مقال رئيس المركز


كتب فاطيمة طيبى
29 أكتوبر 2024 1:45 م
-
خطوة جريئة

خطوة جريئة

بقلم ـ الدكتور خالد الشافعي

تلتقي اراء خبراء الاقتصاد بالعالم بوجود بعض الدول النامية ضمن تجمع اقتصادي مثل البريكس .. التجمع حينما يضم دول ذات اقتصاد ضخم كالصين والهند ، يدفعنا  للنظر الى ذاك  التفاوت الواضح بين دول هذه المجموعة .. وبداية اتناول على سبيل المثال فكرة التضخم ..  التضخم  في اي من هذه الدول المتطورة اقتصاديا لا يقابله نفس مؤشر التضخم ، وليكن في مصر مثلا بفارق مرتفع جدا .

لذلك فكرة دمج الاقتصادين  بعضهما البعض وظهور عملة موحدة والتخطيط لمستقبل واحد اراه صعبا على الاقل في الوقت الحالي ..على عكس ما عليه الاتحاد الاوروبي حيث نسب التضخم متفاوتة بدرجات قليلة  .. والتي اجدها اساس لعمل اي اتحاد اقتصادي بعملة موحدة .

اشير هنا الى وجود عيوب  وفي نفس الوقت مجموعة من المميزات .. النقطة الجوهرية التي لابد ان نفهمها ان العيب الاكبر في فكر بوتن يريد  محاربة تكتل وقوة ضخمة في العالم ليس فقط امريكا ومعها  الاتحاد الاوروبي وكندا ايضا، بل وكوريا الجنوبية واليابان .

في الجانب الاخر اشير الى تخلف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن الحضور لاجتماع بريكس هذا  يفسر بالنسبة لي انه  شخصية  ذات رؤى ليست بالسهلة على الاطلاق ، اولا .. اراه  يدفاع عن مصالحه  مع امريكا والاتحاد الاوروبي بعلاقاته القوية والتي  نستطيع ان نطلق عليها علاقات تاريخية .. ثانيا الامير الشاب يريد ان يتريث في حسم خطواته القادمة حتى يتاكد من سيمسك امريكا مستقبلا، هل سيكون دونالد ترامب ام الحزب الدموقراطي ولتفترض قد علا البيت الابيض الرئيس الاسبق ترامب او الدموقراطيين هو في هذه الحال سيستعمل البريكس للضغط على امريكا وليس العكس وهذا ليس معناه على الاطلاق انه سينفصل اقتصاديا عن امريكا .. بل هذا  ضغط جديد بمفهوم جديد يفسر ان العربية السعودية اصبح لديها فلسفة جديدة ان لم اقل اصبحت تمتلك ذراعا حديدية تفرض بها وجودها وتستفيد منها اقصى استفادة .

 اعود للاشارة هنا الى الرئيس بوتن لما مسك بيده العملة الجديدة للبريكس او كما يسميه البعض "كارت الارهاب " وعرضها امام الجميع يعتبره البعض  شكلا جديدا من احلام  بوتن يوضح من خلالها  الى ان   التباين الاقتصادي ليس بحجر عثرة امام  العملة الموحدة ، ليقول نحن استطعنا ان نضع حجر الاساس لتخطي الحجة المزعومة .. انها القوة التي تقف على ارض صلبة .

من الامثلة المطروحة في ابسط صورها ،دولة  اقتصادها متوسط لجأت الى عملة البريكس الموحدة ماذا تفعل مع  النتيجة الحتمية  في الزيادة الضخمة  للاسعار، مع الاشارة الى ان  هذه الدول في معركة مع الدولار مقابل العملة المحلية كما هو الحال بمصر الجنيه مقابل الدولار ..

في مصر نحاول ان ندخل هذا المعترك الاقتصادي حتى لا يحدث تعويما للجنيه .. واتخيل لما تدخل في  عملة جديدة  حتما ستضغط عليك لارتباطها بدول اخرى اقتصادها اضخم من اقتصادك .. سيتداعى عنه بالضرورة مشكلة اعمق واكبر..

 الشيء بالشيء يذكر دول شرق اوروبا ارتفعت  معاناتها لما تحولت الى العملة الجديدة اليورو،  والنتيجة الاسعار ارتفعت فوق قدرات المواطن البسيط .. اما نحن سنواجه بالتاكيد مشكلة اضخم من ذلك . المشروع يحتاج الى سياسة النفس الطويل وعدد سنين اطول، نحن مطالبون بالدرجة الاولى بعملية تضبيط لاقتصادنا حتى نستطيع ان ننجو .

روسيا واقفة على ارض اقتصادية صلبة كما اشرت لما في حوزتها من موارد طبيعية وبشرية في وقت  استطاعت ان تهزم فيه امريكا واوربا في حرب اوكرانيا  غير ملكيتها لاخطر من هذا كله السلاح النووي الذي جعل منها العدو الاول للغرب .

 عملة 100 بريكس اشبه بالمائة دولار تفسر ان بوتن يحلم  بعملته الخاصة على غرار مثيلاتها   اليورو عملة الاتحاد الاوروبي والدولار عملة  مجموعة من الولايات الامريكية التي ينظر اليها على انها 52 دولة .. اذن   دول اعضاء البريكس لها الاحقية في ذلك  كونها تمثل 45% من سكان العالم  و 33% من  الناتج الاجمالي العالمي  في انتضار تركيا والمكسيك ، و 35% من مساحة الكوكب . خلاصة الراي بوتن يقول هذا حلمنا ولابد ان نعمل مع بعض على تحقيق الحلم ..

دول الخليج العربي الستة  قبل البريكس كانت مؤهلة بالفعل بان تصبح لها عملة موحدة لقرب مستويات المعيشة ومستوى التضخم بالظروف الاقتصادية ايضا بعجز الموازنة بالاضافة الى الدين العام .

هذا التشابه كان مخطط له بان ترى العملة الخليجية الموحدة النور في الاول من يناير 2010 وماتت هذه العملة لاسباب كثيرة اولها لم يوجد مساند لها .. ثانيا  صندوق النقد  الدولي وقف موقف المتفرج مترجما موقفه هذا  ليس مطلوبا عالميا عملة اخرى تنافس الدولار .

لذلك ارى ان الرئيس بوتن وضع اللبنة الاولى لعملة البريكس وعليه لابد لدول المجموعة ان تعمل على انشاء منصة للمبادلات ما بينها  ، وما اقصده  بالمنصة ان يصبح التبادل التجاري مبني على ما يسمى بالتبادل السلعي كما يطلق عليه قديما المقايضة  دون الركض وراء الدولار لتسديد قيمة هذه السلع، الجميل في هذه الفكرة ان الذي يصعب تسديده من الديون المتبقية  تحوله الدولة الى مشاريع داخلية  تزيح به الضغط على العملة الوطنية وهنا يكمن موطن ضعف امريكا الحقيقي التي كما يقال  ـ ضربة للدولار في "الجون" .

ما انتهي اليه ان  وجود عملة البريكس ليس بالامر المستحيل وممكن جدا تحقيقه خاصة مع وجود بوتن والرئيس الصيني والرئيس البرازيلي لولا داسيلفا  ما يجعلني اقف عند النتيجة الحتمية  تقلص قيمة الدولار والتاثير سلبا عليه حتى في عقر داره  .

 



التعليقات