أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
4 مايو 2025 3:35 م
-
مفاتيح نجاح موازنة الثلاث سنوات.. التقديرات الواقعية والسيناريوهات البديلة

مفاتيح نجاح موازنة الثلاث سنوات.. التقديرات الواقعية والسيناريوهات البديلة

اعداد ـ فاطيمة طيبي  

 أكد خبراء الاقتصاد الكلي أن إعلان الحكومة عن إعداد موازنة تمتد لثلاث سنوات مقبلة يعد خطوة إيجابية تهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي والتخطيط الإستراتيجي، الأمر الذي يأتي متماشيا مع توصيات صندوق النقد الدولي بإعداد إطار مالي متوسط الأجل MTBF لتوجيه السياسة المالية على مدى 3 ـ 5 سنوات.

قالوا إن هذا الإجراء من شأنه ربط السياسات الاقتصادية بالخطط المالية على مدى زمني يتجاوز العام الواحد، دون أن يعني ذلك المساس بالإطار التشريعي لإعداد الموازنة السنوي.

وأوضحوا أن الدافع وراء هذه الخطوة يكمن في السعي لتحسين القدرة على التخطيط، ليكون لدى الدولة خطة مستمرة، حتى إذا تغيرت الحكومات، الأمر الذي يضمن أن تغير الأشخاص لن يسفر عن تغير كبير في الاتجاه الاقتصادي العام .

وأشاروا إلى أن هذا الإطار يهدف بشكل عام إلى..

ـ  تحسين الانضباط المالي، من خلال وضع سقف واضح للإنفاق والعجز العام والدين.

ـ مواءمة الموازنة مع السياسات العامة وإستراتيجيات التنمية.

 ولفتوا إلى أن نجاح ذلك يستند إلى وجود مؤسسات قوية قادرة على وضع تقديرات واقعية للإيرادات والنفقات، وكذلك اعتماد سيناريوهات مالية بديلة لمواجهة الصدمات.

وحول الأطر والمحددات التي تضمن الدقة في إعداد تلك الميزانيات، أكدوا على أهمية التعامل في حدود نسب النمو الآمنة وعدم الاستناد على تقديرات مبالغ فيها، منوهين إلى أن هذا النهج لا يكتفي بمراقبة سنة مالية واحدة، بل يقيم أي تعديل ضريبي ضمن رؤية إستراتيجية شاملة تربط بين الأثر المالي، والسياسات الاقتصادية، والتكلفة الاجتماعية.

 أشاروا إلى أن هذه العملية تتسم بكونها معقدة، لا سيما في ظل إلزام الحكومة بوجود نوعين من الموازنات، وهما الموازنة العامة، والموازنة التي تدخل ضمنها الهيئات الاقتصادية، محذرين مما يطلق عليه الإفصاح المفرط، والذي قد يأتي بالمزيد من التعقيد، وهو ما قد يسفر عن التباس، ومن ثم قد لا يتحقق معه الغرض الجيد منه.

ـ موازنة الثلاث سنوات أمر إيجابي يعزز الاستقرار المالي والتخطيط الإستراتيجي:

  كما أكدت هبة منير محلل قطاع البنوك والاقتصاد الكلي بشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار أن إعلان الحكومة عن العمل على إعداد موازنة تمتد لثلاث سنوات مقبلة، يعد أمرا إيجابيا، لا سيما أنه يسفر عن رؤية واضحة، تهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي والتخطيط الإستراتيجي، كما يبرهن ذلك أيضا على الجدية، فضلا عن كونه يكشف عن التأثيرات المحتملة.

ـ خطوة تسفر عن رؤية واضحة وتبرهن على الجدية وتكشف عن التأثيرات المحتملة:

أضافت منير في تصريحات لمصادر اعلامية محلية ، أن هذا الأمر يمنح القدرة على تقييم الوضع بشكل أفضل، لتجاوز أي متغيرات قدر المستطاع، والتي قد تكون خارج نطاق التوقعات على حسب التحديات المحيطة، وهو ما يعكس كيفية تقييم الأمر وما إذا كانت هناك نظرة استباقية للأمور أم لا.

وأي مؤسسة ناجحة تسعى لأن تكون لديها رؤية لأكثر من عام، وفي اعتقادي، من المرجح أنه توجد تقديرات مبدئية لموازنة الدولة لأكثر من عام، ولهذا فإن التوجه للإعلان عن تلك التقديرات لأكثر من عام يضيف مسؤولية الالتزام بها بشكل أكبر".

وحول الأطر والمحددات التي تضمن الدقة في إعداد تلك الميزانيات، أشارت إلى أهمية التعامل في حدود نسب النمو الآمنة وعدم الاستناد إلى تقديرات مبالغ فيها، من أجل الوصول إلى الشكل الأمثل في تقييم المصروفات، وبالأخص تلك التي لا غنى عن الإيفاء بها، والتي تشمل فوائد الدين المحلي والخارجي بالإضافة إلى المصروفات المتعلقة باستيراد المواد البترولية الضرورية اللازمة لتوليد الكهرباء، والصناعة الداخلية.

 وأكدت هبة منير على ضرورة النظر بعين الاعتبار إلى القطاع الصناعي في الأمور المتعلقة بالضرائب وتسعير الطاقة، وأي إجراءات حمائية، حيث إن ذلك من شأنه الانعكاس بالإيجاب علي جودة المنتج الصناعي في نهاية المطاف، لافتة إلى ما يمثله هذا القطاع من فرصة واعدة لتقليل فاتورة الاستيراد وزيادة الموارد الدولارية من خلال دعم الصادرات.

وبالحديث عن وضع الاقتصاد الخارجي، قالت إن الحكومة أعلنت عن سعيها لوضع حدود للدين الخارجي، الأمر الذي سيتطلب المراجعة المستمرة لأوجه الإنفاق بالعملة الأجنبية، والتي تتضمن مخصصات لأي تغيرات قد تطرا على السلع الضرورية، والتي تشمل المنتجات البترولية وأيضا السلع الغذائية الأساسية مثل القمح، بما يتماشى مع حجم السيولة الأجنبية المتاحة من قطاع السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين العاملين بالخارج وأيضا الأموال الساخنة، مع الأخذ في الاعتبار تأثر إيرادات قناة السويس بالتوترات الجيوسياسية.

ـ  موازنة الثلاث سنوات خطوة تتماشى مع توصيات صندوق النقد بإعداد إطار متوسط الأجل  MTBF  لتوجيه السياسة المالية:

  قالت منى بدير بقطاع البحوث لدى أحد البنوك الخاصة العاملة بمصر، إن ما تم الإعلان عنه بشأن إعداد موازنة تمتد لثلاث سنوات مقبلة، يأتي متماشيا مع توصيات صندوق النقد الدولي بإعداد إطار مالي متوسط الأجل MTBF لتوجيه السياسة المالية على مدى 3 ـ 5  سنوات. كما أن البنية التشريعية في مصر لا تتيح للبرلمان القيام بالتصديق على هذا الأمر، لافتة إلى أن الدستور ينص بشكل واضح على إعداد سنوي للموازنة.

وأوضحت أن هذه المنهجية تعرف بالإطار المتوسط الأجل للموازنة (Medium-Term Budget Framework – MTBF)، وهي منهجية إستراتيجية لتخطيط وإعداد الموازنات، تهدف إلى ربط السياسات الاقتصادية بالخطط المالية على مدى زمني يتجاوز العام الواحد، دون أن يعني ذلك المساس بالإطار التشريعي لإعداد الموازنة السنوي.

وأضافت أن هذا النظام يربط بين السياسات الحكومية وأهدافها الاقتصادية من جهة، وبين إعداد الموازنات السنوية من جهة أخرى، وذلك عبر تخطيط الإنفاق والإيرادات على مدى ثلاث إلى خمس سنوات أو أكثر، في حالة بعض التجارب مثل الاتحاد الأوروبي . ولفتت إلى أن ذلك لا يعني تحديد أرقام الموازنة بدقة للسنوات القادمة، بل وضع حدود وأهداف مالية يتم الاسترشاد بها في الموازنات السنوية.

كما أشارت منى بدير إلى أن هذا النهج يستخدم أدوات متعددة، مثل تقديرات الإيرادات، وسقوف الإنفاق، والنماذج الاقتصادية، إلا أنه في جوهره نهج إستراتيجي لإدارة المالية العامة يستخدم لتحسين التخطيط المالي والإنفاق العام بشكل إستراتيجي، موضحة أنه وفقا لصندوق النقد الدولي، يعد هذا الإطار من أفضل الممارسات لتعزيز الانضباط المالي والشفافية والكفاءة في استخدام الموارد العامة.

وأكدت أن هذا الإطار يهدف بشكل عام إلى تحسين الانضباط المالي، من خلال وضع سقف واضح للإنفاق والعجز العام والدين، بالإضافة إلى مواءمة الموازنة مع السياسات العامة وإستراتيجيات التنمية، مثل رؤية مصر 2030، وأهداف الحماية الاجتماعية، وذلك فضلا عن تعزيز الكفاءة في تخصيص الموارد، خاصة في القطاعات ذات الأولوية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، كما يهدف إلى زيادة الشفافية والمساءلة، عبر إشراك البرلمان والجمهور في فهم اتجاهات السياسة المالية على المدى المتوسط.

ونوهت إلى أن صندوق النقد يشجع على تبني ذلك الإطار، لا سيما في الدول التي تمر بمرحلة إصلاح اقتصادي أو تواجه ضغوطًا على الموازنة، مثل مصر، موضحة أنه يعتبر نجاح هذا الإطار مستندا إلى وجود مؤسسات قوية قادرة على وضع تقديرات واقعية للإيرادات والنفقات، وكذلك اعتماد سيناريوهات مالية بديلة لمواجهة الصدمات، بالإضافة إلى ربط خطط الموازنة السنوية بالإطار متوسط الأجل بشكل فعلي.

وترى منى بدير أن تبني مصر لإطار متوسط الأجل للموازنة، وفقا لما تم إعلانه مؤخرا، يعكس التزامها بتوصيات صندوق النقد، كما أنه يهدف إلى السيطرة على العجز وتقليل الدين العام، وتوجيه الإنفاق نحو برامج الحماية الاجتماعية، مع تحسين كفاءة الإنفاق العام في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.

واستطردت قائلة: أكثر التجارب الناجحة في هذا السياق، نجدها في الاتحاد الأوروبي الذي يطبق تلك المنهجية منذ عام 1988، من خلال الإطار المالي متعدد السنوات (MFF) المنوط بتحديد حدود الإنفاق للدول الأعضاء على مدى سبع سنوات، بما يتواءم مع أولويات سياسة الاتحاد. ولفت إلى أن جنوب إفريقيا وتشيلي تمثلان أيضا تجارب ناجحة في الأسواق الناشئة.

وأوضحت أن هذه المنهجية لا تقتصر على التوقعات والقيود numerical للإيرادات والنفقات، بل تشمل أيضا جميع الأنظمة والإجراءات التي تضمن وضع الخطط المالية الحكومية مع مراعاة تأثيرها على مدى عدة سنوات، وهو ما يعني أنه إذا سيتم التفكير في زيادات ضريبية على سبيل المثال، فمن المفترض أن يقوم هذا الإطار باستخدام النماذج الاقتصادية لتقدير الزيادة السنوية في الإيرادات الناتجة عن التعديل، وإدراج هذا الأثر في السيناريو المالي الأساسي ضمن الإطار 3 ـ 5 سنوات.

أضافت أنه يتم أيضا وفقا لهذا الإطار، دراسة الأثر الكلي على الاقتصاد، والذي من الممكن أن يقترح في المقابل سياسات تخفيفية، مثل توسيع برامج الحماية الاجتماعية، لتخفيف الأثر على الفئات الضعيفة، وبالتالي تضمين تكلفتها في إطار النفقات المتوقعة.

ونوهت إلى أنه يقوم أيضا بمقارنة الأثر الصافي للتعديل مع أهداف السياسة المالية، مثل تقليل العجز، وكذلك يتم اختبار أثر التعديل في سيناريوهات مختلفة، مثل تباطؤ النمو أو ارتفاع التضخم، وهو ما يعني أن هذا النهج لا يكتفي بمراقبة سنة مالية واحدة، بل يقيم أي تعديل ضريبي ضمن رؤية استراتيجية شاملة تربط بين الأثر المالي، والسياسات الاقتصادية، والتكلفة الاجتماعية، مما يعزز كفاءة التخطيط واتخاذ قرارات قائمة على أدلة.

وأكدت أن نجاح هذا المنهج يتطلب مؤسسات قوية لديها كفاءات وقدرات مؤسسية تمكنها من إعداد تقديرات دقيقة، مع مراعاة التطبيق التدريجي لتلك المنهجية، نظرا لصعوبتها وتعقيداتها.

ـ  موازنة الثلاث سنوات خطوة إيجابية تهدف إلى تحقيق التجانس بين الخطط الموضوعة ولا تأثير على الموازنة التي يتم إعدادها لعام مالي واحد :

قال د. مدحت نافع عضو اللجنة الاستشارية المتخصصة للاقتصاد الكلي التابعة لرئاسة مجلس الوزراء، إن الإعلان عن إعداد موازنة تمتد لثلاث سنوات يأتي على سبيل الاسترشاد والتخطيط، للوصول إلى التجانس بين الخطط الموضوعة لعام واحد، وتلك التي سيتم وضعها للأعوام الثلاثة.

وأكد نافع ، أن تلك الخطوة تتسم بكونها إيجابية، منوها إلى أنها لن تؤثر على الموازنة التي يتم إعدادها لعام مالي واحد.

ـ تخطيط متوسط الأجل لتعزيز الأداء وضبط إيقاع توازنات الاقتصاد الكلي :

وأوضح أن هذا الإجراء يهدف إلى تحقيق نوع من التخطيط متوسط الأجل فيما يتعلق بضبط الأداء الاقتصادي، وكذلك على صعيد ضبط إيقاع توازنات الاقتصاد الكلي ورده إلى توازناته المعتبرة.

وأشار إلى أن الدافع وراء هذه الخطوة يكمن في السعي لتحسين القدرة على التخطيط، ليكون لدى الدولة خطة مستمرة، حتى إذا تغيرت الحكومات، الأمر الذي يضمن أن تغير الأشخاص لن يسفر عن تغير كبير في الاتجاه الاقتصادي العام.

وتابع قائلا: "في اعتقادي، سيتم إعداد تلك الموازنة التي ستمتد إلى 3 أعوام في شكل أقرب إلى الاسترشادي، وهو ما سيتم تعديله باستمرار، أي إن كل عام سيشهد تعديلا على ما تم تخطيطه للسنوات الثلاث المقبلة".

ونوه مدحت نافع إلى أن هذه العملية تتسم بكونها معقدة، لافتا إلى أن هذا التعقيد يزداد صعوبة مع إلزام الحكومة بوجود نوعين من الموازنات، وهما الموازنة العامة، والموازنة التي تدخل ضمنها الهيئات الاقتصادية، والتي تحظى بنوع من الشمول في إعدادها، الأمر الذي يزيد من التعقيد، محذرا مما يطلق عليه الإفصاح المفرط، والذي قد يأتي بالمزيد من التعقيد، وهو ما قد يسفر عن التباس، ومن ثم لا يتحقق معه الغرض الجيد منه.

 

 

 

 

 


أخبار مرتبطة
 
29 أبريل 2025 3:20 مبيئة الاستثمار الجيدة تعزز حصول رائدات الأعمال على التمويل المناسب27 أبريل 2025 3:45 ماجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين: إجراءات مصر لتسريع طرح الشركات المملوكة للدولة23 أبريل 2025 3:52 مسبعة معادن أرضية نادرة ورقة ضغط تستغلها الصين في حربها التجارية مع امريكا22 أبريل 2025 1:35 ممباحثات موسعة مع (IFC) لدفع برنامج الطروحات وتعزيز الشراكة في طرح المطارات20 أبريل 2025 2:38 مشهادات الأدخار في البنوك المصرية.. أفضل العوائد بعد خفض الفائدة9 أبريل 2025 5:20 ممدبولي: العالم يواجه حربا اقتصادية شاملة ومصر تمتلك الأدوات لتحويل التحديات إلى فرص9 أبريل 2025 4:34 ممفاوضات مصرية أمريكية لخفض الرسوم الجمركية على الصادرات8 أبريل 2025 2:13 مانطلاق فعاليات منتدى الأعمال المصري الفرنسي بمشاركة واسعة من المسؤولين7 أبريل 2025 4:50 ممنتدى الأعمال المصري الفرنسي ورؤية مصر 2030 لقطاع الرعاية الصحية6 أبريل 2025 4:32 مرسوم ترامب على مصر قد تدفع البنك المركزي لتأجيل أو تقليل أسعار الفائدة

التعليقات