تحليلات
كتب فاطيمة طيبى 15 أكتوبر 2024 2:09 م - التعليقات شهادات عشرات الاسر النازحة العائدة الى الخرطوم اعداد : فاطيمة طيبي شعار انتشر بين الكثير من الاسر النازحة في السودان والعائدين الى منازلهم التي تركوها بسبب الحرب الـ "الدانة ولا الإهانة" .. الشعار تسبب في دفع عشرات من الأُسر السودانية التي نزحت من الخرطوم إلى مناطق شتى من السودان، فرارا من جحيم الحرب التي اندلعت بين الجيش والدعم السريع منتصف أبريل 2023 ـ العودة دون اكتراث للتفاصيل : احتدام المعارك الحربية والقصف المدفعي المتبادل بين الطرفين المتحاربين، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الذي استعملت فيه كافة أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة. كلها مخاطر شديدة لم تقف حائلا أمام أُسر سودانية كثيرة فرت من العاصمة الخرطوم إلى مناطق شتى بالسودان باتخاذ قرار العودة إلى الخرطوم، دون اكتراث لتلك التفاصيل المرعبة. شعار "الدانة ولا الإهانة" التي اتخذتها كثير من الأُسر العائدة شعارا لها، بدت عرضا من تأثير الصدمة أو التنفيس بالوهلة الأولى، لكنها أضحت امرا واقعا بعد استحكام الأزمة الاقتصادية ومضاعفة الضغوط الحياتية وضغوط العيش لفقدان الغالبية العظمى من الأُسر النازحة لمصادر دخلهم حيث ، لم يبق لتلك الأُسر شيء من مدخراتها ما يكفي احتياجاتهم . ـ تراجع الاقتصاد السوداني : كما ذكرت الأمم المتحدة ايضا في احدى التقارير الاحقة عن السودان أن الاقتصاد السوداني تراجع بنسبة تصل إلى 42% جراء القتال الشرس بين الجيش والدعم السريع . حميدة سليمان إحدى النازحات العائدات، قالت لاحد المصادر الاعلامية الموجودة على الساحة القتالية السودانية ، إنها عادت مع أسرتها المكونة من خمسة أفراد إلى منزلهم بحي الأزهري جنوبي الخرطوم قبل أسبوعين تقريبا، وتؤكد أن قرار العودة إلى الخرطوم لم يكن سهلا بأيِ حال من الأحوال اضف الى ذلك مشاعر الخوف والقلق التي استبدت بهم خشية وقوعهم ضحايا لجرائم القتل أو النهب أو الاغتصاب وغيرها من الجرائم المتكرِرة يوميا. وذكرت حميدة أن المركبة التي تقلهم اضطرت لعبور عشرات الحواجز الأمنية والعسكرية من ولاية الجزيرة بوسط السودان، حيث انطلقوا صوب الخرطوم، وذكرت أن تلك الحواجز تكاثرت بعد وصولهم لمشارف العاصمة، وسببت لهم الرعب والهلع، خاصة بعد إجبار جنود تابعين للدعم السريع بعض الشبان على الترجل من المركبة بحجة عدم حملهم بطاقات هوية . بالرغم أن الحي السكني المكتظ قبل اندلاع الحرب أصبح خفيف الحركة نسبيا، إلا أن حميدة وأسرتها صادفوا خمسة من الاسر عادت إلى الحي قبلهم، وهناك أسرتان اثنتان عادتا بعدهم . ـ قساوة قرار العودة : كما يعتبر الكثيرون أن قرار العودة قاس وشديد الوطأة على الأسر النازحة، لأنهم قد يكونوا عرضة للقتل أو الإصابة جراء المعارك الجارية والقصف المدفعي والصاروخي والجوي المستمر، ايضا انعدام الخدمات الصحية والدواء وانقطاع الماء والكهرباء وانتشار عصابات السلب والنهب. اضف الى ذلك كله ان الوضع بالولايات لم يعد يطاق تحمله ، فالضغوط الاقتصادية وعدم توفر فرص العمل في الوجهات التي نزحوا إليها، بالإضافة إلى ضيق وصعوبة العيش، وارتفاع تكاليف الحياة، وعلى رأسها غلاء الإيجار الذي وصل لأرقام فلكية، اضف اليها ايضا المنازعات الأسرية التي بلغت سقف المستحيل ، فما أن عاد مواطنو الخرطوم إلى ذويهم بولايات السودان المختلفة فرارا من جحيم الحرب الطاحنة والمعارك الدائرة، حتى اشتعلت حروب صغيرة قوامها الأهل الاسر أنفسهم هذه المرة، يستدعي الشفقة . . كل تلك العوامل، جعلت قرار العودة "شرا لا بد منه"، لأولئك الذين اضطروا للعودة إلى ديارهم رغم المخاطر الشديدة . ـ قرار لا حياة مع الياس : يوسف صالح، أحد النازحين العائدين، قال إنه اتخذ قرار العودة رغم خطورة الأوضاع واتساع نطاق المعارك؛ لأنه لم يعد يملك مصدر دخل ثابت، ويشكو متطلبات الحياة المتصاعدة . عاد يوسف رفقة أسرته المكونة من سبعة أفراد إلى منزلهم بضاحية الثورة بمدينة أم درمان من مدينة شندي في ولاية نهر النيل بشمال السودان - تبعد حوالي 114 كلم بالاتجاه الشمالي للعاصمة - بعد قرابة الأربعة أشهر قضوها في ضيافة أحد أقاربهم هناك. وقال: "لم تتوقف شكوى أبنائي من عدم الراحة، لامتلاء المنزل بالنازحين من الأقارب الذين وفدوا من مناطق مختلفة بالخرطوم. ونحن لا نستطيع استئجار منزل منفصل بسبب غلاء الإيجارات ".
يوسف كان يعمل طاهيا بأحد الفنادق الراقية في وسط الخرطوم وأصبح حاليا بلا عمل بعد استغناء الفندق عن خدماته بعد بضعة أشهر من اندلاع الحرب. وبعد عودته، فتح محلا صغيرا لبيع الوجبات السريعة في سوق "صابرين" بمدينة أم درمان .
ـ عودة عشوائية محفوفة بالمخاطر : يوسف لم يخف مخاوفه من مخاطر العودة إلى مناطق القتال، و دوِي قذائف المدفعية التي تنطلق من معسكرات الجيش القريبة من مكان السكن تدوي مسامعه طوال اليوم وقال لوسائل العلامية عربية من قلب الحدث عندما نسمع أصوات الرصاص ودوي المدافع والقصف المدفعي نسارع للاختباء تحت الأسرة خوفا من الدانات العشوائية والرصاص الطائش، كما ينبغي أن نتحاشى غالبا الجلوس أو النوم خارج الغرف. ولم تخفي سميرة أحمد، "، نيتها بالعودة إلى أم درمان . والتي فرت قبل شهرين من حي ود نوباوي بوسط مدينة أم درمان، الذي يشهد معارك شبه يومية بين الجيش وقوات "الدعم السريع . وذكرت سيدة خمسينية ايضا أنها استأجرت منزلا مع أفراد أسرتها بإيجار مرتفع لمدة شهرين بمدينة مدني بوسط السودان - تبعد 181 كلم تقريبا في الاتجاه الجنوبي للخرطوم - على أمل أن تكون الحرب قد انتهت في هذه الفترة، إلا أن توقعاتها خابت، وباتت عاجزة ماديا عن الإيفاء بالتزاماتها المالية. لكن لم يعد بمقدورها العودة إلى منزلها، ليس فقط بسبب ما تعرض له من سرقة، فالحي الذي يقع فيه، يشهد عمليات عسكرية ومعارك مستمرة تجعل من العودة إليه أمرا في غاية الصعوبة في الوقت الحالي، وتؤكد أن البديل العودة إلى ضاحية الثورة بالطرف الغربي لمدينة أم درمان أسوة بمواطني حيها السكني العريق الذين لجأوا إليها للابتعاد عن دائرة الخطر. ـ إخلاء بالقوة الجبرية : إلى ذلك، اتخذت بعض الولايات قرار بدء العام الدراسي ذريعة لإخلاء مباني المدارس من النازحين الفارين من جحيم الحرب بالخرطوم الذين اتخذوها مراكز إيواء. وشهد الأسبوع الاول من شهر نوفمبر من عام 2023 أحداث عنف أثناء إخلاء الشرطة مركز إيواء بالقوة الجبرية وأسفرت الأحداث المأساوية في مصرع طفل ووقوع إصابات مختلفة وسط النازحين. وعلى ذات النسق، أجبرت السلطات بولاية نهر النيل النازحين الفارين من جحيم الحرب بالخرطوم على إخلاء المدارس بحجة بدء العام الدارسي. وتؤكد منظمة الهجرة الدولية أن 4.8 مليون شخص فروا من الصراع، من بينهم 3.8 مليون نازح داخليا وأكثر من مليون عبروا الحدود إلى البلدان المجاورة للسودان". وأشارت إلى أن أكبر عدد من النازحين داخليا فروا من العاصمة الخرطوم، التي هرب منها 2.7 مليون شخص بما يعادل 75% من مجموع النازحين.
|
|||||||||||||||