أبحاث
كتب فاطيمة طيبى 22 أكتوبر 2024 12:55 م - التعليقات نقص العمالة البشرية أكبر عقبة أمام صناعة الذكاء الاصطناعي اعداد ـ فاطيمة طيبي 45 % في شهر يوليو 2024 إلى 7.9 مليار دولار، بنمو سريع في الربع الثاني نسبة ارتفاع مبيعات الشركة التايوانية لصناعة أشباه الموصلات (TSMC) ، أكبر شركة لتصنيع الرقائق في العالم وصانعة الرقائق التي تدعم ثورة الذكاء الاصطناعي . ويظل الطلب على رقائق الذكاء الاصطناعي قويا حيث تمثل أعمال الحوسبة عالية الأداء أكثر من نصف إيرادات TSMC في الربع الماضي . ـ تقلبات في الاشهر لقليلة : على الرغم من هذه الأرقام المذهلة، كانت أسهم الذكاء الاصطناعي متقلبة في الأشهر الأخيرة، ما جعل المستثمرين حذرين بشكل متزايد من المخاطر التي تواجهها شركات مثل TSMC من الزلازل في تايوان إلى التوترات بين الصين وتايوان والضغوط الجيوسياسية الأوسع نطاقا. والأمر الأقل مناقشة، ولكنه بنفس القدر من الأهمية، الأزمة الوشيكة حدوثها في نقص المهندسين والفنيين، بحسب تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية. حتى الآن، كان الاعتقاد السائد أن زيادة القدرة على تصنيع الرقائق كانت مجرد مسألة التكلفة. وقد تم التعامل مع النقص العالمي في الرقائق الذي بدأ في أوائل عام 2020 من خلال قيام الحكومات بإنفاق المليارات على شركات تصنيع الرقائق لزيادة القدرة، ويفضل أن يكون ذلك في ساحاتها الخلفية، فقد قامت شركة TSMC بتوسيع مصانع أشباه الموصلات التابعة لها في الولايات المتحدة وألمانيا واليابان. كانت الولايات المتحدة واحدة من أكثر دول العالم قوة في تعزيز القدرة الإنتاجية، حيث من المتوقع أن تتجاوز الاستثمارات في صناعة الرقائق الإلكترونية 250 مليار دولار أميركي على مدى خمس سنوات. ولكن اتضح أن الأموال النقدية لا تكفي لصناعة الرقائق الإلكترونية. ـ المشكلة الرئيسية : المشكلة هنا إنشاء مصنع للرقائق الإلكترونية ليس بالأمر البسيط مثل إنشاء مصنع جديد لتجميع الهواتف الذكية في بلد آخر، حيث يمكن توظيف العمال المحليين وتدريبهم بسرعة. وتتطلب مصانع الرقائق الإلكترونية موظفين يتمتعون بمهارات عالية، يحملون درجات الماجستير والدكتوراه في العلوم والهندسة، لتشغيلها. وحتى إنشاء مصنع لتصنيع الرقائق الإلكترونية في حد ذاته يتطلب عمالا متخصصين. وفقا لتحليل ماكينزي، فإن .. الاستثمار الكبير والبناء اللاحق لقطاع الرقائق في الولايات المتحدة يعني أكثر من 160 ألف فرصة عمل جديدة في الهندسة والدعم الفني إلى جانب فرص عمل إضافية في وظائف حرف البناء ذات الصلة. ومع ذلك، ينضم حوالي 1500 مهندس فقط إلى صناعة الرقائق كل عام . بالنسبة لفنيي الرقائق، فإن هذا الرقم أقل من ذلك مع انضمام حوالي 1000 فني جديد كل عام وفي السنوات الخمس المقبلة، من المتوقع أن يصل الطلب على هؤلاء العمال إلى 75000 عامل وفي الوقت نفسه، انخفضت قوة العمل في صناعة الرقائق في الولايات المتحدة بنسبة 43 % عن ذروتها في العام 2000، وفقا لشركة ماكينزي . وبالمعدل الحالي، قد يصل نقص المهندسين والفنيين إلى 146 ألف عامل بحلول العام 2029. وفي كوريا الجنوبية، موطن شركة تصنيع الرقائق سامسونغ إلكترونيكس، تعاني صناعة الرقائق من نقص منذ العام 2022 ومن المتوقع أن تواجه نقصا في العمالة يبلغ 56 ألف شخص بحلول عام 2031، وفقا لتقديرات الصناعة. ـ تأثير الاتجاهات الديموجرافية : وتشكل الاتجاهات الديموجرافية قضية أخرى. فكل من تايوان وكوريا الجنوبية، يوجد بها معظم عمال شركتي TSMC وسامسونغ، تتعاملان مع انخفاض عدد الطلاب. فقد انخفض عدد المسجلين في التعليم العالي كل عام منذ العام 2012. وتمثل هاتان الدولتان أكثر من 80 % من تصنيع الرقائق التعاقدية العالمية. وقد أدى نقص العمال بالفعل إلى تأخير موعد بدء تشغيل مصنع TSMC في أريزونا، ويقال إن الشركة نقلت حوالي نصف العمال البالغ عددهم 2200 عامل إلى المصنع من تايوان. وتزيد الاختلافات الثقافية من تعقيد عملية التوظيف، وفق التقرير. وبما أن تكلفة بناء كل مصنع جديد تبلغ نحو 30 مليار دولار، فإن المصانع تحتاج إلى العمل بلا توقف لمدة 24 ساعة في اليوم، وسبعة أيام في الأسبوع حتى تتمكن من تبرير هذا السعر تجاريا. وأشار مؤسس شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات موريس تشانغ إلى أنه إذا تعطلت آلة في الواحدة صباحا في الولايات المتحدة، فسيتم إصلاحها في صباح اليوم التالي، ولكن في تايوان، سيتم إصلاحها في الثانية صباحا. وقد يكون تكرار ثقافة العمل التايوانية هذه تحديا في بلدان أخرى والسؤال هل يمكن للذكاء الاصطناعي البدء في تصنيع الرقائق الإلكترونية؟.. في الواقع، يساعد الذكاء الاصطناعي في تصميم واختبار والتحقق من صحة التصميمات الجديدة وتسريع تطوير الرقائق الإلكترونية الجديدة. أما تصنيع الرقائق الإلكترونية المادية من هذه التصميمات فيظل قصة مختلفة تماما. ومن غير المرجح أن يحل الذكاء الاصطناعي الحاجة إلى مهندسين من ذوي الخبرة لتشغيل الآلات في أي وقت قريب. ومن الطبيعي أن تواجه الشركات صعوبات في شغل الوظائف التي تتطلب مستويات عالية من المهارات والمؤهلات. ولكن في قطاع الرقائق الإلكترونية، أصبحت الفجوة بين الوظائف والعمال واسعة بشكل خطير. ـ أبعاد الأزمة : من جهته، أوضح استشاري العلوم الإدارية وتكنولوجيا المعلومات في G&K عاصم جلال، في تصريحات خاصة أن صناعة الرقائق وأشباه الموصلات خاصة المتخصصة منها تتعلق بعدة أبعاد تعتمد عليها وتؤثر فيها وهي: 1 ـ البعد الديموجرافي: تتوطن الصناعة في تايوان وبنسبة أقل في كوريا الجنوبية.. والبلدان تعانيان من مشكلة بانكماش عدد سكانها.. بينما أميركا تتجه إلى أن تتوسع بالصناعة نفسها، بعد أن ظلت عشرات السنوات معتمدة على آسيا في استقدام العمالة غير المتوفرة لديها. 2 ـ نوعية العمالة: نوعية العمالة المطلوبة في تلك الصناعة عمالة متخصصة تحتاج إلى تدريبات معينة، وبالتالي ليس من الضرورة أن تكون من خريجي المدارس والجامعات المتخصصة. 3 ـ نمو الصناعة: الصناعة تعاني نموا مطردا منذ بداية أزمة جائحة كورونا وحتى الآن، في ظل غياب إعداد الكوادر البشرية المتعلمة، أو توفيرها في الأماكن الجديدة مثل الولايات المتحدة الأميركية، إذ لم يحدث تناسب بين هذا النشاط والنشاط الرأسمالي الإنتاجي، وبالتالي هناك فجوة بين العرض والطلب. واستعرض بعض التوقعات لتعامل شركات الذكاء الاصطناعي والدول مع أزمة نقص العمالة، والتي يمكن من خلالها القضاء على تلك العقبة وأن تتوفر العمالة ، ومنها: ـ قيام الدول المتوفر لديها الصناعة بإعادة تدريب العمالة واستجلاب أخرى من الخارج، مثل أميركا التي عادة ما تقوم بذلك خاصة في مجال التكنولوجيا. ـ تلك الأزمة التي تواجهها الصناعة من الممكن أن تستفيد منها بعض الدول المتوفر لديها معدل زيادة سكانية في سن معينة، منها الهند ومصر وباكستان على سبيل المثال، ذلك شرط أن تهتم بتنمية التعليم والتدريب المتخصص وخروج أجيال متخصصة. ـ الدول ذات الزيادة السكانية لا يمكنها الاستفادة حال غياب الصناعة محليا، فالتدريب لن يتم إلا في ظل توافر إمكانات وأجهزة، لذا هناك ضرورة أن تجري تحالفات إضافة إلى جذب مصانع ومشاركة الماركات العالمية بعد أن أصبحت الصناعة شبه احتكارية. ـ ستكون هناك فرص جديدة نتيجة تلك الأزمة، خاصة وأن الصناعة ستظل في نمو لأنها صناعة استراتيجية وغاية في الأهمية. ـ انعكاسات الأزمة على الصناعة والشركات: يرجع السبب وراء الأزمة إلى: 1 ـ الطلب المتزايد على الرقائق: فمع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا في جميع جوانب الحياة، زاد الطلب على الرقائق بشكل كبير، مما أدى إلى وجود حاجة ملحة إلى المزيد من القوى العاملة المؤهلة . 2 ـ نقص المهارات: تتطلب صناعة الرقائق مهارات تقنية عالية التخصص، وهناك نقص عالمي في الخريجين المؤهلين لشغل هذه الوظائف. 3 ـ التنافس الشديد بين الشركات: تتنافس شركات التكنولوجيا الكبرى على جذب أفضل الكفاءات، مما يزيد من حدة المنافسة على العمالة الماهرة. كما ان أزمة تدني الأيدي العاملة التي تعانيها شركات الذكاء الاصطناعي، لها عديد من الانعكاسات، منها: 4 ـ ارتفاع التكاليف: يؤدي نقص العمالة إلى ارتفاع أجور العمال المهرة، مما يزيد من تكاليف الإنتاج للشركات. 5 ـ تأخير الإنتاج: قد يؤدي نقص العمالة إلى تأخير إطلاق المنتجات الجديدة وتلبية الطلب المتزايد على الرقائق. 6 ـ صعوبة الابتكار: تتطلب الابتكارات في صناعة الرقائق فريق عمل متكامل ومتخصص، ونقص العمالة قد يحد من القدرة على الابتكار. 7 ـ تآكل الميزة التنافسية: قد تفقد الشركات التي تعاني من نقص العمالة ميزتها التنافسية أمام الشركات المنافسة. ـ أهم الحلول: وبشأن التغلب على الأزمة لتقوم الدول والشركات باستحضار عمالة، من الضروري أن تقوم على ما يلي: ـ الاستثمار في التعليم والتدريب: يجب على الحكومات والشركات الاستثمار في التعليم والتدريب التقني لزيادة عدد الخريجين المؤهلين للعمل في صناعة الرقائق. ـ تطوير برامج تدريب مهني: يمكن للشركات تطوير برامج تدريب مهني سريع لتعليم العمال الجدد المهارات اللازمة للعمل في هذا القطاع. ـ التعاون مع الجامعات والكليات: يجب على الشركات التعاون مع الجامعات والكليات لتطوير برامج دراسية تتناسب مع احتياجات الصناعة. ـ جذب العمالة من الخارج: يمكن للشركات استقدام عمالة ماهرة من الخارج لسد العجز في القوى العاملة المحلية. ـ الاستفادة من التكنولوجيا: يمكن الاستفادة من التكنولوجيا مثل الروبوتات والذكاء الاصطناعي لتقليل الاعتماد على العمالة البشرية في بعض المهام. ـ الشراكات العالمية: تعزيز التعاون بين الشركات والمؤسسات البحثية حول العالم، فيمكن أن يساعد في تبادل المعرفة والخبرات وتوفير العمالة الماهرة. ـ تحسين بيئة العمل: فتوفير بيئة عمل جذابة، ورواتب تنافسية، وفرص للتطور الوظيفي يمكن أن يساعد في جذب والحفاظ على العمالة الماهرة. ـ أزمة العمالة في قطاع الرقائق تحد كبير، ولكن مع الاستثمار في التعليم والتدريب، واستخدام التكنولوجيا المتقدمة، والتعاون العالمي، يمكن للشركات أن تجد حلولا لتجاوز هذه الأزمة، خاصة وأن حجم الأزمة وتعقيدها يتطلبان استراتيجية شاملة وطويلة الأمد.
|
|||||||||||||||