أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
27 ديسمبر 2020 10:14 ص
-
بعد "بريكست" ما ستخسره أوروبا اقتصاديا أقل بكثير مما ستخسره المملكة المتحدة

بعد "بريكست" ما ستخسره أوروبا اقتصاديا أقل بكثير مما ستخسره المملكة المتحدة

 

اعداد ـ فاطيمة طيبي

لم تحدث الهجرة الجماعية المتوقعة لدى خروج  بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد. ويشمل نقل الوظائف المالية من لندن إلى الاتحاد الأوروبي أقل من عشرة آلاف شخص، وبتعبير أدق، 7500 وفق شركة "إرنست آند يانج".

هذا رقم صغير جدا مقارنة بنحو 450 ألف وظيفة في القطاع المالي في لندن.  بحسب "الفرنسية". اذ حدث هذا مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي،  والذي يتعين على القطاع المالي التكيف مع فقدان البريطانيين جواز السفر الأوروبي، هذا ما يفسر ان بعضا من الشركات قامت  بنقل جزء من موظفيها إلى القارة، خصوصا إلى باريس وفرانكفورت ودبلن، وإن ظلت هذه الحركة محدودة.

 ـ لندن، ستبقى المركز المالي الرائد في أوروبا:

وذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز"، التي استطلعت آراء 24 مصرفا دوليا، أن معظمها زاد عدد موظفيها في بريطانيا في الأعوام الخمسة الماضية. ويمكن تفسير التخفيضات في الوظائف، التي لوحظت في بعض المؤسسات من خلال إعادة الهيكلة أكثر بكثير منه بسبب الانتقال إلى الاتحاد الأوروبي، فلندن، ستبقى المركز المالي الرائد في أوروبا. حتى لو ظل عدد الوظائف المنقولة فعليا هامشيا، وتخوض باريس وفرانكفورت عبر منظمات الضغط الخاصة بكل منهما، معركة لا هوادة فيها لجذب المؤسسات المالية.

في بداية الصيف، قالت جمعية "فرانكفورت ماين فاينانس" المسؤولة عن تعزيز المركز المالي الألماني إنه "بعد أربعة أعوام من الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فرانكفورت هي الرابح الأكبر".

من جانبها، قالت وكالة الضغط الفرنسية "تشوز باريس ريجن" المكلفة الترويج لمنطقة باريس، وهيئة "باريس يوروبليس" المعنية بالترويج للمركز الاقتصادي الباريسي، إن "باريس هي اليوم الأكثر جاذبية في أوروبا، وقد احتلت مرتبة الصدارة، فيما يتعلق باستضافة عمليات الانتقال بعد "بريكست"، إذ تم بالفعل إنشاء 3500 وظيفة مباشرة في القطاع المالي.

ـ ديناميكية السوق الباريسية:

ومن بين 116 مشروعا تحسب لفرنسا، تأتي الأغلبية من إدارة الأصول  28 %  والمصارف  25 % . لكن المصارف توفر أكثر من نصف الوظائف  59  %  مقابل 10 % فقط لإدارة الأصول. وهناك أمثلة عدة على ديناميكية السوق الباريسية: ستنشئ "جي بي مورجان" 100 وظيفة إضافية إلى باريس في بداية شهر يناير ، إضافة إلى 100 وظيفة أعلنها سابقا، واختار مصرفا "بنك أوف أمريكا" و"جولدمان ساكس" باريس كمنصة أوروبية للتداول، ونقلت شركة التأمين الأمريكية "تشاب" مقرها من لندن إلى باريس. ولكن، لم يتم استبعاد فرانكفورت مع توفير 3500 فرصة عمل أو هي في طور الإنشاء فيها، فقد اجتذب المركز المالي الألماني المقار الأوروبية لعديد من البنوك، ولا سيما "جولدمان ساكس" و"جي بي مورجان" و"مورجان ستانلي" و"سيتي جروب".


ـ المستفيدين الأوائل من خروج بريطانيا:

وستستفيد العاصمة الإيرلندية أيضا من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فاستنادا إلى عديد من الدراسات، تمثل دبلن الوجهة الأولى للشركات، التي ترغب في الاحتفاظ بمكان لها داخل الاتحاد الأوروبي.

يختلف النطاق الجغرافي وعدد الشركات، التي شملتها الدراسات على نحو كبير ومن الصعب استخلاص استنتاجات نهائية بشأن المستفيدين الأوائل من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولا يزال الخبراء يتوخون الحذر. ولكن ترى هيئة "باريس يوروبليس" أن الأرجح هو أن تجتذب دبلن بشكل أساسي ما يسمى بأنشطة "المكتب الخلفي"، وهي خدمات الدعم، مثل الأعمال الإدارية، بينما يتوقع أن تجتذب باريس وفرانكفورت أنشطة السوق التي تولد قيمة أكبر.

على الرغم من صغر حجمها، لا تنوي لوكسمبورج الاستسلام بسهولة، ولتسليط الضوء على موقعها و"استقرارها"، اجتذبت الدوقية عديدا من الشركات، خصوصا تلك المعنية بإدارة الأصول مثل "إم آند جي إنفستمنتس".

وتعد الضرائب المنخفضة في البلد أيضا واحدا من عناصر الجذب حتى إن لم ترغب وكالة "لوكسمبورج فور فاينانس"، التي تروج لسوق لوكسمبورج، في تركيز خطابها على هذا العنصر. وسواء تم التوصل لاتفاق ما بعد "بريكست" أم لا، فإن ما ستخسره أوروبا اقتصاديا أقل بكثير مما ستخسره المملكة المتحدة، التي تعتمد بشكل كبير على القارة العجوز، وفقا لخبراء الاقتصاد، حتى إن احتفظت لندن بتفوقها المالي.

ـ الناتج المحلي الإجمالي:

قبل أيام قليلة من الموعد النهائي، يكفي النظر إلى التقديرات لمعرفة ما ستكون عليه الأمور: سيؤدي عدم التوصل لاتفاق إلى خسارة الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي ما نسبته 0.75 % بحلول نهاية 2022. أما في الجانب البريطاني، فستكون الخسارة أربع مرات أكبر، بنسبة 3 %. قال جان لوك بروتا، الخبير الاقتصادي في بنك بي إن بي باريبا: "هذا الوباء يجعل صدمة بريكست محتملة تقريبا، بينما كنا قبل بضعة أشهر نرى أننا مقبلون على كارثة".

على الرغم من ذلك، تخاطر المملكة المتحدة بدفع ثمن باهظ لقاء رغبتها في استعادة سيادتها بعد نحو 50 عاما من اندماجها في السوق المشتركة. ولكن الاقتصاد البريطاني مندمج بقوة في سلاسل القيمة العالمية، إذ إن "نحو 56 % من الواردات البريطانية من الاتحاد الأوروبي هي سلع وسيطة"، كما أشار بول ديلز من "كابيتال إيكونوميكس" أخيرا في مذكرة بعنوان "خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي - مع أو دون اتفاق، ليس هذا بالأمر المهم".

إلى ذلك، على الرغم من أنها أصغر بكثير من قطاع النقل البري، قد تلعب صناعة الشحن بسكك الحديد في بريطانيا دورا حاسما في الحفاظ على تدفق السلع الأساسية إلى البلاد قبل موعد خروج بريطانيا من السوق الأوروبية الموحدة.

ـ انتهاء المرحلة الانتقالية لخروج بريطانيا:

تشكل الشاحنات العالقة المتوجهة إلى ميناء دوفر على الساحل الجنوبي لإنجلترا والعائدة منه، طوابير طويلة بينما تحاول الشركات تخزين البضائع قبل انتهاء المرحلة الانتقالية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31    ديسمبر .

وتفاقم الوضع بسبب إغلاق بعض الدول حدودها أمام بريطانيا لاحتواء سلالة سريعة الانتشار من فيروس كورونا المستجد. وتستعد مجموعة "فريتلاينر" الرائدة لنقل الحاويات الكبيرة من موانئ المملكة المتحدة بالقطار إلى محطات المستودعات في أنحاء البلاد، لاحتمال اللجوء إلى خدماتها لنقل مزيد من المنتجات عبر بريطانيا إذا قررت الشركات العالقة في طوابير دوفر نقل بضائعها إلى موانئ أخرى.

وقال بيتر جراهام رئيس استراتيجية السكك الحديد في شركة "فريتلاينر" لـ"الفرنسية"، "ما قد نبدأ في رؤيته هو تأثير نقل البضائع إلى موانئ بحرية أخرى في أنحاء بريطانيا". وتنقل قطاراتها الأطول (775 مترا)، التي يمكنها نقل نحو 60 حاوية، حاليا البضائع شمالا من ميناء ساوثهامبتون الإنجليزي. وقالت ماجي سيمبسون، المديرة العامة لمجموعة "ريل فريت" التجارية إن قطارات الشحن تأثرت "أقل من قطاع قطارات الركاب"، مضيفة أن قطاع الصناعات البيتروكيميائية ما زال "متقلبا بعض الشيء".

أشارت سيمبسون إلى أنه مع أول إغلاق في المملكة المتحدة في أواخر   مارس ، انخفضت نسبة عمليات الشحن بالقطارات في بريطانيا "إلى حد كبير بين عشية وضحاها إلى نحو 50 %". وقال جراهام "لكن كان هناك تعاف يمكنه الصمود". وأوضحت أنه "على سبيل المثال، الأشخاص الذين ربما قدموا من بلجيكا أو ألمانيا أو بولندا في شاحنات عبر دوفر، قد لا يستخدمون هذا الطريق" مرة أخرى. تقول صناعة السكك الحديد إن قطار الشحن يمكنه أن يحمل كمية البضائع نفسها، التي تحملها 76 شاحنة بضائع ثقيلة.

 


أخبار مرتبطة
 
منذ 14 ساعةانسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ ينذر بتحول زلزالي في السياسة المناخية21 يناير 2025 2:43 مبعد ساعات من تنصيبه.. ترامب يوقع سلسلة من الأوامر التنفيذية والتوجيهات21 يناير 2025 12:37 متعديلات وتحديثات جديدة لتعزيز وتفعيل دور صناديق التقاعد20 يناير 2025 1:05 مدافوس 2025.. التعاون من أجل العصر الذكي" في ظل عالم مجزأ وجمود اقتصادي شامل19 يناير 2025 3:12 ممفاجآت بيتكوين في 2025.. تقلبات وتغيرات العملة المشفرة تقودها لصعود غير متوقع15 يناير 2025 3:57 مفترة حكم جو بايدن على الميزان الداخلي والدولي12 يناير 2025 3:07 متمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة قرار واقعي يعكس رؤية المركزي8 يناير 2025 3:45 مبصمة "إيلون ماسك" في عهد ترامب بين الرفض والقبول الدولي6 يناير 2025 3:33 موزير المالية ولقاءات حوارية حول برنامج الطروحات الحكومية والإعفاءات الضريبية والديون وزيادة الأجور5 يناير 2025 1:15 مالحصاد السنوي حول تطورات الشراكات مع بنوك التنمية والشركاء الثنائيين خلال 2024

التعليقات