تحليلات


كتب فاطيمة طيبى
1 سبتمبر 2019 11:42 ص
-
الهند.. الشكوك حول إصدار أول سندات سياديّة مقوّمة بالعملة الأجنبية

الهند.. الشكوك حول  إصدار أول سندات سياديّة مقوّمة بالعملة الأجنبية

اعداد ـ فاطيمة طيبي  

    

الشكوك حول إصدار أول سندات سيادية هندية مقومة بالعملة الأجنبية. اهم ما تناولته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية بتحليل عن ما صدر  في يوليو الماضي  في كيف ان حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، قد أسعدت أسواق السندات العالمية المتعطشة للعائدات ، عندما كشفت النقاب عن خطط لجمع عشرة مليارات دولار، ضمن أول سندات سيادية مقومة بالعملات الأجنبية، وهو إصدار يهدف إلى توسيع مجموعة المستثمرين الراغبين في شراء الأصول الهندية.

في حين أن الجهات المقترضة الأكثر مخاطرة مثل بنين وأوزبكستان، سحبت إصدارات السندات الأجنبية الجديدة هذا العام، إلا أن احتمالات الإصدار الهندي أصبحت موضع شك، بعد موجة من التحذيرات بأن هذه الخطوة قد تعرض نيودلهي لمخاطر محدقة في سوق العملات الأجنبية، وهو أمر دائما ما تجنبته حتى الآن.حسب حسب ما كشفت  عنه الصحيفة أولئك الذين أعربوا عن قلقهم بشأن الخطة يراوحون بين راجورام راجان، المحافظ السابق لبنك الاحتياطي الهندي "المركزي"، إلى الحلفاء التقليديين، مثل سواديشي جاجران مانش الذراع الاقتصادي اليمينية، للمنظمة الأم لحزب مودي الحاكم "بهاراتيا جاناتا".  

نيودلهي لم تعترف علانية بأنها مترددة، لكن بعد أسابيع من إعلان الخطة، أزالت الإدارة فجأة سوبهاش تشاندرا جارج، أكبر بيروقراطي في وزارة المالية، الذي دافع علنا عن إصدار السندات الدولية، ووعد بإطلاقها في أكتوبرمن هذا العام.

قال كريشنا مورثيسو برامانيان، كبير المستشارين الاقتصاديين : الإدارة "تفكر بعمق" في هذه المسألة، بكل إيجابياتها وسلبياتها المحتملة، والطرق المختلفة التي يمكن بها بناء سندات دولية. وقد قيل القليل علنا عن هذه المسألة منذ ذلك الحين.لا يزال عديد من الاقتصاديين ومديري الصناديق يعتقدون أن فرصة نيودلهي لتلبية بعض احتياجاتها التمويلية، على الأقل بأسعار فائدة عالمية منخفضة، شيء لا يمكن ولا ينبغي للحكومة تجاهله، نظرا لاحتياجاتها التمويلية الضخمة.

وقال سوراب موخيرجيا، مؤسس "مارسيلوس إنفستمنت مانجرز": "حتى أقل الأسواق الناشئة جودة تقترض بعوائد منخفضة لدرجة سخيفة". "المال رخيص للغاية لدرجة أنه لا يمكنني أن أرى حزبا مثل بهاراتيا جاناتا بقاعدته الأساسية من المتداولين قادرا على مقاومة الإغراء".ومع ذلك، يعتقد آخرون أن نيودلهي تعيد التفكير. في حين  قال فيفيك ديجيا، أستاذ الاقتصاد في جامعة كارلتون: "حدسي يقول إنهم يعيدون التفكير. هذا تصرف حكيم".

تأتي حالة عدم اليقين في الوقت الذي تواجه فيه نيودلهي تحديات اقتصادية متزايدة الخطورة، بما في ذلك النمو المتعثر، والقلق بشأن عجزها المالي، وسط مزاج عالمي قاتم.  هذا وفي الأسابيع القليلة الماضية، انخفضت الروبية أكثر من 4 % مقابل الدولار منذ ذروتها في يوليو الماضي، أكثر من أي عملة أخرى في الأسواق الناشئة.

قالتسونال فارما، كبيرة الاقتصاديين في الهند في "نومورا"، قالت: إن انخفاض تكلفة الأموال لم يكن المنفعة الوحيدة المحتملة لإصدار سندات دولية. ينظر إلى هذا العرض أيضا على أنه أداة للمساعدة في توسيع قاعدة المستثمرين في الأصول الهندية، وسط قلق متزايد من أن استيعاب نيودلهي للقروض المحلية يؤدي إلى استبعاد الاستثمارات الخاصة. الأمر يتعلق بتنويع قاعدة المستثمرين بدلا من تكلفة رأس المال. "قدرة النظام المصرفي المحلي على تمويل الحكومة تضيق تدريجيا".

هذا ونجد ان نيودلهيو منذ استقلالها عن الحكم الاستعماري، ابتعدت عن الاقتراض في الأسواق الخارجية، واختارت تشجيع المستثمرين الأجانب على شراء السندات المقومة بالروبية في الأسواق المحلية. وكانت قروضها بالعملات الأجنبية الوحيدة هي القروض الميسرة المقدمة من وكالات التنمية مثل البنك الدولي. يعتقد كثيرون أن هذا النهج الحذر، بل حتى المحافظ، ساعد الهند على تجنب دورة متكررة من أزمة العملة والديون الخارجية، مثل تلك التي عانتها أمريكا اللاتينية.

نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي في الهند أقل من 20 %، وهي إحدى أدنى النسب في جميع الأسواق الناشئة.ووسط ارتفاع كبير في السندات العالمية الذي شهد على انخفاض عائدات السندات عالية الجودة إلى المنطقة السلبية، بدت حكومة مودي مقتنعة بأن الوقت مناسب للاستفادة من الأسواق العالمية.

مع كشف النقاب عن الميزانية في يوليو الماضي، أعلن نيرمالا سيترامان، وزير المالية، أن نيودلهي ستلبي بعض احتياجاتها التمويلية من خلال زيادة القروض الخارجية بما يصل إلى عشرة مليارات دولار. ادخلت السرورهذه الأخبار على  مستثمري السندات الدوليين، المتحمسين لإتاحة الفرصة لأخذ الأصول الهندية دون التعرض لأي مخاطر في العملات الأجنبية.  الا ان بعض الهنود الذين يشعرون بالقلق حذروا من أن نيودلهي قد ينتهي بها الأمر إلى ارتباطها بالديون الخارجية الرخيصة، مع تحمل مخاطر عملة غير ضرورية بحد ذاتها. يخشى البعض من أن يؤدي ذلك أيضا إلى إضعاف الشهية الدولية للسندات السيادية المقومة بالروبية التي تصدرها الهند محليا.

قال أشواني مهاجان، المنسق الوطني المشارك: "نعتقد أنه قرار غير حكيم وخطير". لم تستطع البلدان في أي مكان في العالم تحقيق مكاسب بعد الاقتراض من الخارج بعملة خارجية. لا دول أمريكا اللاتينية، ولا تركيا". "إن الادعاء بأن هذه وسيلة أرخص للاقتراض غير صحيح. أنت تقترض بسعر فائدة أقل الآن، ولكن هناك بالتأكيد انخفاض في قيمة عملتنا". في بيئة عالمية قاتمة ومع توقف النمو في الهند، لا يتوقع كثيرون أي قرار وشيك.

قالت فارما من "نومورا": "يبدو الأمر كأنه في موضع تجاهل الآن. كان هناك كثير من النقاش الداخلي حول مخاطرة العائد حول إصدار السندات السيادية هذا، ويبدو أن الحكومة ربما عادت إلى التفكير في الأمر من البداية".  وسط الحجج الشرسة، توقعات السوق بشأن إصدار وشيك تتضاءل على الرغم من أن الاقتصاديين يقولون إن نيودلهي يبدو أنها تقيم خيارات أخرى لتلبية احتياجاتها التمويلية. من بين البدائل قيد النظر رفع الحد الأقصى الحالي على مشتريات المستثمرين الدوليين من السندات السيادية المحلية في الهند، أو إصدار "سندات ماسالا"، التي ستكون سندات دولية مقومة بالروبية تباع في الأسواق العالمية .


أخبار مرتبطة
 
منذ 22 ساعةنحو التكافؤ في السلطة.. دورالمرأة على طاولة نقاشات دافوس 202521 يناير 2025 11:30 صالمالية: نسعى لرفع كفاءة إدارة المالية العامة للتوسع في الإنفاق على الصحة والتعليم20 يناير 2025 2:04 موعود ترامب.. خطة حاسمة لإعادة تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي19 يناير 2025 4:01 ممنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية تختار مصر لإطلاق النسخة العربية من إرشاداتها للسلوك المسئول للشركات15 يناير 2025 2:37 مشرق أوسط جديد يحمل بصمات لارث ثقيل من إدارة الرئيس جو بايدن14 يناير 2025 3:31 مخالد عبد الغفار يوجه بتأسيس لجنة استشارية عليا للتنمية البشرية12 يناير 2025 12:37 متمكين المرأة اقتصاديا من خلال توفير الخدمات المالية وغير المالية للمشروعات وبرامج التدريب8 يناير 2025 3:06 ممصر: سيناريوهات استيراد الغاز المسال في الربع الأول من 20256 يناير 2025 12:40 معودة أعمال تنمية حقل غاز"ظهر" يناير 2025 مع طرح مناطق للتعدين5 يناير 2025 2:56 مارتفاع أسعار الخامات والأدوات والأجور.. أبرز تحديات صناعة الأثاث

التعليقات