن المساحة المحصودة قد لا تزيد على 4 ملايين هكتار بسبب الحرب في العديد من المناطق الأوكرانية. 

وعقب إغلاق الموانئ الأوكرانية، أصبح المزارعون يدرسون التحول إلى المحاصيل الملائمة أكثر للاستهلاك المحلي من التصدير، لذا يتوقع خبراء الاقتصاد تراجع الإنتاج بما بين 30% و55% على حسب المحصول. يقول الخبير الاقتصادي سيرجي فيوفيلوف، إن "القمح الأوكراني الذي تعتبر زراعته مكلفة نسبيا، يواجه إنتاجه غموضا شديدا".

وتوقع في تصريحات بأن يصل المحصول إلى 19 مليون طن في ظل سيناريو زراعة متوسطة، أي أقل من نصف مستوى العام الماضي، مشيرا إلى أن العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا له تداعيات كارثية على دول العالم وينذر بخطر حدوث مجاعة، وبخاصة الدول التي تعتمد على موسكو وكييف في إفريقيا ودول الشرق الأوسط. لكن مؤسسة "بارفا إنفست" الاستشارية، تقدر إجمالي إنتاج القمح المتوقع بـ16.7 ملايين طن، أي نحو نصف إنتاج العام الماضي. 

ـ ارتفاع  أسعار السلع والمواد الغذائية: 

كما تسببت الحرب في اختناق سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار النقل واللجوء لمسافات أطول ومحطات ترانزيت أثناء عمليات نقل السلع، ما زاد أسعار السلع الغذائية بشكل غير مسبوق في عدة دول غربية وشرق أوسطية. 

وأوكرانيا وروسيا هما من أكبر 5 دول مصدرة للحبوب في العالم، ولذلك فإن الأمن الغذائي العالمي بات على المحك، حيث تبلغ قيمة التجارة الزراعية العالمية مع هذين البلدين نحو 1.8 تريليونات دولار، حسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو". 

وبلغت أسعار السلع الغذائية العالمية "أعلى المستويات على الإطلاق" في مارس الماضي 2022 ، في وقت عرقلت الحرب الروسية الأوكرانية صادرات القمح والحبوب، حسب بيان للمنظمة في الثامن من شهر ابريل 2022 . وارتفع مؤشر أسعار السلع الغذائية لدى المنظمة بنسبة 12.6% بين فبراير ومارس  في قفزة عملاقة إلى أعلى مستوى جديد منذ بدء العمل به في 1990 .

وعزت "الفاو" الزيادة بشكل أساسي إلى مؤشر أسعار الحبوب الذي  سجل ارتفاعا بنسبة 17.1% مقارنة بشهر فبراير الماضي 2022، مدفوعا بالزيادات الكبيرة في أسعار القمح وجميع الحبوب الصلبة، ويرجع ذلك أساسا إلى الحرب في أوكرانيا. كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بسبب الزيوت النباتية التي قفز مؤشرها في منظمة الأغذية والزراعة بنسبة 23.2% مدفوعا بارتفاع أسعار زيت عباد الشمس، الذي تعد أوكرانيا أكبر مصدر له في العالم.

وعلى صعيد آخر، فشلت خطة بعض التجار لإنقاذ الصادرات الأوكرانية، باستخدام القطارات بعد استمرار إغلاق موانئ البلاد بسبب الحرب الروسية. ووفق تقارير، فإن أوكرانيا غالبا كانت تشحن كل صادراتها تقريبا من موانئها الواقعة على البحر الأسود. 

ويخزن الآن نحو 13.5 مليون طن من القمح و16 مليون طن من الذرة من حصاد العام الماضي 2021  في المستودعات في روسيا وأوكرانيا بسبب الحرب أو العقوبات. ويقول ديفيد بيسلي، المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي: "إذا ظلت الحقول الأوكرانية دون استخدام هذا العام، فستضطر وكالات الإغاثة إلى البحث عن أسواق جديدة للتعويض عن خسارة بعض أفضل أنواع القمح في العالم، والقيام بذلك سيأتي بتكلفة مبالغ فيها إلى حد كبير". 

ويشير بيسلي، في تقرير بصحيفة "واشنطن بوست"، إلى أن القمح الأوكراني كان ضروريا لإطعام السكان في بلدان مثل أفغانستان والسودان واليمن، ومع ذلك، ستشعر حتى البلدان المتقدمة بآثار أزمة الغذاء. 

ويقول الدكتور نبيل رشوان، الخبير في الشأن الروسي: "الأزمة الأوكرانية الروسية بالضرورة ستؤثر على أسعار القمح؛ لأن الدولتين من كبار المصدرين حول العالم". ويضيف، في تصريحاته أن التصعيد العسكري أدى إلى إغلاق الموانئ الرئيسية في أوكرانيا، وتأثر قطاع النقل واللوجستيات، كما تعثرت التجارة مع موسكو أيضا بسبب تعقيدات العقوبات وارتفاع تكاليف التأمين والشحن.

ـ الفاو: أسعار الغذاء ترتفع لمستوى قياسي جديد في مارس: 

كما سجلت أسعار السلع والمواد الغذائية العالمية ارتفاعا ملحوظا وبلغت  أعلى المستويات على الإطلاق  في مارس الماضي 2022  وفقا لما أعلنته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو". 

ووارجعت المنظمة أسباب ارتفاع أسعار المواد والسلع الغذائية العالمية إلى العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، مشيرة إلى أن هذه الأعمال العسكرية عرقلت صادرات القمح والحبوب. 

وقالت منظمة "الفاو"، إن أسعار الغذاء العالمية قفزت إلى مستوى قياسي جديد في مارس 2022  إذ أربكت العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا أسواق الحبوب والزيوت النباتية ايضا .

وسجل مؤشر الفاو لأسعار الغذاء، الذي يقيس السلع الغذائية الأكثر تداولا عالميا، 159.3 نقطة في المتوسط الشهر الماضي مارس 2022  مقابل 141.4 نقطة بعد تعديل بالزيادة في فبراير وبحسب وكالة فرانس برس، فقد ارتفع مؤشر أسعار السلع الغذائية لدى المنظمة بنسبة 12.6 % بين فبراير ومارس الماضيين  في قفزة عملاقة إلى أعلى مستوى جديد منذ بدء العمل به في 1990، وفق المنظمة. وسجل المؤشر قبل التعديل في فبراير 2022 الى 140.7، وهو رقم قياسي في ذلك الوقت.

ومن جهة ثانية، قال رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال،   إن محصول الحبوب في العام 2022  من المرجح أن يقل 20 % عن مستواه العام الماضي 2021  بسبب تقلص المساحات المزروعة بعد بدء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا. وإن كان هناك نقصا في الوقود للمزارعين، الا ان أوكرانيا تعرف كيف تزودهم بالوقود. وأضاف أن أوكرانيا لديها مخزون كبير من الحبوب والزيوت النباتية ويمكنها توفير الطعام لسكانها.

ـ رؤوس الأموال:

 أحدثت الحرب في أوكرانيا هزات في الأسواق المالية، ودفعت إلى موجة واسعة من عمليات البيع للأسهم والسندات في الأسواق العالمية الرئيسية، وقد يؤدي ازدياد عزوف المستثمرين عن المخاطر إلى تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج من الاقتصادات النامية متسببا في انخفاض قيمة العملات، وتراجع أسعار الأسهم، وازدياد علاوات المخاطر في أسواق السندات.

كما حذرت الدراسة من أن ذلك، يخلق ضغطا شديدا على عشرات من الاقتصادات النامية التي ترتفع فيها مستويات الدين. أما الاقتصادات التي تسجل عجزا كبيرا في موازين الحساب الجاري أو نسبا مرتفعة من الديون قصيرة الأجل المقومة بعملات أجنبية فإنها قد تجد صعوبة في تمديد آجال الديون، وبديلا عن ذلك، ستواجه هذه الاقتصادات ارتفاع التزاماتها لسداد مدفوعات خدمة الديون. وقد تتفاقم الضغوط المالية من جراء استجابة البنوك المركزية لارتفاع معدلات التضخم. وفي الكثير من الاقتصادات النامية، بلغت معدلات التضخم بالفعل أعلى مستوى لها في نحو عشرة أعوام، وحدوث قفزة أخرى من جراء ارتفاع أسعار منتجات الطاقة يؤدي إلى دوامة تضخمية مع ترسخ توقعات ارتفاع معدلات التضخم في الأمد الطويل، وقد يجعل ذلك البنوك المركزية تتجه إلى تشديد السياسة النقدية بوتيرة أسرع مما كان متوقعا  .



أخبار مرتبطة
 
منذ 11 ساعةانسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ ينذر بتحول زلزالي في السياسة المناخية21 يناير 2025 2:43 مبعد ساعات من تنصيبه.. ترامب يوقع سلسلة من الأوامر التنفيذية والتوجيهات21 يناير 2025 12:37 متعديلات وتحديثات جديدة لتعزيز وتفعيل دور صناديق التقاعد20 يناير 2025 1:05 مدافوس 2025.. التعاون من أجل العصر الذكي" في ظل عالم مجزأ وجمود اقتصادي شامل19 يناير 2025 3:12 ممفاجآت بيتكوين في 2025.. تقلبات وتغيرات العملة المشفرة تقودها لصعود غير متوقع15 يناير 2025 3:57 مفترة حكم جو بايدن على الميزان الداخلي والدولي12 يناير 2025 3:07 متمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة قرار واقعي يعكس رؤية المركزي8 يناير 2025 3:45 مبصمة "إيلون ماسك" في عهد ترامب بين الرفض والقبول الدولي6 يناير 2025 3:33 موزير المالية ولقاءات حوارية حول برنامج الطروحات الحكومية والإعفاءات الضريبية والديون وزيادة الأجور5 يناير 2025 1:15 مالحصاد السنوي حول تطورات الشراكات مع بنوك التنمية والشركاء الثنائيين خلال 2024

التعليقات