تحليلات


كتب فاطيمة طيبى
9 ديسمبر 2025 2:24 م
-
طول مدة السداد خلقت فجوة كبيرة بين التدفقات النقدية الداخلة والاحتياجات الفعلية للبناء

طول مدة السداد خلقت فجوة كبيرة بين التدفقات النقدية الداخلة والاحتياجات الفعلية للبناء

اعداد ـ فاطيمة طيبي

 حذر الدكتور محمد القاضي، مؤسس شركة نورم للاستشارات العمرانية وعضو جمعية رجال الأعمال المصريين، من أن السوق العقارية المصرية تقف على أعتاب مرحلة حساسة تتطلب تدخلا عاجلا لإعادة ضبط توازنها، بعدما تراكمت عدة عوامل ضاغطة عليها.

أضاف القاضي أن أبرز هذه العوامل تتمثل في تمديد فترات السداد إلى مدد غير مسبوقة، وارتفاع أسعار الفائدة، وضعف التمويل العقاري، والتشدد المصرفي في منح التسهيلات للمطورين، مؤكدا أن هذه المنظومة قد تقود إلى تآكل شريحة واسعة من المطورين الصغار خلال الفترة المقبلة.

وقال مؤسس شركة نورم للاستشارات العمرانية، إن مدد السداد الطويلة التي وصلت إلى 15 سنة، رغم أنها بدأت كأداة جذب للمشترين، إلا أنها تحولت إلى عبء ثقيل على الشركات، بعدما خلقت فجوة كبيرة بين التدفقات النقدية الداخلة والاحتياجات الفعلية للبناء. وأوضح أن هذه الفجوة تصبح خطرة للغاية لدى الشركات الصغيرة التي تعتمد بشكل شبه كامل على "تدفقات العملاء" كمصدر تمويل رئيسي للمشروع، بينما ترتفع تكلفة الإنشاء بشكل مستمر نتيجة زيادة أسعار المواد الخام والطاقة وأجور العمالة والمقاولين.

وأضاف القاضي، أن أزمة التمويل المصرفي تمثل تحديا مضاعفا، بعدما دفعت الزيادة الحادة في أسعار الفائدة البنوك إلى تبني سياسات أكثر تحفظا في منح التسهيلات الائتمانية، مشيرا إلى أن المطور الصغير يواجه اليوم معادلة صعبة تتمثل في بناء تتضاعف تكلفته، وتحصيلات تأتي ببطء، وتمويل بنكي أصبح إما مكلفا للغاية أو غير متاح بالأساس. وذكر أن هذه الظروف قد تدفع بعض الشركات للتأخر في التنفيذ أو البحث عن شراكات غير متكافئة للخروج من الأزمة.

ـ الظروف الصعبة تدفع بعض الشركات للتأخر في التنفيذ أو البحث عن شراكات غير متكافئة :

كما انه وفي ظل الفائدة المرتفعة، تراجع التمويل العقاري للأفراد بصورة شبه كاملة، إذ أصبحت أقساط التمويل العقاري عبئا ماليا يفوق قدرة معظم الشرائح، ما أدى إلى اعتماد السوق كليا على نظم التقسيط المباشر من المطورين.

وأكد أن هذا التحول ضاعف الضغوط على الشركات الصغيرة، لأنها تجد نفسها مطالبة بتمويل المشروع ذاتيا لفترات طويلة دون دعم مؤسسي أو مصرفي، مشيرا إلى أن الشركات الكبرى تتمتع بمرونة أكبر وقدرة على امتصاص الصدمات بفضل تنوع محفظتها الاستثمارية، وقوة ملاءتها المالية، وعلاقاتها المصرفية الممتدة، ما يمنحها قدرة على الحفاظ على وتيرة البناء دون التأثر الكبير بتغيرات السوق، وفي المقابل، يفتقد المطور الصغير لهذه المزايا، ما يجعله الأكثر عرضة للتعثر أو الخروج من السوق.

وتوقع القاضي، أن يشهد السوق موجة من الاندماجات والاستحواذات خلال العامين المقبلين، مع خروج طبيعي لشركات غير قادرة على تحمل التزاماتها، وهذا الاتجاه سيزيد من تركز السوق في يد عدد أقل من الشركات، بما قد يحد من التنوع والمنافسة التي كانت تمثل عنصر قوة في السوق المصرية خلال السنوات الماضية.

وطالب القاضي بوضع ضوابط أكثر صرامة لمدد السداد، وتفعيل التمويل العقاري الحقيقي، وتشجيع التمويل المؤسسي، وتبني آليات واضحة لضمان استقرار التدفقات النقدية للمطورين، مؤكدا أن السوق العقارية قوية في جوهرها لكنها تحتاج إلى إعادة توازن سريع لضمان بقاء المطورين الصغار واستدامة القطاع.

ـ التحدي الحقيقي للقطاع العقاري في إدارة التدفقات النقدية وليس طول فترات السداد فقط

ـ المطور الذي لا يملك نظام إدارة للمخاطر أو يحدد نسبة مبيعات آمنة قبل الإنشاء الأكثر عرضة للتآكل  ...

قال المهندس علاء فكري، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة بيتا للتطوير العقاري، ونائب رئيس لجنة التطوير العقاري بجمعية رجال الأعمال المصريين، إن ما تشهده السوق العقارية المصرية من ضغوط تمويلية وتوسع في فترات السداد ليس أزمة استثنائية، بل انعكاس لدورة اقتصادية طبيعية يمر بها القطاع بين فترات نشاط وتباطؤ.

أضاف فكري أن القراءة الواقعية للسوق تفرض على كل مطور إدراك أن الصناعة بطبيعتها ممتدة، وأن المشروع العقاري لا يبنى في شهور بل في سنوات، تتراوح عادة بين 3 و5 أعوام.

وأوضح رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة بيتا للتطوير العقاري، أن السوق العقارية يشبه باقي القطاعات المرتبطة بالاستثمار والاستهلاك مثل السيارات والذهب حيث تؤثر المتغيرات المالية على قرارات البيع والشراء، سواء في أوقات انخفاض الفائدة أو ارتفاعها.

ـ خطر فترات السداد الممتدة عندما تلجأ إليه شركات لا تمتلك القدرة على تحمل التزامات طويلة الأجل:

كما شدد فكري، على أن انتشار فترات السداد الممتدة حتى 12 و14 عاما لا يمثل خطرا عاما على الشركات، لكنه يصبح مقلقا عندما تلجأ إليه شركات لا تمتلك القدرة على تحمل التزامات طويلة الأجل، قائلا: "المشكلة ليست في مدة السداد المشكلة في ملاءة الشركة، وأن كل مطور يجب أن يضع سياسته المالية وفق قدرته هو، وليس وفق ما يفعله الآخرون".

كما أن الشركات الكبرى التي تقدم فترات سداد طويلة لديها ما يثبت للبنوك قدرتها على تغطية التزاماتها، وهو ما يجعل البنوك تتسابق لتقديم التمويل لها، بينما يعاني عدد من الشركات المتوسطة والصغيرة من صعوبة الحصول على الائتمان أصلا، بغض النظر عن ارتفاع أو انخفاض الفائدة.

وفيما يتعلق بتأثير ضعف التمويل العقاري، يرى فكري، أن المشكلة الأساسية ليست في النظام نفسه، بل في ارتفاع تكلفة الفائدة داخل السوق المصري، موضحا أن في الدول الأوروبية وأمريكا، الفائدة على التمويل العقاري 1% إلى 4%، وهو ما يجعل التقسيط الطويل منطقيا، أما فيما يخص مصر وصلت الفائدة في فترات الذروة إلى 32 و33%، وحتى في أفضل الظروف لا تقل عن 14%، وهذه أرقام تجعل التمويل العقاري السكني شبه مستحيل.

وأشار إلى أن التمويل العقاري يصبح عمليا فقط لمشروعات ذات عائد مثل الأنشطة التجارية لأن العائد الشهري يمكن أن يغطي القسط، بعكس وحدات الإسكان التي تصبح تكلفة تمويلها أعلى من قدرة العملاء.

وحول مستقبل الاندماجات بين الشركات العقارية، استبعد علاء فكري حدوث نمو ملحوظ في هذا الاتجاه، مرجعا ذلك إلى طبيعة السوق المحلي الذي يميل فيه المستثمرون إلى الانفراد بالإدارة واتخاذ القرار، مشيرا إلى أن ثقافة العمل الجماعي في الملكية ليست منتشرة، حتى الشركاء أو الأشقاء ينفصلون مع الوقت، لذلك فإن توقع حدوث موجة اندماجات كبرى غير واقعي.

ولفت فكري، إلى أن التحديات الحقيقية التي تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة تتمثل في إدارة التدفقات النقدية، وليس في طول فترات السداد وحدها، فغياب الإدارة المالية المحكمة يؤدي إلى فجوة بين إيرادات البيع وآجال الإنشاءات، وهو ما يخلق ضغطا تمويليا قد يصل إلى تعثر الشركات.

وأضاف علاء فكري أن المطور الذي لا يملك نظام إدارة للمخاطر، أو لا يحدد نسبة مبيعات آمنة قبل بدء الإنشاء، هو الأكثر عرضة للتآكل حتى لو قدم فترات سداد قصيرة.

ـ ضرورة إعادة هيكلة خطط البيع لتكون متوافقة مع جدول التنفيذ :

ودعا رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة بيتا للتطوير العقاري، إلى ضرورة إعادة هيكلة خطط البيع لتكون متوافقة مع جدول التنفيذ، مع تعزيز الاعتماد على التمويل الذاتي وتقليل الاعتماد على الاقتراض قدر الإمكان خلال الفترات التي ترتفع فيها الفائدة.

وتوقع فكري، أن يشهد عام 2026 تحسنا نسبيا في آليات التسعير مقارنة بعام 2025، مع زيادة واعية في الأسعار تتراوح بين 10 و20% نتيجة ارتفاع عناصر التكلفة، سواء الطاقة أو الأجور أو مستلزمات البناء، موضحا أن عام 2026 سيكون عاما أكثر انضباطا ليس لأنه بلا ضغوط، بل لأن السوق تعلم من عامين سابقين مليئين بالاهتزازات.

ـ  السوق العقارية تمر بمرحلة حساسة للغاية نتيجة تراكم عوامل ضاغطة :

ـ مدد السداد الطويلة لم تكن اتجاها اختياريا بل فرضته المنافسة مع الشركات الكبرى ..

أكد المهندس فتح الله فوزي، رئيس مجلس إدارة شركة مينا لاستشارات التطوير العقاري، ورئيس لجنة البناء والتشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين، أن السوق العقارية المصرية تمر بمرحلة حساسة للغاية، نتيجة تراكم عوامل ضاغطة أثرت على هيكل السيولة لدى معظم المطورين، خاصة الصغار والمتوسطين.

وأوضح فوزي أن مدد السداد الطويلة التي تجاوزت عشر سنوات كانت من أبرز هذه العوامل، مشيرا إلى أن هذا الاتجاه لم يكن اختياريا بل فرضته المنافسة مع الشركات الكبرى التي اعتمدت خطط بيع تمتد لـ 12 و14 سنة.

وأشار رئيس مجلس إدارة شركة مينا لاستشارات التطوير العقاري، إلى أن المشكلة الرئيسية تكمن في أن المطور يحصل على قيمة الوحدة مقسّطة على 10 أو 14 سنة، بينما يطلب منه إنهاء تنفيذها خلال 4 سنوات فقط، وهي نفس فترة سداد أقساط الأرض وتكلفة البناء، ما يؤدي إلى عجز تمويلي لا يستطيع تحمله سوى الشركات الكبيرة التي تمتلك خبرة مالية وقدرة على الحصول على ائتمان مصرفي.

ـ 90% من المطورين الصغار والمتوسطين يواجهون صعوبة في الحصول على تمويل بنكي :

وأضاف فوزي، أن نحو 90% من المطورين الصغار والمتوسطين يواجهون صعوبة في الحصول على تمويل بنكي، سواء لعدم توافر الضمانات أو ضعف الخبرة الائتمانية أو غياب سجل قوي في السوق، ما يؤدي إلى تأخر التسليم وتعثر بعض الشركات وظهور حملات الشكاوى على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأوضح فتح الله فوزي أن غياب دور التمويل العقاري في دعم العميل ضمن المشروعات تحت الإنشاء عمق الأزمة، حيث تركز البنوك على تمويل الوحدات الجاهزة، بينما معظم مبيعات السوق تتم على وحدات "على الورق"، ما يزيد الضغوط على المطورين ويحد من قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم.

ويرى رئيس لجنة البناء والتشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين، أن الحل يكمن في إعادة هيكلة المشروعات وتقسيمها إلى مراحل صغيرة، بحيث يتم تنفيذ وتسليم كل مرحلة قبل الانتقال إلى التالية، ما يرفع الثقة بين العملاء والمطورين ويعيد حركة البيع تدريجيا.

كما أشار إلى أن السوق بطبيعتها قد تشهد خروج بعض الشركات المتعثرة، بينما تدخل كيانات جديدة أو تقوم الشركات الكبرى بالاستحواذ على مشروعات لم تستكمل بعد، وهو نمط طبيعي في فترات الأزمات.

ـ مطلوب إعادة هيكلة المشروعات وتقسيمها إلى مراحل صغيرة ثم تسليمها لرفع الثقة مع العملاء :

وأكد فوزي، أن الحكومة تستطيع لعب دور فعال من خلال تيسيرات في جدولة أقساط الأراضي ومد فترات التنفيذ، ما يخفف الضغط عن المطورين ويتيح لهم عبور المرحلة الحالية دون أن تتحمل السوق خسائر كبيرة.

وأضاف أن هذه الإجراءات تساعد على استقرار السوق وتحافظ على ثقة العملاء، فضلا عن دعم استمرار حركة المبيعات تدريجيا دون حدوث فوضى أو انهيار في المشروعات العقارية.

وأكد فتح الله فوزي أن السوق العقارية تحتاج إلى ضبط ومرونة في إستراتيجيات البيع والتنفيذ، مع ضرورة إشراك البنوك في تمويل الوحدات تحت الإنشاء، لضمان استدامة القطاع واستقرار حركة المبيعات، وحماية حقوق العملاء والمطورين على حد سواء.

 

 

 


أخبار مرتبطة
 
10 ديسمبر 2025 2:46 متوقعات الخبراء من الاجتماع الأخير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في 20253 ديسمبر 2025 1:28 متجاوز اقتصاد الإمارات التوقعات ليصبح أكثر اقتصادات العالم نموذجا وديناميكية2 ديسمبر 2025 1:16 ممحللون: سيناريوهات توضح مسار الجنيه المصري خلال 20261 ديسمبر 2025 2:30 متوقعات متفائلة لاتجاهات نمو الاقتصاد المصري للعام 2026 بتنفيذ الإصلاح الاقتصادي والهيكلي26 نوفمبر 2025 12:37 مرئيس"إنفيديا" يهاجم مدراء يرفضون الذكاء الاصطناعي بسبب التهديدات التي يشكلها على الوظائف25 نوفمبر 2025 3:57 ممجموعة العشرين.. ترامب يرفض أجندة جنوب أفريقيا للقمة24 نوفمبر 2025 2:40 ممصر: أرقام صادمة لأسعار إيجارات الأراضي الزراعية خلال العامين الماضيين23 نوفمبر 2025 1:20 م10 قطاعات مستفيدة من برنامج الصناعات الخضراء لتعزيز تنافسية الصناعة المصرية في الأسواق الدولية19 نوفمبر 2025 3:28 مثورة رقمية في السوق العقارية مع توسع الملكية الجزئية وازدهارالمنصات التكنولوجية18 نوفمبر 2025 1:30 مخبراء: الشراكات بين البنوك والفينتيك تمهد مستقبل الخدمات المالية الرقمية في مصر

التعليقات