دراسات


كتب فاطيمة طيبى
19 فبراير 2023 10:45 ص
-
الاقتصاد الالماني يواجه منعطفا صعبا والشركات مطالبة بالقيام بمزيد من الأعمال في الدول الناشئة

الاقتصاد الالماني يواجه منعطفا صعبا والشركات مطالبة بالقيام بمزيد من الأعمال في الدول الناشئة

اعداد ـ فاطيمة طيبي

أظهرت دراسة حديثة، مفادها أن الاقتصاد الألماني يواجه أوقاتا صعبة، ما يجعل من الضروري بالنسبة لعديد من الشركات إجراء أقلمة لنموذج الأعمال الموجه نحو التصدير.

وجاء في الدراسة، التي أجراها بنك "بايرن إلـ بي" و"معهد بروجنوز" والتي نشرت في الواحد والثلاثين من شهر يناير الماضي  أن العودة إلى الوضع العالمي المستقر نسبيا قبل جائحة كورونا وحرب أوكرانيا أمر مستبعد للغاية. ويقدم يورجن ميشيلس كبير الاقتصاديين "بايرن إل بي"، وميشائيل بومر "بروجنوز" ثلاث توصيات رئيسة، وهي:

1 ـ  زيادة الابتكار، خاصة في القطاعات الصناعية مثل التكنولوجيا البيئية، حيث تتمتع الشركات الألمانية بمكانة قوية في السوق العالمية .

2 ـ  التركيز بصورة أقوى على السوق المحلية الأوروبية.

3 ـ   ممارسة الأعمال الاقتصادية في أوروبا تنطوي ببساطة على مخاطر أقل .

وخارج أوروبا - بحسب الدراسة - يتعين على الشركات القيام بمزيد من الأعمال في الدول الناشئة التي لم تلعب بعد دورا بالغ الأهمية في الاقتصاد الألماني.  وحدد بومر هنا فيتنام والبرازيل ومصر وكينيا كأمثلة، موضحا، أن المستقبل لا يكمن في"تصدير السيارات والآلات إلى الصين". واستبعاد حدوث موجة جديدة من العولمة.

ووفقا للدراسة، فإن حدوث صراعات جيوسياسية بالغة الفداحة - مثل هجوم صيني على تايوان - التي من شأنها أن تؤدي إلى "إلغاء العولمة" ليست مستبعدة بأي حال من الأحوال.

وقال ميشيلس "علينا أن نخلع النظارات الوردية التي تظهر أن كل شيء سيكون على ما يرام مرة أخرى". وبحسب تحليل الخبيرين، تراجعت أهمية التجارة الخارجية للاقتصاد الألماني قبل انتشار جائحة كورونا بفترة طويلة. وقال ميشيلس: إن أسواق رأس المال كانت قد وصلت إلى ذروة التكامل الدولي قبل الأزمة المالية العالمية 2007 / 2008. مضيفا : "نحن نتحرك جانبيا هنا.. نموذج العمل الألماني ليس على وشك الانتهاء، لكن يجب تعديله".

يأتي ذلك في وقت يرى فيه بعض الشركات الألمانية أن تسريح الآلاف من العاملين في وادي السيليكون فرصة لتوظيف أفضل المواهب، في ظل ما تواجهه من شح في سوق العمل ونقص العمالة من ذوي المهارات الأساسية في هندسة البرمجيات. الساحل الغربي الأمريكي منذ وقت طويل كان ومازال الوجهة الرئيسة لمهندسي البرمجيات الطموحين الذين يتطلعون إلى العمل بين النخبة والأكثر ربحا في مهنتهم، لكن عمليات التسريح الجماعي أوجدت مجموعة من الباحثين عن العمل الذين تتوق ألمانيا إلى الاستفادة منهم.

ـ  عدة مئات من المناصب المتاحة:

  قال راينر تسوجيهير رئيس قسم الموارد البشرية في كارياد، وهي شركة برمجيات تابعة لصانع السيارات فولكس فاجن، "ينهون خدماتهم ونحن نوظفهم.. لدينا عدة مئات من المناصب المتاحة في الولايات المتحدة وأوروبا والصين". وخوفا من التضخم واحتمالات الركود، ألغت شركات ألفابت ومايكروسوفت وميتا مجتمعة نحو 40 ألف وظيفة.وقالت مجموعة بيتكوم: إن لدى ألمانيا 137 ألف وظيفة شاغرة في مجال تكنولوجيا المعلومات.

وتعمل الحكومة الألمانية على تبسيط قواعد الهجرة وتروج لاحتمال الحصول على الجنسية بسهولة لإغراء المهاجرين المهرة المحتملين، وتمضي السلطات في ولايات ألمانية قدما نحو تحقيق ذلك. ووجهت جوديث جيرلاخ وزيرة الرقمنة في بافاريا، المنطقة الأكثر ثراء في ألمانيا، رسالة إلى من تم تسريحهم في الآونة الأخيرة عبر لينكد إن قائلة: "أود أن أدعوكم بحرارة للانتقال إلى بافاريا". لكن ربما تمثل البيروقراطية الألمانية تحديا آخر، إذ أبلغت الشركات بالفعل عن تأخيرات امتدت إلى أشهر حتى تحصل على مواعيد لموظفيها الجدد الراغبين في الحصول على تصاريح العمل.

وقالت ديانا ستوليرو من شركة لينديس الناشئة في برلين: "تعوق البيروقراطية في ألمانيا بشدة معظم العمال المؤهلين تأهيلا عاليا.. وخصوصا إذا كانوا لا يتحدثون الألمانية". وارتفع عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا خلال شهر يناير2023. وأعلنت الوكالة الاتحادية للتوظيف في نورنبرج في الثلاثين من شهر يناير ، أن عدد العاطلين عن العمل الشهر الماضي بلغ 2.616 عاطل.

ـ ارتفاع عدد العاطلين :

بحسب البيانات، ارتفع عدد العاطلين بذلك بواقع 162 ألف عاطل مقارنة بشهر   ديسمبر ، وبواقع 154 ألف عاطل مقارنة بيناير 2022. وارتفع معدل البطالة بمقدار 0.3 نقطة مئوية إلى 5.7 %. ويفكر نحو 37 % من الموظفين في ألمانيا في تغيير وظائفهم هذا العام، وفقا لمسح أجراه معهد "فورسا" لقياس مؤشرات الرأي بتكليف من شركة الشبكات المهنية "نيو ورك إس إي"، ومقرها هامبورج.

وبحسب الاستطلاع، كان الشباب أكثر ميلا لإبداء اهتمام بتغيير أماكن عملهم، حيث ذكر 48 % من الأشخاص الذين تراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما و40 %   ممن تراوح أعمارهم بين 30 و39 عاما أنهم منفتحون على ذلك. وللمقارنة، كان 19 % فقط ممن تزيد أعمارهم على 50 عاما منفتحين على أماكن عملهم. وكانت نسبة إجمالي المنفتحين على تغيير أماكن عملهم 37 %، وهي النسبة نفسها التي تم تسجيلها في استطلاع مماثل عام 2022.

وقال فرانك هاسلر، عضو مجلس الإدارة في شبكة "نيو ورك إس إي": الرغبة في تغيير الوظائف عالية، على الرغم من الأزمات الاقتصادية المستمرة وجائحة كورونا. وأضاف هاسلر، "يجب أن تدرك الشركات أن الأجيال القادمة أكثر مرونة ولديهم أولويات مختلفة عندما يتعلق الأمر بحياتهم ومهنهم". وذكر نحو 47 % من الراغبين في تغيير وظائفهم أنهم يبحثون عن راتب أعلى. وأشار ما مجموعه 57 % إلى ارتفاع التضخم، و38 % أشاروا إلى زيادة نفقاتهم كأسباب للرغبة في تغيير وظيفتهم.

وسبب شائع آخر لعدم الرضا الوظيفي هو الضغط الشديد، حيث يشعر 42 %   من النساء و33 % من الرجال أنهم مثقلون بعبء زائد في حياتهم العملية اليومية. وشملت الأسباب الأخرى الرغبة في العمل عن بعد والقيام بخدمات رعاية الأطفال. وشمل الاستطلاع 3216 شخصا في ألمانيا خلال يناير 2023 .

وفي استطلاع آخر أجرته شركة سينزوس وايد لقياس مؤشرات الرأي في منتصف يناير، أظهر مزيد من الموظفين استعدادهم لشغل وظيفة جديدة، بنسبة 59 %   وكانت النسبة أعلى بين الشباب في هذا الاستطلاع أيضا. من جهة أخرى، تراجعت المبيعات الحقيقية لتجار التجزئة في ألمانيا العام الماضي 2022  مقارنة بعام 2021.



التعليقات