تحليلات
كتب فاطيمة طيبى 6 نوفمبر 2024 1:25 م - التعليقات العالم يغرق بالديون ومواجهة إعادة تمويلها تنذر بأزمة مالية جديدة اعداد ـ فاطيمة طيبي ارتفاع الدين العام إلى مستويات غير مسبوقة أصبح يشكل تهديدا للاقتصاد العالمي، ويشكل مخاوفا من أن ينزلق العالم إلى أزمة مالية عالمية جديدة. وبحسب مقال رأي نشرته جريدة "فايننشال تايمز" للكاتب مايكل هاول فإن "الأزمات المالية غالبا ما تصطدم بجدار من الديون، ونحن نسير بالفعل نحو سفوح أزمة أخرى في الوقت الراهن" . والكاتب هاول هو أحد المحللين الاقتصاديين المعروفين، كما أنه المدير الإداري لشركة "كروسبوردر كابيتال" ومؤلف كتاب "حروب رأس المال: صعود السيولة العالمية". ويقول هاول في مقاله " إنه "ليس حجم فاتورة الفائدة المتزايد هو المهم فحسب، بل أيضا مهمة تجديد كومة من الديون المستحقة، وسوف يثبت العام المقبل، وخاصة عام 2026، أنه عام مليء بالتحديات بالنسبة للمستثمرين"، على حد تعبيره.كما إن بعض الدول تواجه تكدسا في عمليات إعادة تمويل الديون التي تم سحبها في الغالب قبل بضع سنوات، عندما كانت أسعار الفائدة في أدنى مستوياتها و أن توترات إعادة التمويل المماثلة ساعدت في إشعال شرارة العديد من الانهيارات المالية السابقة مثل الأزمة الآسيوية في عامي 1997 و1998 والأزمة المالية في عامي 2008 و2009". ـ مصدر التوترات المالية : وتنشأ التوترات لأن الديون تنمو باستمرار في حين أن السيولة دورية، حيث يثبت التاريخ أن الاستقرار المالي يتطلب نسبة شبه ثابتة بين مخزون الديون ومجموع السيولة، فالكثير من الديون نسبة إلى السيولة يهدد بأزمات إعادة التمويل مع استحقاق الديون وعدم القدرة على ترحيلها. وفي الطرف الآخر، يؤدي الإفراط في السيولة إلى التضخم النقدي وفقاعات أسعار الأصول. ومن الأهمية بمكان أن يسلك صناع السياسات مسارا وسطا، بحسب ما يؤكد الكاتب. ويؤكد الكاتب إنه "في عالم تهيمن عليه إعادة تمويل الديون، فإن حجم قدرة الميزانية العمومية للقطاع المالي يشكل أهمية أكبر من مستوى أسعار الفائدة. فنحو ثلاثة من كل أربعة صفقات تتم الآن من خلال الأسواق المالية تعيد تمويل القروض القائمة. وعلى سبيل المثال، إذا أخذنا متوسط استحقاق سبع سنوات، فإن هذا يعني أن نحو 50 تريليون دولار أميركي من الديون العالمية القائمة لابد وأن يتم ترحيلها في المتوسط كل عام". وتظهر أحدث التقديرات وجود زيادة قدرها 16.1 تريليون دولار في السيولة العالمية على مدى الأشهر الاثني عشر الماضية، وارتفاعا بنحو 5.9 تريليون دولار منذ نهاية يونيو لتصل إلى ما يقرب من 175 تريليون دولار: وهو ما يعادل نحو 1.5 ضعف الناتج المحلي الإجمالي العالمي. لكن الكاتب يقول إن الأسواق سوف تطلب المزيد من السيولة لإشباع الشهية الجشعة للديون، فمنذ عام 1980، بلغ متوسط نسبة ديون العالم المتقدم إلى السيولة العالمية 2.5 مرة، وفي عام الأزمة 2008 بلغ 2.9 مرة. واستمر في بلوغ ذروته أثناء أزمة البنوك في منطقة اليورو في الفترة 2010-2012. وبحلول عام 2027، من المرجح أن يتجاوز مرة أخرى 2.7 مرة. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنه بحلول عام 2026 من المرجح أن يقفز جدار الاستحقاق، الذي يقيس حجم الديون السنوية للاقتصادات المتقدمة وحدها، بنحو الخمس إلى أكثر من 33 تريليون دولار من حيث القيمة المطلقة، أو ثلاثة أمثال إنفاقها السنوي على الإنفاق الرأسمالي الجديد. ـ كبير الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي: البنوك المركزية حققت "إنجازا كبيرا" بشأن التضخم : خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي للعام 2025 وحذر من تسارع المخاطر الناجمة عن الحروب والحمائية التجارية، حتى مع إشادته بالبنوك المركزية لترويض التضخم دون دفع الدول إلى الركود. وقال صندوق النقد الدولي في تحديث لتوقعاته الاقتصادية العالمية الصادر في 22 اكتوبر 2024 إن الناتج العالمي سيتوسع بنسبة 3.2%، وهو أبطأ بنحو 0.1 نقطة مئوية من تقديرات يوليو. وترك التوقعات لهذا العام 2024 دون تغيير عند 3.2%. وسوف يتباطأ التضخم إلى 4.3% العام المقبل 2025 من 5.8% في عام 2024. وكان الصندوق يحذر منذ عامين من أن الاقتصاد العالمي من المرجح أن يتوسع عند مستواه المتوسط الحالي في الأمد المتوسط - وهو ما يقل كثيرا عن إعطاء الدول الموارد التي تحتاجها للحد من الفقر ومواجهة تغير المناخ. وقال كبير الاقتصاديين بيير أوليفييه جورينشاس في إفادة صحفية: "تتزايد المخاطر على الجانب السلبي، وهناك حالة متزايدة من عدم اليقين في الاقتصاد العالمي . وهناك مخاطر جيوسياسية، مع إمكانية تصعيد الصراعات الإقليمية"، والتي قد تؤثر على أسواق السلع الأساسية. "هناك ارتفاع في الحمائية والسياسات الحمائية والاضطرابات في التجارة التي قد تؤثر أيضا على النشاط العالمي". في حين أن التوقعات لا تذكر صراحة الا بعد الانتخابات الأميركية، فإن المنافسة في غضون أسبوعين تلوح في الأفق بشأن الاجتماعات السنوية التي ستشهد اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية من ما يقرب من 200 دولة في مقر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن، على بعد ثلاث كتل فقط من البيت الأبيض. وفي تحليل أجرته بلومبرغ إيكونوميكس في وقت سابق من هذا العام أن تعهد دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 60% على الواردات من الصين ورسوم بنسبة 10% على الواردات من بقية العالم من المرجح أن يحفز التضخم ويضغط على بنك الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة. وأعرب صندوق النقد الدولي الأسبوع الثاني من اكتوبر عن قلقه بشأن الدين العام العالمي، والذي من المتوقع أن يصل إلى 100 تريليون دولار، أو 93% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بحلول نهاية هذا العام. ويقود هذا الارتفاع الولايات المتحدة والصين. ويحث الصندوق الحكومات على اتخاذ قرارات صعبة لتحقيق الاستقرار في الاقتراض. وقال صندوق النقد الدولي إنه مع قلة الشهية السياسية لخفض الإنفاق وسط ضغوط لتمويل الطاقة النظيفة ودعم السكان المسنين وتعزيز الأمن، فإن "المخاطر التي تهدد آفاق الديون تميل بشدة إلى الاتجاه الصعودي". ـ توقعات مستقبلية : فيما يتعلق بتوقعات العام المقبل، تم تخفيض توقعات صندوق النقد الدولي لمنطقة اليورو إلى 1.2%، أي أقل بنسبة 0.3% عن شهر يوليو، بسبب الضعف المستمر في التصنيع في ألمانيا وإيطاليا. وتم خفض التوقعات للمكسيك لهذا العام 2024 من قبل أكبر عدد من الاقتصادات الكبرى، وكذلك للعام المقبل 2025 ، بناء على تأثير تشديد السياسة النقدية. وخفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الصين لهذا العام إلى 4.8% من 5% في السابق بسبب ضعف قطاع العقارات وانخفاض ثقة المستهلك، مع الإبقاء على توقعات عام 2025 عند 4.5%. ورفع الصندوق تقديراته للولايات المتحدة هذا العام إلى 2.8% و2.2% العام المقبل بسبب الاستهلاك الأقوى. وأشاد صندوق النقد الدولي بالبنوك المركزية لإبطاء التضخم دون دفع الاقتصادات إلى الركود، وهو ما وصفه جورينشاس بأنه "إنجاز كبير" بناء على التوقعات بالخطوات الضرورية المتوقعة قبل عامين لتحقيق خفض التضخم. ومع ذلك، يواجه العالم مخاطر من تأثير السياسة النقدية على النمو أكثر من المقصود، وتفاقم ضغوط الديون السيادية في الاقتصادات الناشئة والنامية، وتجدد ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة بسبب الصدمات المناخية والحرب والتوترات الجيوسياسية، حسبما قال صندوق النقد الدولي.
|
|||||||||||||||