أبحاث
كتب فاطيمة طيبى 29 أكتوبر 2024 2:18 م - التعليقات "هرمز".. شريان الحياة للصناعة العالمية اعداد ـ فاطيمة طيبيتواصل مليشيات الحوثي تنفيذ هجمات على الملاحة الدولية بالقرب من اليمن، ما يؤثر بشكل كبير على حركة الملاحة العالمية . كما انه وتزامنا مع تلك الهجمات الحوثية، البحرية التي استخدموا فيها أكثر من 600 صاروخ باليستي وطائرة مسيرة، واستهدفوا نحو 129 سفينة منذ أكتوبر الماضي 2024 . تشكلت تحالفات دولية في المنطقة مثل التحالف الأوروبي وتحالف حارس الازدهار، لكنها لم تنجح بعد في ردع هذه الاعتداءات العابرة، مما يؤثر سلبا على ممر "مضيق هرمز" الذي يدير نحو 30% من تجارة النفط العالمية.ـ مضيق هرمز :كما يعتبر مضيق هرمز ممرا رئيسيا لصادرات النفط إلى العالم ، وهو ممر ملاحي ضيق في منطقة الخليج، وأطلق عليه لقب "شريان الحياة" للصناعة العالمية. اذ يمر من خلاله نحو ثلث إنتاج النفط العالمي، وظل عبر التاريخ مركزا لصراعات دولية. وسبق أن تم إيقاف تصدير النفط منه إلى الولايات المتحدة والدول الأوروبية لدعمها إسرائيل خلال حرب عام 1973، ويشكل نقطة محورية للتوترات الدولية بين طهران والغرب.ونتيجة للأزمات السياسية، بدأت دول المنطقة في تقليل الاعتماد على مضيق هرمز، ولا يزال يشكل رهانا استراتيجيا بين الدول الكبرى. وفي قلب هذه التوترات والأزمات، يظهر كعامل رئيسي في لعبة المناورات السياسية والنفطية والاستراتيجية.ـ أهمية مضيق هرمز:يربط مضيق هرمز الخليج العربي بالمحيط الهندي، وتحده إيران من الشمال ويقارب طوله 100 ميل وعرضه 21 ميلا في أضيق نقطة، مع ممرات شحن في كل اتجاه بعرض ميلين فقط. ويعتبر مضيق هرمز ممرا استراتيجيا لتجارة النفط العالمية، فالناقلات شحنت 15.5 مليون برميل يوميا من الخام والمكثفات من الخليج العربي وإيران عبره في الربع الأول من 2024 إضافة إلى 20% من إمدادات الغاز عالميا، وفق ما جاءت به بلومبرغ.ويتفق الخبراء على أهمية مضيق هرمز، التي زادت بشكل ملحوظ مع اكتشاف النفط في إيران والجزيرة العربية في بداية القرن الماضي. وتكمن الأهمية الاقتصادية الجوهرية له في كونه ممرا ضروريا لتجارة النفط والغاز على مستوى العالم، حيث يعتبره خبراء الطاقة وشركات النقل بأنه "العنق الزجاجي للعالم" و"نقطة الانضغاط"، الذي يأتي في المقدمة بين النقاط الرئيسية الثمانية في العالم، حيث يعتبر ممرا لنحو 40 مليون برميل من النفط يوميا.ومن خلال المضيق، يمر يوميا حوالي 12 مليون برميل من النفط الخام من السعودية والعراق والكويت وإيران، وفقا لبيانات نشرها موقع "بلومبرغ" في عام 2020. وأصبحت أهمية المضيق أكبر بشكل كبير مع تصاعد الأحداث، بما في ذلك الحرب الروسية في أوكرانيا في فبراير 2022، حيث أصبحت منطقة الخليج وجهة رئيسية للدول الصناعية الكبرى لتأمين احتياجاتها من نفط الخليج العربي. وخلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2023، تمر عبر المضيق متوسط يوميا حوالي 20.5 مليون برميل من النفط الخام والمنتجات النفطية، وفقا لبيانات من شركة التحليلات "فورتيكسا. "وأشارت الشركة إلى أن الناقلات العملاقة تحمل عبر المضيق حوالي 80 مليون طن متري سنويا، ما يشكل حوالي 20% من الاحتياجات العالمية، ونحو 25% من الاحتياجات العالمية للغاز المسال. وتزداد أهمية المضيق بشكل كبير مع توقعات وكالة الطاقة الدولية بارتفاع الطلب العالمي على النفط إلى 121 مليون برميل يوميا بحلول عام 2030.ـ قيمة التجارة االسنوية عبر المضيق :وتتجاوز قيمة التجارة السنوية عبر المضيق تريليون دولار، إذ تشير الأرقام إلى مرور ناقلات تزن أكثر من ملياري ونصف المليار طن سنويا، حيث تشكل شحنات السلع الأولية مثل الحبوب وخام الحديد والإسمنت حوالي 22% من الحمولة، بينما تمثل تجارة الحاويات التي تحمل السلع المصنعة تقريبا 20% من حمولة النقل.وبالنسبة للدول المطلة على الخليج العربي مثل العراق والكويت والبحرين وقطر، يعتبر المضيق المنفذ البحري الوحيد الذي يعتمد عليها بشكل كامل لتصدير واستيراد البضائع، بينما يعتبر المنفذ الرئيسي لدول مثل السعودية وإيران، ولكن لديها كذلك منافذ بديلة تختلف أهميتها من دولة لأخرى.وأما سلطنة عمان، فإنها لا تعتمد بشكل رئيسي على المضيق، حيث لديها واجهة بحرية طويلة على خليج عمان في البحر العربي. ويتجه 80% من النفط الذهبي المنتج في دول الخليج العربية عبر المضيق إلى دول آسيوية، في حين يتجه الباقي إلى دول أوروبا وأمريكا الشمالية.ـ نقطة الضعف :يعد العمق الضحل لمضيق هرمز نقطة ضعفه التي تجعل السفن عرضة للألغام، كذلك قربة من اليابسة تجعل السفن سهلة الاستهداف بالأسلحة الخفيفة أو الصواريخ بدائية الصنع أو اعتراضها بزوارق.ـ سوابق إيرانية :في أبريل 2024، استولت إيران على سفينة حاويات مرتبطة بإسرائيل وأفرجت عن طاقمها أوائل مايو الماضي 2024 .كما انه وفي أبريل 2023، استولت على ناقلة متجهة إلى أمريكا لكنها قالت إن السفينة اصطدمت بأخرى . كما انه وفي شهر مايو 2022، استولت على ناقلتين يونانيتين واحتجزتهما لستة أشهر.ـ إغلاق المضيق :خلال حرب 1980ـ 1988 بين العراق وإيران، هاجمت القوات العراقية محطة تصدير نفط في جزيرة خرج، شمال غرب المضيق، لأسباب منها دفع إيران للانتقام مما يجر أمريكا إلى الصراع وهددت إيران بإغلاق المضيق.ـ حرب الناقلات :خلال نفس الحرب الإيرانية العراقية، فيما سمي بحرب الناقلات، هاجم الجانبان 451 سفينة فيما بينهما، ما زاد من كلفة تأمين الناقلات وأسهم في رفع أسعار النفط وأسفرت عن عقوبات على إيران في 2011 .ـ حماية "هرمز" :منذ عام 1980 انتبهت القوى الدولية لأهمية المضيق، ولجأت البحرية الأمريكية إلى مرافقة السفن عبر الخليج، وفي 2019 أرسلت حاملة طائرات وقاذفات بي-52 لحمايته، كذلك في 2023 تكون تحالف دولي لحماية الملاحة في المضيق والبحر الأحمر.ـ هجمات الحوثي :رفعت مليشيات الحوثي وتيرة الهجمات على السفن وناقلات النفط العابرة للمضيق الأشهر الأخيرة الماضية، إلا أن وتيرة تلك الهجمات قلت نسبيا منذ مقتل إسماعيل هنية القيادي الحمساوي في طهران.ـ توقعات مستقبل الملاحة في مضيق هرمز :نادرا ما يعتبر مضيق هرمز، الذي يقع عند مصب الخليج العربي، بعيدا عن بؤر التوتر العالمي، خاصة وأنه ممر مائي رئيسي يدير نحو 30% من تجارة النفط العالمية، ويخضع لرصد دقيق للكشف عن أي علامات على اضطراب حركة الملاحة فيه.وأثارت التهديدات التي أطلقتها إيران بمعاقبة إسرائيل بسبب اغتيال إسماعيل هنية، زعيم حركة "حماس" الفلسطينية في طهران، مخاوف جديدة حول تعرض حركة الشحن عبر هذا الممر المائي الحيوي للخطر.كما أن إيران تواصل استهداف السفن التجارية التي تعبر هذا المضيق على مدى السنوات، وسبق أن هددت بمنع عبوره. وعلى الرغم من ذلك، لم تهدد إيران بإعاقة حركة المرور هذه المرة بصورة مباشرة، لكنها تدعم نشاط مليشيات الحوثي في اليمن الذين يشنون هجمات على السفن بالقرب من المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وهذا يشير إلى استعداد إيران لإعاقة الشحن العالمي في سعيها لتحقيق أهدافها.ومنذ نهاية عام 2023، تحولت انتباهات كثيرة نحو حماية حركة الشحن بعيدا عن مضيق هرمز إلى جنوب البحر الأحمر ومضيق باب المندب الذي يصله بخليج عدن والمحيط الهندي.وباتت الهجمات التي يشنها المسلحون الحوثيون في اليمن على سفن الشحن والناقلات التي تدخل أو تخرج من البحر الأحمر مصدر قلق أكبر من مضيق هرمز.وتسعى قوات تقودها الولايات المتحدة في البحر الأحمر إلى حماية حركة الشحن في هذه المنطقة.كما انعكست ايضا الغارات الأميركية الإسرائيلية التي استهدفت اليمن في شهر يناير من 2024 ، سلبا على الأسعار والتجارة الدولية، والتي ادت الى ارتفاع سعر برميل النفط الى أكثر من 2 %.ايضا ، قررت شركة "تسلا" تعليق التصنيع في مصنعها الأوروبي للسيارات الكهربائية في ألمانيا، بسبب نقص في مكونات السيارات، الناتج عن تحويل العديد من سفن الشحن بعيدا عن البحر الأحمر. أهمية مضيق باب المندب تكمن في أن 12 % من التجارة العالمية، أي نحو تريليون دولار تمر سنويا من هذا الممر .ـ القانون الدولي :يعتبر المضيق في نظر القانون الدولي جزءا من أعالي البحار، ولكل السفن الحق والحرية في المرور فيه ما دام لا يضر بسلامة الدول الساحلية أو يمس نظامها أو أمنها. وفي 30 أبريل 1982 تمّ اعتماد الاتفاقية الدولية لقانون البحار، وذلك من جهة الدول المطلة على البحار، وأهم ما في هذه الاتفاقية المادة 38 منها وهي كالآتي:ـ تتمتع جميع السفن العابرة للمضائق الدولية، بما فيها مضيق هرمز، بحق المرور دون أي عراقيل، سواء كانت هذه السفن ناقلات تجارية أو عسكريةـ في مؤتمر قانون البحار جنيف 1958 ـ 1960 حاولت إيران خلال المؤتمر الأول والثاني لانعقادهما لوضع "قانون البحار"، واللذان عقدا تحت راية الأمم المتحدة، المطالبة بحقها في الإشراف على مضيق هرمز باعتباره يقع ضمن مياهها الإقليمية، إلا أن طلبها رفض من قبل جميع المشاركين. وفي مؤتمر قانون البحار (30 أبريل 1980 ): طالبت إيران مجددا بحقها في الإشراف على مضيق هرمز، إلا أن طلبها رفض كليا وللمرة الثالثة. حتى جاء القانون الدولي لحماية المضائق البحرية في أبريل 1982م.ـ تجارة النفط عبر المضيق 2014ـ 2018 :وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فإنه في عام 2011، تم نقل ما معدله 14 ناقلة نفط في اليوم من الخليج العربي عبر المضيق محملا 17 مليون برميل (2.700.000 م 3) من النفط الخام. ويقال أن هذا يمثل 35% من شحنات النفط المنقولة بحراً في العالم و20% من النفط المتداولة في جميع أنحاء العالم. وذكر التقرير أن أكثر من 85% من صادرات النفط الخام ذهبت إلى الأسواق الآسيوية، مع اليابان والهند وكوريا الجنوبية والصين أكبر الوجهات.
|
|||||||||||||||