مقال رئيس المركز


كتب فاطيمة طيبى
16 يونيو 2025 3:23 م
-
جسر موسى .. المشروع الضخم

جسر موسى .. المشروع الضخم

جسر موسى .. المشروع الضخم

ما تداوله الحديث من اخبارالفترة الاخيرة حول ما تؤول اليه التغييرات داخل الجامعة العربية واحتمالية نقلها الى السعودية موضوعا اعتبره في غاية الاهمية مغلف بمعطيات جمة من الاحداث العالمية المتتالية والمتسارعة في وقت واحد، ليولد من رحم هذا الصخب المشروع الضخم بين مصر والسعودية .

اقول ان هذا المشروع المشترك وما اعنيه من كلمة مشترك انه  سيجتمع على ارض مصرية وارض سعودية.

رغم ان للسياسة دهاليز لا يعرفها الا المتمرسين بها، وما اقصده عدم حضور المملكة اجتماع القمة العربية الاخير والذي فسره الكثير من المتابعين والمفكرين على انه خلافا جوهريا في العلاقات بين البلدين والذي اراه من منظوري الخاص امرا طبيعيا ، لنفاجأ في باطن هذا الزخم المتداعي الاعلان عن تحضير مشروع ضخم بين مصر والسعودية قيل عنه سيغير وجه المنظقة كلها انه .. مشروع جبل موسى ...

هذا المشروع سيربط بين مدينة شرم الشيخ وراس حميد بتابوك من جهة وسيكون في غاية الاهمية من جهة اخرى من الناحية الاقتصادية وهنا مربط الفرس،اذ سيشكل على ارض الواقع همزة وصل بين دول الخليج  في الاتجاه المستقيم نحو اوروبا وايضا افريقيا والذي اعتبره بالفعل جسرا تجاريا جديدا سيغير وجه المنطقة بالفعل رغم ان طوله لا يتجاوز العشر كيلومترات . اضف الى هذا كله انه يحتوي على ممرات للسيارات واخرى للسكك الحديد وايضا المشاة .. المميز بالنسبة لي انه يربط القارتين والخليج بمصر واوروبا . .

اود ان اشير هنا ان حجم التجارة بين مصر والسعودية لا تتعدى 15 مليار دولار واعتقد شخصيا مع تنفيذ هذا الجسر قد يصل التبادل الى ارقام فلكية بالفعل .

نظرتي الى هذا المشروع الاقتصادي سيساهم بالتقليل من تكلفة النقل   كما ان  حركة السياحة ستنشط خاصة منها الدينية وارى ان شكل التعاون سيكون مثمرا جدا ما بين البلدين وافريقيا واسيا ،  تكلفة هذا المشروع مبدئيا تصل الى 5 مليار دولار وهذا الرقم بالنسبة لي ليس بالهين لكن مقارنة بنتائجه سيتم بالفعل تغطية تكاليفه ..

 المهم ايضا هنا انه سيعمل على توفير ايدي عاملة بالمئات اثناء الانشاء كما ارى ايضا انها فرصة لفتح الباب للمستثمرين من جنسيات مختلفة ليأتي القطاع الخاص المصري  ويلعب الدور الاهم مقتحما وبكل قوة المشروع سواء كان اثناء او بعد .

ما اود ان اشير اليه ايضا ان هذا المشروع سيرسم طرقا تجارية جديدة بعيدا عن الموانئ التقليدية مما يؤدي الى تسهيل التجارة  في اتجاهين ..  البري والملاحي لقناة السويس ، لذلك لابد ان ندرك فعليا ميزة هذا الطريق البري عن الطريق المائي لكونه اكثر سرعة رغم محدودية حجم البضائع.

ارى بالفعل انه لايمكن ان نجمع في كثير من المواقف بين الرؤيا السياسية والرؤيا الاقتصادية حتى وان كانت هناك خلافات  سياسية الا ان الاقتصاد له قنوات اخرى تحكمه وهذا ما يجب ان ندركه  .

في الرصيف الاخر للاحداث لابد ان اشير الى امر اخر مهم وهو اثيوبيا.. 

اثيوبيا التي تعمل على انشاء سدود جديدة على نفس خط سد النهضة بل اكبر منه وسط تفاصيل كثيرة من احداث غزة والسودان ومثلها من ملفات ترامب الا انه وسط هذا الكم الهائل من الاحداث تظهر زيارات الخطر بين الحين والاخر واقصد تلك الزيارات المتعددة لرؤساء المخابرات منها رئيس مخابرات دول افريقية لسد النهضة اخر هذه الزيارات رئيس مخابرات اثيوبيا للسودان و لقاءه بالفريق برهان، الغريب هنا ان اثيوبيا تربطها علاقات مع حميدتي وحينما يكون اللقاء مع البرهان الموضوع يحتاج الى تفسيرات .. من الجانب الاخر كانت هناك زيارة  من وزير خارجية اسرائيل التقى فيها مع ابي احمد.

 الاستنتاج العام الذي اود ان اقوله ان  الرئيس عبد الفتاح السيسي ابلغ ترامب بانه سيضرب سد اثيوبيا .

في الجهة المقابلة نجد ان وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي وامام السفيرة الامريكية بالقاهرة قال "ان موضوع سد  اثيوبيا لو ما خلصش الدنيا حتولع على حد تعبيره وان المنظقة ستصبح كتلة من نار وان هذا سيتخطى الحلول التقليدية بالفعل.

الذي اود ان اشير اليه ان الكثير من الفئات الاجتماعية لا تنظر الى المشكلة بعين من الجد دليلها  ان مصر تتحرك في هذا الملف  بخطى متأنية ..

هذا غير صحيح على الاطلاق ولابد ان استشهد بكلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي حين قال انه لو حدث ضرر جسيم الذي سيؤثر على مياه المصريين سيتحرك الطيران والجيش .

اقول انه من الوارد جدا ان تقيم ارضا لها لتحمي حق حياة المصريين وهذا ما لا اجد له مجالا للشك . لكن الواقع الحالي والذي اشارت اليه  بعض من والسائل الاعلامية  مؤخرا ان اثيوبيا تبني سدودا جديدة غير سد النهضة وعلى النيل الازرق ولديها خطة لبناء 100 سد .

المشكلة لا تكمن في هذا العدد، المشكلة الفعلية انه من ضمن المائة سد هناك ثلاثة  اخرى في منتهى الخطورة والمفروض انه سيتم تخزين ما قيمته 200 مليار متر مكعب من المياه .

ولو تم البناء فعليا هذا سيؤثر على حصة مصر في المياه من 8 الى 9 مليار متر مكعب سنويا وما اراه الخطر الفعلي ان مشروع السد سينفذ في الاشهر القليلة القادمة مع وجود خطط فعلية بالشركات والبلاد التي ستقوم ببنائه .

فكرة بناء سدود جديدة ان اثيوبيا تدرك خطورة السد الاول وانه فعليا يشكل كارثة لاحتجازه خلفه  ما يعادل 70 مليار متر مكعب من المياه .

 نية اثيوبيا ان تنفذ هذه السدود بدون الرجوع الى مصر تستند فيها الى اتفاقية "عنتابي" والتي تمكنهم فعليا من الحجة القانونية لعمل مشاريع على النيل دون الرجوع الى دول المصب لذلك  اقول ان اللعب على فكرة السدود جذورها قديمة جدا وطالما حذرت منه الدولة المصرية .

الذي اود توضيحه ان موضوع السدود ليس الهدف منه الكهرباء بل الغاية منه ابعد من ذلك وهذا ما يدفع بي ان اشير الى ما قاله الرئيس دونالد ترامب ان مصر لا تقبل بهذا وستفجره .

سد النهضة لا يعمل به الا 6 توربينات وفي حالة ما تم تصريف الماء منه  ستغرق السودان ..  والمشكلة الاكبر ان اثيوبيا لا تريد التفاوض اضف اليه الاخطر منه انها تود بناء سد " كالدوبي" والذي يعتبر اكبر من سد النهضة والمفروض انه سينتج 8500 ميجاوات من الكهرباء تنفذه شركة فرنسية لو توفر التمويل. كما يوجد ايضا سد اخر اسمه سد نهر "جابا" والذي ستقوم بتنفيذه شركة صينية . الاخطر ايضا من هذا ان اثيوبيا ستستخدم كميات اخرى من المياه في الزراعة .

من منظوري الشخصي ان مصر تتعامل مع كل الملفات سواء غزة او ليبيا وحتى السودان بحكمة متناهية  وبكل هدوء لان لديها معركة اهم من كل هذه الصراعات وكل هذه الملفات التي من المؤكد ستحل عن طريق السياسة .

في النهاية ان معارك الدول تساوي اقتصاد وكل هذه الحروب ضد مصر لانها مرشحة ان تكون مركز صناعي تجاري قريبا بما تمتلكه من مميزات..   قوة بشرية وقوة البحر الابيض المتوسط والبحر الاحمر وقوة قناة السويس .

 

 



التعليقات