تحليلات
كتب فاطيمة طيبى 21 أكتوبر 2025 2:19 م - التعليقات مصر: زيادة أسعار الوقود تعيد توقعات ارتفاع التضخم لمعدلات بين 12.5 و14%
اعداد ـ فاطيمة طيبي قال محللو الاقتصاد الكلي بكبرى بنوك الاستثمار المصرية إن ارتفاع أسعار المحروقات بالتأكيد سينعكس على معدلات التضخم بزيادة متوقعة بين 1.2% و2.3% حتى نهاية العام الحالي. وتوقعو أن يدفع تطبيق مصر زيادة جديدة على أسعار الوقود بنسبة تصل إلى 13% نهاية الأسبوع الثاني من اكتوبر وايضا تسارع معدلات التضخم خلال الشهرين المقبلين ليرتد لمستويات تتراوح بين 12.5% و14% . شهدت معدلات التضخم في مصر سلسلة تراجعات متتالية على مدار الأشهر الماضية، لينخفض من مستوى 16.8% في مايو 2025 إلى 11.7% في سبتمبر الماضي 2025 . كما توقع المحللون أنه رغم الارتفاعات المحدودة المتوقعة والمؤقتة في مستويات التضخم، إلا أنه من المرجح أن تعطل تأثيراتها إجراءات البنك المركزي المصري نحو التيسير النقدي خلال الاجتماعين المقبلين. ـ صدمة تضخمية متوقعة : قالت كبيرة محللي الاقتصاد الكلي في شركة "سي آي كابيتال" سارة سعادة، إن قرار رفع أسعار المحروقات لم يكن مفاجئا، ولكنه بالتأكيد سيسبب تسارعا في معدلات التضخم مرة أخرى لمستويات في حدود 14% حتى نهاية 2025. على الرغم من انعكاس قرار رفع المحروقات سلبيا على معدلات التضخم، إلا أن تعهد الحكومة بعدم التحريك مرة أخرى لمدة عام يتيح فرصة أطول لاستقرار الأسعار وتراجع التضخم نحو المستهدفات خلال العام المقبل"، بحسب سعادة. توقعت سعادة انحسار معدلات التضخم تدريجيا مرة أخرى بداية العام 2026، مع الوصول لمستهدفات البنك المركزي بنهاية الربع الأخير من عام 2026. ويستهدف البنك المركزي الوصول بمتوسط معدل التضخم إلى نطاق 5%-9% في الربع الأخير من عام 2026، و3%-7% في الربع الأخير من عام 2028. وحذر البنك المركزي في بيان لجنة السياسة النقدية الأخير من أن توقعات التضخم تواجه مخاطر صعودية محلية وأجنبية، منها "تحريك الأسعار المحددة إداريا بما يتجاوز التوقعات، وتصاعد التوترات الجيوسياسية الإقليمية". أما مستشار رئاسة مجلس الوزراء، مدحت نافع، فيرى أن زيادة أسعار الوقود ستتسبب في صدمة تضخمية يمكن أن يمتص التجار جانبا منها (إلى حين) تحت ضغط تراجع القوى الشرائية. يصعب التكهن بمعدل الزيادة في التضخم حاليا... بعض الأسعار تتحرك فورا وذلك اعتمادا على ضعف مرونة الطلب السعرية المرتبطة بالسلعة أو الخدمة، والبعض قد يستغرق وقتا أطول للتمرير نتيجة تراجع القوى الشرائية أو وجود بدائل للسلعة أو الخدمة يمكن للمستهلك التحول إليها إذا ارتفعت الأسعار"، وفقا لنافع. وقال المدير العام لشركة وثيقة لتداول الأوراق المالية الدكتور محمد عبد الهادي ان رفع أسعار الوقود سيكون له تأثير سلبي على التضخم، لكنه أكد أن هذا العامل لا يحدد وحده قرارات البنك المركزي بشأن رفع أسعار الفائدة. وتوقع عبد الهادي تثبيت أسعار الفائدة في اجتماع البنك المركزي المقبل، خوفا من ارتفاع التضخم. أشار إلى المؤشرات الإيجابية للاقتصاد المصري قد تخفف من أثر زيادة الوقود ومنها نمو الاقتصاد بنحو 4.5%، وتحسن الجنيه المصري أمام الدولار عند حدود 47.5 جنيه للدولار، ومن المتوقع أن ينخفض أكثر من ذلك. وأضاف عبد الهادي أن التحسن في تحويلات المصريين بالخارج والصادرات والسياحة وإيرادات قناة السويس يخفف من أثر التضخم على الاقتصاد. ويرى رئيس قسم البحوث بشركة "عربية أونلاين"، مصطفى شفيع، أن تأثير تحريك أسعار الوقود سينعكس بشكل جزئي في قراءة التضخم لشهر نوفمبر المقبل 2025 ، متوقعا ارتفاعا أكبر لمعدل التضخم في ديسمبر. وأكد أن زيادة أسعار الوقود ستنعكس بشكل مباشر وواضح على أسعار كافة السلع والمنتجات والبضائع بسبب زيادة تكلفة النقل، بجانب التأثير الفوري الملموس على معدل إنفاق المواطنين على وسائل النقل المختلفة. وأتوقع ارتداد التضخم نحو الصعود مرة أخرى لمستويات 12.5% خلال الشهرين المقبلين، على أن يعاود الانخفاض مرة أخرى مطلع 2026، خاصة مع معدلات النمو المتوقعة وظهور تأثيرات تراجع الفائدة على تكلفة الإنتاج"، وفقا لشفيع. ـ تماسك الجنيه أمام الضغوط التضخمية : واستبعد خبير أسواق المال، هيثم فهمي، أن يؤثر تحريك أسعار الوقود على سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، متوقعا أن تؤدي زيادة أسعار المواد البترولية إلى انخفاض الاستهلاك، وبالتالي تراجع الفاتورة الاستيرادية سواء للنفط أو مشتقاته، وهو ما يقلص الضغط على العملة الأميركية. ويرى فهمي أن تأثر التضخم بتحريك الوقود في مصر طفيف، ولتقييم أثره لا بد من مراعاة عدة عوامل؛ الأول أن النقل يشكل نسبة 5.3% من إجمالي استهلاك الأسرة في مصر، والثاني أن الوقود يشكل نسبة من 15% إلى 35% من تكلفة نقل الركاب في مصر بوسائل النقل المختلفة (سيارات خاصة ـ حافلات ـ قطارات ـ سيارات الأجرة والنقل الذكي) . وأضاف: بما أن متوسط الزيادة الأخيرة لأنواع الوقود المختلفة هو 11.9%، فمن المتوقع أن يكون تأثير رفع أسعار الوقود على التضخم بمقدار ارتفاع طفيف قدره من 0.095% إلى 0.25%. ـ سياسة نقدية أكثر حذرا : ورجحت سارة سعادة وقف البنك المركزي لدورة التيسير النقدي مؤقتا خلال الشهرين المقبلين، لاستيعاب الزيادة المحتملة في التضخم، على أن يستأنف خفض الفائدة العام المقبل 2026 بمعدلات بين 6% و8% . ويرى شفيع أنه على الرغم من وجود فرصة أخيرة أمام المركزي لخفض الفائدة 1% خلال الاجتماع المقبل، إلا أنه قد يتبنى سياسة أكثر حذرا ويبقي على أسعار الفائدة. أضاف سيكون من الصعب إجراء خفض جديد على فائدة الجنيه في ديسمبرالمقبل 2025 بسبب تصاعد تأثيرات رفع أسعار الوقود على التضخم . الاقتصاد المصري ينتظر انتعاشة قوية خلال العام المقبل، سواء من جانب معدلات النمو أو تدفق الاستثمار الأجنبي، وكذلك تباطؤ قوي لمعدلات التضخم، وهو ما يسهل على المركزي المصري خفض الفائدة بمعدلات لا تقل عن 6% خلال 2026 بحسب شفيع. وأكد مسؤول في قطاع الخزانة بأحد البنوك أنه من المرجح أن يثبت البنك المركزي الفائدة على الجنيه في اجتماعي نوفمبر وديسمبر حتى يستوعب السوق تداعيات رفع أسعار المحروقات. بينما يرى هيثم فهمي أنه لا يزال أمام البنك المركزي المصري مساحة كبيرة لخفض معدل الفائدة بواقع 100 نقطة أساس، حتى في حالة إن شهدنا ارتفاعات محدودة في معدلات التضخم. ـ مصير أسعار السلع في الأسواق : من جانبها، أكدت شعبة المواد الغذائية بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن الزيادة الأخيرة في أسعار البنزين والسولار لن تؤثر بشكل كبير على أسعار السلع الأساسية أو المنتجات الغذائية في السوق المحلي، مضيفة أن استقرار سعر صرف الدولار وانخفاضه النسبي خلال الأسابيع الماضية ساهم في تقليل تكلفة استيراد الخامات ومستلزمات الإنتاج، ما يوازن تأثير زيادة أسعار الوقود. وأكدت الشعبة، في بيان، أن الأسواق المصرية تشهد تحسنا واضحا في حركة التوريد وتوافر السلع، بالتوازي مع جهود الدولة في دعم واستقرار السلاسل التجارية والإنتاجية، ما ساهم في الحفاظ على حالة الثبات السعري النسبي رغم المتغيرات الاقتصادية. وشددت على أنها تتابع الأسواق يوميا لمنع أي محاولات لرفع الأسعار بشكل غير مبرر، داعية المواطنين إلى عدم الانسياق وراء الشائعات أو حملات رفع الأسعار المصطنعة، مؤكدة أن السوق المحلية أصبحت أكثر استقرارا ونضجا وقدرة على امتصاص الصدمات السعرية دون تحميل المستهلك أعباء إضافية. ـ مصير أسعار الخبز بعد زيادة الوقود : أكد محمد عبد الجواد، سكرتير عام الشعبة العامة للمخابز باتحاد الغرف التجارية، أن زيادة أسعار الوقود لن تؤثر على سعر أو وزن رغيف الخبز المدعم المخصص لحاملي البطاقات التموينية، حيث ستتحمل الدولة كامل فروق الأسعار لضمان استقرار منظومة الدعم وعدم تحميل المواطنين أي أعباء إضافية. وأوضح عبد الجواد أن سعر رغيف الخبز المدعم سيظل ثابتا عند 20 قرشا لحاملي البطاقة التموينية، وبالوزن المحدد 90 جراما للرغيف الواحد، دون أي تغيير في الكميات أو الجودة، وستتحمل وزارة التموين وهيئة السلع التموينية زيادة تكلفة الوقود للمخابز البلدية التي تستخدم السولار. وأشار إلى أن الحكومة ستودع فروق الزيادة في أسعار السولار في الحسابات البنكية للمخابز من خلال الهيئة العامة للسلع التموينية، بما يعادل 32 جنيها لكل شوال دقيق زنة 100 كيلوجرام، وهو ما يعادل نحو 2 قرش زيادة في تكلفة الرغيف الواحد تتحملها الدولة بالكامل. وأكد أن جميع المخابز البلدية مستمرة في العمل دون أي تعطّل، لافتا إلى أن تعليمات واضحة صدرت من وزارة التموين بعدم السماح بأي تغيير في سعر أو وزن الرغيف المدعم، مع استمرار حملات التفتيش اليومية لضمان الالتزام الكامل بالإنتاج والجودة. وأوضح عبد الجواد، أن المخابز التي تعمل بالغاز الطبيعي لن تتأثر بالزيادة الأخيرة في أسعار الوقود، نظرا لأن سعر الغاز الطبيعي المخصص لها مدعوم وثابت، ما يساهم في استقرار تكلفة الإنتاج وعدم تأثر منظومة الدعم بأي شكل. ومع ذلك، أوضح أن الخبز السياحي والمنتجات غير المدعومة قد تشهد زيادة طفيفة في الأسعار خلال الفترة المقبلة، نظرا لأنها تخضع لآلية العرض والطلب في السوق الحر، مشيرا إلى أن نسب الزيادة ستختلف من مخبز لآخر بحسب نوع الوقود المستخدم وتكلفة التشغيل. ـ أجرة المواصلات الجديدة: وعدلت المحافظات المصرية تعريفة الركوب بما يتماشى مع الزيادة الجديدة في أسعار الوقود، بنسبة بين 10% و15%، مع التأكيد على مراعاة مصلحة المواطن والسائق في الوقت نفسه. ووجهت وزارة التنمية المحلية، بتكثيف الحملات الرقابية على مواقف السرفيس والتاكسي لمنع استغلال المواطنين، مع إلزام السائقين بوضع التسعيرة الجديدة بشكل واضح داخل المواقف وعلى زجاج السيارات، بالإضافة إلى نشرها عبر الصفحات الرسمية للمحافظات على مواقع التواصل الاجتماعي. ـ دراسة لرفع أسعار تذاكر المترو: كما، أفادت صحف محلية، عن مسؤول بهيئة مترو الأنفاق، أنه من المقرر عقد اجتماع الأسبوع المقبل بحضور وزير النقل وممثلي الهيئة، لدراسة إمكانية رفع أسعار تذاكر المترو بعد الزيادة الأخيرة في أسعار السولار. وقال المسؤول، إن رفع أسعار التذاكر بات أمرا حتميا في ظل الزيادة الثابتة في تكلفة التشغيل الناتجة عن ارتفاع أسعار الوقود، مشيرا إلى أن القرار النهائي سيتخذ بعد تقييم شامل لتأثير الزيادة على ميزانية الهيئة وجودة الخدمة المقدمة للمواطنين. ـ أسعار البنزين والسولار الجديدة في مصر: وبحسب بيان وزارة البترول، جاءت أسعار البنزين والسولار الجديدة، على النحو التالي: ـ بنزين 95: 21 جنيهًا للتر بدلًا من 19 جنيها. ـ بنزين 92: 19.25 جنيها للتر بدلًا من 17.25 جنيها . ـ بنزين 80: 17.75 جنيها للتر بدلا من 15.75 جنيها. ـ السولار: 17.5 جنيها للتر بدلا من 15.5 جنيها. ـ غاز السيارات: 10 جنيهات للمتر المكعب بدلًا من 7 جنيهات. ويعد هذا القرار الثاني من نوعه خلال العام الحالي، بعد الزيادة السابقة في أبريل 2025، والتي ساهمت آنذاك في تحقيق وفر تقديري بنحو 35 مليار جنيه بالموازنة العامة للدولة. وأكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في تصريحات سابقة، أن الزيادة الحالية قد تكون الأخيرة بهذا الحجم، مشيرا إلى أن الدولة ستواصل دعم السولار خلال الفترة المقبلة، مع الالتزام بتثبيت أسعار الوقود لمدة عام كامل على الأقل. موضحا أن الحكومة تنفذ خطة تدريجية لرفع دعم الوقود بالكامل بنهاية عام 2025، مع الإبقاء على دعم جزئي لمنتجات حيوية مثل السولار وأسطوانات غاز الطهي، لتخفيف الأعباء عن المواطنين وضمان استقرار الأسواق. وأكد أن قرار تثبيت الأسعار لمدة عام يأتي حرصا على استقرار السوق المحلي، ومنع تقلبات الأسعار المتكررة، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية والاضطرابات التي تشهدها أسواق النفط العالمية.
|
|||||||||||||||