أبحاث
كتب فاطيمة طيبى 15 يوليو 2019 2:05 م - التعليقات إستثمارات في الطاقة التقليدية مع حتميّة اعتماد مصادرها المتجدّدة إعداد ـ فاطيمة طيبي يتفق الخبراء على أن الطلب العالمي على الطاقة قد يتضاعف بحلول عام 2050 مقارنة بعام 2000. والتي، بلغت أهمية مواجهه التغير المناخي الناجم عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغير ذلك من الضغوط البيئية ذروتها. لهذا فان الاستثمارات الحالية في قطاع النفط لا تكفي لمواكبة اتجاهات الطلب، بل توفر فقط الحد الأدنى المطلوب. ما يعني أن هناك مخاطر من تأثر الإنتاج على المديين المتوسط والبعيد بصورة سلبية، ولا سيما في ظل ارتفاع الطلب على الطاقة التقليدية عالميا. وهذا الارتفاع ينشط بشكل كبير في البلدان ذات الاقتصادات الناشئة، التي تتقدم على بقية الدول بالمستوى المرتفع للنمو فيها، مدعومة بالتوقعات المستقلة التي تفيد بأن هذا النمو سيواصل ارتفاعه في المرحلة المقبلة. والاستثمارات النفطية تشكل بالفعل محورا أساسيا في عمليات الإنتاج، كما أنها متفاوتة من حيث الحجم بين بلد وآخر. فعلى سبيل المثال، تعد إيران أقل البلدان استثمارا في هذا القطاع، بينما تتصدر السعودية قائمة الدول الأكثر استثمارا، إضافة إلى توسيع الاستثمار في مجالات الطاقة المتجددة المختلفة.. تم تقدير حجم الاستثمارات النفطية على الساحة الدولية حاليا بـ 430 مليار دولار، وعلى الرغم من أن هذا المستوى ليس قليلا، إلا أنه يبقى دون الحجم المطلوب، حيث يقدر المختصون حاجة العالم إلى استثمارات تصل إلى أكثر من 700 مليار دولار سنويا. وللوصول إلى هذا المستوى من الاستثمارات لا بد للدول النفطية أن تعيد النظر في سياساتها الاستثمارية هذه. مع التأكيد هنا على أن الاستثمارات المطلوبة هي في الواقع داعم بعيد المدى للعوائد المالية، فضلا عن أن العالم سيدخل مرحلة ما يمكن تسميته بـ "الأمان النفطي . والاستثمارات النفطية تشمل بالطبع الغاز الذي يحظى باهتمام متصاعد على الساحة الدولية منذ سنوات. وطالما أن التحولات في مجال الطاقة ككل تسير بصورة ليست سريعة لاعتبارات عديدة، فإن الاستثمارات في مجال النفط والغاز تبقى محورية، بل ضرورية بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي فالنمو الاقتصادي لن يبقى على حاله المتأرجحة حاليا، خصوصا إذا ما تم التوصل إلى اتفاقات واضحة وعملية فيما يتعلق بالمعارك التجارية الراهنة. وهذا النمو يتطلب مزيدا من الإمدادات النفطية، خصوصا في بلدان آسيا التي تتمتع بمستوى متماسك في مجال النمو. وأي تراجع في الاستثمارات في الطاقة التقليدية، يعني حدوث اضطراب لا أحد يستطيع تحمله في الاقتصاد العالمي ككل. يرى المختصون أن تعزيز هذه الاستثمارات يمثل تحديا في المديين القصير والمتوسط، رغم وجود تحرك حقيقي بالفعل نحو مزيج طاقة مستقبلي منخفض الكربون في المستقبل. وهذه النقطة، على وجه الخصوص، تحتاج بالفعل إلى رفع الاستثمارات من جهة التطوير المطلوب عالميا لتعزيز حراك حماية البيئة عالميا. والحق، أن هذه المسألة تشهد تقدما كبيرا، في ظل اهتمام العالم أجمع بمسألة الوصول إلى مزيج من الطاقة يحقق الأهداف التنموية ويحافظ على المعايير البيئية. ومع الاعتراف بنمو واضح في مجالات الطاقة المتجددة. ـ واستناداً لتقرير صادر عن «إيه تي كيرني» في فبراير من السنة الماضية حول فكرة «التحول الكبير في مجال الطاقة»، الصادر عن شركة الاستشارات العالمية «إيه تي كيرني»، ودفع التقنيات الجديدة باتجاه تحول حاسم، يتمثل بانتقال عالمي في مجال الطاقة.اذ اعتمد التقرير على عناصر مهمة، تشمل مؤشرات التغير وسيناريوهات المستقبل، فضلاً عن خارطة طريق للشرق الأوسط، والتي تتضمن اعتماد مصادر الطاقة المتجددة، والاستفادة من احتياطيات الغاز.حيث باتت ضرورة حتمية . وبين التقرير في مقدمته، أن التوقعات الاقتصادية غالباً ما تخبرنا عن الماضي القريب وتأثيراته، أكثر مما تخبرنا عن المستقبل، ولهذا السبب، عندما كانت أسعار النفط مرتفعة لفترة ما ، أسرع عدد كبير من المحللين، إلى إعلان الوصول إلى الذروة النفطية هذا ولفت التقرير إلى أنه من ناحية العرض، وبعد أكثر من قرن، زاد خلاله كل ابتكار الناتج على حساب تكاليف نفقات رأسمالية أكبر ومدد زمنية أطول، فإن التكنولوجيا الصخرية تعمل على تحويل إنتاج النفط والغاز إلى قطاع يعمل بدورات أكثر سرعة، ما يزيد من إمكانية بدء عملية أو إيقافها ضمن إطار زمني قصير نسبياً، والاستجابة لأوضاع السوق، مع الإبقاء على التكلفة المنخفضة للبرميل الواحد بشكل كافٍ للمنافسة. وعلى صعيد مزيج الطاقة، لا يعزز تشديد اللوائح البيئية والإعانات زيادة الطلب على الغاز بشكل أسرع كوقود أكثر نقاءً من النفط فحسب، ولكن على مصادر الطاقة المتجددة أيضاً بشكل ملموس أكثر على المدى الطويل، وأنه لم يتوسع الأثر العالمي للطاقات المتجددة الحديثة بشكل كبير وإن كان هذا التوسع قد بدأ من قاعدة منخفضة جداً، إذ ما زال اليوم إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والوقود الحيوي، يلبي أقل من 2 % من الطلب الإجمالي على الطاقة، ولكن الأهم من ذلك، وعلى المدى الطويل، هو أن هذه التقنيات أصبحت تنافسية أكثر فأكثر من ناحية التكلفة. وخاصة في حالتي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتشير التقديرات الحالية، إلى أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، أصبحتا قادرتين على المنافسة في توليد الكهرباء، ولا يعني هذا الأمر، أنه بإمكان مصادر الطاقة المتجددة، أن تحل كلياً مكان المنتجات الهيدروكربونية في توليد الكهرباء، على الأقل بوجود التقنيات الحالية. ـ من الحلول ـ يمكن تشغيل مصانع الغاز وزيت الوقود والفحم أو إيقافها بسهولة، لتلبية الطلب المتغير .. ـ أن الافتقار لحلول تخزين طاقة مجدية من حيث التكلفة، تعني أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية، ستواصل اعتمادها على الظروف الطبيعية. وبالتالي، لا يمكنها توفير المرونة نفسها، وعلاوةً على ذلك، لا تزال مصادر الطاقة المتجددة تمرّ بمراحلها الأولى في الوقت الحالي، من ناحية مساهمتها في الإنتاج العالمي للطاقة، ومع ذلك، وفي ظل استمرار تحسن التكنولوجيا، فإننا نتوقع توسع فرص أن تحل مصادر الطاقة المتجددة محل المصادر الأخرى للطاقة على المدى الطويل. وفي ما يتعلق بالطلب الإجمالي على الطاقة، فقد تحسنت كفاءة الطاقة العالمية بوتيرة ثابتة، حيث بلغ متوسطها نحو 1.3 % سنوياً، منذ تغير آليات سوق النفط عام 1973. ولا ينبغي أن يكون ذلك مفاجئاً، إذ لا يحدث الابتكار التكنولوجي تحولات جذرية أو ملموسة دائماً، وطالما أن تكلفة سلعة ما مرتفعة بما يكفي لتشجيع الجهود الرامية لتكون مجدية اقتصادياً، كما كان الحال منذ أزمة النفط عام 1973، فإنه يجب مواصلة تحقيق التحسينات الصغيرة مع مرور الوقت. وتعرض التقرير إلى السؤال المطروح، وهو كيف سيبدو المستقبل؟، خاصة أنه غالباً ما يعد توقع سلوك المتغيرات الاقتصادية مغامرة، وبناءً على تحليل معمّق للتوجهات العالمية الحالية، فقد طورت شركة «إيه تي كيرني» الأميركية، 3 سيناريوهات أساسية، من الآن حتى عام 2040 تقريباً، مصنّفة وفقاً لـ 4 أبعاد أساسية، هي : ـ استقرار النظام الجيوسياسي ـ التدفقات الاقتصادية الكلية العالمية ـ الابتكار التكنولوجي ـ البيئة التنظيمية العالمية. ويؤدي تضييق التنسيق العالمي على الصعيد الجيو سياسي، إلى قوانين عالمية أكثر تطوراً وفعالية في مجالات مثل حقوق المستثمرين وإنفاذ براءات الاختراع والحماية البيئية، الأهم بالنسبة لقطاع الطاقة، ويعمل الاستقطاب، وهذا ما يعتبر السيناريو المرجعي أو المركزي أو الأكثر احتمالاً بالنسبة لمعدي التقرير، لأنه يمثّل استمراراً للاتجاهات الأكثر وضوحاً في يومنا هذا.وفي هذا السيناريو، يزداد تقسيم العالم إلى كتل إقليمية تتنافس فيما بينها تنافساً محموماً في المجالات الاقتصادية والتقنية، لكنها تتفادى عموماً أشكالاً مباشرة من المواجهة، وهذا ما يؤدي من الناحية الجيوسياسية إلى تقلّب ميزان القوى، فيوفر بيئة عالمية هشة، لكن مستقرة مبدئياً. ـ خارطة طريق لمواجهة التحديات: نجد انه على مدى الأعوام الـ 40 الماضية، أدى ارتفاع معدل أسعار النفط، إلى ما قد يعتبر أحد أكبر التحولات الدولية في التاريخ . ولا سيما في الشرق الأوسط، النمو وزيادة رفاه سكانها بمعدل متسارع، وفي معظم الحالات، استثمرت أجزاء ملحوظة من عائدات النفط الخاصة في مجال التعليم والبنى التحتية والصناديق السيادية. ومع ذلك، فهي تعتمد اعتماداً كبيراً على عائدات الهيدروكربون لتوازن ميزانيات حكوماتها. واقترح التقرير خطوطاً رئيسة للعمل، تشمل : ـ اعتماد مصادر الطاقة المتجددة، بالنسبة إلى اقتصادات الشرق الأوسط، حيث ثمة بريق أمل في مصادر الطاقة المتجددة، لأن بعض هذه التقنيات ملائم تماماً لظروف شبه الجزيرة العربية، وهذا صحيح بالأخص في حالة الطاقة الشمسية الضوئية، فضلا عن الاستفادة من احتياطات الغاز. ـ يعتبر الخيار المفضل بالنسبة للقوانين البيئية العالمية التي تتجه نحو مزيد من الصرامة، ولذا، فإن تكنولوجيا اليوم لن تسمح باستبدال توربينات الغاز بشكل كامل، بمولدات الطاقة الشمسية أو الرياح. ــ ولأهمية اعتماد الاقتصادات على الصناعات البتروكيماوية تطرق التقرير إلى: توسيع سلسلة القيمة، وربما أهم إجراء يمكن أن تتخذه اقتصادات الشرق الأوسط للتهيؤ للتحول العالمي المقبل للطاقة، يتمثّل في دمج سلسلة القيمة الهيدروكربونية باتجاه التكرير والبتروكيماويات والأنشطة الصناعية، مثل صهر المعادن، والتي تتطلب مدخلات كبيرة من الطاقة. وهذه كلها أنشطة موجهة نحو التصدير، حيث تتمتع منطقة الشرق الأوسط بميزة تنافسية هامة، بسبب احتياطياتها الهيدروكربونية الرخيصة نسبياً، وموقعها الجغرافي في منتصف الطريق بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، وهو ما يجعلها مكاناً محتماً للصناعات التي تستهدف أسواق تلك المناطق الثلاث. وفي الواقع، وتحديداً عندما تكون أسعار الطاقة العالمية منخفضة، يكون من المنطقي أكثر من أي وقت مضى، القيام بأنشطة ذات قيمة مضافة قريبة من مَصدر الطاقة، إذ إن زيادة القيمة المضافة تخفض نسبة تكلفة النقل على القيمة الإجمالية للسلع. وإن عملية استبدال النفط بمصادر طاقة أنظف، لا تؤثر في المنتجات الكيماوية بشكل كبير، ولذلك يُتوقع أن ينمو الطلب بشكل أسرع من الطلب على النفط، أو حتى على الغاز الطبيعي، وهو أيضاً طريق سلكته العديد من اقتصادات الشرق الأوسط في الأعوام الأخيرة. ـ الاستفادة من المزايا التنافسية لدول الخليج: تحتاج اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، إلى تركيز استثماراتها على الفرص التي تستفيد من مزاياها التنافسية، بما في ذلك مصادر الطاقة الرخيصة، والقوى العاملة الماهرة، وموقعها الجغرافي في منتصف الطريق بين أوروبا وآسيا وأفريقيا. ولقد سبق ونفّذ آخرون عملية التحول هذه، إذ تعتمد بلدان مثل النرويج وكندا وأستراليا أيضاً بشكل أساسي على صادرات السلع الأساسية، بما في ذلك نسبة كبيرة من الهيدروكربونات، لكنها أصبحت أيضاً اقتصادات مواتية للأعمال التجارية القائمة على المعرفة. ولا يوجد سبب يبرر عدم قدرة مجلس التعاون الخليجي على اتباع الطريق نفسه لقيادة مرحلة التحول المقبلة في الطاقة. ومن المؤكد أن الاستجابة الصحيحة لتحديات التحول المقبل للطاقة، ليست مجرد إنفاق النقد في جميع المجالات، على أمل أن يدرّ عائدات في نهاية المطاف. وينبغي على حكومات دول مجلس التعاون الخليجي، ضمان أن يكون لجميع استثماراتها معنى اقتصادي، خاصة بعد انخفاض عائداتها النفطية السنوية إلى أقل بكثير من مستوياتها قبل 3 أعوام مضت.
|
|||||||||||||||