أبحاث
كتب فاطيمة طيبى 10 نوفمبر 2024 1:03 م - التعليقات معيار المحاسبة رقم 51 يزيد من موثوقية القوائم المالية لبيئة استثمارية مستقرة اعداد ـ فاطيمة طيبي وصف عاطف الشريف رئيس البورصة المصرية الأسبق والشريك المؤسس لشركة الشريف للاستشارات المالية والمحاماة، تطبيق معيار المحاسبة المصري رقم 51 المتعلق بالتضخم المفرط بأنه خطوة محورية لتعزيز دقة وشفافية القوائم المالية للشركات، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة التي تتسم بارتفاع كبير في معدلات التضخم نتيجة عدم التوازن بين التدفقات النقدية وحجم السلع المتاحة. ـ التضخم يضعف التكلفة التاريخية والمعيار يوفر حلولا محاسبية دقيقة : أوضح الشريف أن تطبيق المعيار المحاسبي الجديد سيحدث نقلة نوعية في دقة التقارير المالية، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تشهد تضخما مستمرا. وأكد أن المعيار سيساهم في.. ـ تحسين جودة المعلومات المالية، مما يعزز من مصداقيتها ويضمن موثوقيتها في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة. ـ سيساهم هذا المعيار في زيادة الشفافية المالية، من خلال الإفصاح الكامل عن البيانات الجوهرية التي تعتبر محورية لجميع الأطراف ذات العلاقة، بما في ذلك المستثمرين والمتعاملين. ـ المعيار يدعم رفع مستوى المقارنة بين التقارير المالية للعديد من الشركات، ما يعزز القدرة على تقييم أدائها بشكل موضوعي ودقيق. ـ هذا التحسين في جودة التقارير المالية سيكون له تأثير بالغ على طريقة قراءة وتحليل المستثمرين لتلك التقارير، حيث سيمنحهم أداة أكثر دقة وموثوقية في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية، ما يعزز الثقة في الأسواق المالية، ويعود بالنفع الكبير على جميع الأطراف المعنية، ويساهم في خلق بيئة استثمارية أكثر استقرارا. ـ النظام المحاسبي التقليدي الذي يعتمد على التكلفة التاريخية أصبح غير قادر على توفير صورة واقعية تعكس القوة الشرائية الفعلية، إذ أن تسجيل الأصول بالتكلفة التاريخية يفقد تلك الأصول قيمتها النقدية الحقيقية في ظل موجات التضخم المتسارعة. وأضاف أن هذا القصور يحد من قدرة الإدارة على اتخاذ قرارات استراتيجية دقيقة، ويقلل من وضوح البيانات المالية للمستثمرين والجهات المعنية مثل المصارف والمحللين الاقتصاديين، ما قد يعرقل جذب الاستثمارات ويساهم في غياب الشفافية. ـ إعادة تقييم الأصول يزيد قدرة الشركات على اتخاذ قرارات استراتيجية: وأكد الشريف أن معيار المحاسبة رقم 51 يساهم في تجاوز هذا التحدي عبر اعتماد نظام لتعديل القوائم المالية، يعيد تقييم الأصول والالتزامات بحيث تعكس القيم الحقيقية التي تتأثر بالتضخم. ويتيح هذا المعيار تقديم معلومات مالية موثوقة تعبر عن القوة الشرائية الواقعية، وتساهم في ترسيخ مصداقية القوائم المالية، ما يعزز من ثقة المستثمرين والجهات التنظيمية، ويخلق بيئة استثمارية أكثر استقرارًا وجاذبية على المدى البعيد. وأشار الشريف إلى أن مبدأ التكلفة التاريخية يعد غير ملائم في بيئات التضخم المرتفع، وهو ما يعزز الحاجة الماسة لتطبيق المعيار المحاسبي المصري رقم 51. وأوضح أن التكلفة التاريخية تعتمد على فرض ثبات القوة الشرائية لوحدة النقد، مما يتجاهل الآثار السلبية المستمرة للتضخم على القيمة الحقيقية للأصول والالتزامات، ويؤدي إلى نتائج محاسبية غير موضوعية في ظل الظروف الاقتصادية المتقلبة. وأوضح أن التكلفة التاريخية تقوم على مبدأ الحفاظ على القيمة الأصلية للاستثمار النقدي، وهو ما يصبح غير ذي جدوى في فترات التضخم المرتفع، حيث لا تعكس هذه الطريقة التغيرات الحقيقية في قيم الأصول أو التزامات الشركات. ومن ثم، فإن اعتمادها في فترات التضخم يؤدي إلى انحرافات كبيرة في القياس المحاسبي ويؤثر سلبًا على دقة التقارير المالية، ما يجعلها غير قادرة على تقديم صورة دقيقة للواقع الاقتصادي. وتابع قائلا: "في ظل هذا الواقع، يعتبر مبدأ التكلفة التاريخية من المبادئ المحاسبية التي تضررت بشدة جراء تأثيرات التضخم، ما يستدعي استبعاده عند تطبيق المعيار الجديد، الذي يعتمد بدلا من ذلك على إعادة تقييم الأصول والالتزامات وفقا للقوة الشرائية الحالية، مما يوفر مقاربة أكثر دقة وواقعية للتحديات الاقتصادية الراهنة " . وبين رئيس البورصة المصرية الأسبق، أن المعيار الجديد سيحمل تأثيرات مهمة على القرارات المالية والاستثمارية للمنشآت. وأوضح أن التضخم يمثل تحديا في الفكر المحاسبي، خاصة في ظل الارتفاع المستمر في أسعار السلع والخدمات على المستوى العالمي، ما يجعل القيم النقدية المسجلة بالدفاتر أقل مصداقية بسبب التغيرات السريعة في القوة الشرائية للعملة. وأكد الشريف أن معيار التضخم المفرط يوفر حلولا محاسبية تعالج هذه الإشكالية، حيث يمكن النظام المحاسبي من تقديم صورة أقرب للواقع المالي للمنشآت، ويمنحها مرونة أعلى في اتخاذ القرارات الاستراتيجية. وأضاف أن التعديلات التي يقدمها المعيار تساهم في تقديم قوائم مالية محدثة تعكس حقيقة المركز المالي للشركات، وذلك من خلال إعادة تقييم الأصول والالتزامات لتظهر بالقيم التي تتأثر بالتضخم. ـ آلية تطبيق المعيار: وعن آلية تطبيق المعيار، أشار الشريف إلى أن معيار المحاسبة المصري رقم 51، الذي تم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 23 أكتوبر 2024، يعادل في مضمونه ومعاييره معيار المحاسبة الدولي رقم IAS 29، والذي يختص بالاقتصاديات ذات معدلات التضخم المرتفعة. ومن هذا المنطلق، يصبح هذا المعيار نافذًا وملزمًا، مما يستدعي من الشركات الالتزام التام بأحكامه لضمان توافق تقاريرها المالية مع المعايير الدولية، وبالتالي تحقيق الشفافية والدقة في الإفصاحات المالية. وأوضح الشريف أن الخطوة الأولى في تطبيق المعيار تكمن في تحديد مؤشر الأسعار العام، الذي سيكون أساسًا لإعادة تقييم الأصول والالتزامات المالية. وأكد أن الشركات ستعتمد في هذا السياق على مؤشرات الأسعار التي تصدرها الجهات الرسمية، مثل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بما يضمن توافق الأرقام مع الواقع الاقتصادي الراهن. وأشار إلى أن هذا المؤشر سيلعب دورًا محوريًا في تعديل القيم المالية غير النقدية، مثل الأصول الثابتة والمخزون، لتتناسب مع القوة الشرائية الحقيقية التي تأثرت نتيجة التضخم المفرط. ـ التطبيق يعزز الملاءة المالية ويزيد من القيمة السوقية للشركات: وأضاف الشريف أن المعيار يتطلب أيضا تعديل البنود المالية بحيث تعكس القيم الجديدة وفقا للتغيرات التي طرأت على القوة الشرائية، موضحا أن هذه التعديلات ستشمل جميع الأصول والالتزامات المالية. ولفت إلى أن الشركات ستضطر إلى الإفصاح بشكل تفصيلي وواضح عن تأثيرات التضخم على نتائجها المالية، سواء من حيث تأثير التعديلات على الأرباح والخسائر، أو انعكاسات ذلك على نسب المديونية وارتفاع نسب التداول والربحية، وهو ما سيساهم في تقديم صورة مالية أكثر دقة وشفافية للمستثمرين والمحللين الاقتصاديين. وفيما يخص تأثير تطبيق هذا المعيار على الملاءة المالية للشركات، أكد الشريف أن .. 1 ـ المعيار سيعمل على تعزيز الوضع المالي للشركات من خلال إعادة تقييم الأصول الثابتة. فعلى سبيل المثال، إذا كانت الشركة تمتلك أصولا ثابتة بقيمة تاريخية 20 مليون جنيه، فإن تطبيق المعيار قد يؤدي إلى تعديل قيمتها لتصل إلى 40 أو 50 مليون جنيه، مما ينعكس إيجابا على رأس المال العامل للشركة. كما أن تعديل قيمة المخزون ليتماشى مع التضخم سيساهم في تحسين تقدير تكلفة البضاعة المباعة، ويمنح صورة أكثر دقة للأرباح الإجمالية. مشيرا إلى إن تطبيق هذا المعيار سيعزز الملاءة المالية للشركات، ما يسهل من حصولها على التمويل اللازم لتنفيذ خططها التوسعية، شريطة أن تبقى ملاءتها المالية في الحدود التي تسمح لها بذلك. 2 ـ وذكر رئيس البورصة المصرية الأسبق، أن تطبيق المعيار الجديد، والذي يتطلب إعادة تقييم شاملة للأصول والالتزامات وفقا لمؤشرات الأسعار الحديثة، من شأنه أن يؤدي إلى زيادة القيمة السوقية للشركات. كما أن تعديل البنود المالية غير النقدية لتتناسب مع القوة الشرائية الحالية، مثل الأصول الثابتة والمخزون والالتزامات المالية، سيمنح صورة أكثر دقة عن الوضع المالي للشركات، ما قد يساهم في تحسين تقييم السوق لها. وهذا التقييم الجديد قد يعكس القدرة الفعلية للشركات على التوسع والنمو في بيئات التضخم المرتفع، مما يجعلها أكثر جذبا للمستثمرين. 3 ـ أن تطبيق المعيار المحاسبي المصري رقم 51 سيؤدي إلى تغييرات جوهرية في القوائم المالية للشركات، وهو ما سيعكس زيادة ملحوظة في القيم المالية المدونة. ايضا أن هذه التعديلات قد تؤثر بشكل او بآخر على قيمة الضرائب والرسوم المقررة على الشركات، نظرا للتأثيرات التي ستطال الأرباح والخسائر نتيجة هذا التعديل، مما يستوجب من الشركات الإفصاح بدقة عن آثار التضخم على نتائجها المالية. 4 ـ تأثير تطبيق المعيار لا يقتصر على الشركات المدرجة في البورصة فقط، بل سيشمل جميع الشركات العاملة في الاقتصادات التي تعاني من التضخم المفرط. كما أن هذا المعيار يهدف إلى توفير صورة محاسبية دقيقة للمجتمع الاقتصادي بشكل عام، بحيث تساعد الشركات على تحسين استراتيجياتها المالية واتخاذ قرارات استثمارية مدروسة بناء على الوضع الفعلي للأصول والالتزامات. 5 ـ ان الوضع المالي للشركات قبل تطبيق المعيار المحاسبي الجديد كان يعاني من تحديات عدة نتيجة لارتفاع معدلات التضخم. فالقوائم المالية التي كانت تعد في ظل هذه الظروف، سواء على أساس التكلفة التاريخية أو التكلفة الجارية، لم تكن قادرة على تقديم صورة دقيقة وواقعية عن الوضع المالي للشركات. اضف أن البيانات المالية، في ظل التضخم المرتفع، كانت مفيدة فقط إذا تم التعبير عنها بوحدة قياس جارية تعكس القوة الشرائية في تاريخ إعداد الميزانية العمومية. 6 ـ المعيار المحاسبي المصري رقم 51 جاء لمعالجة هذه الفجوة، حيث أصبح من الضروري تطبيقه على البيانات المالية الأساسية للشركات التي تعد تقاريرها في بيئات اقتصادية تشهد تضخما مرتفعا. بالاضافة إلى أنه ووفقا لهذا المعيار، لا يمكن تقديم المعلومات المطلوبة كمعلومات إضافية فقط للقوائم المالية غير المعاد بيانها، بل يجب أن تكون جزءا لا يتجزأ من القوائم المالية المعاد إعدادها لتقديم صورة أكثر دقة وواقعية عن الأداء المالي للشركات، لأن تقديم البيانات المالية قبل إعادة البيان بصورة منفصلة يعد أمرا غير مرغوب فيه، حيث قد يؤدي إلى تباين في التقييمات المالية. وأكد الشريف أن تطبيق المعيار المحاسبي المصري رقم 51، رغم أهميته الكبيرة في مواجهة تحديات التضخم المفرط، قد يواجه عدة معوقات جوهرية تستدعي استعدادا دقيقا من الشركات لضمان تطبيقه بكفاءة. 7 ـ التحدي الأول .. يكمن في العمليات الحسابية المعقدة التي يتطلبها المعيار، حيث يستدعي الأمر إجراء إعادة تقييم شاملة للأصول والالتزامات، وهو ما يتطلب تأهيلا متقدما للمحاسبين. لأنه من الضروري تدريب فرق العمل بشكل موسع على المهارات التقنية والمعرفية المتخصصة، حتى تتمكن من فهم الطريقة الصحيحة لاستخدام أدوات المعيار بكفاءة. هذا التدريب، مما سيشكل استثمارا أساسيا لضمان تنفيذ المعيار بالشكل المطلوب. 8 ـ أما التحدي الثاني ..، فيتمثل في صعوبة الحصول على مؤشرات الأسعار الدقيقة والمحدثة في الوقت المناسب، وهي العوامل الأساسية التي يعتمد عليها المعيار لإجراء التعديلات المحاسبية الضرورية. لأنه وفي حال تأخرت الشركات في الحصول على تلك المؤشرات من الجهات الرسمية، قد يؤثر ذلك بشكل كبير على توقيت تطبيق التعديلات اللازمة. 9 ـ التحدي الثالث .. يتمثل في مقارنة النتائج المالية الحالية مع الفترات السابقة التي لم يكن فيها المعيار مطبقا. إذ قد يثير هذا التباين في الأرقام المالية صعوبة في تفسير التغيرات، ويستدعي إعداد تقارير تفسيرية لتوضيح تأثيرات هذه التعديلات على القوائم المالية، مؤكدا أن هذه التحديات تستدعي من الشركات استثمارا جادا في الوقت والمال والجهد لإعادة هيكلة أنظمتها المحاسبية وتطوير قدرات موظفيها. حيث أن التطبيق الناجح لهذا المعيار يتطلب استثمارا طويل الأمد في التدريب والتطوير، وهو ما سيمكن الشركات من الاستفادة من المزايا الكبيرة التي يوفرها المعيار في تحسين دقة التقارير المالية .
|
|||||||||||||||