أبحاث
كتب فاطيمة طيبى 13 مايو 2025 4:39 م - التعليقات واشنطن والرياض.. زيارة ترامب تفتح آفاقا جديدة للتبادل التجاري والاستثماري اعداد ـ فاطيمة طيبي تحط الطائرة الرئاسية الأميركية بالرئيس دونالد ترامب اليوم 13 من شهر مايو 2025 في العاصمة السعودية الرياض، في زيارته الخارجية الأولى منذ إعلان فوزه بولاية رئاسية جديدة، زيارة تعد مؤشرا على المكانة الجيوسياسية المتقدمة التي باتت تتمتع بها السعودية ودول الخليج، ليس فقط بوصفها لاعبا محوريا في استقرار المنطقة، بل أيضا نظرا لثقلها الاقتصادي كما تعتبر آفاقا أوسع للتعاون الاقتصادي بين السعودية والولايات المتحدة في ظل توقعات متزايدة بنمو التبادل التجاري بين البلدين خلال المرحلة المقبلة. ويعزز هذه التوقعات ما تحمله زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الرياض من دلالات سياسية واقتصادية إيجابية، كونها أول زيارة خارجية له منذ توليه المنصب، ما يعكس أهمية العلاقات مع المملكة كشريك استراتيجي في ملفات الطاقة والتجارة والاستثمار. وينظر إلى هذه الزيارة بوصفها فرصة لدفع عجلة التعاون الثنائي نحو مستويات جديدة، خاصة في ظل تأكيد الجانبين على تعزيز الاستثمارات المتبادلة وتوسيع نطاق التبادل التجاري، بما يعكس رغبة مشتركة في بناء شراكة اقتصادية أكثر شمولا واستدامة. ـ حجم التبادل التجاري السعودي الامريكي : وحسب بيانات هيئة الإحصاء السعودية، تجاوز حجم التجارة المتبادلة بين المملكة وأميركا نحو 603 مليار ريال (160.8 مليار دولار) خلال الخمس سنوات بنهاية 2024. وبلغت قيمة الصادرات السعودية إلى أميركا نحو 278 مليار ريال في السنوات الخمس الأخيرة، حيث ارتفعت من 31 مليار ريال في 2020، إلى 53.5 مليار ريال في 2021، ثم إلى 87.1 مليار ريال في 2022، و58.49 مليار ريال في 2023، ثم 47.95 مليار ريال في 2024. وبالنسبة للواردات السعودية من أميركا، أظهرت بيانات هيئة الإحصاء، أنها سجلت 325 مليار ريال في الخمس سنوات الأخيرة، حيث زادت من 55.1 مليار ريال في 2020 إلى 73.74 مليار ريال في 2024. ـ الربع الأول من 2025 : بحسب البيانات المتاحة من مكتب الإحصاء الأميركي، بلغ حجم تجارة السلع بين أميركا والسعودية نحو 6 مليارات دولار، حيث سجلت صادرات المملكة إلى الولايات المتحدة الأميركية في الربع الأول من عام 2025 نحو 2.974 مليار دولار، من 3.289 مليار دولار في الربع المماثل من 2024. فيما بلغت الواردات السعودية القادمة من أميركا نحو 3.021 مليار دولار في الربع الأول من العام، قياسا على 3.233 مليار دولار مسجلة في الفترة المماثلة من العام السابق. وسجل الميزان التجاري فائضا بقيمة 226 مليون دولار لصالح أميركا خلال الربع الأول من العام الحالي، قياسا على فائضا بقيمة 57 مليون دولار لصالح السعودية في الربع الأول من 2024. وأظهرت البيانات، استيراد أميركا لنحو 23.47 مليون برميل نفط خام من السعودية بقيمة 1.8 مليار دولار في الربع الأول من عام 2025. واستوردت المملكة سيارات وقطع غيار من أميركا في الربع الأول من العام، بقيمة إجمالية بلغت 507 ملايين دولار، توزعت بواقع 360 مليون دولار لسيارات الركاب، و60 مليون دولار شاحنات وحافلات نقل الركاب، و86 مليون دولار قطع غيار. ـ التبادل التجاري في 2024 : وبلغ إجمالي تجارة السلع في الولايات المتحدة مع السعودية ما يقدر بنحو 25.9 مليار دولار في عام 2024، وفق بيانات مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة (USTR) . وذكر المكتب، أن صادرات السلع الأميركية إلى السعودية في عام 2024 بلغت 13.2 مليار دولار، بانخفاض 4.8% عن عام 2023، فيما بلغت واردات أميركا إلى السعودية نحو 12.7 مليار دولار في العام الماضي 2024 . وتمثل أبرز صادرات المملكة إلى الولايات المتحدة الأميركية في 2024 في (الوقود والزيوت والشموع المعدنية) بنسبة78 % من الإجمالي، علاوة على الأسمدة (6.5%) ومنتجات كيماوية عضوية (4.1% ) . ـ الخيار الأول للاستثمارات السعودية : وخلال مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" المنعقد في ميامي بالولايات المتحدة في فبراير الماضي 2025 ، أكد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، الولايات المتحدة تعد الخيار الأول للاستثمارات السعودية في الخارج، كما أنها تتصدر الدول المصدرة للاستثمارات إلى المملكة. وأوضح الفالح أن 25% من الاستثمارات الأجنبية المباشرة الموجودة في المملكة جاءت من الولايات المتحدة، منوها بالدور الذي لعبته الشركات الأجنبية في السعودية على مدى تسعة عقود. مشيرا إلى أن الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة حاليا تبلغ أكثر من 750 مليار دولار، مضيفا أن المملكة مستعدة لزيادة هذه الاستثمارات من القطاعين العام والخاص، بقيمة 600 مليار دولار خلال أربع سنوات، وتشمل تلك الزيادة أيضاً الواردات من السوق الأميركية. ـ 10 ملفات يبحثها ترامب مع قادة السعودية ودول الخليج في الرياض : ـ الخارجية الأميركية: زيارة ترامب تظهر أهمية الشرق الأوسط بالنسبة لواشنطن : وتتصدر 10 ملفات، منها الأمن الإقليمي، والطاقة، والدفاع، والتعاون الاقتصادي، أجندة مباحثات ترامب مع القيادة السعودية وقادة دول الخليج، حيث تسعى واشنطن إلى تعزيز شراكتها الاستراتيجية مع شركائها الخليجيين في ضوء المتغيرات الدولية المتسارعة. وتؤكد وزارة الخارجية الأميركية أن "زيارة الرئيس ترامب إلى السعودية ودول الخليج تبرز المكانة التي توليها الولايات المتحدة لعلاقاتها مع شركائها في الشرق الأوسط"، مشيرة إلى أن التنسيق مع السعودية عنصر أساسي في معالجة قضايا تتجاوز حدود الإقليم. ـ شراكة متعددة الأبعاد : ويقول الباحث السعودي منيف عماش الحربي، إن "الشراكة بين الرياض وواشنطن شراكة استراتيجية تتسم بأبعاد سياسية واقتصادية وأمنية واستخباراتية"، موضحا أن "الولايات المتحدة تظل الشريك الأمني الأول للمملكة، وأن التفاهمات الثنائية تعزز المصالح المشتركة، وتسهم في ترسيخ الاستقرار الإقليمي والدولي". ـ أمن المنطقة وسلام غزة : من جانبه، يرى الباحث الأميركي في المجلس الأطلسي توم واريك، أن زيارة ترامب "تشكل فرصة مهمة لحوار مباشر من شأنه تعزيز التفاهمات حول أبرز الملفات"، مضيفا أن "بإمكان البلدين الدفع نحو مشاركة فاعلة في أمن المنطقة، خاصة فيما يتعلق بإعادة الإعمار وتحقيق سلام دائم في قطاع غزة". ـ استعادة التوازن في العلاقات : ويرى مدير مركز التحليل السياسي والعسكري في معهد هدسون، ريتشارد ويتز، أن الزيارة تمثل "إعادة ضبط للبوصلة الأميركية في الخليج، بعدما شهدت العلاقات بعض التوتر خلال إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن"، لافتا إلى أن ترامب "يسعى لبذل جهد أكبر لتعزيز الشراكة مع السعودية"، خاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، وضبط أسعار الطاقة، ومواجهة التحديات المرتبطة بالصين وروسيا. ـ الرياض مركز التفاعل الدولي : ويضيف ويتز أن زيارة ترامب الثانية إلى الرياض تعكس إدراكا متزايدا بدور السعودية المحوري عالميا، مشيرا إلى أن "الرياض اليوم ليست فقط عاصمة للقرار الإقليمي، بل باتت نقطة جذب للاستثمارات الدولية، ولاعبا أساسيا في الاستقرار العالمي". وكان موقع "أكسيوس" الإخباري الأميركي قد كشف أن القمة الخليجية الأميركية في الرياض ستشهد استعراض الرئيس الأميركي لرؤية بلاده تجاه ملفات الشرق الأوسط، مع تقديم تصور واضح لأولويات السياسة الخارجية لإدارته خلال السنوات المقبلة. وتتوزع الملفات المطروحة على طاولة ترامب وقادة الخليج بين الأزمة الأوكرانية، والوضع في غزة، وتثبيت هدنة اليمن، وتعزيز وحدة سوريا، إلى جانب آليات التعاون في مجالات الدفاع والاستثمار والطاقة. ـ زيارة ترامب إلى الخليج.. شراكات ترسم مستقبل الطاقة النظيفة : توقعات بتوقيع اتفاقيات قد تصل قيمتها إلى نحو 3 تريليونات دولار تشمل قطاعات حيوية، على رأسها الطاقة، إلى جانب الدفاع والبنية التحتية والتكنولوجيا. وبحسب بلومبرغ، تسعى واشنطن إلى منح السعودية والإمارات وقطر وضعًا خاصًا في المسار السريع لإتمام الصفقات عبر إصلاح لجنة الاستثمار الأجنبي، ما قد يسرع من تدفق استثمارات ضخمة في قطاع الطاقة الأمريكية، ويمنح المستثمرين الخليجيين ميزات جديدة في ظل توجهات البيت الأبيض لتقليص النفوذ الصيني. وفي وقت سابق، أعلن البيت الأبيض، أن دولة الإمارات تعهدت بإطار استثماري مدته 10 سنوات بقيمة 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة، فيما أبدت السعودية رغبتها في توسيع استثماراتها في أمريكا بمبلغ إضافي قدره 600 مليار دولار في السنوات الأربع القادمة، وأكد ترامب أنه سيطلب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان زيادتها إلى تريليون دولار. ـ سعي الإمارات والسعودية للريادة : قالت الدكتورة وفاء علي، أستاذ الاقتصاد والطاقة، إن المشهد الإقليمي والدولي يشير بوضوح إلى أن الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تسعيان للريادة العالمية في مجال الطاقة، إذ يمثل أمن الطاقة إحدى الركائز الأساسية لدعم النمو الاقتصادي وضمان استقرار الأسواق، في ظل التحديات العالمية المتصاعدة، والسعي نحو تحقيق تنمية مستدامة. كما أن الإمارات تواصل تحقيق إنجازات نوعية في مجال الطاقة النظيفة، من خلال الاستثمار في الهيدروجين الأخضر، وطاقة الرياح، والطاقة الشمسية، مؤكدة أن دول الخليج باتت تلعب دورا متصاعدا في رسم خريطة الطاقة العالمية الجديدة، التي تتسم بالتنوع والاستدامة. وأوضحت أن السعودية تضع ملف الطاقة المتجددة، وعلى رأسها الطاقة النووية، في مقدمة أولوياتها، بوصفه مصدرا نظيفا وخاليا من الانبعاثات الكربونية، ضمن التزاماتها بالحياد الكربوني، ومرتكزا جوهريا في رؤية المملكة 2030 لتنويع مصادر الطاقة وتخفيف الضغط على الوقود الأحفوري. وأضافت أن المملكة تستعد لإطلاق برنامج نووي مدني بالشراكة مع الولايات المتحدة، بالتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي، مشيرة إلى أن هذا المشروع لا يعد فقط محطة طاقة، بل مشروعا استراتيجيا متعدد الأبعاد والاستخدامات. وأشارت إلى أن السعودية أنشأت مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة عام 2010، وتخطط لبناء 16 مفاعلا نوويًا بميزانية تقدر بـ80 مليار دولار، ما يعكس عزمها الجاد على دخول نادي الكبار في مجال إنتاج الطاقة النووية السلمية، إلى جانب التوجه نحو توطين هذه الصناعة وإعداد كوادر بشرية متخصصة، وإنشاء مدينة لتخصيب اليورانيوم داخل أراضيها، وهو ما أبدت واشنطن مرونة تجاهه. وأكدت أستاذة الطاقة، أن هذا التعاون بين الرياض وواشنطن يأتي في إطار اتفاقية "123" الخاصة بالتعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، والتي تفتح آفاقا جديدة أمام المملكة لتصبح شريكا دوليا في الابتكار النووي. ـ الطاقة المحرك الاساسي للصفقات الكبرى : ووصف الدكتور كريم العمدة، أستاذ الاقتصاد الدولي، زيارة ترامب بـ"صفقة اقتصادية سياسية كبرى"، تسعى لتعزيز المصالح الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ودول الخليج، لا سيما في القطاعات الحيوية وعلى رأسها الطاقة. وقال العمدة إن ترامب لا يتحرك إلا مدفوعا بالمصالح الاقتصادية، مؤكدا أن زيارته المرتقبة تأتي في إطار خطة لعقد شراكات استراتيجية ضخمة مع السعودية والإمارات وقطر، شبيهة بتلك التي يسعى لإبرامها مع الصين أو الاتحاد الأوروبي. وفيما يخص مجال الطاقة، توقع العمدة أن يكون التعاون في هذا القطاع محورا رئيسيا، سواء في مجالات الطاقة التقليدية أو الطاقة النظيفة. وأشار إلى أن التركيز الأمريكي على الطاقة قد يشمل فرصا في قطاع الطاقة النووية السلمية، وكذلك التعاون في الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة، لا سيما مع وجود مشاريع خليجية طموحة، موضحا أن واشنطن تسعى للحفاظ على مكانتها كشريك رئيسي لدول الخليج في ظل التنافس مع قوى أخرى مثل الصين.
|
|||||||||||||||