أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
27 سبتمبر 2022 2:41 م
-
مخاوف في أسواق العملات نتيجة تراجع الاسترليني إلى أدنى مستوى على الإطلاق

مخاوف  في أسواق العملات نتيجة تراجع الاسترليني إلى أدنى مستوى على الإطلاق

اعداد ـ فاطيمة طيبي

انخفض الجنيه الاسترليني إلى أدنى مستوى له على الإطلاق مقابل الدولار، أي منذ اعتماد بنك إنجلترا المركزي النظام العشري في 1971، ليصل إلى 1.0327 دولار.

ـ تراجع الاسترليني إلى أدنى مستوى:

انتاب الذعر المتعاملين في أسوق صرف العملات، حينما جاء تراجع الاسترليني إلى أدنى مستوى على الإطلاق، مع تحرك مستثمرين حول العالم، ردا على خطط رئيسة الوزراء البريطانية ووزير ماليتها الجديد لخفض الضرائب وزيادة الإنفاق، للتخفيف من وطأة أسعار الطاقة المتزايدة. وشهدت العملة البريطانية بعض التعافي في وقت لاحق السادس والعشرين من سبتمبر ، مع ترقب التجار لما إذا كان بنك إنجلترا سيتدخل لتخفيف المخاوف من أن الخطة الاقتصادية الجديدة لبريطانيا ستضغط على المالية العامة للبلاد إلى أقصى حد.

وبحسب بعض من وكالات الانباء  وصل الدولار، بدعم من انخفاض الجنيه الاسترليني وتراجعه إلى أدنى مستوى جديد في 20 عاما لليورو، إلى أعلى مستوى في عقدين مقابل ست عملات رئيسة. وكان قد انخفض الاسترليني 3.6 % في 23 سبتمبر الحالي ، عندما كشف كواسي كوارتنج وزير المالية الجديد النقاب عن تخفيضات ضريبية تاريخية ممولة بأكبر زيادة في الاقتراض منذ 1972. وهبط الاسترليني 4.9 % إلى أدنى مستوى له على الإطلاق مسجلا 1.0327 دولار. كما لامس اليورو أكبر انخفاض له منذ 20 عاما أمام الدولار عند 0.9528 دولار، وفي أحدث تداول نزل 0.31 %.

وفي الساعة 1430 بتوقيت جرينتش، ارتفع الدولار 0.239 % إلى 113.41 مقابل العملات الرئيسة، بعد أن لامس في وقت سابق 114.58، وهو الأقوى منذ مايو 2002. وواصل الدولار انتعاشه أمام الين ليرتفع 0.6 % إلى 144.23 ين متجها نحو أعلى مستوى له منذ 24 عاما عند 145.90، الذي حققه في 22 سبتمبر  قبل أن ينخفض في اليوم نفسه إلى نحو 140.31 بعد تدخل اليابان بشراء الين لأول مرة منذ أكثر من 20 عاما.

وبلغ اليوان الصيني مستويات قياسية منخفضة جديدة عند 7.1728 للدولار، وهو أضعف مستوياته منذ مايو 2020. كما انخفض الدولار الأسترالي الحساس للمخاطر إلى 0.64845 دولار، وهو أدنى مستوى منذ مايو 2020. وبالعودة إلى سعر صرف الاسترليني فقد بلغ تراجع العملة 8 % تقريبا منذ 22 سبتمبر  الى21 % منذ بداية العام، في وتيرة تماثل أزمات العملة في تاريخ بريطانيا بعد الحرب ويمكن مقارنتها بها.

وغالبا ما تضمنت نوبات الذعر تلك محاولات الإبقاء على الجنيه الاسترليني بسعر ثابت مقابل العملات الأخرى، وهو ما لم يعد يمثل مشكلة بالنسبة إلى الجنيه الاسترليني في وضع التعويم الحر. ومع ذلك، فإن القيم الهائلة للاحتياطيات المبددة والضربات التي لحقت بالسمعة الوطنية كان لها دائما آثار فادحة في الحكومات في تلك الأوقات.

ـ محطات تراجع العملة البريطانية :

هناك محطات رئيسة شهدت فيها العملة البريطانية تراجعات حادة منذ الحرب العالمية الثانية، من بينها:

ـ  تصويت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 2016 . 

ـ تراجع الجنيه الاسترليني 8 % بعد يوم من تصويت الناخبين البريطانيين بالموافقة على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وكانت العملة تتراجع بالفعل منذ نحو عام لتصل إلى 1.145 دولار في أوائل أكتوبر 2016 وهو ما شكل انخفاضا 28 %   من الذروة إلى أدنى مستوى .

ـ  في نقطة تحول لعضويتها في الاتحاد الأوروبي، خرجت بريطانيا في سبتمبر 1992 من آلية سعر الصرف وهو نظام كان يهدف إلى تقليل تقلبات العملة قبل إطلاق العملة الأوروبية الموحدة "اليورو".

ـ النتيجة . انخفاض حاد في قيمة الجنيه الاسترليني، وعلى الرغم من ازدهار الاقتصاد في نهاية المطاف، لكن ذلك أضر بسمعة حزب المحافظين فيما يتعلق بإدارة الاقتصاد حتى وصل الأمر إلى هزيمة ساحقة لجون ميجور رئيس الوزراء في انتخابات 1997.

ـ في محاولة لدعم الجنيه الاسترليني، رفعت الحكومة أسعار الفائدة إلى 15 %   وباع بنك إنجلترا "المركزي البريطاني" ما قيمته 40 مليار دولار من الاحتياطيات في الأشهر التي سبقت الأربعاء الأسود.

ـ استخدمت بريطانيا أيضا بعض تدابير المحاسبة المبتكرة لإخفاء حجم خسائر احتياطياتها من النقد الأجنبي، من بينها "دفتر آجل سلبي سري" بقيمة 12.5 مليار جنيه استرليني. وفي 1997، قالت وزارة الخزانة "إن التكلفة النهائية للأزمة تجاوزت ثلاثة مليارات جنيه استرليني".

ـ مستوى استثنائي للدولار في  1985 :

بدأ الجنيه الاسترليني ثمانينيات القرن الـ20 بقيمة 2.30 دولار، لكنه وصل في أوائل 1985 إلى مستوى قياسي منخفض عند 1.05 دولار مع تزايد قيمة العملة الأمريكية بسبب اختلالات تجارية عالمية. وصار تكافؤ الجنيه الاسترليني مع الدولار الذي لم يكن متصورا من قبل احتمالا حقيقيا.

وعلى الرغم من رفع الحكومة البريطانية أسعار الفائدة لمنع مزيد من الانزلاق، جاءت بعض تراجعات الجنيه الاسترليني لأسباب تتعلق بالعملة البريطانية ذاتها. وجاءت إحاطة من متحدث إعلامي باسم مارجريت تاتشر رئيسة الوزراء لوسائل الإعلام في يناير 1985 بهدف طمأنة الأسواق المالية بنتائج عكسية بالغة.

واشتكى أحد الوزراء - وفقا لمحضر جلسة لمجلس الوزراء نشر بعد ذلك بأعوام - من أن "الأمور لم تتحسن بسبب الرد الصحافي الذي اختلط عليه الأمر بين أن الحكومة ليس لديها هدف محدد للجنيه، وبين الغموض التام بشأن مستواه". وفي نهاية المطاف، ارتفع الجنيه الاسترليني مقابل الدولار بعد أن أبرمت الدول الصناعية الخمس الرائدة في العالم في ذلك الوقت اتفاق بلازا، الذي اتفقوا فيه على أن قيمة الدولار مبالغ فيها وعلى اتخاذ إجراءات لتقليلها.

ـ أزمة صندوق النقد الدولي في 1976 :

في منتصف السبعينيات، كان الاقتصاد البريطاني في سيئا. أدت محاولات لإنعاشه في أوائل ذلك العقد إلى انهيار حاد بعد ذلك بأعوام قليلة، وتفاقم ذلك بسبب أزمة في النفط.

وتجاوز معدل التضخم 25 % في 1975 وشهد الجنيه الاسترليني حديث التعويم حالة من السقوط الحر، ووصل في النهاية إلى أدنى مستوى قياسي له في ذلك الوقت عند 1.58 دولار في أكتوبر 1976.

كما أشارت سلسلة من التوقعات القاتمة المتعلقة بالاقتراض الحكومي إلى أن بريطانيا ربما لم تعد قادرة على تحمل نفقاتها، ما أجبر دينيس هيلي وزير المالية في ذلك الوقت على طلب المساعدة الخارجية من صندوق النقد الدولي، في ضربة لهيبة بريطانيا كقوة اقتصادية كبرى.

وبلغت قيمة القرض 3.9 مليار دولار، وكان أكبر قرض يتم الحصول عليه من صندوق النقد الدولي على الإطلاق وقتها، وجاء مقابل تخفيضات كبيرة في الإنفاق العام. وتندم هيلي بعد ذلك، بعد أن تبين أن وضع الاقتراض الحكومي جاء أفضل بكثير من المتوقع، ما أثار تساؤلات عما إذا كان القرض، الذي تم سداده مبكرا عن موعده، ضروريا حقا.

ـ خفض القيمة في 1967 :

سعت حكومات متعاقبة من حزبي المحافظين والعمال جاهدة لاحتواء الإنفاق في الستينيات، ما زاد الضغط على الجنيه الاسترليني الذي تم تثبيته عند 2.80 دولار.

وبحلول 1967، أصبح الضغط لا يقاوم، لكن الخلاف داخل الحكومة ومع بنك إنجلترا، الذي كان يعارض خفض قيمة الجنيه الاسترليني كوسيلة سهلة للخروج من مشكلات بريطانيا، تسبب في إدارة سيئة لعملية خفض قيمة العملة. وعلم مستثمرون بأن الخطة أخفقت في نوفمبر 1967 عندما اختار جيمس كالاهان وزير المالية في ذلك الوقت ألا يؤكد أو ينفي للبرلمان إذا ما كانت هناك محادثات جارية حول خفض قيمة العملة أو الحصول على قرض طارئ.

ولم يكن لدى بنك إنجلترا أي خيار سوى حرق الاحتياطيات ليوم واحد، حتى أعلن هارولد ويلسون رئيس الوزراء العمالي، الذي كان يعد الجنيه رمزا للوضع الوطني، رسميا خفض قيمة العملة إلى 2.40 دولار. ولقي السخرية عندما قال للشعب "إن الجنيه الاسترليني هنا في بريطانيا، في جيوبكم، لن تقل قيمته بعد الخفض".

 ـ انتعاش الإسترليني:

هذا وقد انتعش الجنيه الإسترليني في السابع والعشرين من شهر سبتمبر الحالي، لكن تعاملاته بنيت في الغالب على الأمل وجني الأرباح وارتفاع العائدات البريطانية، مما ترك التجار في حالة قلق بخصوص التداعيات الأوسع لانخفاضه القياسي. فمع تراجع الدولار، ارتفع الجنيه الاسترليني 1% في آسيا إلى 1.0805 دولار وارتفع 5% تقريبا عن أدنى مستوى سجله في 26 سبتمبر  عند 1.0327 دولار. وارتفع اليورو 0.5% كما ارتفع الدولار الأسترالي 0.7%.

وقدم بنك إنجلترا وعدا مسكنا إلى حد ما بمراقبة الأسواق والارتفاع إذا لزم الأمر، وسينصب الاهتمام على ظهور كبير الاقتصاديين بالبنك المركزي، هوو بيل، في اجتماع لجنة السياسات النقدية  . وأدى صعود الجنيه الإسترليني إلى تقليص معظم خسائر 26 سبتمبر ، لكن كي جاو، محلل العملات في سكوتيا بنك في سنغافورة قال إنه قد يكون "قصير الأجل". ولا يزال الإسترليني منخفضا 20% هذا العام على خلفية قوة الدولار.

وارتفع الدولار مع توطيد التوقعات ببقاء أسعار الفائدة الأمريكية مرتفعة لفترة أطول، ومع التحركات المفاجئة مثل متداولي الجنيه. فمع انخفاض الجنيه قفز الدولار إلى مستويات قياسية جديدة مقابل اليورو وغيره الكثير من العملات. وسجل الدولار، الذي يقيس العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية، أعلى مستوى في 20 عاما عند 114.58 وانخفض عن ذلك عند 113.51 في 27 سبتمبر الحالي .

وتدخلت اليابان لدعم الين المنهار للمرة الأولى منذ عقود الأسبوع الثالث من سبتمبر ، وهو ما كان كافيا لتفادي خسائر أكبر للين في الوقت الحالي. وتم تداول الين في آخر مرة عند 144.41 مقابل الدولار، وهو ثابت حتى مع قيام بنك اليابان بضخ مزيد من السيولة في شراء السندات غير المجدولة للحفاظ على غطاء على العوائد.

وسجل اليورو أدنى مستوى له في عقدين عند 0.9528 دولار، وهو متأثر بأزمة الطاقة وتصاعد مخاطر الحرب في أوكرانيا. ووصل الدولار الأسترالي إلى أدنى مستوياته في عامين ونصف العام   وكان من المقرر أن ينتعش، مع ارتفاع الدولار الأسترالي 0.6% إلى 0.6500 دولار والنيوزيلندي 1.2% إلى 0.5703 دولار.

وسجل اليوان الصيني أدنى مستوى له خلال عامين ونصف العام السادس والعشرين من سبتمبر  واستقر على نطاق واسع عند 7.1589 مقابل الدولار في السابع والعشرين من نفس الشهر .

 

 

 

 


أخبار مرتبطة
 
منذ 11 ساعةانسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ ينذر بتحول زلزالي في السياسة المناخية21 يناير 2025 2:43 مبعد ساعات من تنصيبه.. ترامب يوقع سلسلة من الأوامر التنفيذية والتوجيهات21 يناير 2025 12:37 متعديلات وتحديثات جديدة لتعزيز وتفعيل دور صناديق التقاعد20 يناير 2025 1:05 مدافوس 2025.. التعاون من أجل العصر الذكي" في ظل عالم مجزأ وجمود اقتصادي شامل19 يناير 2025 3:12 ممفاجآت بيتكوين في 2025.. تقلبات وتغيرات العملة المشفرة تقودها لصعود غير متوقع15 يناير 2025 3:57 مفترة حكم جو بايدن على الميزان الداخلي والدولي12 يناير 2025 3:07 متمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة قرار واقعي يعكس رؤية المركزي8 يناير 2025 3:45 مبصمة "إيلون ماسك" في عهد ترامب بين الرفض والقبول الدولي6 يناير 2025 3:33 موزير المالية ولقاءات حوارية حول برنامج الطروحات الحكومية والإعفاءات الضريبية والديون وزيادة الأجور5 يناير 2025 1:15 مالحصاد السنوي حول تطورات الشراكات مع بنوك التنمية والشركاء الثنائيين خلال 2024

التعليقات