أبحاث
كتب فاطيمة طيبى 12 أكتوبر 2025 11:55 ص - التعليقات الولايات المتحدة تدخل رسميا في حالة شلل جراء الإغلاق الحكومي
اعداد ـ فاطيمة طيبي دخلت الولايات المتحدة في الدقيقة الأولى من فجر الأربعاء الاول من شهر اكتوبر 2025 حالة شلل فيدرالي، بعد أن فشل الكونجرس في إقرار تمديد جزئي للميزانية، في إجراء سيترتب عليه توقف العمل في كثير من الوزارات والوكالات الفيدرالية، وسيضع موظفيها في إجازة قسرية. ويعد هذا الإغلاق الحكومي الأول منذ نحو 7 سنوات، حين شهدت البلاد أطول فترة إغلاق في تاريخها (استمر حينها 35 يوما)، ودخل الإغلاق الحالي حيز التنفيذ بعد أن فشل الجمهوريون في تمديد تمويل الحكومة لما بعد يوم الثلاثاء 30 سبتمبر الذي يمثل نهاية السنة المالية في الولايات المتحدة. وحالت الانقسامات الحزبية العميقة دون توصل الكونجرس والبيت الأبيض إلى اتفاق تمويل، ما أشعل فتيل أزمة طويلة وشاقة قد تؤدي إلى فقدان آلاف الوظائف بالحكومة الاتحادية. ولم يكن هناك مخرج واضح من المأزق، في حين حذرت الوكالات من أن الإغلاق الحكومي الخامس عشر منذ عام 1981 سيعيق إصدار تقرير الوظائف لشهر سبتمبر الذي يحظى بمتابعة دقيقة، وسيبطئ حركة السفر الجوي، وسيعلق البحث العلمي، وسيحجب رواتب القوات الأميركية، وسيؤدي إلى تعليق عمل 750 ألف موظف، بتكلفة يومية قدرها 400 مليون دولار. وكان مجلس الشيوخ الأميركي قد صوت الثلاثاء ضد مشروع قرار طرحته الأغلبية الجمهورية، لتمديد سقف التمويل الفيدرالي مؤقتا، ومن ثم تجنب إغلاق عدد من الإدارات التابعة للحكومة الفيدرالية. وكان مشروع القرار يحتاج إلى أغلبية 60 صوتا لاعتماده، ولكن حلفاء الرئيس دونالد ترمب الجمهوريين فشلوا في الحصول على الأصوات القليلة اللازمة من المعسكر الديمقراطي وتمديد تمويل الحكومة، لما بعد يوم الثلاثاء الذي يمثل نهاية السنة المالية، في حدث غير مسبوق في الولايات المتحدة منذ 7 سنوات. وأقر مجلس النواب في وقت سابق هذا النص الذي كان الجمهوريون يأملون إقراره في مجلس الشيوخ، لإرساله إلى مكتب ترمب ونشره قانونا نافذا قبل بدء السنة المالية الجديدة، ولكن آمالهم خابت. ويتطلَّب إقرار تشريعات الميزانية موافقة 60 من الأعضاء المائة في مجلس الشيوخ. ولم يفض اجتماع ربع الساعة الأخير في البيت الأبيض، الاثنين 29 سبتمبر ، إلى إحراز أي تقدم؛ إذ أكد زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، وجود اختلافات كبيرة في مواقف الطرفين. وقال ترامب لصحافيين في المكتب البيضاوي "لذلك، سنسرح عددا كبيرا من الأشخاص (...) هم ديموقراطيون، وسيكونون ديموقراطيين". وأضاف أن "الكثير من الأمور الجيدة يمكن أن تأتي من عمليات الإغلاق"، واقترح استخدام فترة التوقف "للتخلص من الكثير من الأمور التي لم نكن نريدها، وستكون أمورا ديموقراطية". ـ الإغلاق الأميركي يعلق بيانات اقتصادية مهمة ويترك "الفيدرالي" في مأزق: يواجه الاقتصاديون وصناع السياسات والمستثمرون الآن أزمة جديدة، تتمثل في أنهم قد لا يحصلون على تقرير الوظائف الشهري المنتظر يوم الجمعة. 3 اكتوبر هذا التقرير يعد دليلا حاسما لتحديد ما إذا كان التباطؤ في التوظيف الذي شهده الصيف قد استمر حتى الخريف، وما إذا كانت هناك تصدعات أعمق تتشكل في أساس سوق العمل الأميركي. ـ تعليق شامل لعمليات البيانات: أعلن مكتب إحصاءات العمل، المسؤول عن إصدار بيانات الوظائف الشهرية، أنه "سيعلّق جميع العمليات إذا فشل الكونجرس والرئيس في التوصل إلى اتفاق لتمديد تمويل الحكومة الفيدرالية قبل الموعد النهائي. وبموجب خطة الطوارئ الصادرة عن وزارة العمل، فإن جميع الإصدارات المجدولة للبيانات في أثناء الإغلاق "لن تنشر"، وكذلك سيتوقف جمع البيانات اللازمة للتقارير المستقبلية. يعني ذلك أن الإغلاق الحكومي لا يهدد بتأخير تقرير الوظائف المرتقب فقط؛ بل أيضاً بيانات بالغة الأهمية، مثل أرقام التضخم التي كان من المقرر أن تصدر في منتصف أكتوبر بالإضافة إلى تقارير من وكالات أخرى، مثل مكتب الإحصاء ومكتب التحليل الاقتصادي، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز". وكذلك تقرير كشوف الأجور غير الزراعية الذي يراقب بتركيز شديد لتحديد مسار سياسة أسعار الفائدة لـ الاحتياطي الفيدرالي ، وبيانات مطالبات إعانات البطالة، وطلبيات المصانع، والإنفاق على البناء، بالإضافة إلى بيانات التجارة الدولية التي تقيس حجم الواردات والصادرات الأميركية، وفق أسوشييتد برس . وتعد هذه الخطوة ضربة قوية للمستثمرين، كون هذا التوقف يفرض حالة من عدم اليقين، ويصعب على المحللين تقييم قوة الاقتصاد الأميركي الحقيقية. ـ قرار كارثي في لحظة حرجة: يأتي التوقف المحتمل في إصدار البيانات في توقيت حرج للغاية؛ حيث يكافح الاقتصاديون وصناع السياسات بالفعل لفهم الإشارات المتضاربة حول صحة الاقتصاد. فمن ناحية، تباطأ نمو الوظائف بشكل ملحوظ، ولكن من ناحية أخرى، لا يزال معدل البطالة منخفضا، ويظل إنفاق المستهلكين قويا نسبيا . في هذا الصدد، قالت مارثا جيمبل، المديرة التنفيذية لمختبر الميزانية في جامعة "ييل" لصحيفة "نيويورك تايمز" "نحن نشهد حاليا اقتصادا قد يكون أو لا يكون عند نقطة تحول؛ خصوصا بالنسبة لسوق العمل". وأضافت أن التعرف على نقاط التحول في الوقت الفعلي أمر صعب، مما يجعل توفر البيانات عالية الجودة أكثر أهمية. وخلصت إلى أن قلة البيانات لن تجعل فهم الاقتصاد في مثل هذا الوقت المحوري أسهل. ـ الاحتياطي الفيدرالي في ورطة : يضيف الإغلاق الحكومي تعقيدا آخر لمسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الذين يحاولون الموازنة بين مخاطر ضعف سوق العمل والتهديد المستمر للتضخم. فمن دون بيانات موثوقة، تزداد فرص ارتكابهم خطأ في الاتجاهين، مما قد يؤدي إلى تفاقم البطالة أو التضخم. ووصف جريجوري داكو - كبير الاقتصاديين في "إي واي بارثينون"- الوضع بقوله: (التحليق الأعمى وسط ضباب كثيف اقتراح خطير) . ـ تداعيات الإغلاق القصير والطويل : يعتمد مدى استمرار هذا الضباب على طول مدة الإغلاق. فإذا كان الإغلاق قصيرا، فقد يكون التأثير محدودا؛ حيث تم بالفعل الانتهاء من جمع بيانات تقرير وظائف سبتمبر ، ويمكن للمكتب إصدار التقرير بسرعة بمجرد استئناف التمويل. وينطبق الشيء نفسه على بيانات أسعار المستهلكين لشهر سبتمبر. ولكن إذا استمر الإغلاق لأكثر من أسبوعين، فقد يؤدي ذلك إلى تعطيل عملية جمع البيانات للتقارير المستقبلية، مما ستكون له عواقب دائمة. على سبيل المثال: إذا تأخر مسح القوى العاملة الذي يتم إجراؤه في منتصف كل شهر، فقد يواجه الناس صعوبة في تذكر تفاصيل نشاطهم، مما يجعل البيانات أقل موثوقية. وقد حذرت وزارة العمل في وثيقتها من أن "انخفاض جودة البيانات المجمعة قد يؤثر على جودة التقديرات المستقبلية المنتجة". يذكر أن هذا الاضطراب يأتي في فترة مضطربة لمكتب إحصاءات العمل الذي يواجه أيضا نقصا في الموظفين، وتأخيرات في التعيينات بسبب الإغلاق. وسيتعين على الاقتصاديين الاعتماد على مصادر بديلة، مثل بيانات شركات الرواتب الخاصة، مثل (ADP) ومواقع التوظيف، ولكن هذه المصادر ليست شاملة أو موثوقة مثل الإحصاءات الحكومية الرسمية . ـ إغلاق الحكومة الأميركية يجعل "وول ستريت" في مازق : تستعد وول ستريت للاضطراب في البيانات الاقتصادية، إذا مضى الإغلاق للحكومة الأميركية طويلا، ما قد يدفع المستثمرين إلى الاعتماد بشكل أكبر على بيانات بديلة، أو اتخاذ مواقف أكثر تحصينا، تحسبا للتقلب في أسعار الأصول. وأعلنت وزارة العمل الأميركية يوم الاثنين 29 سبتمبر، أن إصدارات البيانات الاقتصادية ستتوقف في حال إغلاق الحكومة، مما ضاعف من قلق المستثمرين من أن تقرير التوظيف الشهري لن ينشر في موعده المقرر. وقد يسبب تأخير مثل هذا التقرير الذي يحظى بمتابعة دقيقة، ارتباكا للمستثمرين، بما في ذلك كيفية تقييم قرارات أسعار الفائدة القادمة لـ الاحتياطي الفيدرالي. وقالت كالي كوكس، كبيرة استراتيجيي السوق في "ريتولنز ويلث مانجمنت": "الإغلاق حدث متوقع... مثل حادث السيارة البطيء الذي نشاهده جميعا وهو يحدث. هناك طرق للتحوط من ذلك، وأنا متأكدة من أن المستثمرين المتأثرين يفكرون في ذلك بالفعل" . يعتمد الاحتياطي الفيدرالي على مجموعة من البيانات، بما في ذلك الإصدارات الحكومية المنتظمة، لاتخاذ قرارات السياسة النقدية؛ حيث يسعى إلى الموازنة بين أهدافه الاقتصادية الرئيسية المتمثلة في استقرار الأسعار والحد الأقصى للتوظيف. وتسعر الأسواق تخفيضا بمقدار ربع نقطة في سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه المقرر يومي 28 و29 أكتوبر 2025 وكان البنك المركزي قد أجرى مثل هذا التخفيض في وقت سابق من شهر سبتمبر بعد تقارير توظيف ضعيفة. ـ احتمالية تسلل الإغلاق عبر الأسواق: قال نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس، إنه يعتقد أن الحكومة تتجه نحو الإغلاق. وقال جينادي جولدنبرغ، رئيس استراتيجية أسعار الفائدة الأميركية في "تي دي سيكيوريتيز": "إذا حدث إغلاق واستمر فترة طويلة... فقد ترى تأثيرا متسلسلا؛ حيث تتأجل البيانات وتتأجل. بالنسبة للأسواق، هذا أمر صعب، نظرا لحجم الاعتماد على البيانات الذي يميل إليه الاحتياطي الفيدرالي. ومع اقتراب موعد انتهاء التمويل الحكومي الأميركي منتصف ليل الثلاثاء، لا تظهر أي بوادر على اتفاق الجمهوريين والديمقراطيين في الكونجرس على حل إنفاق مؤقت، من شأنه أن يجنب الإغلاق. وذكر أندرو برينر، رئيس الدخل الثابت الدولي في "نات ألايانس"، أن تأخير تقرير الوظائف قد يدفع المتداولين الذين لديهم مراكز مشتقات سندات خزانة وضعوها قبل بيانات العمل، إلى إغلاق أو تحويط تعرضهم، مما يثير مزيدا من التقلب في السوق. ويوصي الاستراتيجيون العملاء بالاستعداد لكل من الحماية والفرص في أثناء اجتيازهم فترة عدم اليقين هذه. وقال فيل بلانكاتو، كبير استراتيجيي السوق في "أوزايك"، إنه يجب على العملاء التفكير في زيادة تخصيصهم للدخل الثابت، وشراء الجزء الأوسط من منحنى عائد سندات الخزانة الأميركية، وتحويط المحافظ للتخفيف من التقلب، والتوجه نحو الشركات التي يمكن أن تستفيد عند حل الأزمة. وأضاف: «احتفظ بمستوى من النقد في المحفظة، استثمارات قصيرة الأجل بنسبة 5 إلى 10 %، والتي يمكن أن تكون بمثابة ذخيرة جاهزة عندما يتم حل الإغلاق. ـ نقص البيانات قد يغيم على رؤية الاحتياطي الفيدرالي : تعتبر بيانات سوق العمل المقرر صدورها يوم الجمعة 3 اكتوبر من أولى البيانات التي ستتأثر، وبينما يتوقف الأمر على مدة الإغلاق، يمكن تأجيل إصدارات أخرى، بما في ذلك مؤشر أسعار المستهلك المقرر صدوره في 15 أكتوبر. خلال إغلاق استمر 16 يوما في عام 2013، نشر مكتب إحصاءات العمل التقرير الذي كان مقررا في الأصل في 3 أكتوبر، في 22 أكتوبر، وهو اليوم الرابع من العمل بعد إعادة فتح الحكومة، وفقا لخبراء اقتصاديين في "نومورا" في مذكرة. بمجرد انتهاء أي إغلاق، يمكن لمكتب إحصاءات العمل على الأرجح نشر البيانات بسرعة نسبية؛ لأنه سيكون قد أنهى تقريبا تقرير التوظيف بحلول نهاية سبتمبر، كما كتب خبراء "نومورا" الاقتصاديون . ـ مد وجزر بـ"وول ستريت" حين تأجيل البيانات : قالت المتحدثة باسم وزارة العمل، كورتني باريلا، في بيان لوسائل اعلامية إنه يجب توجيه المخاوف بشأن التأخيرات المحتملة إلى الديمقراطيين في الكونجرس الذين قالت إنهم يرفضون تمرير قرار استمراري "نظيف" لإبقاء الحكومة مفتوحة. وقال آدم فوس، الرئيس العالمي لـ"بي إن واي ماركتس"، إنه من دون بيانات، سيركز المستثمرون أكثر على تعليقات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي هناك مجموعة متنوعة من الآراء عبر الاحتياطي الفيدرالي ، وبالتالي قد يكون من الصعب ـ على ما أعتقد ـ تحديد أين سيستقر الأمر بالضبط". وتسعر عقود الفائدة الآجلة على الأموال الفيدرالية احتمالية تقترب من 90 % لخفض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة في الاجتماع القادم، وفقا لبيانات مجموعة بورصة لندن. وقالت كوكس: عدد أقل من البيانات يمكن أن يغيم على رؤية الاحتياطي الفيدرالي في ذلك الاجتماع. بشكل عام، قلة الشفافية في البيانات تؤثر على الجميع في الأسواق، من الشخصيات المهمة في وول ستريت إلى صانعي السياسات والمستثمر العادي .ويجادل آخرون بأنه سيكون من الأصعب على الاحتياطي الفيدرالي تبريرالابتعاد عن مخطط النقاط لتوقعات أسعار الفائدة، مما يجعل مثل هذا التخفيض في أكتوبر أكثر ترجيحا وقال ديفيد سيف، كبير الاقتصاديين للأسواق المتقدمة في "نومورا": "إذا لم تصدر أي بيانات، فلن يكون لديهم أي معلومات حقا للانحراف في أي من الاتجاهين عن ذلك الخط الأساسي" .
|
||||||||||