أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
6 أبريل 2025 4:32 م
-
رسوم ترامب على مصر قد تدفع البنك المركزي لتأجيل أو تقليل أسعار الفائدة

رسوم ترامب على مصر قد تدفع البنك المركزي لتأجيل أو تقليل أسعار الفائدة

  اعداد ـ فاطيمة طيبي

 

الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على مصر، من بين دول العالم الأخرى، قد تأتي بنتائج إيجابية أكثر للمواطن المصري والاقتصاد القومي، مقارنة بالتأثير السلبي المحتمل هذا ما  يعتقده محللون ومسؤولون في الحكومة المصرية ..

ويتمحور الأثر الإيجابي تحديدا، وفقا لتلك الرؤية، في أن تلك الرسوم فرضت على مصر بنسبة 10% لكنها فرضت على دول أخرى بنسب أعلى، وبالتالي سيظل المنتج المصري تنافسيا في السوق الأمريكية، فيما سيتحمل المستهلك الأمريكي تلك الزيادة راضيا.

كذلك يتوقع أصحاب تلك الرؤية، أن تصبح مصر منصة تصدير وأكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي خاصة من الدول التي تتعرض لرسوم أعلى كالصين، وبالتالي سينعكس هذا على المواطن المصري الذي سيجد وظائف أكثر ودخولا أكثر تنافسية.

وعلى صعيد الأسعار، فإن بعض المنتجات التي  قد لا تجد طريقا سهلا إلى الولايات المتحدة بسبب الرسوم، ستبحث عن أسواق بديلة، وإلا ستتوافر بسعر أرخص للمستهلك المحلي في مصر. ومع ذلك، فإن الأسعار ستتعرض أيضا لضغوط وفقا لتحليلات تشير إلى الرسوم قد تدفع البنك المركزي المصري لتأجيل أو تقليل وتيرة خفض أسعار الفائدة.

ـ  جدل حول الرسوم:

وأثار قرار الإدارة الأمريكية بفرض رسوم جمركية جديدة على صادرات عشرات الدول، بينها مصر، جدلا واسعا في الأوساط الاقتصادية، وسط تساؤلات حول تداعيات القرار على العلاقات التجارية بين القاهرة وواشنطن، والفرص والتحديات الكامنة في هذا التحول.

وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء الثاني من ابريل، فرض رسوم جمركية جديدة تشمل صادرات من 185 دولة حول العالم، تتراوح بين 10% و50%.  ووفق القائمة التي تم الإعلان عنها، فرضت رسوم بنسبة 10% على صادرات مصر، والسعودية، والإمارات، والمغرب، في حين بلغت الرسوم 20% على الأردن، و31% على ليبيا، و39% على العراق، و41% على سوريا.

ـ تأثير محدود وفرص استثمارية:

قال مسؤول حكومي مصري، إن فرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 10% على الصادرات المصرية "لن يكون له تأثير سلبي كبير"، مرجحاً أن تكون له آثار إيجابية محتملة على جذب الاستثمارات، لاسيما من الدول التي طالتها رسوم أعلى مثل الصين.

المستوردون الأمريكيون هم من سيتحملون العبء المالي للرسوم، ما يبقي المنتجات المصرية قادرة على المنافسة، خاصة أن تكلفة التصدير من مصر أقل بكثير مقارنة بعدد من الدول الأخرى. وقال مسئول  أن الصين المستهدفة بشكل أساسي من الرسوم، كثفت في الآونة الأخيرة استثماراتها في مصر، خاصة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ما يعكس اهتماما متزايدا بالسوق المصري كمنصة إنتاجية بديلة ومنافسة.

ـ الصادرات المصرية إلى أمريكا:

وبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ، ارتفعت صادرات مصر إلى الولايات المتحدة خلال عام 2024 بنسبة 12.8% لتصل إلى 2.25 مليار دولار، مقارنة بـ1.99 مليار دولار في 2023، بينما زادت واردات مصر من الولايات المتحدة بنسبة 46.9%، لتسجل 7.56 مليار دولار.

وتعد الملابس الجاهزة في مقدمة السلع التي تصدرها مصر إلى الولايات المتحدة، تليها منتجات الحديد والصلب، ثم السجاد والخضروات والفواكه، في حين تستورد مصر من الولايات المتحدة الوقود والزيوت المعدنية، والحبوب، والنباتات الطبية، وأجزاء الطائرات، والمعدات الآلية.

ـ  استفادة قطاع الملابس:

من جانبه، قال متى بشاي، رئيس لجنة التجارة بشعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، إن الرسوم الجمركية المفروضة على مصر تعد من بين الأقل على مستوى الدول المستهدفة، ما يمنح فرصة حقيقية للصادرات المصرية، لا سيما في قطاع الملابس، لتوسيع حصتها السوقية داخل الولايات المتحدة، في ظل ارتفاع الرسوم على منافسين مثل الصين وتايوان.

وأضاف بشاي، أن الولايات المتحدة هي ثاني أكبر سوق للصادرات المصرية بعد الاتحاد الأوروبي، وأن التأثير الفعلي للقرار على مصر سيكون محدودا، بل قد يشكل دافعا لزيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات المرتفعة التكلفة، خاصة أن أغلب الصادرات تخضع لاتفاقية الكويز.

بموجب اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة "الكويز"، الموقعة مع الولايات المتحدة وإسرائيل عام 2004، يسمح للمنتجات المصرية بالدخول إلى السوق الأمريكي دون جمارك أو حصص محددة، بشرط أن تحتوي على نسبة محددة من المكونات الإسرائيلية 10.5% 

وبحسب المجلس التصديري المصري للملابس الجاهزة، بلغت صادرات مصر من الملابس الجاهزة إلى الولايات المتحدة في 2024 نحو 1.19 مليار دولار، مقابل 1.01 مليار دولار في 2023، بنسبة نمو 17%، في حين تستهدف مصر مضاعفة هذه الصادرات خلال السنوات المقبلة.

من جانبه، أكد وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب قد تشكل فرصة استراتيجية لمصر لتعزيز صادراتها في مواجهة المنافسين الذين فرضت عليهم رسوم أعلى. وقال جاب الله، أن اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة بين مصر وأميركا تقلل من المخاطر المحتملة على الصادرات المصرية، مضيفاً أن هدم سلاسل الإنتاج العالمية لن يتم بيوم وليلة، مشيراً إلى أن الإجراءات الأمريكية لن تدوم طويلاً، خاصة أن هذه السلاسل بُنيت على مدار أكثر من 30 عاماً.

ـ تأثيرات غير مباشرة على الاقتصاد المصري:

كما  أن تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد المصري ينقسم إلى شقين: مباشر وغير مباشر.

 ـ الأول: سيكون محدودا نظرا لصغر حجم الصادرات المصرية إلى الولايات المتحدة.

ـ الشق غير المباشر: قد يكون أكثر تعقيدا، ويتعلق بتأثير التوترات التجارية على حركة رؤوس الأموال في الأسواق الناشئة، ومنها مصر.

كما أن استمرار التوترات التجارية قد يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي، وبالتالي تراجع حركة التجارة عبر قناة السويس، ما قد يقضي إلى تراجع الإيرادات الدولارية لمصر.

ـ سعر الفائدة في مصر:

رأت الخبيرة المصرفية، سهر الدماطي، أن البنك المركزي المصري سيكون أكثر حذرا في اتخاذ قرارات خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه في 17 أبريل 2025 ، في ضوء التبعات المحتملة للقرار الأمريكي، الذي من شأنه أن يزيد من كلفة الواردات عالميا، وبالتالي يضغط على الأسعار محليا .

كما إن المركزي سيبدأ في خفض أسعار الفائدة، لكن بوتيرة محدودة، مرجحة أن تكون التخفيضات أقل من التوقعات السابقة التي كانت تعول على استمرار التراجع في معدل التضخم السنوي .

وأبقى المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تغيير خلال آخر 7 اجتماعات متتالية، لتظل عند أعلى مستوياتها البالغة 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض، بعد أن رفعها بمقدار 800 نقطة أساس خلال الربع الأول من. 2024

وأشارت الخبيرة المصرفية، إلى أن المركزي سيكون في موقف حساس، إذ سيحتاج إلى الموازنة بين تشجيع الاستثمار والنمو من خلال خفض الفائدة، وبين الحفاظ على استقرار الأسعار والسيطرة على التضخم، خاصة إذا تزايدت الضغوط الناتجة عن التوترات التجارية وارتفاع كلفة الاستيراد .

ـ  الرسوم الأمريكية تهدد 0.5% من ناتج فرنسا المحلي:

قدر رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو أن الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة قد تكلف فرنسا  أكثر من 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي ، وذلك في مقابلة مع صحيفة لـ "لوباريزيان" . ومع الزيادة المفاجئة في الرسوم الجمركية التي قررها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإن "خطر فقدان الوظائف كبير للغاية، وكذلك خطر التباطؤ الاقتصادي وتوقف الاستثمار"، بحسب بايرو. مضيفا أن "عدم الاستقرار الناتج عنها سيضعف الاقتصاد العالمي لفترة طويلة قادمة".

وقع ترامب في 2 ابريل  أمرا تنفيذيا يفرض رسوما جمركية بنسبة 10% على الأقل على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة و20% على تلك القادمة من الاتحاد الأوروبي، ما أثار موجة من الصدمة في أنحاء العالم.

وقال فرنسوا بايرو إن "الشاغل الأول (...) الذي يجب أن ينبهنا، يتعلق بالمنتجين الفرنسيين، الشركات التي تنتج وتصدر إلى الولايات المتحدة. محذّرا من أن "عشرات الآلاف من الوظائف مهددة" في قطاع الزراعة وانتاج النبيذ والمشروبات الروحية.

ـ  الرد الصيني على رسوم ترامب:

بفرضه رسوما جمركية عالمية، تعهد الرئيس دونالد ترامب إعادة تشكيل أسس العالم بما يخدم مصالح العمال الأمريكيين، وقد تكون الصين، الدولة التي يعتبرها الخصم الرئيسي، أحد المستفيدين من ذلك.

سارعت الصين، أكبر اقتصاد في آسيا، إلى فرض رسوم جمركية مماثلة على الولايات المتحدة، وأعلنت عزمها فرض ضوابط على تصدير العناصر الأرضية النادرة الضرورية في تكنولوجيا الاستهلاك والطب.

لكن على عكس ولايته الأولى، لا يستهدف ترامب هذه المرة الصين فحسب بل العالم أجمع بمن فيهم حلفاء الولايات المتحدة الذين انضموا بشكل متزايد إلى موقف واشنطن الحازم تجاه بكين.

وقبل أيام قليلة من إعلان ترامب عن الرسوم في ما سماه "يوم التحرير"، تحركت الصين لإحياء محادثات التجارة الحرة المتعثرة مع اليابان وكوريا الجنوبية، وكلاهما حليفتان للولايات المتحدة ملتزمتان بمعاهدات لكنهما تشككان بشدة في بكين.

وقالت الباحثة في الاقتصاد الصيني في مركز تحليل الصين التابع لمعهد سياسات جمعية آسيا ليزي لي "إذا استمرت سياسة ترامب الأحادية أتوقع أن تتودد بكين إلى هذه العواصم بقوة أكبر لتصور نفسها مرتكزا اقتصاديا أكثر استقراراً في المنطقة"، كما أوردت وكالة فرانس برس.

وأضافت "دعونا لا ننسى الصورة العامة. تصور الصين رسوم ترامب الجمركية كدليل على تراجع الولايات المتحدة من خلال اللجوء إلى الحمائية والاستقواء على الحلفاء والتراجع عن المعايير العالمية".

وقالت يون صن الزميلة البارزة في مركز ستيمسون، إنها توقعت أن تكون الصين "أكثر هدوءاً" في ردها على رسوم ترامب الجمركية، لكنها أضافت أن بكين لم تبد قلقة كما في ولايته الأولى. كما أعتقد أن الصينيين يرون في هذا فرصة ويعتقدون أن الولايات المتحدة  تقوض نفسها".

وأضافت "هناك عدد من الأطراف المتضررة التي كانت حليفة قوية ومخلصة للولايات المتحدة. أما الآن فإن ثقتهم في النهج الذي تتبعه الولايات المتحدة حول العالم قد أصبحت أقله موضع شك، ولا أقول تبددت".

ـ التخلي عن الانفتاح الأمريكي على الصين:

من المؤكد أن الصين ستعاني على الأرجح من ضرر حقيقي جراء الرسوم الجمركية الأمريكية. فقد شحنت بضائع بقيمة تزيد على 500 مليار دولار إلى الولايات المتحدة 2024 ، وكان الميزان التجاري لصالحها بفارق كبير.

وأشاد منتقدو الصين بما اعتبروه ناقوس خطر ينذر بنهاية شبه إجماع سابق في واشنطن حول أهمية دمج هذه القوة الآسيوية في الاقتصاد العالمي. ورأى النائب الجمهوري كريس سميث أنه "على عكس الرؤساء السابقين، يدرك الرئيس ترامب تماما طبيعة المشكلة ونطاقها والتهديد الوجودي الذي تشكله الصين وما يجب فعلا .

كما وأشار الزميل البارز في مركز الأمن الأمريكي الجديد جيكوب ستوكس إلى أنه لا يزال لدى الصين عدد من المشكلات مع دول أخرى، بدءا بنزاعات إقليمية مع اليابان والهند وجنوب شرق آسيا، وصولا إلى مخاوف أوروبية من احتضان الصين لروسيا في حرب أوكرانيا. وقال ستوكس إن "الصين برعت في تقويض مواقفها وخصوصا مع جيرانها، من خلال الحزم".

ـ تحول الاهتمام عن الصين:

لكن ستوكس رأى أن الرئيس السابق جو بايدن كان فعالا في تشكيل تحالفات مع دول أخرى للضغط على الصين، في قضايا تراوح بين الوصول إلى شبكات الإنترنت من الجيل الخامس والأمن. وقال ستوكس "إلى الحد الذي شعرت فيه بكين ببعض العزلة في نهاية إدارة بايدن، أعتقد أن الكثير من هذا الضغط قد زال إذ أصبحت واشنطن الآن بوضوح مصدر الاضطراب".

وفيما اعتبر أصحاب القرار في كل من إدارة ترامب وبايدن الصين منافساً رئيسيا للولايات المتحدة، قال لي من معهد سياسات جمعية آسيا، إن ترامب كان ينظر إلى الرئيس شي جين بينغ في جوهره "كنظير، كرجل قوي آخر".

وأضاف لي "بالنسبة إلى ترامب، لا تتعلق الحرب الاقتصادية بالاقتصاد أو حتى بأسواق الأسهم، إنما بمظهر الهيمنة والقوة" وهذا يترك مجالا كافيا لتغيير المسار، إذا قدم شي نوع الانتصار الذي يمكن لترامب أن يروج له".

 

 

 

 


أخبار مرتبطة
 
9 أبريل 2025 5:20 ممدبولي: العالم يواجه حربا اقتصادية شاملة ومصر تمتلك الأدوات لتحويل التحديات إلى فرص9 أبريل 2025 4:34 ممفاوضات مصرية أمريكية لخفض الرسوم الجمركية على الصادرات8 أبريل 2025 2:13 مانطلاق فعاليات منتدى الأعمال المصري الفرنسي بمشاركة واسعة من المسؤولين7 أبريل 2025 4:50 ممنتدى الأعمال المصري الفرنسي ورؤية مصر 2030 لقطاع الرعاية الصحية26 مارس 2025 1:41 ماستهداف تنفيذ 6 مشروعات جديدة بالشراكة مع القطاع الخاص بتكلفة 27 مليار جنيه24 مارس 2025 1:38 متسارع مرتقب في وتيرة التخارج من الشركات المملوكة للدولة وطرح 10 شركات كبرى بالبورصة23 مارس 2025 2:59 مالحكومة تستهدف توجيه أكثر من ثلثي الاستثمارات الحكومية للتنمية البشرية بنسبة 42.4%18 مارس 2025 2:54 مزوكربيرغ يكشف عن تقنية جديدة تستبدل فيها الشاشات وتحدث ثورة بتفاعلنا بالعالم الرقمي17 مارس 2025 2:55 متكهنات بخيبة امل .. وارن بافيت يتخلى عن العقارات الأميركية16 مارس 2025 2:23 ماختيار شركات عالمية لـ مصر مركزا رئيسيا لعمليات الدعم والخدمات

التعليقات