أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
12 يناير 2025 3:07 م
-
تمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة قرار واقعي يعكس رؤية المركزي

تمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة قرار واقعي يعكس رؤية المركزي

 اعداد ـ فاطيمة طيبي 

شهر ديسمبر 2022 كانت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي قد أعلنت في بيان اجتمعاها عن تحديد معدلات التضخم المستهدفة عند مستوى 7%(±2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من 2024، ومستوى 5%(±2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من 2026.

أكد محللو الاقتصاد الكلي أن تمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة يعكس رؤية المركزي بقاء معدلات التضخم عند مستويات مرتفعة، بما لا يتماشى مع توقعه السابق المعلن عنه في ديسمبر 2022، والذي وصفه البعض بكونه غير واقعي، منوهين إلى أن البنوك المركزية تفضل هذا الاتجاه بهدف الحفاظ على مصداقيتها.

وقالوا إن السبب في اتجاه المركزي لاتخاذ هذا القرار الواقعي من وجهة نظرهم، يرجع إلى إعادة تشكيل رؤية للمرحلة الحالية والأشهر المقبلة في ظل المتغيرات الاقتصادية ووجود ظروف كثيرة، حالت أمام تحقيق المستهدفات في الإطار الزمني المحدد، ما دفع للقيام بذلك بحثًا عن المزيد من الوقت، حتى يتمكن من توفير مساحة للوصول إلى المستهدف بعد استقرار كل العوامل التي تعيق ذلك.

وأضاف محللو الاقتصاد أن اتجاه المركزي لإطالة أمد التضخم المستهدفة يشير إلى كونه ملتزما بالمستهدف، وأن الانحراف أو العدول عنه ناتج عن التغييرات التي طرأت، منوهين إلى أبرز العوامل التي أثرت على معدلات التضخم وأبقته مرتفعا، تتمثل في ارتفاع سعر الدولار لمستويات قياسية بجانب إجراءات الضبط المالي المرتبطة بتحريك أسعار السلع الأساسية، مثل الطاقة وغيرها.

وأشاروا إلى أكثر عامل أدى إلى ابتعاد التضخم عن مستهدفاته وهو هشاشة الوضع الخارجي والتغيرات العالمية والتي أسفرت عن اختلالات هيكلية، بالإضافة إلى المتغيرات النقدية التي ارتبطت بنمو المعروض النقدي، وكذلك النمو في اقتراض الحكومة. وأوضحوا أن تحركات الحكومة لضبط الأسعار، وتأمين مستويات كافية من السلع الإستراتيجية، من شأنها الحد من التأثر السريع بصدمات الأسعار العالمية.

واتفقوا على استمرار التضخم في مسار نزولي خلال 2025، ما لم تحدث أي صدمات أخرى، مؤكدين على وجود تأثير قوي لسنة الأساس، بينما تباينت التوقعات بشأن معدلات التضخم المتوقع تسجيلها العام القادم .

وأشاروا إلى أبرز العناصر التي ستتحكم في التضخم خلال الفترة المقبلة ..

1 ـ حركة سعر العملة .

2 ـ  مدى سرعة وشدة إجراءات إعادة هيكلة الإنفاق في الموازنة العامة للدولة ووتيرة رفع أسعار الوقود .

3 ـ التغيرات العالمية المرتقبة في ضوء تطور الأوضاع الجيوسياسية.

يذكر أن البنك المركزي قرر في اجتماع السياسة النقدية الأخير، تمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة إلى الربع الرابع من عام 2026 والربع الرابع من عام 2028 عند 7% (± 2 نقطة مئوية) و5% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط على الترتيب، وذلك اتساقا مع التقدم التدريجي للبنك المركزي نحو اعتماد إطار متكامل لاستهداف التضخم.

وقال المركزي إن معدل التضخم العام في مصر بدأ في التراجع خلال الآونة الأخيرة، ومن المتوقع أن يسجل نحو 26% في الربع الرابع من عام 2024 في المتوسط، متخطيا بذلك المعدل المستهدف للبنك المركزي البالغ 7% (± 2 نقطة مئوية) .

ـ توقعات بانخفاض التضخم بشكل تدريجي ونسب قليلة :

قال أحمد أبو السعد الرئيس التنفيذي لشركة أزيموت مصر، إن قيام البنك المركزي المصري بتمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة، يرجع إلى كون المستهدفات غير واقعية، ولذا كان من الطبيعي أن يتجه المركزي إلى تعديل المستهدف أو المدى الزمني له. ومن المتوقع أن نشهد بداية انخفاض في التضخم خلال الفترة القادمة، وهو ما تؤكده الأرقام، ولا أظن أن ذلك سيتم بوتيرة كبيرة، بل أعتقد أن التراجع سيتم بشكل تدريجي ونسب قليلة.

وأكد الرئيس التنفيذي لشركة أزيموت مصر، أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ خلال النصف الأول من عام 2025 مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، متوقعا وصول معدلات التضخم إلى مستوى 20% (±1 نقطة مئوية) خلال تلك الفترة، وذلك استنادا إلى سنة الأساس، والتي تعد العامل ذا التأثير الأكبر.

ويرى أبو السعد أنه من الصعب التكهن حاليا بوضع التضخم في النصف الثاني من العام، حيث إن ذلك سيتحدد وفقا للتغييرات العالمية المرتقبة، وأبرزها تطور الأوضاع الجيوسياسية، لذا ستتم مراقبة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب وتقييم آثارها المحتملة على مؤشرات الاقتصاد الكلي.

ونوه بأن الاتجاه الحالي على مستوى العالم الخارجي نحو خفض أسعار الفائدة من جانب البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة والناشئة، وكذلك الهدوء الذي شهدته الأسعار، كان لهما دور في الحد من زيادة التضخم محليا، ودفعه نحو الانخفاض.

ـ  انخفاض مرتقب لأسعار الفائدة بين 100 إلى 150 نقطة أساس في فبراير القادم:

كما يتوقع الرئيس التنفيذي لشركة أزيموت مصر أن تقوم لجنة السياسة النقدية بخفض أسعار الفائدة في حدود 100 أو 150 نقطة أساس في اجتماعها القادم المزمع عقده في شهر فبراير المقبل 2025 .

ـ وتيرة الانخفاض ستكون أكبر بالنصف الأول من العام.. ومتوسط التضخم سيتراوح بين 15.7 % و16% خلال 2025 :

 قالت منى بدير كبير الاقتصاديين بقطاع البحوث بأحد البنوك الخاصة، إن البنوك المركزية تفضل تمديد الأفق الزمني للمستهدفات أكثر من تغيرها رغبة في الحفاظ على مصداقيتها، خاصة أن تغيير المستهدف بقدر كبير قد يكون له تأثير.

وأوضحت أن البنوك المركزية تلجأ لذلك مع وجود ظروف جعلت من الصعب تحقيق المستهدفات في الإطار الزمني المحدد، وحتى تتمكن من توفير مساحة للوصول إلى المستهدف الخاص بها، بعد استقرار جميع العوامل التي تعوق ذلك.

وأضافت إن إطالة المدة تشير لكون البنك المركزي ملتزما بالمستهدف، وأن الانحراف عنه نتج عن التغييرات التي طرأت، والتي أشار إليها أكثر من مرة والمتعلقة بالإصلاحات ومنها إجراءات الضبط المالي إلى جانب تداعيات حرب أوكرانيا وأزمة النقد الأجنبي.

وأكدت أن ضعف الوضع الخارجي للتغيرات العالمية أسفر عن اختلالات هيكلية، وهو ما لم يتم معالجته على مدار فترة طويلة، ما تسبب في ارتفاع المديونية، وجعل مصر أكثر عرضه للأزمات الخارجية التي تضاعف تأثيرها خلال أزمة أوكرانيا.

كما أن حساسية الاقتصاد للتغيرات العالمية كان لها تأثير، في ظل ارتفاع المديونية والتي لها أسباب هيكلية كثيرة منها عجز الموازنة والاقتراض، فضلا عن ضعف إيرادات الصادرات، وكذلك العوامل الهيكلية المرتبطة بهيكل الاقتصاد وضعف دور القطاع الخاص، اضف أن هذا التأثير ألقى بظلاله على التضخم، سواء المرتبط بأسعار السلع العالمية أو تغير سعر صرف الجنيه الذي تأثر بخروج الاستثمار الأجنبي غير المباشر.

وترى أن التضخم سيستقر في مسار تنازلي خلال 2025، ما لم تحدث صدمات أخرى سواء خارجية أو غيرها من المتغيرات، متوقعة انخفاضه بشكل كبير تأثرا بسنة الأساس وخاصة في الربع الأول من 2025، الأمر الذي من شأنه دفع التضخم للانخفاض إلى مستويات أقل من 15% في فبراير.

وأكدت منى بدير أن وتيرة الانخفاض ستكون واضحة بشكل أكبر في النصف الأول من العام، مقارنة بالنصف الأخير، نظرا لتأثير سنة الأساس. وتوقعت أن يتراوح متوسط التضخم خلال العام الجاري بين 15.7% و 16% .

ـ تحركات الحكومة تهدف لتأمين مستويات كافية من السلع الإستراتيجية تحد من التأثر بصدمات الأسعار العالمية:

وقالت إن هناك 3 عوامل هيكلية مؤثرة على التضخم كانت موجودة في العام 2024، ولن تتواجد العام الحالي، أبرزها ..

1 ـ  التحركات الكبيرة في سعر صرف الجنيه والذي رغم التوقع بمواصلة انخفاضه خلال 2025 إلا أن النسبة لن تتجاوز 10% .

2 ـ العامل الثاني : يتمثل في الاستقرار الكبير في أسعار السلع العالمية خاصة الأساسية سواء الغذائية أو الطاقة  لافتة إلى أن التوقعات لأسعار البترول والغاز تشير إلى الاستقرار، متوقعة انخفاض أسعار النفط.

3 ـ  العامل الثالث: حدة إجراءات الضبط المالي وستكون وتيرتها أقل خلال العام الحالي، و تصريحات وزير المالية أحمد كجوك الأخيرة عن عدم تحريك أسعار الطاقة خلال النصف الأول من العام، وهو ما يدل على وجود ترتيبات محددة مع صندوق النقد.

اضف إن جزءا كبيرا من مغذيات التضخم، كانت تتمثل في المتغيرات النقدية، التي كانت مرتبطة بشكل كبير بالنمو في المعروض النقدي وكذلك نمو اقتراض الحكومة، كما أن وتيرة هذه العوامل انخفضت خلال العام 2024 ، لا سيما في ظل الاتجاه نحو الالتزام بأن يكون السحب على المكشوف للحكومة من البنك المركزي في الحدود القانونية، وهو ما أوصى به صندوق النقد الدولي.

ـ أسعار الفائدة المرتفعة أثرت بشكل كبير على معدلات نمو الائتمان المحلي :

وأشارت إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة أثرت بشكل كبير على معدلات نمو الائتمان المحلي، وهو ما يظهر بصورة واضحة في حجم تمويلات القطاع الخاص، موضحة أن هناك عاملا آخر تتم متابعته، وهو تحركات الحكومة لضبط الأسعار، ولا يقصد به أسعار التجار المحليين، بقدر ما تهدف التحركات لتأمين مستويات كافية من السلع الإستراتيجية، والتي تجعل التأثر السريع بصدمات الأسعار العالمية ليس كبيرا، مثل تأمين مخزون من القمح والسلع الإستراتيجية الأخرى.

ـ صياغة رؤية جديدة للمستهدفات في ضوء المتغيرات:

 قالت إسراء أحمد محلل الاقتصاد الكلي بشركة الأهلي فاروس، إن مد الأفق الزمني لتحقيق مستهدفات التضخم يعبر عن رؤية البنك المركزي لبقاء معدلات التضخم مرتفعة ومكونا من رقمين لفترة طويلة، وهو ما لا يتماشى مع توقعه السابق الصادر بتاريخ ديسمبر  2022.

كما أن السبب في اتجاه المركزي المصري لاتخاذ هذا القرار، يرجع إلى إعادة تشكيل رؤية للمرحلة الحالية والأشهر المقبلة في ظل المتغيرات التي مر بها الاقتصاد المصري خلال العامين الماضيين، من اضطراب في سوق العملة وصدمات عرض في بعض السلع والخدمات، وكذلك في ضوء المرحلة المقبلة وبعض الإجراءات المتوقعة مع احتمالية تفاقم بعض الظروف غير المواتية عالميا. وتابعت محلل الاقتصاد الكلي: " لذا فإن الإبقاء على توقع التضخم السابق عند 7% (±2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من العام2024  يصبح غير واقعي، وكذا 5% (±2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الأخير من 2026 

ـ سعر العملة والوقود وإجراءات إعادة هيكلة الإنفاق العام.. أبرز محركات التضخم :

وأشارت إسراء أحمد إلى أبرز العوامل التي أثرت على معدلات التضخم وأبقته مرتفعا، والتي تمثلت في اضطراب سوق العملة، وارتفاع سعر الدولار لمستويات قياسية مع درجة مرتفعة من عدم اليقين، ما أثر على النشاط الاقتصادي والتسعير الطبيعي للسلع والخدمات، فضلا عن بعض صدمات العرض كرفع أسعار الوقود وتكاليف النقل وأسعار السجائر وغيرها، وهو ما تزامن مع ارتفاع في بنود المواد الغذائية، وهي الأكثر قدرة على تحريك معدل التضخم الكلي، منوهة إلى أن كلا العاملين له أسباب محلية، إلى جانب التأثر بظروف عالمية غير مواتية.

 ـ نتوقع تسجيل متوسط التضخم 17ـ 18% في عام 2025 :

وتوقعت أن يسجل متوسط التضخم في العام الميلادي 2025 نحو 17-18%، وذلك في ظل منهج معتدل في تعديل أسعار بعض السلع كالوقود والسلع التموينية، ومعدل هادئ نسبيا من رفع الدعم عن المحروقات أي على مدة أطول أجلا من الالتزام السابق أمام صندوق النقد، بأن يتم رفع الدعم كاملا عن المحروقات في ديسمبر 2025.

ونوهت محلل الاقتصاد الكلي، بأن أبرز ما قد يؤثر في التضخم خلال الفترة المقبلة، يأتي في مقدمته حركة العملة، لافتة إلى أن الأهم من الحركة الفعلية هو التوقعات بشأنها ومدى قدرة السوق الرسمية على الحيلولة دون ظهور أي بوادر لوجود سوق موازية، موضحة أن كل ذلك يتأثر بعوامل عديدة، منها محلي ومنها ما يخص البيئة النقدية العالمية وتأثرها بالمجريات السياسية. وأشارت  إلى أن العنصر الثاني يتمثل في مدى سرعة وشدة إجراءات إعادة هيكلة الإنفاق في الموازنة العامة للدولة ووتيرة رفع أسعار الوقود.

 

 


أخبار مرتبطة
 
منذ 5 ساعاتانسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ ينذر بتحول زلزالي في السياسة المناخية21 يناير 2025 2:43 مبعد ساعات من تنصيبه.. ترامب يوقع سلسلة من الأوامر التنفيذية والتوجيهات21 يناير 2025 12:37 متعديلات وتحديثات جديدة لتعزيز وتفعيل دور صناديق التقاعد20 يناير 2025 1:05 مدافوس 2025.. التعاون من أجل العصر الذكي" في ظل عالم مجزأ وجمود اقتصادي شامل19 يناير 2025 3:12 ممفاجآت بيتكوين في 2025.. تقلبات وتغيرات العملة المشفرة تقودها لصعود غير متوقع15 يناير 2025 3:57 مفترة حكم جو بايدن على الميزان الداخلي والدولي8 يناير 2025 3:45 مبصمة "إيلون ماسك" في عهد ترامب بين الرفض والقبول الدولي6 يناير 2025 3:33 موزير المالية ولقاءات حوارية حول برنامج الطروحات الحكومية والإعفاءات الضريبية والديون وزيادة الأجور5 يناير 2025 1:15 مالحصاد السنوي حول تطورات الشراكات مع بنوك التنمية والشركاء الثنائيين خلال 202431 ديسمبر 2024 3:10 مبفضل سعر الصرف المرن والمبادرات المحفزة ارتفع معدل تحويلات المصريين في الخارج

التعليقات