تحليلات
كتب فاطيمة طيبى 30 يونيو 2019 4:32 م - التعليقات العشرين: رسالة لتعزيزالنمو والتجارة الحرة وخلاف حول المناخ إعداد ـ فاطيمة طيبي
القمة الرابعة عشرة لمجموعة العشرين التي استضافتها مدينة "أوساكا" في اليابان يومي 28 و29 يونيو الجاري. انطلقت وسط أجواء ساخنة، في وقت يشهد فيه العالم تنامي حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، بالاضافة الى أزمة فنزويلا ، و عدة أزمات تشهدها منطقة الشرق الأوسط وفى مقدمتها أزمة سوريا والملف الفلسطينى الإسرائيلى. هذا و شارك في القمة قادة الدول العشرين، التي تمثل أضخم اقتصاديات العالم، كما حضر الاجتماعات عدد من قادة الدول الأخرى الذين تتم دعوتهم لحضور القمة، إلى جانب منظمات دولية وإقليمية. وطرحت القمة فى نقاشاتها عدة ملفات ساخنة فى مقدمتها ، مخاطر تباطؤ الاقتصاد العالمى وسط تنامى التوترات التجارية والجغرافية السياسية، ومخاطر الاقتصاد الرقمى والمخاوف بشأن الخصوصية والأمان و نقلت وسائل الإعلام الرسمية في وقت سابق، عن الرئيس الصيني قوله، إن منطقة الخليج أصبحت الآن في وضع حساس للغاية و"تقف عند مفترق طرق الحرب والسلام". هذا و كانت صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست ذكرت، قبل القمة بيوم ، نقلا عن بعض المصادر أن واشنطن وبكين تصوغان اتفاقا سيساهم في تجنب الجولة المقبلة من فرض الرسوم الجمركية على واردات صينية إضافية قيمتها 300 مليار دولار. وقال الرئيس الأميركي، الأربعاء، إنه من الممكن إبرام اتفاق تجاري مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في مطلع الأسبوع، لكنه أشار إلى استعداده لفرض رسوم جمركية على بقية الواردات الصينية تقريبا إذا استمر الخلاف بين البلدين. وبدت الأجواء ودية في الدقائق الأولى من اجتماع الجمعة، وفي افتتاح الجلسة، قال رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي: "حوَّلت الرقمنة بشكلٍ سريع جوانب مختلفة في مجتمعنا واقتصادنا".كماأن إصلاح منظمة التجارة بات أمرا ضروريا .و لدينا فرصة كبيرة في هذه القمة لتشجيع النمو الاقتصادي العالمي. من جانبه، قال الرئيس الصيني، شي جين بينغ، إن مجموعة العشرين تسعى للدفع بالاقتصاد العالمي إلى الأمام بدوره، أكد الرئيس الأميركي قبيل بدء أعمال القمة على أهمية الوصول الحر للبيانات، معتبرا ذلك أساس نجاح الاقتصاد الرقمي
هذا وقد عقد قادة ورؤساء وفود دول مجموعة العشرين جلسة عملهم الختامية لأعمال القمة. التى عولت عليها الأوساط السياسية والاقتصادية العالمية لإنهاء العديد من الأزمات ووضع حلول للعديد من الملفات المفتوحة إقليميا وعالميا. كما أكد رئيس وزراء اليابان رئيس الدورة الحالية لقمة دول مجموعة العشرين شينزو آبي, أن دول المجموعة ستعمل من أجل تعزيز النمو الاقتصادي العالمي, معرباً عن الالتزام الكامل بالنجاح الكبير لقمة العشرين القادمة في المملكة العربية السعودية. وقال في مؤتمر صحفي في ختام أعمال قمة دول مجموعة العشرين في مدينة أوساكا: "اتفقنا على التصميم لتحسين فرص النمو الاقتصادي, والعالم بإمكانه الاتحاد لتوفير بيئة للنمو الاقتصادي. ولفت الانتباه إلى أن اليابان حرصت خلال فترة رئاستها لهذه القمة على اكتشاف القواسم المشتركة بين الدول الأعضاء وركزت على ما يجمع بين دول مجموعة العشرين.هذا وفي شأن قمة المجموعة المقبلة في المملكة العربية السعودية, قال رئيس وزراء اليابان "نحن ملتزمين بشكل كامل بالنجاح الكبير للقمة القادمة في الرياض فالمملكة أعلنت عن رؤية 2030 وهي منخرطة بشكل كبير في إصلاحات غير مسبوقة وأتمنى النجاح الكبير لقمة مجموعة العشرين في الرياض." فيما أكد البيان الختامي للقمة سعي الدول الأعضاء في مجموعة العشرين على تسخير قوة الابتكار التقني والتقنية الرقمية بشكل خاص وتطبيقها لصالح الجميع, والسعي لخلق دورة جيدة من النمو الاقتصادي والتصميم على بناء مجتمع قادر على اغتنام الفرص، والتصدي للتحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، المعروضة اليوم وفي المستقبل، بما في ذلك تحديات التغيير السكاني. وأضاف البيان أن دول مجموعة العشرين ستقود الجهود لتعزيز التنمية والتصدي للتحديات العالمية الأخرى لتمهيد الطريق نحو نمو عالمي شامل ومستدام، على النحو المتوخى منه في خطة التنمية المستدامة لعام 2030. وجدد القادة تأكيدهم بالالتزام على استخدام جميع أدوات السياسة لتحقيق نمو قوي ومستدام ومتوازن وشامل، والحماية من المخاطر السلبية، من خلال زيادة الحوار والإجراءات لتعزيز الثقة, مؤكدين السعي لتحقيق بيئة تجارة واستثمار حرة ونزيهة وشفافة وقابلة للتنبؤ بها ومستقرة، ولإبقاء الأسواق مفتوحة, فالتجارة الدولية والاستثمار هما محركان مهمان للنمو والإنتاجية والابتكار وخلق فرص العمل والتنمية. كما جددوا دعمهم للإصلاح الضروري لمنظمة التجارة العالمية لتحسين مهامها, مؤكدين العمل بشكل بناء مع أعضاء منظمة التجارة العالمية الآخرين بما في ذلك في الفترة التي تسبق المؤتمر الوزاري الثاني عشر لمنظمة التجارة العالمية. وأكد البيان العمل على تحقيق مجتمع شامل ومستدام وآمن وجدير بالثقة ومبتكر من خلال الرقمنة وتعزيز تطبيق التقنية الناشئة, ومشاركة فكرة مجتمع المستقبل الذي يركز على الإنسان، الذي يتم الترويج له من قبل اليابان باسم المجتمع 5.0 . وأضاف: "نظرًا لأن التحول الرقمي يحول كل جانب من جوانب اقتصاداتنا ومجتمعاتنا، فإننا ندرك الدور الحاسم الذي يؤديه الاستخدام الفعال للبيانات، كعامل تمكين للنمو الاقتصادي والتنمية والرفاه الاجتماعي ونهدف إلى تعزيز مناقشات السياسة الدولية لتسخير الإمكانات الكاملة للبيانات." وتضمن البيان أربعة قضايا رئيسية هي تعزيز النمو الاقتصادي العالمي, وإنشاء دورة نمو مفترضة عن طريق معالجة أوجه عدم المساواة, وتحقيق نمو عالمي شامل ومستدام, والقضايا والتحديات البيئية العالمية تضمنت تحتها موضوعات مثل النزوح والهجرة والبيئة والطاقة والصحة العالمية, والتطوير والزراعة والسياحة وتمكين المرأة العمل والتوظيف ومكافحة الفساد والتمويل العالمي وجودة البنية التحتية للاستثمار والابتكار والرقمنة وتدفق البيانات المجاني والتجارة والاستثمار والاقتصاد العالمي هذا وقد كان اتفاق المناخ الموقع عام 2015 في باريس النقطة الشائكة في قمة مجموعة الدول العشرين وأعلن الفرنسيون والألمان أن دول مجموعة العشرين توصلت إلى توافق بشأن المناخ باستثناء الولايات المتحدة التي انسحبت من الاتفاق عام 2017. وهكذا جدّدت 19 من دول مجموعة العشرين التزامها «التطبيق الكامل» للاتفاق. وقال الموقعون في البيان الختامي للقمة، إنهم متفقون على عدم التراجع عن هذا الاتفاق، مستخدمين لهجة تذكّر بالبيان الختامي لقمة مجموعة العشرين العام الماضي في الأرجنتين، وبالتالي صيغة لا تلزم الولايات المتحدة. ـ في ما يأتي محطات وتصريحات بارزة طبعت القمة : شكّل لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جينبينغ المنتظر منذ وقت طويل والذي انتهى بالتوصل لهدنة تجارية بين العملاقين الاقتصاديين، قمة داخل القمة. ومع انتهاء القمة، أعلن ترامب ما انتظره الجميع "عدنا إلى المسار الصحيح"، واصفا المباحثات مع شي بـ"الممتازة". وتكشفت تفاصيل قليلة حول ما اتفق عليه الزعيمان، بعيدا من التزام باستئناف المفاوضات التجارية ووقف فرض الرسوم، ما منح الاقتصاد العالمي متنفسا. وفي القمة كان من المتوقع أن يطغى عليها ملف التجارة، اثبت التغير المناخي أنّه سيظل ملفا ساخنا لفترة طويلة خصوصا مع تصريح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إنّ الملف يعد "خطا أحمر" بالنسبة اليه حتى قبل أن تبدأ القمة. لكن رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر صرّح ساخرا "خطوطي ليس لها ألوان"، قبل أنّ يعلن موافقته على الحاجة الى إجراءات أكثر صرامة. وتوصلت الدول ال19 الى اعلان في شأن المناخ باستثناء الولايات المتحدة، وذلك بعد مفاوضات طويلة وشاقة بسبب محاولة الولايات المتحدة عرقلة الإعلان الذي اتخذ شكلاً مماثلاً لإعلاني قمتي مجموعة العشرين في هامبورغ عام 2017 وبوينوس آيريس عام 2018. وهو ما اعتبر انتصارا ولو خجولا. وقال ماكرون بعد القمة "تجنّبنا التراجع (...) لكننا يجب أن نمضي أبعد من ذلك". ومع تصاعد التوتر في الخليج، كان من المتوقع أن تكون إيران محورا أساسيا في القمة وفي اللقاءات الثنائية، لكنها بالكاد ذُكرت، خصوصا مع سرقة ترامب للأضواء بتغريدة مفاجئة عن كوريا الشمالية. وقال ترامب "إذا رأى زعيم كوريا الشمالية كيم هذه الرسالة، يمكنني أن أقابله على حدود المنطقة المنزوعة السلاح لمجرد مصافحة يده والقول مرحباً!"، داعيا كيم جونغ اون الى مصافحة تاريخية في المنطقة التي تقسم الكوريتين وتحمل رمزية كبيرة. وجاءت تغريدة ترامب قبل توجهه الى كوريا الجنوبية، مؤكدا أنّه "لن تكون هناك أي مشكلة " في إمكان عبوره الحدود نحو كوريا الشمالية. شخصيا، تعامل ترامب بمودة مع قادة العالم الذين لا يتردد في انتقادهم في تغريدات ومقابلات، لكنه بدا مرتاحا جدا برفقة بعض قادة المجموعة الأكثر اثارة للجدل وبينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وتبادل الزعيمان حديثا ساخرا عن "الأخبار الكاذبة"، وحين سُئل ترامب عما إذا كان سيطلب من نظيره الروسي عدم التدخل في الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2020، التي ترشح لها رسمياً، استدار نحو بوتين وعلى وجهه ابتسامة ساخرة، وقال له "لا تدخّل في الانتخابات أيها الرئيس"، ثم كرر "لا تدخّل"، ملوحاً بسبابته فابتسم بوتين، وهو يسمع الترجمة.
|
||||||||||